أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أسد خياط - صراصير، لكنهم وطنيون














المزيد.....

صراصير، لكنهم وطنيون


أسد خياط

الحوار المتمدن-العدد: 2918 - 2010 / 2 / 15 - 15:14
المحور: كتابات ساخرة
    


تنادى زعماء المافيا إلى المؤتمر. وفي غفلة من رجال الشرطة وعيون الجواسيس، تقاطر هؤلاء إلى أحد فنادق الدرجة الثالثة حتى لا تثار الشبهات، توافدوا متخفين بسيارات أجرة أو مشياً على الأقدام، يرتدون رخيص الثياب بذقون غير محلوقة وأحذية غير ملمعة. وقف الدون باليرمو (يبدو أن الاسم غير حقيقي والله أعلم) على رأس المائدة الفقيرة بمحتوياتها والتي تناسب فندق الثلاث نجوم أو النجمتين، والغضب ينفخ أوداجه، متوجهاً إلى زملائه من زعماء المافيات. وبلا سلام أو تحية، بل بتعنيف ولوم وصل حدَّ السباب والشتائم، قال الدون باليرمو هذا: "منذ قرون الله أعلم بطولها ونحن نمتهن المهنة التي تعرفون، وأغلبنا ورثها أباً عن جد. تباً لكم بعد كل هذا التاريخ الطويل، والعمل المضني والشاق، نجتمع في هذا الماخور على مثل هذه المائدة خائفين كصراصير مذعورة باثين الحرس والعيون حتى لا يكتشف اجتماعنا فنتعرض إلى المحاكمات المهينة والاعتقال والسجن! إن هذا أمر يثير الإحباط ولا يشرف، عليكم اللعنة! إن مقارنة بسيطة وسريعة بين أحوالنا وأحوال إخوتنا الشرقين تبين لكم كم نحن بؤساء، قارنوا بين أملاكنا وأملاكهم، وبين أموالنا وأموالهم، بل بين علاقتنا بعضنا ببعض وعلاقاتهم. عندنا، ما أن يرى أحدنا الآخر حتى يبدأ باطلاق الرصاص. عندهم، يأخذ الواحد الآخر بالأحضان وهات يا بوس.
إخوتنا الشرقيون يجتمعون في القصور وفي أفخم الفنادق، محاطين بوزراء إعلام يرقصون لهم ويهزجون، وبوكالات الصحافة والتلفزة العالمية يستجدون منهم كلمة أو تصريحاً، يتبارى المصورون في تصوير بوزاتهم، ويتراكض الخدم والحشم بين أيديهم. أين أنتم منهم، إنهم لا يملكون طائرات رئاسية أو ملكية أو أميرية فحسب، بل يملكون المطارات نفسها، يملكون العواصم، بل المدن كلها، يملكون جيوشاً، بكلمة واحدة يملكون دولاً بمن فيها ومن عليها وتعترف بها الأمم المتحدة.
اعترض الدون نابولي (نعتقد أن الاسم مزيف والله أعلم) بشدة على الدون باليرمو وهو العرّاب القوي، والمنافس له في زعامة المافيا. كان المعترض يدّق الأرض بحذائه ويضرب الطاولة بقبضته، فأعطي الكلمة. وبعد أن تفحص وجوه الحاضرين، قال: "عائلتي الغالية! ما قاله زميلي دون باليرمو صحيح بما يتعلق بأحوالنا وأحوال الشرقيين. صحيح أن مهنتنا أصبحت شاقة وأحوالنا ليست على أحسن ما يرام. ولكن، قرأت حديثاً كتاباً عن تاريخ المافيا يقول إن أجدادنا كانوا في عهد يوليوس قيصر، وساهموا في الحرب على قرطاجة، ودعموا نابليون، وشاركوا في استقلال الولايات المتحدة. ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن كنا وطنيين. صحيح أننا نمتهن القوادة وغسيل الأموال وننشر المخدرات، كهؤلاء الشرقيين الذين يزاحمونا على هذه الأعمال، ولكنا لم نكن يوماً غير وطنيين، لأننا كذلك، من جهة، ومن جهة أخرى لأن أعمالنا لا تزدهر إلاّ إذا إزدهرت أوطاننا، ورغم كل هذا لم تبلغ بنا الخسة والحقارة لنتاجر بدواء الفقراء ولا برغيف خبزهم ولا ببيع أعضائهم، ولا نعرف القبور الجماعية والقتل العشوائي، ولم ننهب دولنا، وكل ثروتنا موجودة في بلادنا ولم نهربها إلى بنوك أجنبية، ولم نبع أوطاننا، لأننا وطنيون ومستقيمون. إننا غير عنصريين كهؤلاء الشرقيين كل الناس عندنا سواء لا يهمنا اللون أو الجنس أو الدين. أما أن يشبهنا زميلي دون باليرمو بهؤلاء الحثالة من البشر فهذه إهانة لا نقبلها ولا تغتفر". وصفق له الحضور، وخجل دون باليرمو.



#أسد_خياط (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العربية ما لها وما عليها (الجزء الثاني)


المزيد.....




- اضبط الريسيفر.. تردد روتانا سينما الجديد 2025 هيعرضلك أفلام ...
- مصر تستعيد 21 قطعة أثرية من أستراليا (صور)
- إدريس سالم في -مراصدُ الروح-: غوص في مياه ذات متوجسة
- نشرها على منصة -X-.. مغن أمريكي شهير يحصد ملايين المشاهدات ل ...
- رد حاسم على مزاعم وجود خلافات مصرية سعودية في مجال الفن
- أخيرًا.. وزارة التعليم تُعلن موعد امتحانات الدبلومات الفنية ...
- فيلم -Eddington- المثير للجدل سياسيًا بأمريكا يُشعل مهرجان ك ...
- وزيرة الثقافة الروسية لم تتمكن من حضور حفل تنصيب البابا
- مخرج فلسطيني: الفن كشف جرائم إسرائيل فبات الفنانون أهدافا لج ...
- لوحة سعرها 13.2 مليون دولار تحطم الرقم القياسي لأغلى عمل لفن ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أسد خياط - صراصير، لكنهم وطنيون