محمود عبد الحى
الحوار المتمدن-العدد: 2917 - 2010 / 2 / 14 - 08:33
المحور:
القضية الفلسطينية
رغم تعدد الاراء و تباين الاتجاهات حول نشأة الصهيونية و تطورها,فهى حركة حديثة اروبية الاصول و النشأة ,و عاصرت عهود الاستعمار و الاستغلال الحديثة.و فى بعض الفقرات البصيرة عن موقف اليهود خلال العصور يقول ليونارد شتاين:
"فلسطين هذة التى كانو (اى اليهود)يحلمون بها كانت قد تنحت لدى معظمهم عن ان تكون فلسطين الواقع المجسد.فكانوا لا يعرفون عن موقعها الجغرافى او عن شكلها المادى الا اقل القليل او لا شىء على الاطلاق.اذ لم تكن تربطهم بها رابطة من العواطف و المشاعر الشخصية,ولا تراود مخيلاتهم ذكريات عن مشاهد او عن اصوات فيها.انها ليست فى الواقع الا فكرة مجردة.و سوف تكون عودة المنفيين عودة بالمعنى الحرفى لهذة الكلمة,بكل تاكيد.بيد انها لن تتحقق نتيجة للجهد الانسانى,ستتحقق حين يشاء اللة لها ان تتحقق مع ظهور المسيح من جديد."
و يشير النص صراحة الى ان صرخة اليهود من اجل فلسطين كانت حتى بداية القرن التاسع عشر صرخة دينية بحتة,فلم يفكر اليهود فى اى يوم من الايام بانهم سيحلون فى فلسطين الا حين يجىء اليوم الذى ينتهى فية الزمن فيعيدهم المسيح الى فلسطين.
و لقد صورت الصهيونية اليهود على انهم شعب فلسطين الاصيل,و ادعت ان الدولة اليهودية القديمة صبغت البلاد بالطابع اليهودى فى العقيدة الدينية و التاريخ و اللغة و الحضارة,و اذا كان اليهود قد نفوا"عنوة"من فلسطين فقد ظل لهم كيان بقى فيها "البيشوف".و لم يرد اى ذكر لفلسطين فى اعلان قيام اسرائيل "ارض اسرائيل"اظهار لدور اليهود الرئيسى فى تاريخ البلاد.لكن الحقائق التاريخية تدحض المزاعم الصهيونية فى وجود حق تاريخى لليهود فى فلسطين و تنفى عنهم استمرار بقائهم و انتسابهم الى الشعب الفلسطينى الذى تاكدت عروبتة منذ قرون طويلة.
ان العبريين الاوائل لم يكونو اصلا فى فلسطين و ان كانو قد تمكنوا من اقامة دويلة لهم فى الجزء الداخلى الفقير منها ,ولكنها كانت حدثا طارئا فى تاريخ البلاد,اذ سرعان ما اندثرت مثل غيرها من الامارات القديمة دون ان تترك اثرا يعتد بة لا فى تاريخ فلسطين ولا فى حضارتها,و اذا كان اعلان قيام اسرائيل لا يعترف الا "بارض اسرائيل"على انها اقدم تسمية للبلاد فان فى ذلك مغالطة تاريخية كبيرة تدحضها توراة اليهود انفسهم اذ ذكرت "ارض كنعان"و"ارض الفلسطنيين"على انهما اقدم تسميتين كانتا قائمتين قبل هجرة العبريين ولازمتا اقامتهم فيها,و استمرتا بعد زوال الدولة اليهودية القديمة.
و يتضح كذلك ان الاغلبية الكبرى من اليهود قد هاجرت باختيارها من فلسطيين قبل حكم الرومان لها ,كما ان ظروف فلسطيين و توالى المغيرين عليها جعلتها فى شكل حضارى متغير المظاهر,و لكن بعد القرن السابع استقر لفلسطين طابعها العربى اجتماعيا و ثقافيا و دينيا,و لم تختلف فى ذلك عن اى قطر عربى اخر,و الاقلية البالغة الضالة التى هاجرت الى فلسطيين فى العصور الحديثة قد لاذت اليها هروبا من الاضطهاد الاروبى ,و غلبت عليها صفة الانزواء,و تعيش حياتها الدينية ,و لم تشارك الشعب الفلسطينى المضيف فى حياتة الاقتصادية او السياسية,انما عاشت عالة على شعوبها الاصلية التى انتمت اليها و حملت جنسيتها و تمسكت بلغتها,و تلقت منها اعانات عرفت باسم "حالوقاة".و ان العقيدة الدينية التى كانت الرباط الوحيد الذى جمع بين المهاجرين و اليهود,عرفت الفرق و الخلافات المذهبية و لم يجمع بينها الا التأثر بمظاهر الحضارة العربية فى اللغة و العادات و اسلوب الحياة الاجتماعية.و بناء على ذلك لم يجرؤ احد من مفكرى الصهيونية حتى اليوم على الزعم بان الحركة الصهيونية التى فجرت كل تلك التطاحنات الدامية فى الشرق العربى,طوال اكثر من نصف قرن,كانت نابعة من تطور داخلى فى فلسطين او فى البلاد العربية,او ان الفكرة الصهيونية الحديثة كانت تعبيرا عن احتياجات طبيعية للطائفة اليهودية فى هذة البلاد او استجابة خاصة لاوضاعهم.
لقد ظهرت اول دعوة علنية لانشاء وطن لليهود على لسان يهودى انجليزى يدعى "هنرى فنش",فى كتاب نشرة فى انجلترا فى مطلع القرن السابع عشر بعنوان "نداء اليهود"لكن الفكرة لم تترد اصداؤها حتى اطل القرن التاسع عشر على العالم بمبادىء الحرية التى اكدتها الثورة الفرنسية ,فتحرير اليهود فى غرب اروباء قد ساعد على ظهور بعض الشخصيات التى دافعت عن الجماعات اليهودية و عن تحسين احوالهم فى اروباء,و مع تكوين القوميات الحديثة فى اروباء فى القرن التاسع عشر,نشط بعض اليهود فى الترويج بان اليهودية دين و قومية,و يعتقد البعض ان حملة بونابرت على مصر فى عام 1798 كانت فاتحة التطلع الصهيونى نحو استعمار فلسطين,و يستندون فى ذلك على الرواية الشائعة بان بونابرت قد اصدر عام 1799 بيانا رسميا يدعو فية يهود اسيا و افريقيا ان يهرعو تحت رايتة الى دخول اورشليم و اعادة بناء الهيكل,و لكن مهما قيل بشان هذا النداء و انعدام اثرة من الناحية الفعلية,فقد ظلت الدعاية اليهودية تشير الية بمثابة الاعتراف الاوروبى بحقوق اليهود فى الارض المقدسة,و بداية تعاون الحكومات الاوروبية و اليهود على حساب العرب.
و فى خلال القرن التاسع عشر دعا عدد من ساسة الانجليز و قسيسهم و كتابهم الى تبنى فكرة الوطن اليهودى فى فلسطين,فلقد اخذ اليهود منذ طردهم بالجملة من بريطانيا عام 1290,يفدون اليها بالجملة مرة اخرى على عهد كرمويل عام 1650,ورحلت افواج اخرى من اليهود الذين تكتلو فى فرنسا و الاراضى المنخفضة [بعد اقصائهم و تشريدهم من اسبانيا و البرتغال عام 1492]الى انجلترا مرة اخرى ,اثر عودة الملكية فى فرنسا فى اعقاب الثورة الفرنسية,و امتهان اليهود فيها مرة اخرى,وازدادت اعداد اليهود فى انجلترا اثر الاظطهاد الروسى و قيام الجمعيات الانجليزية-اليهودية بالقيام على استقبالهم و توطيدهم فى بريطانيا او تهجيرهم الى الارجنتين و غيرها من البلاد الامريكية برعاية اللورد دى روتشيلد و السير موسى دى منتفيورى,و فى العقد الثالث من القرن التاسع عشر قام صراع داخل الراى العام البريطانى ازاء مطالبة اليهود بالتجنس و رغبتهم فى استصدار القوانين من اجل التساوى فى الحقوق السياسية و المدنية بابناء البلاد الاصليين.
و فى عام 1830,قدم البرلمان البريطانى مشروع بخصوص مطالب اليهود المدنية و السياسية و وافق على المشروع مجلس العموم,ورفضة مجلس اللوردات مرتين على التوالى عام 1833و عام1834,و على الرغم من ان اليهود قد استطاعو ان يحصلوا على حق تولى عمادة المدن و ممارسة اعمال البلديات بمقتضى قانون عام 1835(Sheriff,s Declara-tion).
فقد ظل مجلس اللوردات البريطانى يعارض استصدار القوانين الخاصة بالحقوق و الوظائف السياسية الكبرى حتى عام 1846,اذ ان يهود بريطانيا قد شددو من حملتهم بزعامة الثورى اليهودى موسى منتفيورى عمدة لندن السابق و حامى يهود الشرق المعروف,
اثر تولى الملكة فيكتوريا العرش عام 1837,و قد اشيع فى ذلك الوقت ان الملكة فيكتوريا كانت تمالىء اليهود لانها تمت نسبها الى اسرة يهودية, فلقد نشرت مجلة (Black and White)فى عام 1901 ان دوقة كنت ام الملكة فيكتوريا تنتمى بامها الى اسرة يهودية باسم
(Sealafeld)فى منطقة ساكس.
و ان ملامح الملك ادوارد كانت تشهد باصلة اليهودى,و هكذا استطاع موسى منتفيورى بتاثير نفوذة و نفوذ الملكة فيكتوريا,ان يحصل لليهود على المساواة فى الحقوق و الوظائف السياسية,ما عدا مناصب معينة كمنصب وزير المالية و منصب نائب الملك فى المستعمرات.
و بهذا امكن للبارون ليونيل دى روتشيلد ان ينتخب عضوا بمجلس العموم عام 1847,فاثار ذلك ثائرة مجلس اللوردات اذ لا يستطيع هذا اليهودى ان يقسم اليمين المعتاد,و صاح فى هذا الصدد اعضاء مجلس اللوردات صيحتهم المشهورة (No Jews).
و طالبوا بالغاء الحقوق اللائحية السابقة مرة اخرى عام 1848,حتى تكمن رئيس الوزراء اللورد جون رسل من التدخل لانقاذ صديقة ليونيل دى روتشيلد و اجيز لعضو البرلمان اليهودى ان يقسم اليمين على العهد القديم عام 1851.
و منذ مطلع الاربعينات من القرن التاسع عشر حتى وفاتة عام 1885, بذل منتفيورى اقصى الجهود لتحسين اوضاع المستوطنات اليهودية الاولى بفلسطين و استطاع من خلال زياراتة المتعددة لفلسطين اثارة مزيد من الاهتمام بالمستوطنات اليهودية الصغيرة فى اوساط اوروباء الغربية,و الواقع ان بريطانيا هى التى بدت على نحو منظم فى بسط حمايتها على الطائفة اليهودية فى فلسطين,و يحدد هذا الاتجاة الاهداف التى انشاء بامستون من اجلها قنصلية بريطانية فى القدس عام 1838, و لقد كافح فى سبيل تحقيق ذلك طويلا الايرل شافتزيرى (لورد اشلى فيما بعد ),الذى اخذ على عاتقة مهمة اقناع بامستون فى ضوء الاعتقاد الدينى بوجوب عودة اليهود الى فلسطين,فتقدم بمشروعة فى هذا الشان الى بامستون للمرة الاخيرة فى صيف عام 1838,فلاقت الفكرة حينذاك تاييدا من وزير الخارجية البريطانى.
و كان شافتزيرى مقتنعا بان "اعادة توطين اليهود فى فلسطين لن تنطوى على حسنات للشعب اليهودى فحسب,بل للسلطان ايضا حيث يمكنة الاعتماد على ولاء رعاياة الجدد الذين سةف يعيدون فى الوقت نفسة اقليما مهجورا الى سابق عهدة فى الرخاء و الازدهار".
و عندما كانت الدول الكبرى عاقدة العزم على ارغام محمد على للتخلى عن سورية,لكنها ما برحت غير واثقة بشان مستقبلها,جرت مناقشة المشروع الرامى الى خلق كومنولث يهودى فى النصف الجنوبى من البلاد-اى فوق المساحة التى شغلتها فلسطين التوراة,و يعود السبب فى ان هذة المشروعات لم تسفر عن شى الى ان اليهود الاوروبيين الغربيين يخوضون بالدرجة الاولى كفاح تحريرهم و الاندماج الذى نتج عن هذا التحرر ,فلم يروا اهمية او صلة وثيقة"لانشاء امة يهودية من جديد بالمعنى السياسى".
و قد حدد بامستون اهداف تلك القنصلية فى رسائلة المتتابعة وقتذاك(1840-1841)الى القنصل وليم يونج,اول قنصل لبريطانيا فى القدس و الى سفيرة فى استانبول بونسنبى,و الى قناصل بريطانيا فى غرب اوروباء,بتامين حماية اليهود و ارسال التقارير عنهم,لان الوقت قد حان لتحقيق عودتهم الى فلسطين حتى يصبحوا سدا فى وجة اية رغبات شريرة لمحمد على او خليفتة فى المستقبل.
و اشتدت الحملة الصحفية لتاييد هذة السياسة اثر الضجة التى اصطنعها يهود دمشق فى فبراير عام 1840 بعد اتهامهم بخطف الاب الفرنسسكانى توما و ذبحة ليعجنوا بدمة خبز عيد الفصح,و كانت الدول الاوروبية تتحين الفرص للايقاع بمحمد على,و تحطيم امبراطوريتة التى كونها فى مصر و الشام و السودان و الحجاز,و قام ادولف كريميية المحامى و زعيم اليهود فى فرنسا,يحرك الراى العام الاوروبى بالصحافة و الدعاية التى تولتها الجهات اليهودية فى الغرب,و رفع قضية على محمد على يتهمة فيها بالمسؤولية عن ضحايا هذة الفتنة من اليهود, و دعا الانجليز بين يهود و مسيحيين انجليين الى اجتماع فى لندن لتاييد الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاة الشعب اليهودى و امانية فى العودة الى فلسطين,و قرروا ارسال بعثة تحقيق يهودية الى الشرق الادنى برئاسة موسى منتفيورى و ادولف كريميية,و وصل مبعوثا اليهود الى الاسكندرية عام 1840 و قابلا محمد على,ثم قاما بزيارة فلسطين حيث قررا اقامة مدرسة زراعة باسم "مقوية يسرائيل"اى "امل اسرائيل",الى جنوب شرق يافا , و مهمتها تخريج مهندسين زراعيين يهود,لاستصلاح الاراضى و تمليكها لليهود.
و قد رحل المبعوثان اثر ذلك الى استانبول,حيث مكث موسى منتفيورى طويلا الى ان استرد الباب العالى سورية و فلسطين,محاولا شراء رضا الباب العالى لتاسيس مستعمرات يهودية فى فلسطين,غير ان السلطان عبد المجيد لم يسمح الا باصدار فرمان عام 1840 بشان الاعتراف لليهود بحق ممارسة شعائرهم الدينية و مساواتهم مع غيرهم من مواطنى السلطنة فى الحقوق المقررة بخط كلخانة.
و فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر,توالت كتابات جديدة تشرح اهمية الاراضى المقدسة الاستراتيجية و السياسية فى ضوء الصراع الدولى حولها,و تعددت مشروعات اعادة توطين اليهود فى فلسطين من انجليز,وفرنسيين,وايطاليين,والمان,وروس,وامريكان فى بعض الاحيان,سواء ذلك اكانو بروتستانت او كاثوليك او اطهارا,غير ان المشروعات البريطانية فى هذا الصدد كانت اكثر عداد,و اكثر اضافة فى التعبير عن الاهمية السياسية و الاستراتجية للاراضى المقدسة,فقد ارسل الكولونيل تشرشل,قنصل بريطانيا فى بيروت على عهد محمد على,يقترح على مجلس ممثلى اليهود فى انجلترا تاسيس وطن قومى لهم فى فلسطين من اجل وضع حد للاوضاع غير المستقرة حينذاك,و تردد لدى الكولونيل جورج جاولر حاكم جنوب استراليا السابق,راى مماثل نشرة عام 1845 بان استقرار الاوضاع فى اسيا العثمانية لن يتحقق الا بانشاء مستعمرات لليهود فى المنطقة.
و توالت اثر ذلك كتابات ادوراد كازليت,و لورنس اوليفانت,و ايرل شافتزيرى,و كتب شافتزيرى فى عام 1876 عن الصهيونية ابرز فية دور الاراضى المقدسة مستقبلا فى التجارة العالمية,و اكد اهمية العنصر اليهودى فى جعلها مركز لهذة التجارة,ثم اضاف"و مما لا شك فية ان استيلاء اى من منافسى انجلترا او فرنسا او روسيا,على سورية سيكون ضربة قاضية لانجلترا,فامبراطوريتها التى تمتد من كندا فى الغرب الى كلتكا و استراليا فى الجنوب الشرقى,سوف تنفصم عراها و تنقسم قسمين..و من ثم يجب على بريطانيا ان تبقى على سورية لنفسها,و ان يصبح على بريطانيا بدافع العوامل السياسية ان تؤيد اليهود و تؤكد قوميتهم كلما سنحت الفرصة لعودتهم عن طريق اقامة دولتهم القديمة,فانجلترا هى اكبر دولة تجارية و بحرية فى العالم و كذلك يقع على عاتقها مهمة تاييد توطين اليهود فى فلسطين".
كانت هذة الافكار-على اية حال-مقدمة للصهيونية السياسية,فقد شهد النصف الثانى من القرن التاسع عشر نشوء المفاهيم الرومانتيكية من اجتماعية و سياسية داخل الفكر اليهودى,و رغم استمرار فئة كبيرة العدد من اليهود على تعلقها بفكرة التحرر و الاندماج الكامل فى بلدان "الشتات",فقد بدات تصاغ ايديولوجية جديدة صارت تعرف فيما بعد بالصهيونية,و هى نسبة الى "صهيون" التى اطلقت اصلا على احد جبال القدس,و تعكس حياة اليهودى الالمانى موسى هيس و اعمالة التحول و الانتقال من الاندماجية الى الحركة الصهيونية ففى عام1862 اصدر كتابة عن "روما و القدس" و فية بسط افكارة على نحو منظم,و يعتبر الكتاب من المصادر الاساسية فى الفكر الصهيونى الحديث,قال هيس ان اليهود شعب صنع التاريخ و هم مدعوون مصيريا لتحويل العالم و سبب ذلك انهم دون سواهم قد حققوا فى حياتهم القومية الذاتية مبدا الوحدة بين الدائرتين الروحية و المادية,و حث اليهود على اعادة بناء حياتهم القومية بفلسطين,و اضاف ان تطوير حركة قومية يهودية لا يشكل المفتاح الجوهرى لمستقبل اليهود فحسب,بل لمستقبل البشرية جمعاء,حقيقة ظل هيس مفكرا منعزلا نسبيا فى الحياة اليهودية لعصرة,لكن الاجيال اللاحقة من اليهود الذين حولوا الصهيونية الى حركة رجعت الى افكارة و اتخذت منها اساسا لعقيدتها الجديدة.
و عندما اضطرت اعداد ضخمة من اليهود الى النزوح عن روسيا على اثر المجازر التى وقعت ضدهم فى اعقاب اغتيال القيصر الروسى الكسندر الثانى عام 1882,انهارت بذلك حركة الهسكالا(التى دعت الى اندماج اليهود فى المحيطات التى عاشوا فيها )انهيار تاما و حلت محلها حركة "احياء صهيون" التى بدات بالدعوة الى احياء اللغة العبرية عوضا عن البديشية,و اصبحت حركة احياء صهيون تحت زعامة اليهودى الروسى ليو بنسكر,و قد حلل بنسكر مشكلة اليهود فى كتاب نشرة عام 1882بعنوان "التحرير الذاتى"و وصف فية المشكلة بانها ماساة العصر الحديث ,و ذهب الى ضرورة انتقال يهود العالم برمتهم الى بقعة واحدة من الارض تكون لهم وطنا و فيها يؤسسون دولتهم, و انتهى الى ان "العالم يحتقر اليهود لانهم ليسوا امة ولانهم اجانب فى كل بلد يعيشون فية و العلاج الناجح لهذا الداء المستعصى هو ايجاد قومية يهودية لشعب يعيش فى ارض الوطن".
و ترك بنسكر المكان المفضل لاقامة اليهود لاختيار الخبراء,لكنة دعا الى عقد مؤتمر قومى و تكوين شركة للاستعمار و الدعوة الى التبرع و البحث عن مكان و محاولة الحصول على ضمان دولى,و لما كانت رسالة اليهود تخليص اليهود من "منافهم" و وضع حد لتشردهم المستمر,فقد اخذ زعماء الصهيونية يعملون على تنمية روح العداء للسامية فى المجتمع الاوروبى المسيحى دفعا باليهود الى الهجرة الى فلسطين و التدليل على تفاقم المشكلة اليهودية,و حلها لا يكون الا بخروج اليهود و تاسيس دولة خاصة بهم.
#محمود_عبد_الحى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟