أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميمه عادل - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


اميمه عادل

الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 21 - 16:38
المحور: الادب والفن
    


زيزفونه

لذةٌ في الدنيا، أن تتحوّلَ الأنثى إلى أم....
وهيَ ... لو تملك أن تصنعَ طفلاً.
لكن... أحيانًا...يلفُّ الأملُ كتفيهِ بعباءةِ الغياب، ولسنا ندري ، إن كان يترك منديلاً ، لقطر العين.
خُيِّلَ إلي أنَ كل الألم الذي يقطِّع أحشائي، يتحول إلى رحيق... إلى مواسم من أزهار بيض، وقبائل من فراشات.
أتنفس بعمق، وأنظر إلى المرآة، أنظر إلى كل ذلك التورّم في وجهي وصدري ويديَّ.
ما الذي أخفيه ؟!!!
ما الذي ينمو ؟!!!
ذهب رؤوف إلى دوامهِ، وقبل أن يغلق الباب خلفه، سألني: ماذا تحتاجين ؟

_ لا شيء حبيبي، فقط حاول العودة باكراً.
كنت أخفي كل صراخ يكاد أن ينطلق مغادراً أوصالي، معبراًَ عن آلامي، كي لا أقلقه، حاولتُ الخروج ، جارتي أم يحيى بارعةٌ في تهدئتي.
ثقل يؤلم ظهري ، وتورّم قدميّ يجعل كل أحذيتي صغيرة، في غمرة ارتباكي وهدوئي، اتكأت ورحت أرتل في صمتي بضعة آياتٍ، أتذكر وقت كان أبي يعلمني إياها،أبتهل وأنا أزم شفتيّ، وأفرد أنامل يديّ فلا أستطيع أن أتمسّك بشيء، والتورم يزداد.
يا ترى هل حصل هذا مع أمي؟!
مازلت أجلس في الغرفة، أبتهل لله أن يمدني بالعون، أتساءل أين هم جميعهم..
شيء ما يتحرك في بطني، يتكور، وربما يرقص متلذذاً بما يصنعه من ( مغصٍ ) يقض مضجعي.
أين أنت يا رؤوف؟
إني مثقلةٌ بكَ يا وليدي، إنها فكرةُ الحياة، وإجهادي كلهُ لا يعنيكَ فقط انساب واخرج لأرى عينيك لأضمك لأشمك لأبوح لك كم طال انتظاري...
طرقاتٌ خفيفة على الباب، وصوت أم يحيى يبدد أفكاري وصمتي .
_ ادخلي رجاءً ، الباب مفتوح .
_ يا إلهي ... ما بكِ ؟!
ونادتْ بصوتٍ عالٍِِ لصاحبة الدار: يا أم محمد أسرعي وهاتِ الماء الساخن.
كل رغائبي تتلاشى بازدياد الألم، أنا لا أصرخ بل أتمزق، وفي عيني صورة تتشكّل منذ تسعة أشهر، لقد اكتملت فيها بحارٌ وأنهار وجداول، فيها الماء، فيها صيفٌ وشتاء، فيها أنا و هو.
لم أعد أسمع، إلا صوت أم يحيى تقول: اضغطي أكثر..ساعدينا...هيا..حماكِ الله...ستنبت في غرفتك المعتمةِ هذهِ نبتة...ما شاء الله... إنه صبي مثل فلقة القمر.
وكانت أم محمد تقول: "يا ويلي ... لو كانت كنّتي لملأت الدار صياحاً ".
فتقول لها أم يحيى: هيا ساعديني ودعينا لا نكثر عليه الملح فهو سيغدو رجلاً.
انقطع النَفَسُ وعادَ، سعادتي تبرٌ أنثرهُ فوق جسدٍ صغير، هاهو الحلم، وصوتٌ صنعَ فرحي، نزع قيود خوفي، صمتي وانتظاري.
أنا ألهث وعيناي تجوبان غرفتي الصغيرة، تبحثان عنه، كتلةٌ حمراء بين يدي أم محمد الخشنتين، إنه هو ....
اشربي كأس القهوة، رددت أم يحيى، هذا سينظفُ أحشائك وترتاحين، حمداً لله على سلامتك وألف مبروك.
ابتسمت أم محمد وهي تقول: خذيه، ضعيه على ثديك، اجعليه يأخذ صمغة الحليب ليغدو قوياً، أنا ذاهبة لأوزع الكعك على كل الجوار فرحاً بسلامتك وقدوم مولودك.
منهكةٌ بالتعب...ممتلئةٌ بالحب
منهكةٌ بالألم...ممتلئةٌ بالحنان
غادرت أم محمد وهي تكيل الشتائم، وتصّبها فوق رأس كنتها، سمعت صوتها في الدار تقول: لقد أنجبت جارتنا ، يا إلهي ما أقواها ، وكأنها تلدُ من كم قميصها...باركها الله .
وبقيت أم يحيى تراقبني والصبي، وسألتني أين زوجك ؟
- في عمله.
- هل نتصل به؟؟ هل تحتاجينه ؟
لا.. لا ، دعيه يتفاجأ بأن كل شيء انتهى ، فيأتي ويقف مندهشاً أمام إنجازه الأول.
كان نهاراً مبطناً بالولادة ...بالخلق.
أم يحيى لو تجهزي طعام الغداء، ثم غفوتُ، وغفا.
ها أنا...ناداني الحلم فرُحتُ إليه، وإذا بوليدي، يكبر ، يحبو، يمشي، ينادي: با ... ما...
إنه في الصف الأول، تقول معلمته: ولدٌ ذكيّ جداً.
هاهو بطول أبيه، يسيران معاً فيقول الناس: شابان جميلان.
طرقاتٌ على الباب توقظني، إنه رؤوف، تعال حبيبي .
كيف أنتِ ؟
بخير، هل رأيته ،
من هو ؟
ابننا ...
ضمني إلى صدرهِ قائلاً: حبيبتي، هل كنتِ تحلمين؟ هاهو بطنكِ مازال يكبر رويداً رويداً، يختبئ فيه أملنا معاً، لا عليكِ، اليوم موعدنا مع الطبيبة .
ضباباتُ دمعٍ في عيوني، أعمدةُ دخانٍ تتصاعد أمامي
- أنا متعبة .
- لا عليكِ، حاولي النهوض، سلامتكِ .
في العيادة أكاد أختنق ويكاد يقتلني الانتظار، من حولي نساء صغيرات بالسن، كبيرات بالحجم، كلهن مثمرات، وفي الداخل صراخ يصم الآذان.
الممرضة تخرج وتدخل كمكوك، لا تهدأ، وأنا أرقب الجميع، وأجلس على الكرسي وكأنني متأهبةً للوضع.
متى يجيء دوري ؟ كل شيء في الدنيا يلزمه الوقت، ألعن الوقت، ألعن الانتظار، عليّ أن أهدأ، ريثما يحين دوري.
- سيدة رحيل ..ش. تفضلي .
نهضتُ بتثاقلٍ ، يسبقني الرجاء .
مرحباً .
أهلاً سيدة رحيل، كيف حالك، دعيني أفحصكِ، ماذا يجري معكِ ؟
أنا أشتهي الرمان وأنام كثيراً وهاهو بطني يكبر.
كم سنة مرّ على زواجك ؟
خمس سنوات.
وهذه أول مرة تأتيكِ هذه الأعراض ؟.
أجل... وتساقط الدمع على الخد !!!
أين زوجك؟
إنه في الخارج..
نعم.. لو تناديه.
خرجت الممرضة لتناديه فيما رحت أراقب الارتباك الذي اعتلى وجه الطبيبة وهي تنهضني لأغادر سرير الفحص.
انقبض قلبي، دخل مبتسماً، سألها: إذن .. صبي أم بنت ؟
آسفة..ثم بصوت خافت تعتليه نبرة الأسى أردفت:إنه حملٌ وهمي.
لم أعد أسمع صوتها وهي تحاول أن تمدَّنا بالأمل،
زوجي ضمني إليه...كما يضم الحقل أغنية... وأنا شعرت بأني زيزفونة... لا تنجب ثمراً ...وأجهضتُ حتى الحلم...



#اميمه_عادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميمه عادل - قصة قصيرة