أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسام عيتاني - قبل فوات أوان الإصلاح














المزيد.....

قبل فوات أوان الإصلاح


حسام عيتاني

الحوار المتمدن-العدد: 181 - 2002 / 7 / 6 - 08:30
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أكمل تقرير التنمية البشرية في العالم العربي رسم الصورة الكارثية للوضع العربي العام. فبعد جملة الاخفاقات السياسية العربية طوال القرن الماضي، تتقدم أعلى هيئة دولية لتدين الفشل في تحقيق حد أدنى من الظروف المقبولة لحياة مئات ملايين البشر.
ومن الضروري بمكان قراءة التقرير في سياق سياسي اقتصادي اجتماعي في اللحظة التاريخية القائمة. فهو يكشف أوجه القصور المشين للانظمة والمجتمعات العربية في الارتقاء الى مستوى، ليس الدول الصناعية المتطورة، بل بلدان أكثر تواضعا كدول اميركا الجنوبية التي عرفت كيف تستفيد (بحدود) من الفرص التي توفرت في التسعينات لإطلاق عملية اصلاحات شملت العديد من أوجه الحياة، برغم النواقص التي يمكن تسجيل بعضها في خانة محاولات جادة للتغيير، لم توفق تماما.
وتجوز اليوم، ومن دون افتعال كبير، قراءة تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية في ضوء خطاب الرئيس جورج بوش في الرابع والعشرين من حزيران الماضي، وفي الوقت الذي تتراكم فيه السحب السوداء في أفق العالم العربي منذرة بهبوب عاصفة ربما لم يسبق لها مثيل لاعادة ترتيب اوضاع المنطقة العربية انسجاما مع مصالح لا تتفق بالضرورة مع آمال الشعوب العربية.
فالرئيس بوش أضاف رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات الى قائمة الزعماء المطلوب تغييرهم، وهو الرئيس العربي الثاني الى جانب الرئيس العراقي صدام حسين على هذه اللائحة المرشحة للاتساع لتضم المزيد من القادة العرب.
وتقتضي الدقة الاشارة الى ان من بين الاسباب التي يوردها بوش وكبار المسؤولين الاميركيين في إصرارهم على الاطاحة بالرؤساء الاجانب (ومن بينهم الرئيسان العربيان) الفشل في تحقيق الرفاه لشعوبهم وقصورهم عن اقامة الديموقراطية والاخفاق في إنشاء اقتصاديات السوق الى جانب أمور اخرى تتعلق بدعم <<الارهاب>> والسعي الى الحصول على أسلحة دمار شامل..
وإذا أخذ الشق الاول من الاعتراضات الاميركية على <<النظامين>> الفلسطيني والعراقي، يمكن من دون عناء ملاحظة تماه بين ما يقوله الاميركيون وبين ما يرصده التقرير الدولي.
لقد أصبح انعدام الديموقراطية في العالم العربي والتفاوت الهائل بين الاغنياء والفقراء العرب وسير مجتمعات كانت في عقود سابقة موئل النهضة والتحرر، القهقرى نحو ما يشبه قرونا جديدة من الظلام والتخلف وسيادة الفكر الغيبي، ظاهرة يضيق بها العالم بسبب اعاقة الواقع العربي بترهله وتخلفه (المشار اليهما في التقرير الدولي) للتكامل على المستوى العالمي، سواء اطلقت على هذا التكامل تسمية <<العولمة>> او غيرها من التسميات وبغض النظر عن الموقف من هذه العولمة. بل ان هذا الواقع يقف حجر عثرة في طريق إخراج العالم العربي من الازمات البنيوية المتحكمة به.
بل قيل الكثير في خطاب الرئيس بوش في حديقة الزهور، وقوبل بالرفض والادانة لما ظهر فيه من محاولة للاستيلاء، خصوصا، على حق الشعب الفلسطيني في اختيار قياداته. لكن قلة من الاصوات هي التي تنبهت الى ان الخطاب والخلفية السياسية التي أتى منها، يشيران الى موضع خلل عميق في العالم العربي، في البنى السياسية والاقتصادية والسياسية بل والقضائية القائمة اليوم، ضاعف من انكشافها ردود الفعل القاصرة التي صدرت عن مرجعيات عربية رفضت الاعتراف بأي من أوجه قصورها لمجرد ان الانتقادات التي احتواها الخطاب صدرت عن رأس الامبريالية الاميركية.
مصير التقرير الدولي كان اسوأ. ففي الوقت الذي حفلت فيه الصحف الاوروبية بتعليقات مسهبة عن محتواه ومضمونه، ساد صمت المقابر في العالم العربي. صحيح ان العرب لا يحبون سماع الانتقادات، لكن الوقت حان ليتواضعوا ويسمعوا أجراس الانذار.
وحان الوقت كذلك للاعتراف بأن الطريق الذي يسير فيه العرب اليوم في مجالات السياسة الداخلية والخارجية والتنمية والاقتصاد، إنما هو طريق يقود مباشرة الى هوة لا قرار لها. ويمكن الاختلاف حول تسمية هذه الهوة أهي <<الاصولية>> أم <<الفوضى>> أم مزيج من الاثنتين. لكن ما لا يمكن تحمله هو إرجاء اي محاولة للتصحيح ورفض الاستماع اليها حتى لو صدرت عن السيد جورج بوش على الرغم من انه لا يشكل المرجع المهيأ لتوجيه الدعوات الى الاصلاح بشهادة مواطنيه وسجله الضحل في مجال السياسة الداخلية.
طريق الاصلاحات مؤلمة وطويلة. فإعادة توزيع الثروة (بما فيها وربما خصوصا واردات النفط) على أسس من الانصاف والعدالة بما يضمن استثمارها في مشاريع تنموية جدية، وإرساء آليات لتداول السلطة والكف عن التذرع بالمواجهة (المنتظرة لغودو مع المنتظرين) مع اسرائيل لانتهاك أبسط الحريات والحقوق الفردية والعامة، هي مقدمات أولية لطريق الألف ميل من الاصلاح في العالم العربي.
الرئيس بوش لم يتجاوز حدوده في خطابه الشهير ولا فعل ذلك الصف الطويل من المعلقين والمحللين الاميركيين، الذين لا يبدو ان لهم عملا في هذه الايام الا توجيه البشرية، لم يقم سوى بكشف قمة جبل الجليد لزمن الانحطاط العربي. فلم العجب والاستنكار والعلة فينا؟ وعلة العلل ان العرب يرفضون قراءة اوضح المؤشرات وأجلاها عن مستقبل يخطط لهم وفي غفلة عنهم من تصفية القضية الفلسطينية الى ضرب العراق والعدوان على لبنان وسوريا وصولا الى اقامة منظومة من الانظمة العميلة تتبنى صياغة هزيلة (وربما هزلية) من المطالب الاميركية.
رئيس أميركي قال قبل عقود <<تحدث بلطف ولوح بهراوة غليظة>>. الخطابات الاميركية الاخيرة تخلو من اللطف فيما الهراوة تزداد غلظة.
جريدة السفير


#حسام_عيتاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناهضة الامبريالية للاغبياء
- باديلا أو الموجة الثانية من الكرنفال
- الجوع كمسألة تجارية
- محاولة في قراءة الاقتصاد الكوبي: دولرة لا تلغي اشتراكية النظ ...
- ما رأي مارتن انديك؟
- العولمة والإرهاب: رأسمالية الجزر الآمنة


المزيد.....




- أين يمكنك تناول -أفضل نقانق- في العالم؟
- ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع ...
- بلينكن: إدارة بايدن رصدت أدلة على محاولة الصين -التأثير والت ...
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمارات ...
- أطفال غزة.. محاولة للهروب من بؤس الخيام
- الكرملين يكشف عن السبب الحقيقي وراء انسحاب كييف من مفاوضات إ ...
- مشاهد مرعبة من الولايات المتحدة.. أكثر من 70 عاصفة تضرب عدة ...
- روسيا والإمارات.. البحث عن علاج للتوحد
- -نيويورك تايمز-: واشنطن ضغطت على كييف لزيادة التجنيد والتعبئ ...
- الألعاب الأولمبية باريس 2024: الشعلة تبحر نحو فرنسا على متن ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسام عيتاني - قبل فوات أوان الإصلاح