أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - خلوة مع النفس والتفكير بصوت مرتفع حول واقعنا الراهن في العراق















المزيد.....

خلوة مع النفس والتفكير بصوت مرتفع حول واقعنا الراهن في العراق


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 2916 - 2010 / 2 / 13 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أتابع يومياً قراءة الكثير من المقالات والتصريحات والبيانات التي يشير أصحابها إلى أنهم ديمقراطيون أو علمانيون أو مدافعون عن حقوق الإنسان أو حقوق القوميات أو مناهضون لممارسة العنف ضد المرأة, وأنهم ضد التمييز الديني والطائفي وإلى جانب مبدأ الوطن والمواطنة المتساوية. ويسعد الإنسان أن يجد مثل هذا التوجه في أدبيات الكثير من القوى السياسية العراقية ويشعر بالارتياح من حيث وجهة ومضمون الخطاب السياسي الذي بات وكأنه المسيطر على ما ينشر في الصحف أو في بقية أجهزة الإعلام العراقية, إذ أمارسه أنا أيضاً مثل هذا الطرح في الكتابة اليومية. ولكن, حين أعود إلى ممارسات الكثير ممن هم في المحيط الذي أتحرك فيه أو ممن أعرفهم في العراق أو من التقيت بهم أو من أتابع نشاطاتهم وأفعالهم اليومية, ولا أعزل نفسي عن الكثير من هؤلاء, اشعر بخيبة مريرة, وأدرك عندها عمق الفجوة بين القول والفعل, بين الادعاء والممارسة. وكما قال فريدريك إنجلز فأن الممارسة لا تلتقي أو تتطابق مع النظرية, إذ تبقى الفجوة قائمة بينهما, ولكن ما نتابعه في العراق وفي تصرفات من يطرحون تلك المبادئ هي التي تهز كيان الإنسان وتسقط مصداقية الكثيرين ممن يدَّعون ذلك.
فالكثير ممن يتحدث عن الديمقراطية, يريدها له أو لحزبه لا غير, فهي ليست لغيره أو للأحزاب والقوى الأخرى, أو أنها أداة يستخدمها للوصول إلى هدف معين, أو إلى السلطة, ولكنها ليست فلسفة حياتية يخضع لها تصرفاته وتصرفات حزبه. وبالتالي فالديمقراطية هنا معطوبة تفقد مضمونها الأساسي, ويفقد من يمارسها مصداقيته بعد فترة وجيزة أمام أنظار المتابعين والجمهور.
والكثير ممن يدعي تبني العلمانية في الحديث, يشعر المتتبع أنه في الممارسة العملية لا يعنيها صدقاً ولا يلتزم بها بل يمارس عملياً سياسة مناهضة لها, فالعلماني يفترض أن يكون ديمقراطي الوجهة والعمل, يرفض التمييز بين الأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية غير الفاشية والعنصرية, ويرفض الطائفية المقيتة ويرفض ربط الدين بالدولة, إذ بعكس ذلك يقود البلاد إلى ويلات إضافية للمجتمع. ومن هنا نجد أن من يدعي العلمانية ويرفض التمييز الديني والطائفي, هو يرتبط بحزب مذهبي طائفي أو بائتلاف طائفي وينشر كل ما يصله من فكر طائفي مضاد لأتباع المذاهب الأخرى بذريعة أن حامل الكفر ليس بكافر!
والكثير ممن يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان, يتجاوز عليها يومياً بعلاقاته مع الآخرين وفي طريقة معالجته للمشكلات التي تثار يومياً أو يريد من الآخرين ممارستها, ولكنه يرفضها ولا يلتزم بها في تعامله مع أفراد عائلته أو مع أخته وزوجته وينتقص من حرية النساء في إطار عائلته, ولكنه يريد التمتع بكامل الحرية مع النساء الأخريات ... حقوق الإنسان له ولكن ليس لغيره عملياً.
الكثير ممن يدعي احترام وحب قوميته والاعتزاز بها, يتجاوز على حرية وحقوق القوميات الأخرى, ربما دون أن يعي ذلك, إذ أن ثقافته وحيدة جانب ولا تسمح له برؤية التناقض بين الموقفين. وفي حقيقة الأمر فإن من لا يحترم القوميات الأخرى, لا يمكن أن يحترم قوميته والعكس صحيح أيضاً. وفي عالمنا العربي الكثير والكثير جداً من هذه النماذج, وكذلك في صفوف أبناء القوميات الأخرى. فاحترام قومية الفرد يفترض أن تتكامل باحترام القوميات الأخرى والاعتراف بحقوقها وممارستها فعلاً.
وهناك من يروج ويدعو إلى الكف عن ممارسة العنف ضد المرأة, ولكنه يمارس ذلك في بيته مع زوجته أو أخته أو ابنته وبأساليب شتى. كما أن هناك نسوة يناضلن ضد ممارسة العنف ضد المرأة, ولكن يسمحن لأنفسهن بممارسة العنف ضد أزواجهن أو أخوتهن الصغار في الدار. وهي ظاهرة موجودة رغم أنها محدودة وليست شائعة كثيراً, كما في حالة العنف ضد المرأة. ولكن وجودها أصلاً يعبر عن وضع المرأة المعقد في بلد مثل العراق وشعورها الثأري الذي يبعدها من الناحية المبدئية عن موقفها المعلن في مكافحة العنف ضد المرأة.
وهناك من يدعو نظرياً إلى ممارسة النقد والنقد الذاتي باعتباره أسلوباً ينير له الطريق, ولكنه في الممارسة العملية لا يستطيع تحمل النقد وتسود بعينيه الدنيا حين يقرأ نقداً موجهاً له أو لحزبه أو مجموعته السياسية. حين ينتقد كاتب ما الحكومة تقوم الدنيا ولا تقعد, وكأن الحكومة معصومة من الخطأ, وهكذا مع الكثير من الأحزاب والقوى السياسية والأفراد. وهي كارثة حقيقية, إذ بدون النقد لا تصلح الأمور في العراق.
إن هذه الوقائع الحياتية تؤكد مجموعة من الاستنتاجات المهمة التي يفترض في كل منا التفكير بها جدياً وأن يسعى إلى التعرف عن أسبابها الكامنة في صلب تربيتنا وتقاليدنا وعاداتنا البالية التي لا تزال تحركنا بعكس الاتجاه الذي نتحدث فيه. هذه العلل وغيرها موجودة فينا بنسب متفاوتة, ومهما كانت ضعيفة في أي منا, فهي مؤذية للفرد وللمجتمع. كل منا بحاجة إلى خلوة ومكاشفة مع النفس, إلى الصراحة مع الذات, إلى ممارسة النقد الذاتي لكي نستطيع معالجتها, فمن لا يعترف بأخطائه وعيوبه لا يستطيع معالجتها ابتداءً. إن الحملات الانتخابية الراهنة تكشف عن هذه المشكلة بشكل ساطع, ولهذا علينا امتلاك الناظور القادر على مساعدتنا في التمييز بين القول والفعل, بين النظرية والممارسة, بين الادعاء والواقع. ويمكن الإشارة هنا إلى بعض الملاحظات:
1. إن هذه المصطلحات المهمة, الديمقراطية, العلمانية, حقوق الإنسان ...الخ ليست فقط جديدة علينا حسب, بل هي ليست صبغة نلون بها أجسادنا فقط, إنها تجسد في مضمونها ثقافة, حضارة, وممارسة يومية في إطار مجتمع مدني ديمقراطي حديث, مجتمع تخلص من بقايا علاقات الإنتاج البالية ومن تقاليد والعادات القديمة...الخ.
2. إن أسلوب تربيتنا والتعامل في ما بين أفراد العائلة الواحدة داخل البيت وفي المدرسة وفي محل العمل, وكذلك القيم التي تشبعنا بها منذ الصغر من جهة, وتلك القيم والمعايير الحضارية الحديثة من جهة أخرى, أوجدت فينا صراعاً وازدواجية شديدة وحركت التناقض في دواخلنا ولم ترس على أسس قويمة وثابتة حتى الآن وستأخذ وقتاً طويلاً لأنها عملية سيرورة وصيرورة معقدة وطويلة الأمد, إذ أنها تستوجب وجود مستلزمات تساعد على تكريس الجديد وإزالة القديم المترسخ.
3. إن النظم السياسية التي سادت في بلادنا منذ قرون كثيرة تميزت كلها دون استثناء كبير, وارتباطاً بطبيعة علاقات الإنتاج ومستوى تطور القوى المنتجة, والمستوى العام للوعي, بالفردية والاستبداد والقهر الاجتماعي والفكري للمجتمع من جانب النخب الحاكمة والقوى الاجتماعية التي تمثلها تلك النظم والنخب السياسية.
4. ولا شك في أن أساليب ممارسة الأديان والمذاهب من جانب الغالبية العظمى من شيوخ الدين وترويجها في المجتمع كانت ولا تزال تساهم في تعميق تلك الازدواجية لأنها ضد الجديد من القيم الحضارية ومن المعايير الجديدة المرتبطة بتطور حضارة وثقافة الإنسان, ولأنها كانت ولا تزال تخشى على مواقعها ومنزلتها الاجتماعية ومصالحها الاقتصادية وتأثيرها على الفرد والمجتمع, ولأن الجديد يهز تلك القناعات ويضعف الإيمان والالتزام بها.
5. إن من الصعوبة بمكان بل الاستحالة عملياً تحقيق التغيير في سلوك الفرد والمجتمع ما لم نعمل على تغيير الأرضية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي نقف عليها. إن تغيير تلك الأوضاع, مع ممارسة عملية تنوير ديني واجتماعي واسعتين, هي التي تسمح ببروز قوانين وقواعد عمل جديدة وأخلاقيات وسلوكيات فردية ومجتمعية جديدة, إضافة إلى وعي جديد يحفز على التغيير والتطوير والتفاعل.
6. الإشكالية هنا لا ترتبط بفرد واحد أو مجموعة من الأفراد المثقفين, بل بالكتلة البشرية الكبيرة, بالمجتمع كله, بالنظام المؤسسي القائم, بعلاقات الإنتاج وبمستوى تطور القوى المنتجة وبدور الدولة ومؤسساتها ومنظمات المجتمع المدني, وباختصار بالبنية التحتية والبناء الفوقي. إنها العملية المديدة التي لا بد منها والتي سيصل إليها المجتمع العراقي بكل قومياته وفئاته الاجتماعية دون أدنى ريب, ولكن بعد حين...
13/2/2010 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الدكتور بارق شبّر على حق في موقفه من اللبرالية الجديدة؟-ا ...
- في الذكرى أل 31 للثورة الشعبية المسروقة في إيران _ هل ستكون ...
- في الذكرى السنوية لانقلاب شباط الفاشي 1963 / 1 - 2, 2-2/ الك ...
- هل الدكتور بارق شبر على حق في موقفه من اللبرالية الجديدة؟- ا ...
- ماذا تريد إسرائيل؟ وإلى اين تدفع بالأمور؟
- مسقط رأسي يعيش حزناً قاهراً, ينزف دماً, يصرخ وجعا عارماً!!, ...
- حوار مع السيد الدكتور بارق شبر/ هل الدكتور بارق شبر على حق ف ...
- هل من عمليات عسكرية جديدة محتملة في منقطة الخليج ؟
- رسالة مفتوحة إلى الصديق العزيز الكاتب والفنان التشكيلي الأست ...
- من يمارس الإرهاب في العراق ؟ ومن يسهل مهمته؟
- حكام وقضاة إيران يزيحون أقنعتهم ويكشفون عن وجوههم الكالحة وض ...
- شر البلية ما يضحك, وما أكثر البلايا في عراقنا -الجديد-!!
- لو تحترم الحكومة نفسها لتقدمت باستقالتها بعد فضيحة الأجهزة ا ...
- موازنات عراقية – كردستانية تستوجب التفكير!
- هل لبعض من هم في السلطة أو على رأسها أن يحظى بثقة الشعب وتأي ...
- هل نحن أمام لعبة صدق أو لا تصدق؟ وأين دور الحكومة في نشر الح ...
- ماذا تستهدف رسائلنا وملاحظاتنا الموجهة إلى مسؤولي إقليم كُرد ...
- ليست القضية دفاعاً عن صالح المطلگ, بل عن سبل ممارسة القوانين ...
- تعليق على تعليقات حول مقال هل قرار شطب اسم وقائمة الدكتور صا ...
- ماذا يجري في عالمنا العربي؟ وهل هو بخير؟


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - خلوة مع النفس والتفكير بصوت مرتفع حول واقعنا الراهن في العراق