أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - كريم مروة - كلمة كريم مروة في الاحتفال التكريمي















المزيد.....

كلمة كريم مروة في الاحتفال التكريمي


كريم مروة

الحوار المتمدن-العدد: 887 - 2004 / 7 / 7 - 07:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الشكر الجزيل لفخامة رئيس البلاد العماد إميل لحود على هذا الوسام الذي منحني إياه. والشكر لمعالي وزير الثقافة الصديق الأستاذ غازي العريضي على مبادرته هذه وعلى مجمل مبادراته وعلى هذا الاحتفال التكريمي الذي خصني به. والشكر لأصدقائي على كلماتهم الطيبة وعلى ثقتهم الغالية التي أعتز بها، والتي آمل أن أكون في مستوى ما تشير اليه من تقدير. والشكر لكم أيها الأصدقاء والرفاق والأخوة الحضور جميعاً الذين جئتم من كل المواقع والاتجاهات الى هذا الحفل التكريمي الذي أعتبركم جميعكم شركاء حقيقيين لي فيه.

وبعد، فإن لهذا الوسام ولهذا الاحتفال التكريمي، كما أحب أن أفهمهما وأقرأ معانيهما، دلالة أود أن أتوقف عندها. وجوهر ما تشير اليه هذه الدلالة هو أن الدولة، دولتنا، بشخص رئيسها وبشخص وزير الثقافة في حكومتها، قد تنبهت، متأخرة ستين عاماً ونيف هي أعوام الاستقلال، الى ضرورة التذكر والتذكير معاً بأن تياراً سياسياً وفكرياً كبيراً وعريقاً هو التيار الذي أنتمي اليه، تيار التحرر الوطني والاجتماعي والتغيير الديمقراطي الحامل قيم الاشتراكية ومثلها، قد أسهم، منذ ثمانين عاماً من وجوده ونضالاته على جميع الجبهات، في بناء الدعائم الأولى لهذا الوطن الجميل لبنان، وفي الدفاع عن استقلاله وسيادته وحريته وتقدمه وتطوره الديمقراطي، ضد الغزاة من برابرة العصر الحديث وضد كل الطامعين بالسيطرة عليه وعلى مصيره وعلى مستقبله من كل الجهات والاتجاهات. وهذا التيار هو ذاته الذي عمل المنتمون اليه، على الدوام، بكل طاقاتهم، من أجل تدعيم وحدة هذا الوطن شعباً وأرضاً وكياناً ومصيراً، وعلى ترسيخ وتثبيت الديمقراطية فيه كنظام سياسي تعددي وكصيغة للعلاقات المتساوية بين أبنائه أينما كانوا، داخل الوطن وخارجه، والى أي خيار سياسي وفكري وعقائدي وديني انتموا. وبهذه المعاني السياسية والتاريخية التي أشير اليها فإن هذين الوسام وحفل التكريم إنما يعودان، في الأساس، قبل شخصي، الى رموز هذا التيار الذين أسسوا له وتابعوا النضال تحت رايته. وهؤلاء الرموز هم، في الميدان السياسي والاجتماعي والديمقراطي، فؤاد الشمالي وفرج الله الحلو ونقولا شاوي وأرتين مادويان ومصطفى العريس وسعد الدين مومنه وآخرون كثر. وهم، في الثقافة الديمقراطية في مجالاتها كافة، سليم خياطه ويوسف ابراهيم يزبك وعمر فاخوري ورئيف خوري وأنطون تابت وجورج حنا وحسين مروة ومهدي عامل وآخرون كثر. فإلى هؤلاء الكبار في تاريخ الحزب الشيوعي اللبناني وفي تاريخ الحركة الوطنية والديمقراطية اللبنانية وفي تاريخ لبنان، والى من يمثلونه وما يمثلونه قديماً وحديثاً، أقدم هذا الوسام الممنوح لي من دولتي ومن قادتها. واعتبر حفل التكريم هذا حفل تكريم لهم جميعاً.

غير أنني لا أستطيع، وأنا في هذا المقام بصفاتي المتعددة، كمواطن لبناني أولاً، وكمناضل شيوعي عتيق لبناني وعربي وأممي، وكصاحب أراء ومواقف حددتها لي مراحل عديدة وطويلة من عمري غنية بالتجارب وحافلة بالأفكار والرؤى، لا أستطيع إلا أن أشير الى أمرين أرجو أن يلقيا اهتمام الدولة واهتمام أهل السياسة والثقافة في كل المواقع. الأمر الأول يتعلق بالصيغة التي يكرَّم بها من يستحقون التكريم من أبناء هذا الوطن. فإذا كان الوسام يشكل شهادة اعتراف من قبل الدولة بفضل وبدور أناس معنيين، فأن تكريم من أغنوا تراث الوطن في العمل السياسي والاجتماعي والفكري والادبي والفني، إنما ينبغي، في رأيي، أن يتخذ شكلاً آخر مختلفاً أشار اليه علامتنا الجليل الراحل الشيخ عبدالله العلايلي عندما منح وسام الدولة الرفيع، إذ قال بكثير من المرارة بأنه كان الأجدر بالدولة أن تهتم بتراثه الذي افنى عمره في الاجتهاد المضني لانجازه في مجالات اللغة والتاريخ والادب والفقه الديني المستنير، بدلاً من الوسام، أو استكمالاً مجدياً له. وما اكثر الرواد في تاريخنا القديم والحديث من امثال الشيخ العلايلي. الأمر الثاني يتعلق باهتمام الدولة بالثقافة في بلدنا، البلد الذي ينظر اليه الأشقاء العرب على أنه المركز العربي الاول في تعميم الثقافة وفي نشر الابداعات التي ينتجها لبنانيون وعرب في أربع جهات المعمورة. ذلك إن إنشاء وزارة للثقافة من دون ميزانية تؤمن الشروط لتحقيق برنامج ثقافي حقيقي كجزء من سياسة ثقافية ديموقراطية إنما يفقد هذه الوزارة الكثير من أهميتها وأهمية دورها كداعم للنشاطات الثقافية ولإبداع المثقفين، على قاعدة الحرية الكاملة لهؤلاء المثقفين والاستقلال التام في عملهم الإبداعي، الاستقلال عن اي تأثير مباشر او غير مباشر عليهم، مادياً ومعنوياً، سواء من سلطات الدولة ذاتها ام من سلطات المال والاعمال ام من السلطات الدينية على اختلافها. وأعتقد أن معالي وزير الثقافة متفق معي في هذا الأمر.

واذ اشير الى هذين الامرين في هذه المناسبة فلكي اتابع القول بان الاعوام الخمسة والسبعين التي انقضت من عمري قد علمتني ما لم اكن قادراً على تعلمه لولا الموقع الذي دفعتني اليه طموحاتي المبكرة لإقتحام ميادين العمل في خدمة وطني لبنان وفي خدمة القضايا العربية وفي المقدمة منها قضية فلسطين التي احتلت على الدوام ومنذ الطفولة موقعاً خاصاً في عقلي ووجداني. وهذا الموقع هو الذي تعمقت من خلاله معرفتي بتراثنا الثقافي والنضالي، وبالتراث الإنساني، واغتنت به شخصيتي ومجمل ما اتمتع به في هذه الايام من تجارب وافكار واحلام مستقبلية. غير انني اود ان اعترف امامكم بأن اتساع المعارف والمدارك وكثرة التجارب التي تكدسها الاعوام الطويلة والنضج الذي يتأسس على تلك المعارف والتجارب لا تحصن كبار السن مثلي من الوقوع في الخطأ، كما لا تحصن الأحزاب وقادتها والمشاريع الكبرى ولا تحصن مطلقيها والمناضلين من أجل تحقيقها. وما أكثر ما ارتكبت أنا شخصياً من أخطاء، بالمفرد وبالجمع، لا أدري متى وكيف سيحاسبني وسيحاسب رفاقي عليها التاريخ. واذا كان قد مر زمن كنا نعتبر فيه، نحن الشيوعيين، اننا نمتلك الحقيقة اكثر من سوانا، وحتى من دون سوانا، بالنظر لكوننا نتفرد بالاستناد الى مرجعية علمية هي الماركسية، فإن الحياة قد اثبتت لي ولكثيرين من رفاقي وزملائي، من جيلي ومن اجيال اكثر شباباً، المنتمين الى الاشتراكية كفكر وكمشروع سياسي للتغيير الديمقراطي، بأن الحقيقة ليست، ولا يمكن ان تكون، حكراً على فكر دون سواه مهما كان عظيماً، وان مصادر المعرفة وآليات امتلاكها لا تنحصر هي الأخرى في جهة من الجهات ولا في اتجاه محدد بعينه. فقد اكتشفنا متأخرين بعض الوقت بأن السمة الاساسية للحياة البشرية، على مستوى الافراد والجماعات وعلى مستوى الدول كافة، هي التعدد والتنوع والاختلاف. واكتشفنا في الوقت عينه ان تجاوز هذا القانون الموضوعي انما يدخل، في التصنيف للاشياء، في عداد التعسف بالنسبة لأصحاب المشاريع الكبرى وقادة الحركات الاصلاحية، وفي عداد الاستبداد، بالنسبة للانظمة ولسلطاتها. وهو تجاوز، هنا وهناك، لا بد أن ياتي زمن يعاقب فيه المسؤولون عنه، وتعاقب الأحزاب والحركات التي تتسامح معه، وتعاقب الشعوب التي تسمح، ولو كرهاً، بوجوده وباستمراره طويلاً، فيدفع هؤلاء وأولئك الثمن مرتين. أليس هذا هو مصير المشروع الاشتراكي الذي انهار؟ اليس هذا هو مصير العراق وشعبه اليوم؟

ولذلك فانني اعتبر ان اهم ما تعلمته في العقدين الاخرين من عمري هو ضرورة الانخراط في المهمة الصعبة عليّ وعلى الجميع من دون استثناء، داخل حزبي وعند كل الأحزاب والمؤسسات والتجمعات، مهمة التحرر، بالنسبة اليّ، من التباسات تاريخنا القديم والدخول في تاريخ جديد تشكل فيه الديموقراطية بمعانيها المتعددة الاساس في علاقاتي الخاصة والعامة، وفي ممارسة النقد الحقيقي للذات، وفي المراجعة النقدية لتجاربنا، وفي البحث الدائم عن مستقبل أفضل لبلداننا، البحث مع الاخرين، الآتين الى هذه المهمة التاريخية من مواقع ومرجعيات فكرية وسياسية وعقائدية مختلفة. واود ان اعترف، هنا، بأن هذه المهمة صعبة وشاقة وطويلة. فالديموقراطية التي يتحدد جوهرها بالاقرار بالتعدد والتنوع والاختلاف، هي ثقافة نحن بحاجة الى أن نتعلمها ونتمثلها جميعنا، وان نعد أنفسنا لدفع الثمن الضروري لغيابها من حياتنا ومن وعينا زمناً طويلاً. وعلينا أن ندرك بوضوح بأن تخلفنا في الدخول في هذه الثقافة وتخلفنا عن الشروع في عملية تجديد أفكارنا وسياساتنا وبرامجنا وآليات عملنا، سيجعلنا مسؤولين قبل سوانا عما سيحصل لبلداننا من كوارث، سواء من داخلها بفعل الاستبداد والفساد والتخلف، أم من خارجها بفعل التدخل السياسي والاقتصادي وحتى العسكري، تحت ذرائع مختلفة، الذي يقوم به سادة العالم الجدد خدمة لمصالحهم الرامية الى السيطرة على العالم. ولن تسعفنا حين يحصل هذا التدخل غصباً عنا لا شعاراتنا الكبرى ولا صيحات الاستنكار ولا المظاهرات ولا العمليات الانتحارية.

سأظل احلم، وانا في عمري هذا، مثلما كنت احلم في ايام شبابي. لكن الحلم الحقيقي الموصل إلى الغابات الكبرى هو بالتحديد وبالتأكيد ذلك الذي ستنخرط فيه الاجيال الشابة، التي إذ تناضل من أجل صنع مستقبلها فإنها تساهم في صنع مستقبل بلدانها. وحين ستتقدم تلك الأجيال لاقتحام تلك المهمة التاريخية لن أكون أنا وامثالي سوى جنود في جيش تلك الاجيال، حتى ولو ادعى البعض منا، وانا واحد منهم، انهم يملكون رؤية مستقبلية اكثر معاصرة وحداثة وأكثر شباباً من الشباب.

شكراً لكم من القلب، يا فخامة الرئيس ويا معالي الوزير ويا أيها الأصدقاء والرفاق جميعاً.



#كريم_مروة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفكير في زمن العاصفة
- الجذور السياسية والاجتماعية والايديولوجية للارهاب إصلاح ديني ...
- أسبوع سياسي وسياحي في اليمن: كل شيء تغيّر في عدن ...
- استهداف المدنيين الاسرائيليين خطأ في المبدأ، خطأ في السياسة، ...
- من المسؤول عما جرى ويجري منذ أكثر من نصف قرن؟!
- كلام صريح حول الإرهاب وتعريفاته
- دروس في الديموقراطية من مملكة البحرين الدستورية!


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - كريم مروة - كلمة كريم مروة في الاحتفال التكريمي