أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى المشهراوي - اغواء














المزيد.....

اغواء


هدى المشهراوي

الحوار المتمدن-العدد: 2922 - 2010 / 2 / 19 - 13:41
المحور: الادب والفن
    


وقفت حائرة امام محطة حافلات وسط المدينة في ذلك الصباح الخريفي البارد، نظرت الى الجسر الممتد امامي وترددت في ان استقل الحافلة بعد ان اغوتني فكرة تسلق الجسر لاعود ماشية الى البيت. فللمشي في الهواء الطلق فوائد قد تساعدني في اعادة ترتيب ما تداعى في داخلي بعد الخيبة التي تلقيتها هذا الصباح، حين أًعلمت بانني لن احصل على تلك الوظيفة التي حلمت بها طيلة الاسابيع الماضية ، وذلك بعد ان خدعني احساسي للمرة المليون بأنني الشخص المناسب وصاحب المؤهلات المثلى للحصول عليها وبأنه لم يعد يفصلني عن استلامها الا ايام قليلة.
قلت لا سأخذ الحافلة فللجسر هذا الصباح اغراء غير عادي يدعوني لاجتيازه، يهمس لي هيا اصعدي ان كل ما تحتاجينه في هذا الصباح هو القليل من الهواء المنعش ولا تنسي البحر الذي تحبينه والموجود بكل عنفوانة هنا تحت اقدام قمتي، الا تودين تأمله ليزيح غمامة الحزن التي سكنت قلبك وحجبت عن عينيك الرؤية. قلت حاسمة امري لا، لا اريد صعود الجسر سأخذ الحافلة. غير انني وعلى الرغم من الحسم الذي اظهره عقلي في اتخاذ ذلك القرار بدأت امشي بالاتجاه المعاكس مبتعدة عن المحطة، وكأن رجلي حصلت في غفلة مني على استقلالية في اتخاذ القرارات واصبحت تعمل على هواها غير عابئة بالاوامر التي يرسلها عقلي ووعي اليها. سرت رغم ارادتي ورغم الخوف الذي سيطر على حواسي، سرت بخطوات قلقة بأتجاه جسر المدينة القديم .
ما ان وطأت قدماي المتمردتان مقدمة الجسر حتى ابتدأت اشارة الجسر الضوئية الصوتية ترسل اضواءها الحمراء واصواتها المحذرة من ان الجسر سيفتح لسيمح بمرور احدى السفن من تحته. توقفت حركة السيارات اطفئت المحركات ولم اعد اسمع الا صوت خطاي متجهة بثباب نحو فتحة الجسر، سكن العالم من حولي وكنت الوحيدة الفاعلة المتحركة باستطاعتي الان ان افعل ما اشاء، ماذا لو ركضت كأبطال سباق القفز العالي وطرت فوق ارتال السيارت والحافلات متجهة كالسهم نحو فتحة الجسر لاقفز في خلالها فتتلقى المياه الباردة الداكنة تحت الجسر جسدي المتعب، وهب انه ولحظي العاثر اتفق انني قمت بقفزتي البطولية تلك في لحظة عبورالسفينة فاحتضنني قلب السفينة بدل من مياه البحر ، وماذا لو انه وكزيادة في سؤء الحظ اكتشفت لحظتها انني امتلك القوة التي يمتلكها سوبرمان وعندي القدرة على الطيران والغوص في اعماق البحار دون ان يصيبني اذى.
اقفل الجسر وعادت الحركة الى طبيعتها قبل اقترابي من القمة التي تحتضن البحر عند اقدامها، قلت ما لي ولهذه الافكار التشاؤمية سأعبر الجسر دون النظر الى الاسفل لن ادع تلك الافكار الحمقاء السيطرة علي، سأحاول السيطرة على خوفي وعلى تلك الجاذبية التي تشدني لاكتشاف قدرات اعرف انني لا امتلكها. اقتربت بخطوات مترددة نحو منطقة القمة رفعت رأسي نحو السماء في محاولة مفضوحة منى لتجاهل ما بات نقطة الوعي الوحيدة لحواسي في تلك اللحظات. ما بال جسدي لا يطيع ومنذ متى ادمن التمرد فها هي عيني تسلك نفس الطريق الذي سلكته قدماي قبل قليل وترفض الطاعة، أشُدها الى الأعلى فيجذبها الاسفل رغم عني. قلت لا بد لي من المواجهة اطعت عيني ونظرت حيث تريد، ورأيته كان يرقد هناك رمادي اللون متموجا هائجا شبهته بنفسي وما هي عليه من حال في هذا الصباح، كان كل ما فيه يدعوني ويحفزني للالتحام به، خفت رفعت عيناي الى الأعلى مستخدمة كل سلطة وكل قوة متبقية لدي للسيطرة على اعضاء جسدي المتمردة . لكنه لم يدعني وشأني وبدأ بالتلصص علي، يسرق طرف عيني ليقول انا موجود لا تستطيعين تجاهلي وليس من لقاءنا مفر. اسرعت، ركضت كدت ان اطير لم اعرف في اي اتجاه اسير إلى الامام الى الخلف الى الاسفل. قررت الاتجاه نحو الامام وعندها بدأ الجسر يرتج تحت قدمي قلت سقطت في المصيدة ولا مفر لي وها هو البحر يصعد الي بعد ان احس بأنني اتهرب من النزول اليه. بعيدا ارتسمت امامي خطوط مبهمة لم استطع رؤيتها واضحة من مكاني فوق قمة الجسر، وعرفت بان تلك النقطة ستكون نقطة الامان لو استطعت الوصول اليها، رفعت عيني الى السماء سددت الخطى وطرت الى هناك. عند وصولي توقفت اخذت نفسا عميقا وببطء نظرت الى الاسفل لأتأكد من انني عبرت منطقة الجاذبية ولارى فحوى تلك الخطوط والاشارات التي شكلت نقطة نجاتي والتي لم استطع رؤيتها واضحة من بعيد،ولدهشتي كانت عبارة عن اشارة للمشاة طفل يمسك يد امه يعبران الشارع.



#هدى_المشهراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى المشهراوي - اغواء