|
حنين الريس (( المتخيل والواقع ))
بابلو سعيدة
الحوار المتمدن-العدد: 2927 - 2010 / 2 / 25 - 21:22
المحور:
الادب والفن
في غمرة الأحداث المؤلمة والحزينة التي شهدتها الكويت في العقد الأخير من القرن الفائت ، ورخاوة نخب عربية حاكمة ، وهشاشة كتل بشرية ، بقيت حنين الريس منتصبة القامة والموقف ، وطامحة إلى الارتقاء في نصوصها البصرية ويومياتها الحياتية . الريس خريجة الولايات المتحدة في الهندسة المعمارية ، وخريجة مدرسة الحياة الكويتية في عمارة الفن البصري والتلصيقي . ومن العمارتين شكلت الفنانة لوحة تشـكيلية ، معتمدة الوسيلة والغاية النبيلتين ... واللوحة ليست مجرد فراغات وإملاءات وتلوينات ، بل هي رسالة إنسانية موظفة لخدمة الذات ، والحياة ، والإنسان . وامتلكت الريس لغة البصر، وفضلتها على لغة الكلام . تقول عن لوحتها : (( مشاعر مطبوعة بالصورة ، والكولاج /COLLEGE/ أساسي في أعمالي ، وهو عبارة عن مكنونات فكرية نابعة من داخلي ، إنه دفتر أفكاري ، وعندي بصر أجمع من خلاله ذهنية تعبّر عن مشــاعري وأحاسيسي ، وما هــو موجـود في العالم ، واللوحة عندي قضية ، وليست مجرد عمل أو وسيلة )) . (54) وتغوص الريس في جوانيات الذات البشرية ، ولا تهتم بالسطحيات . وترفض اللوحة الســاذجة . وتعتمد اللوحـة المركبة المتحولة ، وهي تحب لبنـان بعامة ، ومدينـة الآلهة / بعلبـك/ بخاصـة قائلـة : (( عندمـا زرت بعلبك في لبنان ، شعرت بالشموخ ، وأن الشمس قريبة مني ، واستفذني هذا الشعور وأخذت أصور ما أشاهده ، وما يجعلني قريبة منه في بعلبك ، أشعر بأن الزمن توقف هناك ، والقلعة كانت الكلام ، والتاريخ ، والزمن . وعلى الفنان أن يكون قادراً على الدخول في بواطن الأشياء ، شرط أن يمتلك الأحساس )) . (55) نحن نمثل أدواراً في مسرح حقيقي ، حيث يأخذ الشخص الواحد أدواراً متعددة ومواقفاً متباينة . ويصبح الفرد مهمشاً ، والهدف الإنساني ضائعاً. ويستبدل التواصل البشري بالتواصل الوهمي عبر الأنترنت (( الناس فقدوا الإحساس بالظلم ، وتعودوا عليه وأصبح مألوفاً . الثقافة غائبة ، والصداقة هشة ، والحب باهت ، وأصبحت القراءة مشاهدة الأفلام . الناس يرغبون بالحب ، ولكنهم لا يعرفون . ويخافون من مشاعرهم الداخلية ، وأحاسـيسهم ، ويرتدون القناع بعيداً عن الصراحة ، كلامهم مجاملة ، وحوارات عابرة )) .(56) وتفضّل الريس إنسان النص البصري الذي يرتسم في مخيلتها على إنسان الواقع ، لأن الأخير يرتدي القناع ، أما إنسـان مخيلتها فتقول عنه : (( إنسان لا يخاف من نفسه ومن الآخر ، ومن مشاعره ، ولا يرتدي القناع )) .(57) والريس ترى أن الجنسين يعيشان الأحاسيس ذاتها ، والاتجاه نفسه ، ولا فرق بين الجنسين من الناحية البايلوجية ، في حين يعتمد المجتمع الكويتي التمايز بين الجنسين ، والتفرقة العنصرية بين الذكر والأنثى . وإن الفنان الكويتي يماثل الفنانين في نرجسيتهم . وحنين الريس واثقة من ذاتها ، تقيم معارض فردية ، وتشترك في معارض جماعية . ولوحتها /الحيـاة/ لاقت الإعجاب ، وحصلت على جائرة أحسن لوحة في المعرض الخامس للفنون التشـكيلية الكويتية . ولوحتها ، وجوه الفقراء The Face Poverty ، لاقت القبول والرفض ، الرفض من قبل مؤسسات عالمية ، والقبول ، من ذات الفنانة الطامحة إلى التسامي والارتقاء عبر لوحاتها ، وتقريب المسافة بين إنسان النص البصري المتخيل ، والإنسان الواقعي . ويبقى الواقع الراهن مأساوياً في نصوص حنين الريس البصرية .
#بابلو_سعيدة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صوت الغناء الأوبرالي (( ماجدة الرومي ))
-
تأنيس الدراما والحياة - فاتن حمامة -
-
صوت الأنستة - جوليا بطرس-
-
غادة بين الحب والمليونير
-
عابر سرير ( أحلام مستغانمي)
-
سندريلا القرنا العشرين
-
غادة السمان ( طائر العنقاء )
-
أحلام معطوبة ( أحلام مستغانمي)
-
رواية ذاكرة الجسد ( أحلام مستغانمي)
-
جورج ساند نجمة فرنسا القرن /19/
-
كوليت خوري ودمشق العاشقان
-
فيروزالواقع والحلم
-
الجمهوريّة النسائية
-
الإنسان يصنع تاريخه
-
ليلى العثمان - مأساة الواقع والحلم
-
سيمون دي بوفوار صوت الحرية
-
بثينة شعبان التي ولّفت بين الأدب والسياسة
-
سعاد الصباح / تباشير المطر
-
/نوال السعداوي /صوت الإحتجاج
-
المرأة بين التهميش و التفعيل
المزيد.....
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|