مهرجان برلين السينمائي العالمي

عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 2913 - 2010 / 2 / 10 - 16:47
المحور: الادب والفن
    

مهرجان برلين السينمائي العالمي
60 عاماً من الإبداع والنجاح


برلين / عصام االياســري

من 11 وحتى 21 فبراير 2010 تحتضن العاصمة الألمانية برلين مهرجان الفيلم العالمي (برليناله Berlinale) وبذلك يكون هذا العام، عام احتفال المهرجان باليوبيل 60 له. ويأتي مكملاً لإحتفالية 20 عاماً على سقوط جدار برلين الشهير عام 1990 والتي لا تزال العروض "الروائية والتسجيلية" الخاصة بتلك الأحداث، مدعاة للجدل في الأوساط السينمائية والثقافية والسياسية. ويحظى مهرجان هذا العام بمناسبة الذكرى اليوبيلية باهتمام بالغ في أوساط الصحافة والإعلام ومؤسسات الإنتاج والتوزيع. أيضاً من قبل مؤسسات الدولة والشركات الصناعية والتجارية التي قدمت الدعم المادي الكبير ليرقى إلى مستوى عالٍ يليق ببرلين ومظهرها كمدينة "Monopol" للثقافة وحوار الحضارات والسياحة أيضاً.

خلال الأيام القادمة ستتوجه أنظار المهرجان 60 عاما إلى الوراء. مسلطاً الأضواء على لقطات تصوير أول مهرجان سينمائي رأى النور في عالم السينما في برلين يوم 6 يونيو1951 في قصر التيتانيوم مع فيلم الافتتاح آنذاك "REBECCA ريبيكا " إخراج ألفريد هيتشكوك Alfred Hitchcock. فيما بعد سحر سنوياً الجمهور نجوم ندر شأنهم مثل ريتا هيوارث، صوفيا لورين، فيديريكو فيليني، بيلي وايلدر، مثلما يسحر اليوم كيت وينسلت، رينيه زيلويغر، ليوناردو دي كابريو، أو شاه روخ خان.

وتعود فكرة تنظيم مهرجان برلين السينمائي العالمي إلى عام 1950، إذ قام الضابط السينمائي الأمريكي أوسكار مارتي Oscar Martay التابع لقوات الاحتلال في ألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بمبادرة من ثلاث دول احتلال غربية، دعا في رسالة موجهة للمعنيين في صناعة الأفلام والسياسيين الألمان لاجتماع تأسيسي لإقامة مهرجان سينمائي في مدينة برلين. في 6 حزيران (يونيو) 1951 أفتتح المهرجان السينمائي العالمي الأول، وأطلق عليه وسط اهتمام فني وسياسي وإعلامي مكثف (برليناله Berlinale) إذن عادت برلين تطل من جديد على العالم، تنشر الفكر الغربي المعاصر " العالم الحر" لجذب الأنظار نحو أهمية أوروبا في صناعة السينما وإنتاج الأفلام.. كان أول رئيس للمهرجان د. ألفريد باور Alfred Bauer ثم خلفه عام 1976 فولف دونر Wolf Donner الذي قدم استقالته بعد 3 سنوات ليخلفه عام 1979 موريس دي هادلن الذي كان وراء الاستقالة كما أشيع آنذاك. فيما خلف الأخير لرئاسة المهرجان عام 2001 ديتر كوسلِك Dieter Kosslick بعد أن تعالت الأصوات للإطاحة بهادلن لسوء إدارته.

في ساحة بوتسدام الشهيرة "المدينة الصغيرة" وسينماتها الفخمة ستقدم أهم عروض المهرجان ومنها "أفلام المسابقة الرئيسية" كما ستمتلئ شوارع ومقاهي وأسواق ومراكز اللهو والثقافة في هذه الساحة العريقة التي لا تخلو على مدى أربع وعشرين ساعة من الضجيج وحركة الزوار وصناع الصحافة والإعلام وتجارة الأفلام وممثلي شركات الإنتاج العالمية. أطياف من كل لون وجنس سيجول هذه المدينة التي كانت يوما ما منقسمة على نفسها، أيديولوجيا وسياسياً ومجتمعياً، كما كانت أحد بؤر الحرب الباردة بين الشرق والغرب، فيما أصبحت اليوم مرتعاً للتعايش وتلاقي الثقافات وصخب الفنانين وإبداعهم.
يأتي برنامج المهرجان هذا العام كما أعلنت اللجنة المنظمة في مؤتمرها الصحفي، منسجماً مع طبيعة الأفلام المشاركة التي تتميّز بأساليب وتقنيات جمالية وفنية وحرفية راقية، بعيداً عن المؤثرات السياسية التي تفرض أحياناً على الفنون والثقافة. وخضعت الأفلام الروائية والتسجيلية قبل ترشيحها للمشاركة والتنافس على حصد أهم جوائز المسابقة، إلى اختبار دقيق وفق مواصفات فنية وتقنية دولية تنص عليها لوائح الاتحاد العالمي لمنتجي الأفلام "FIAPF" ويأتي الاختيار بعد جهد واتصالات مكثفة يقوم بها فريق من ذوي الاختصاص والخبرة العالية. وبقدر ما تتسع مسؤولية اختيار الأفلام وترشيحها من منظور فني وتقني يلقي بظلاله على الشكل والمضمون، تشتد أهمية مغزى المؤثرات التصويرية والتقنيات الموسيقية فضلاً لحسن المعالجة والتعبيرية في أسلوب الابتكار والإبداع واختيار النصوص فنياً. بالقياس الذي يوفر احتياجات سوق الفيلم دولياً وفق مبدأ العرض والطلب.. أما الأفلام القصيرة المشاركة فتخضع هي الأخرى إلى شروط إضافية متباينة، إذ يجب ألا تتجاوز العشرة دقائق وذات طابع فني مميز.

يحظى مهرجان برلين باهتمام أكثر من 20 ألف زائر متخصص و 3.800 صحفي وأكثر من 500 عنصر من الجيل الجديد العامل في مجال فنون السينما والإنتاج، وبيع أكثر من 274 ألف تذكرة. وتشارك فيه أكثر من 100 دولة وأكثر من 500 فيلم. أما أفلام المسابقة الرئيسية تتراوح سنوياً ومنذ افتتاح أول (برليناله Berlinale) بين 25 و27 فيلماً. دورة هذا العام للمهرجان يشارك فيها 26 فيلما، روائي وتسجيلي من 18 دولة، 20 منها، بينها تركي وإيراني وهندي، تتنافس على جوائز المهرجان الرئيسية "WETTBEWERB" الدب الذهبية والفضية. وعلى هامش المهرجان هناك أقساماً مهرجانية أخرى تقدم عروضاً متميزة، لها جمهورها ولجان تحكيم خاصة بها توزع جوائز مادية وعينية هامة، مثل مهرجان الفيلم الألماني Deutsches Kino "المواهب الناشئة" والقصيرة ومهرجان أفلام Generation للأطفال والشباب، والبانوراما Dokumente و Panorama Special، ورتروسبيكتيف Retrospektive والفوروم الفتي والقصير Short Forum وForum des Jungen Films ، وهوماج Homage . بلغ عدد الأفلام فيها أكثر من الأربعمائة فيلم توزع عرضها على أكثر من ثلاث عشرة دارا سينمائية في برلين. والجدير بالذكر أن 18 فيلماً من أفلام المهرجان الرئيسية اختيرت خصيصاً لتحتفل بعرضها الأول "World Premiere" في إطار احتفالية اليوبيل الـ 60 للمهرجان. وتجدر الإشارة إلى أن الفيلم العراقي " ابن بابل" Son of Babylon من إخراج محمد الدراجي وبطولة ياسر طالب و شهرزاد حسين و بشير الماجد، سيعرض في البانوراما في أول أيام المهرجان 12 فبراير في واحدة من أهم دور السينما.

مهرجان برلين السينمائي لهذا العام سوف لا يحتفل فقط باليوبيل الموسوم بـ 60 عاماً من الإبداع والنجاح مع الحضور والمهتمين والسينمائيين البارزين، لكن سيوجه أيضا من خلال عودة الذاكرة إلى ماضٍ لازال حاضراً، تحية إلى السينما ونجومها من قلب بانوراما مهرجان "البرليناله" السينمائي، الذي سيكرس منافسة شديدة بين عروض "الفن السابع" من منظور الأصالة وتحدٍّ للمستقبل عند عتبة بوابة براندنبورغ في برلين.

برلين 10 فبراير 2010
عصام الياسري

#عصام_الياسري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل