|
سوأى بنت آرو
قاسم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 2923 - 2010 / 2 / 20 - 19:37
المحور:
الادب والفن
ها أنذا موشك على الانصهار من جديد في بوتقة حب خرافية ، سأمتزج بها حتماً وستصليني نار الجن أخيراًً بعشق ملتهب. آه لو تعبر تلك الماجنة الشرسة من أحلامي ، آه لوتعبر ، آه ! عبرتُ الى قاع الحلم وأستحال خيالي البكر الى ماخور لمجون الجان المجنون ، وقع ذالك في لجة النوم حينما أسرت لي شفتاها الناضجتان عن سر اللذة ، حدثتني آنذاك عن عالم النار وأشارت ملوحةً بجسدها الدخاني الى الجهات ، لم تكن ثمة جهة تشير اليها ، كانت الجهات تتعانق فيما بينها وتصب بانسياب رقيق فيها . اليها متجهي حتماً ! أدركت ذلك وأسلمت أمري واتجهت بكليتي اليها ، غصت عميقاً في لذة كينونتي الجديدة وتذوقت في أقصى اغوارها النائية ، معنى الشبق الشيطاني وقلت : هذا ثراء روحها القادمة من أعماق الغيب ، جاءت لتدك بهوادة صروح اليأس التي تملكتني منذ لاأعلم . كانت روحها السابتة في الظلام ، تسألني انتشالها من رماد الأنتظار ، ترسل شفراتها السرية عبر وصيتها المزدانة بالطلاسم المنفوخة ، أفقؤها فيسيل العشق ملطخاً أحلامي بالنزيف ، نزيف متسربل بفوحان تتسلل عبره بذرة العشق المستحيلة الى قلبي فيضوع العقل برائحة الحرام .. حرام ان ما أفعله حرام .. يقول عقلي . .. حلال ان ما أفعله حلال .. يقول قلبي . سأهرب بها فقد تزاوجت الأمكنة المعلومة بالأمكنة المجهولة أمام ناظريَّ و أستحالت الى عالم آخر ، عالم تغادر فيه الممسوسة عالمها و تحط بهيئة آدمية فاتنة وتقول : هيتَ لك . لكننا في مقبرة ! أي مقبرة ! الا ترى الوهم ؟ أنظر في الوهم وأراها تأمر المقبرة وتقول لها كـوني غابة حمراء ، تتحول المقبرة بأمرها الى غابة حمراء وتفيض حمرتها بغزارة في المكان وتتحول المقابر فجأة الى اشجار والشواهد الى ورود. ياللجمال ! انني احلم ؟ لم تر الجمال بعد ، ضمني وسترى الكمال بعينه . اضمها الى صدري بقوة واشتم ضوع جسدها والطبيعة معاً ، اذوب في لجة هذا السحر الآسر وأشاهدها تنزع عن جسدها الكثير من الاصفاد النارية ، اصغي لنباح عذريتها يدوَّي مسعوراً واطلق الفوضى ليدي ّ لتعبث بمجمرة المشهد المستعر ، تلسعني شواط الرائحة الغريبة لسعة تدفعني للسؤال: من أنت؟ سوأى. من سوأى؟ الجميلة السمراء ، المخضبة أكفها بدم العشاق القاني ، راقصة الجان وسيدة نسائهم الساحرة ، المحفوفة بطوق الشبق الملعون ، مالكة الوصايا السرية وأسى القلب العاشق ، سَوْأى بنت آرو*.. زلزلني الاسم الساحر فلذتُ بوجودي الذي كان يتسع بالفراغ ، وجدتني عار قبالتها مسجى على بهاء كثيف ، أسال بنظرات حائرة عما يجري في حياتي وعما يدور في حياتها . مصيرك.. قالت! أنا ! أجل ..أنت مصيري. انفلَتُ من إسار لحظتي العصية ، احتضنت جسدها المدهون بالنعاس فانفلتت تعدو في حيز اللاممكن ، طاردتها حتى استوقفتني أصوات كانت تتقاطع في مخيلتي الهائجة ، أصوات مرعبة لشياطين واخرى حانية لملائكة تغلي في راسي فاصيح : يا سَوْأى ؟ تتهادىمن أقاصيها عليَّ وأهمي عليها منكفئاً كالمخمور، تشدني ذراعاها بحنان فارتعش وتتناهى لي َّهمهمات شبقها الصارخ ، تمسني نداوة عشقها في الصميم فاغمض عيني وأفتحها على لغط حاد ينهال من الاعلى ، أرى جاناً يتحلقون بغضب حولي بأعقاب اقدامهم الزرقاء يحاولون فك اشتباكي بها ، يركلونني بقسوة فتفتحُ سَوأى سُؤتها لانساب كالأفعى في جوفها الدافئ ، انساب وأفتش في هالة باطنها الوردية عمن يرشدني للحال ، أرى مملكتها المترامية تضيق امامي بترانيم آسية وأنين موجع ، اصغي لنشيج الغرام المخنوق فتلسعني تأوهات حارقة ، ابكي فتفتح صندوقها المكنون لأرى قلبها المجروح ينتحب قائلاَ : هل ترى؟ انني ارى! ماذا ترى؟ موتك ياسوأى مكتوب على رقائق القلب بحبر النار ! وبعد ؟ انه معلق كالمصير على جدران روحي الهائمة ! تهجاه أذن؟ لملمته بحنو وتهجأته بدقة ، كانت شفراته السرية تخرق العقل وتشير الى مالا تدركه البصيرة المهترئة ، اعجز عن قراءته فأجمع الترانيم بوجع وانشجها بوجع أشد حتى تكتمل في النهاية الوصية العجيبة ، وصية توحي مضامينها المجهولة بالسر الغريب الذي جاء على الورقة هكذا : !!!!!!!!!!!.....*.......؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ماهذا الطلسم العجيب ؟ انه سفرك يامجنون . حملتني الممسوسة بي في داخلها سراً ، ماجت بيَّ في عوالمها المسحورة ودعتني لأرى من مسام جلدها الشفيف مملكة الجان ،اشاهد عن كثب عالمها المزحوم بالأحلام وارى نساء بلدتها العاريات واطفالها الفاتنين ، اصغي للغو شيوخهم الطيبين وعجائزهم الاطيب ، أنسحر بالطبيعة الخلابة لهم ويسكرني ضوعها الفريد ، أنسى عالمي الناشف وأتجاوز عن ذكرياته السوداء ثم أمضي مزهواً في باطنها الشاسع ملتذاً بسفري الجديد ، ارقص بجنون من شدة الفرح وغبطة السرور فتلجمني مواعظها وتكبحني بالعهد : أياك ان تفضح السر . ما السر يا سوأى؟ سرنا العجيب في سفرنا الاعجب . منحني سر حبها السطوة على حياتها حتى صارت مع تقادم زمنها اللامحسوب مطية سهلة لي ، تنقاد لرغباتي منصاعة كألعمياء لقلبها الذي يديره قلبي ، اغار عليها فأأمرها بالكف عن الرقص ، تكف ُ وينثار الجان لعزوف راقصتهم الأولى عن الرقص ، يشرعون بممارسات قاسية ويرسلون مردتهم وعلى ظهورهم سلال مملؤة بالدموع ، يسفحونها أمامها فتسيل بالم وتمس قلبي فأبكي وتبكي لبكائي،يستمع العفاريت لبكائها المر فياتون وعلى روؤسهم سلال الرجاء الثقيلة ، يدلقونها فتنهمر دموع الجان بغزارةً وتُغرق جسدها الرقيق بالطوفان المر ، تغرق سَوْأى وأستمع من جوفها لصوت عذابها يتردد عالياً : العهد ! انقض العهد من الخوف وأحاول الانفلات من طوق جسدها الرحيم ،أرتطم بأبواب مشاعرها الموصدة وتلطمني امواج لوعاتها العاتية ،اتراجع مندحراً الى قلبها المحتضر ، اعصره بكلتا يديَّ فتصرخ من الحب : آه . يدويّ تأوهها الموجع صارخاً في فضاء الجان وتمتصه افئدة الجنيات الظامئة ، يربكهنّ عشقها المخبول ويتسلل أساه الثقيل الى قلوبهن جميعاً ، يبكين َّ عليها ويتآزرنَّ معها وينفصم عالم الجن الواحد ، يهجرن الجنيات عالمهن َّغير آسفات الى عوالم الأنس العاشقة ، مربكات النظام الآدمي بفوضى غرامية ساحقة ، فوضى تحفز الرجال الأنسيين على الهيام وتدفعهم ليغادروا غير نادمين أحضان نسائهم الآمنة متوجهين الى المقابر والمزابل ، حيث تكمن لهم هناك اناث الجن عاريات يشبعنَّ بسخاء شبقهنَّ اللامحدود . حلت لعنة السوأى على أهلها وانتبه الملك للكارثة والعار وانقلاب الحال المخزي ، استدعى أمراء الشياطين وأمرهم بقذف بدنها العائم في طوفان الدمع بالرقى والتمائم ، أمر جبابرة العفاريت بمحاصرتها واوعز لبرابرة المردة بخنقها ، خنقوها فتجلى لهم السر من باطنها واضحاً كالروح . كان السر المكنون في قلبها أنا ، أنا الذي اطالع الفوضى بأسى واستشعر النهاية بخوف ، أرنو من قيعانها للأكف العملاقة وهي تقبض بوحشية على أنوار جسدها المتوهج ، أراها تدك اسوار مشاعرها الصامدة وتحاول الوصول الى قلبها الحصين ، تصمد سَوْأى ازاء سيل البطش العارم وتبقي على عهدها صائتةً : أُحبهُ . يزعزع صبرها بأس الجان العتيد فيستنجدون بملكهم الغاضب يغضب الملك و يأمر ملائكة الجان بأنتزاع روحها المكابرة يتفقون على موتها و يتقدمون صوبها جميعاً ، يتحلقون حول روحها و يشهرون من أجرام الغيب شهب الماء الجامدة ، يسوطونها بها فتتداعى بوجع شديد ، تنكسر سوأى و تهوي منكفئة على قلبها ، يوجعني انكفاؤها المؤلم فأصرخ : آه . تسمعني فتنهض وتضم جناحي قلبها بقوةٍ على قلبي ، أختنق فتطلقني من جسدها المنكسرالى الأعلى ، أخترق مملكتها فاراً بقلبها الخائف من الموت صوب السماء ، أصل و أطالع من هناك احتضارها الثقيل ، ارى جسدها المشتعل بعشقي ينطفئ و يتلاشى بالتدريج ، أراه بعين قلبي يتسامى و يستحيل الى شواط عاشق ، شواط تستنشقه رئة الهواء و تزفره على الأرض لتحل اللعنة على الجان .........!
------------------------------------------- * وهمٌ أعلن لي عن نفسه بهذا الأسم في أحد كوابيسي الليلية.
#قاسم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|