الوردة الباقية

طلال الغامدي

الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 31 - 22:46
المحور: الادب والفن
    

كم هي الوردة جميلة في منظرها , ساحرة في لونها , أخاذة في عطرها , تشدك إليها في صمت, وتأخذ بلباب عقلك في حياء , حتى تغدو شاردا ,وادعا , وما هي إلا لحظات وتجد نفسك هادئ النفس , واسع الصدر , تتمني حينها أن تبقي هذه الوردة , لتدوم هذه النظرة , وتستمر هذه السعادة .
...... ولكن .. أني لهذه الوردة الفاتنة كل هذا العطاء .. إن لم تسق بالماء !!
غير أني أدعوك أن تقترب من وردة تعطيك عطاء أبلغ من عطاء هذه الوردة التي انشرح صدرك لها , وأنست بالنظر إليها , وهي مع هذا لا تعرف الفناء , بل تتبسم بالخلود والبقاء !!
وكما احتاجت تلك الي الماء لتفني , فإن هذه الوردة تحتاج الى أمر آخر لتبقي ولا تفني.
لعلك أدركت المقصود .. فإن مثل هذه الوردة كمثل الحياة الزوجية السعيدة , المملوءة بالمودة والصفاء, الممزوجة بالمحبة والوفاء , ألا يتمنى الزوجات فيها أن تبقي حياتهما كذالك , وفي الآخرة أيضا ؟
قل : نعم ....
إذا .. فإنها تحتاج الى إن تسقي بالإيمان , وترعى بالخشية من الرحمن , وتصفو بمحبة الله ورسوله صلي الله عليه وسلم وتتألف على القران , وتتعاهد على نبذ المعاصي , وتتعاون على البر والتقوى , وتنذر نفسها للدعوة الى الله .. في نفسها , وبين الذرية والأهل والإخوان , وتتراحم بقيام الليل , وتتزكى بصيام النهار , وتسمو بالجود والكرم , وتجتمع قلوبها على النصح بالحكمة والموعظة الحسنة , وتتحد صفوفها أمام إغراءات المنكر , وتسارع في الخيرات , وتقنع برزقها , وتصبر في شدائدها , وتهفو نفوسها الى إعداد جيل صادق مع ربه , باذل لدينه , عامل لوطنه . كم تشدني تلك الصور الزوجية الجانية التي يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عنها : (( رحم الله رجلا قام من الليل فصلى , ثم أيقظ امرأته فصلت , فإن أبت نضح في وجهها الماء , ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت , ثم أيقظت زوجها فصلى , فإن أبي نضحت في وجه الماء )) رواه النسائي .
إلا ما أسعدها من ساعة إيمان , وما أرقه من نضح وفي , وما أعذبه من ماء مخلص .
ألا تستحق حياة هذين الزوجين أن تبقى ولا تفني , ولم لا تبقي , والله تعلى يقول (( جنات عدن يدخلونها من صلح من إبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب . سلام عليهم بما صبرتم فنهم عقبى الدار)) .
فما أرخص حياتنا إن كانت وسيلة إلى شقوة الآخرة , وما أغلاها إدا كانت وسيلة الى سعادتها

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات