أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - تطوان أو تيطيوين(العيون)














المزيد.....

تطوان أو تيطيوين(العيون)


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 2907 - 2010 / 2 / 4 - 17:32
المحور: الادب والفن
    


لمت مارتيل حصيرها الصيفي من الشاطيء وأصبحت مهجورة تماما إلا من المارة العابرين، كانت تلوح بثذيها الجاحد نحو سبتة النائمة تحت سكرة التاريخ، بدا الناس فيها كما لو كانوا لايفقهون إلا لغة البضائع والسلع المهربة , وكنا فيها ضيوفا في أحد المنازل التي هاجرها أهل الصيف ممن يتعبدون الشمس على ساحل المتوسط، تبدو مارتيل متأثرة بالعمران الأروبي الحديث، مسحتها الجيوغرافية تبدو كشريط يمتد من صبوة الوادي ليحط صدره على مدينة ابن بطوطة المتنكرة في زيها الفاجر لجلبابها المراكشي، تتوسل علىعتبة الشيخ المولع بجمع الشدرات من الجزر والصخور: إسبانيا مصابة بالهوس الجنوني، ولا تستعيد اتزانها إلا بدك أوتادها في سواحل الآخرين
كان بحر مارتيل الخريفي هادئا يلهم بنشوة الفتح، ويبهج عيوننا المفعمة بالعبور، تفتح لهفتنا الجامحة لوداع الجحيم المتربع على عرش الوطن، لم تكن تطوان بكل صخبها حاضرة في هدير الشرود الذهني، كان التربص موقفنا والإنتظار لساعة الصفر، كنا نستشف من امتداد البحر ولادة جديدة، كنا نستعجل موتنا الهارب من تربة الوطن، تتفتح علينا أرجوحة الربان كما لو كان قائدا ميدانيا يلقي علينا دروسا في أحوال الجو وفنون الإبحار وطقس البوصلة، كان يغرقني في ملحمة الشرود.
بدأت إسبانيا تدخل وجداننا المهتز، بدأنا نتعلم من أبجدياتها هواجس الشغل، وحميمية الجوار، وحقوق الإنسان التي تفعم خطاباتهم السياسية، ولعبتها الرائدة في ديموقراطيتها التي تنهل بالحقوق المدنية والسياسية والإقتصادية، كنا ننفي عنها كل الإحتمالات السيئة، وما شاب فيها من أحداث مفعمة بالخروقات، كنا نمسح عنها الإدانة ونلوم فيها جالياتنا التي تفتقد إلى بشارة الإندماج وانغلاقها الثقافي فرجالات الأمن الإسباني يتعاملون، حسب شهادات الرفاق منا ممن خاضوا تجربة الحريك، برأفة الحقوق الإنسانية، ونبل حكمائهم من القديسين في صون الكرامة، أما بحرها الحالم، فلا ينال إلا من شيم الحاقدين على تربة الوطن وضاق بهم الملح من حيث لايفقهون في أحوال البحر والسفن
من منا لا يتذكر أجدادنا ممن أغوتهم نزوة العبور بأفلاك يحملها العباب وتستهويها الرياح، كانو يتسلحون بالمجاذيف والصبر، أما نحن فسنتسلح بالمغاريف لإفراغ الماء، ومقطورة حرارية الدفع، هي رهاننا في الجذف.هذه الكلمات كان يلقيها على مسامعنا ذلك الرجل ذي الملامح الحقبية ذات الأسارير التارخية.في تطوان، كان يفعمني إحساس الغربة ملتهما بسكرة الموت; لم أر في المدينة شيئا غير وهج القافلة المتهيجة للرحيل، كان الزمن رتيبا كاستطالة البحر وفجر الهروب يقتحم دواخلنا مفعما باهتزاز الكينونة وسؤال اللحظة الحاسمة: كيف تختار موتك ساعة الحسم?كان السؤال رهيبا يشغلني عن أن أرسم صورة عن فضاءات المدينة ومعالمها بشكل لاأتذكر منها إلا محطتها الضيقة كما لوبنيت على خندق جبل وكأس بائس من البن اكتشف للتو ملامح العبور في وجهي ليصفعني النادل الذي وضعه فوق الطاول مرتين: مرة بنظرته الكاشفة المحتقرة ومرة بسعر البن الصاروخي الذي أديته دون احتجاج.أتذكر أيضا جزءا من ساحل مارتيل الخالي إلا من الصيادين يتدردشون حول شح البحر وقساوة العيش.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايا من المهجر
- هكذا تكلمت بقرة
- مدخل لنقض مفهوم -الإنتقال الديموقراطي-
- في الذكرى الثامنة لميلاد الحوار المتمدن
- الرقص على إيقاع سمفونية برنشتاين
- عندما يتحول الخبز إلى غرام
- اعترافات مومس (2)
- اعترافات مومس
- عندما يطفو علينا نهيق العلماء
- دردشة على رصيف الأزمة
- حقيقة الوجود بين ماركس ونيتشة
- نسقية المجتمعات الكلبية
- لوكنت الشجر لاشتعل الجحيم
- حول علمية الماركسية ﴿3)
- حول علمية الماركسية (2)
- في علمية الفكر الماركسي (1)


المزيد.....




- حماس تنفي نيتها إلقاء السلاح وتصف زيارة المبعوث الأميركي بأن ...
- العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات ...
- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - تطوان أو تيطيوين(العيون)