أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جبار الوائلي - التآصر التوافقي بين التوظيف السيكولوجي وفعل دلالات التوصيف















المزيد.....

التآصر التوافقي بين التوظيف السيكولوجي وفعل دلالات التوصيف


جبار الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 22 - 23:18
المحور: الادب والفن
    


قراءة في نصوص ( كرسي بالمقلوب )

أصدر القاص والشاعر ياسين شامل مجموعته القصصية الاولى تحت عنوان " كرسي بالمقلوب " أحتوت على عشرقصص ،وقد طبعت على نفقته الخاصة ،وبعد قراءتي استنتجت انها تنم عن موهبة لها أفقها وخصوصيتها الابداعية ، وهويتها المتفردة ، بعيداً عن التقاطات الاصطياد والاحتطاب في ليل غفت فيه العيون ! كما أنه تسامى عن هيكلية البناء التحويري الذي أبتعد عن خرائط دروب رسمها الاخرون ، متحاشياً منوال التبعية بمحاذاة جمالية اللوحات التي لا تغيرها سوى صبغة الألوان.
أستطاع القاص وبدءاً من خطوة مشواره الوليد أن يعتمد الايجاز والتكثيف ، وايقاظ غفواتنا بلمس هادىء شفيف ، باستدلال قوة نسيج محكم ، وبسردية لازمته بتشابك أوغل في حميمية الالتصاق ،كي يجلو الاستبطان المبهم ، مهشماً أسيجة المحظورات ،وقد تخطى ذلك بولادة غنية متميزة ، غامر فيها وصولاً الى رحابات ضفافات لا ترى الا بعدسات منظار لكثافة أحجبة الظلام ، وقد لمست ميله الى هذا الاسلوب باعتماد عاملين : أولهما / رهافة أسلوبه الشعري الذي ترك لنا عنوان هويته بوضوح من دفق شرايين واقعنا الجريح ، وثانيهما / الكشف الممعن والجريء الذي أماط اللثام عن أسرار هواجسنا وتأملاتنا وطموحاتنا الخفية ، من هذين العاملين أرسى بنا بامان الى مرافىء أجوبة الوضوح ، التي كنا نحوم بمحاذاتها دون نلمس حافاتها المتناحرة ، أذ أن هذا قد شكل بعداً غامضاً في عمق مديات أفقنا الذي كلت أقدامنا ونحن نطوف بين سواتره بحلم أعترته تضاريس أفكارنا في تضاداتها المتصارعة دون تحصيل حاصل تشير اليه البنان ، فمن هذا الفيض المشحون بمرارات اللوعة ، ولدت مجموعته كسفينة لها صاريتها وشراعها وسفانها في خضم بحر يمخر بغضب هيجانه صخب الضباب ! وصولاً الى مراسيها رغم ضجيج افتعالات أعاصير الرياح .
ولو أسفرنا الغور الى عمق محيطه الاسلوبي لتباهى أمامنا صرحه بانشداد جدلية الترابط الفكري والخيالي ، وتمكنه بانتقاء أجمل الشذرات رصعتها أنامل فنان محترف ، حتى نكاد نوقن من خلالها قدرته بازاحة مراوحة الخطوات وغفوة الاجترارات التقليدية ، فالتصقنا وأياها بتزامن وشيج ،وكأنها قدرة غواص ماهر ألتقط ما في قلوبنا من جراحات الالم الكظيم ! وطبعها بنسيج أريج فاح شذاه بدقة اكتناز جزالة المفردات ، وحسن شفافية ألاساليب البلاغية ، أذ ننشد اليها بترابط روحي أخاذ ، وكأننا نتوه ـ أحياناً ـ في عالم لا فاصل له من خلال الربط الايحائي الممزوج بتداخل عمقي مع أنسجة الترابط النثري والشعري ، راسماً بذلك خطوطاً واضحة بمداها عن فلك الاعتراك الدائري ، ومتسامية الى أفق تفتحت نوافذه ليمتد عبر قنواته الى قناديل سمت بنا الى طمأنة غاية الهدف المنشود .
فمن هذا العطاء أستطاع القاص ياسين شامل أن يزحزح مبهمات الغموض ليعطي دلالات الوضوح من وهج أفكاره لتصب في مصب أستطابت لها الجروح ، ونالت مبتغاها ، كخفقة راية بيضاء صفقت لها حمامات السلام ، وضممناها اضمامةحب نتوق اليها هروباً من زمن النزف المباح ، التي أبهرتنا قدرته الناجحة في اختزال مقاصد الافكار بمجازات هي في غاية الدقة والامعان ، وهذا ما تفسره مضامينه المتشعبة في بنائها التكويني ، راصداً ذلك بتشخيص الكبت القسري في فلك متاهات الضياع ، مع احتباس عمق المعاناة التي تسلطن عليها سيف الرقيب لقطع اعناق الاصوات .
ومن قوة زخم الصراع ولدت مجموعته لتدك أسوار الاسمنت العنيد ، وتفتح نوافذ كوى الاغلاق ،لتتدفق الاضواء بقراءات تكشف عن حقائق أرهصتها اغلال الظلم الغشوم ، من مساحات بقع الحياة الداكنة بلوعة مراراتها المزرية ، وقد ولدت بصمات القاص بايقاع اسلوب سامر احاسيسنا بتداخل قريني ، وتمازج بشذى الومض الفلسفي بتلقائية عفوية الايصال ، ونمت في مداراتها الهمومية ، تصاعد شفراتها بقصدية لتواكب الهدف الموسوم ، بروح التقارب والتناغم مع أصواتنا بلا جلجلة الافتراءات أو الارتشاف من أرصفة الالتقاط باجحاف مالكها الشرعي عنوة دون حياء ! أوتنصيص يعطي أحقية الارث الموسوم ، كما نجح القاص ايضاً أن يسجل تفوقاً آخر في قراءة أغوار النفس بكل احتداماتها العنيفة .
وهذا لا يتأتى الا بقناعة مفرطة وشجاعة تعلن أسرار البوح المكشوف بلا خشية من أغطية مجاملات العصر أو الربت على الاكتاف ، وفي وقفة متأملة نكاد نلمس تجنفه عن خطابية السرد المباشرالا بما تقتضيه متطلبات واقع الحال ، لضرورة غرض مقصود ،لا يغيب امكانية القاص وابدعه الفني في جمالية تراكيبه اللغوية والمجازية مع انعطافات التواصل التآصري بين محيطي الشعر والنثر ، واستشراف ذلك باستئصال أمكنة الداء الموبوء ، باناة متفننة جسدت تقنية ماهرة في تحريك بنية الاشخاص ، حيث جسد لوعة الهموم المتصاعدة بعيداً عن ديباجة الزخارف ونمانق الحروف وخلق حالة من التجاذب الانطباعي ثملنا بسحر الايقاع ، وليس هذا بغريب أن نختط عنوان هويته بين أعلام تيار النهج اقصصي الحديث .
وخلاصة ان أقاصيصه المتفاوته في رؤاها ومضامينها وابعادها ،ما هي الا خزين عناء طويل ، فجر بمده ليكشف المستور ، من محصلة زمنيين : ماض استهلك كل طموحات الاحلام بالقهر والاضطهاد ، وحاضر انسلخت منه كل طموحات الانسان ، وفقدان قيم الحياة بحماقة جهل الوجود ،فمن تراكم خطى الضياع ، تسمرت أقدامنا في عجائب عالم غرائبي جهول ، أمتد بزخم اتساع مساحات الوجع اليومي، ومن هذا كله تفجرت صرخات القاص ياسين شامل مدوية ، لكنها سرعان ما ارتطمت باجدرة الاوهام ، مع حدة التقاطعات المتأججة انطلقت لواعج المخاض تبشر بولادة سياق ثيمة سجلت رقمها التناصي رغم لولبة الاعتكاف وضراوة المعترك الاليم ! أذ أشرت استيضاحاً عن واقع مازال ينوء برماد ظلامية الامس واليوم ، مما حفز ذلك الى اللجوء ـ أحياناً ـ الى تعمدية السرد الواقعي لكشف مجمل التداعيات ، بتخطي عجالة الدمج الصوري واللوذ في تبعية النفق المسدود ، وهذا يشكل علامة فارقة ترفض النشاز 0 ومع كل هذه البصمات الجديرة بالاحترام ، أود متمنياً الابتعاد المراوحات المتداخلة حشراً ومسايرة انسيابيته بانسجام ديناميكة الحدث المتأجج ، لتأكيد خطه التصاعدي انطلاقاً من البدء ثم عقدة الذروة وانتهاء بالخاتمة ، حيث تولدت قوة الدمج المترابط بعيداً عن الامتطاطات والعزوف عن الخط المتدرج في بنية النص ، لان أسلوب الالتفاف الدائري يخلق حالة من الاطناب ، ويبعث نفوراً وجزعاً وملالة في النص المقروء ، ويضلل خطى محصلة التدرج السردي الناجح ، ويقحمنا قسرياً بحركة الفعل المضاد ، ويتخم ديناميكية التأثير بافتعال مصطنع ، نتقوقع من خلاله في لزومية الانطواء ، ويحجب عنا جمالية الضوء المشع المولد تلقائياً وفق قدرات القاص المؤهلة لذلك ، مع ثقتي الاكيدة بمهارته ، وتحقيق ما يصبو اليه بلا كبوات.




جبار الوائلي



#جبار_الوائلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة بعنوان ( تعاريف من زمن الجحود)
- قصيدة بعنوان ( ارعبتنا الخطوات )
- الوقوف امام مجرى النهر الصامت


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جبار الوائلي - التآصر التوافقي بين التوظيف السيكولوجي وفعل دلالات التوصيف