أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الجليل المحامي - المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة















المزيد.....



المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة


عبد الجليل المحامي

الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 23 - 20:57
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة
عن الجريمة الدولية ومشكلة الحصانات في القانون الدولي

المحامي
عبد الجليل الاسدي
مقدمة
يمثل رئيس الدوله قمة الهرم السياسي في الدولة في وقت ازدادت فية النزاعات المسلحة سواء كانت حروبا دولية أو أهلية وشاع استخدم الأسلحة الحديثة والتكنلوجيا المتطورة وفي المقابل شهد القانون الدولي الجنائي تطورات كبيرة أثمرت عن إقرار مبادىء مهمة أولها إقرار المسؤولية الجنائية للافراد الطبيعيين عن الجريمة الدولية وخاصة بعد محاكمات ما بعد الحرب العالمية الثانية ( نورمبرغ وطوكيو) إذ أتاح تأسيس تلك المحاكم إجراء محاكمات للقادة والزعماء من دول المحور التي انةزمت في الحرب اتاح امكانية فرض التزامات دولية تترتب على عاتق الفرد مباشرة تتمثل بحضر إتيان بعض الافعال التي تدخل ضمن نطاق الجريمة الدولية كما ان مركز الفرد في القانون الدولي قد شهد تطورا هاما كون بعض الاتجاهات الحديثة في القانون الدولي اعتبرت ان الفرد يتمتع بالشخصية القانونية الدولية وأصبح مسؤولا عن الجرائم التي يرتكبها في مقابل ذلك انة أصبح أةلا لاكتساب الحقوق في القانون الدولي0 وخاصة بعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرتة الأمم المتحدة في قرارها المرقم 217أ(3) في 10 كانون الأول 1948 الذي يعد جزا هاما ضمن جهود الأمم المتحدة في تعزيز مكانة الفرد على المستوى الدولي0
إن ذروة تطور القضاء الدولي هو إنشاء المحاكم الدولية سواء أكانت الدولية المؤقتة أم المحاكم الوطنية المدولة ويمثل ذلك ثمرة الجهود المبذولة منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى وإبرام معاهدة فرساي0
وقد تم إنشاء محكمة جنائية دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب في يوغسلافيا السابقة. بموجب القرار 808 الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 22/2/1993. وقد تضمن نظام المحكمة قواعد مباشرة لمساءلة الأفراد مرتكبي الجرائم الدولية وقد مارست هذة المحكمة مهمتها في محاكمة القادة من المتهمين بارتكاب جرائم في يوغسلافيا السابقة عن مخالفتهم لقواعد القانون الدولي الإنساني كالقتل الجماعي والطرد والاغتصاب والاحتجاز والاعتداء والتطهير العرقي.
وكذلك فانة وبموجب قرار مجلس الأمن رقم 955 في 8/11/1994 تم إنشاء محكمة دولية أخرى. هي محكمة رواندا لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن جرائم إبادة الجنس وغيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني التي تم ارتكابها بين الأول من كانون الثاني إلى الحادي والثلاثين من كانون الأول عام 1994 0
إن قمة تطور القانون الدولي الجنائي وانشاء تلك القواعد التي تتضمن مساءلة الفرد جنائيا هي عند تأسيس المحكمة الدولية الجنائية وتبني النظام الأساسي للمحكمة في 17/7/1998 ومنحها الاختصاص في محاكمة مرتكبي الجرائم الخطيرة التي تهم المجتمع الدولي ومقرها في لاهاي. وقد كان إنشاء هذة المحكمة خطوة كبيرة نحو إنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب 0
لقد طورت أحكام المحاكم الدولية ومواثيقها مبدأ المسؤولية الجنائية للفرد سواء كان من الأفراد العاديين أو كان من الرؤساء والقادة دون أن تتاح لهم فرصة التمسك بالحصانة كون
الجريمة الدولية تتميز بخطورتها وبشاعتها واتساع أثارها وإنها تهدد المجتمع الدولي بأسرة لذا فان سلب مرتكبيها من حصاناتهم التي منحت لهم حسب القانون والتي تحول دون تقديمهم للمسالة الجنائية، مهما بلغت المناصب التي يعتلونها وحتى لو كان مرتكبها يجلس على أعلى قمة للهرم الوظيفي للدولة0
ورئيس الدولة هو ممثلها في مجال العلاقات الخارجية وعلية فهو يتمتع بالعديد من الامتيازات باعتباره رمزا لسيادة الدولة ومن ضمن تلك الامتيازات تمتعة بالحصانة الشخصية التي تعني عدم جواز القبض عليه إذا وجد في إقليم دولة أجنبية وكذلك عدم جواز الاعتداء علية وحمايتة من كل اعتداء 0 وبالاضافة إلى ذلك فهو يتمتع بالحصانة القضائية في المسائل المدنية والجنائية 0
آما في حالة ارتكابة جريمة دولية داخل إقليم الدولة أو خارجة فلايمكن له الاحتجاج بصفته الرسمية والتمسك بالحصانات التي حصل عليها استنادا إلى قانون داخلي عند ارتكابه لجريمة دولية فهو عرضة للخضوع للقضاء الدولي أو للقضاء الوطني سواء كان في دولتة أم في دولة أخرى استنادا لمبدأ الاختصاص القضائي العالمي لان الجريمة الدولية لا تقف عند حدود الدولة التي شرعت فيها القوانين التي منحت مرتكبها الحصانة والصفة الرسمية بل هي جريمة ترتكب ضد الانسانية جمعاء ويمتد أثرها يمتد ليشمل جميع البشرية وفي كل بقاع العالم وفي هذا النوع من الجرائم لا يمكن الاستناد إلى مبدأ الحصانة للتنصل من المسؤولية الجنائية 0
والحال يشمل من تحصنوا بموجب قواعد القانون الدولي فالقانون الدولي الجنائي لا يعتد بالحصانة التي يحتج بها في نطاق الجرائم العادية ، إذ إن الحال يختلف إذا ما تعلق لأمر بجريمة دولية ، والغاية من ذلك هي عدم منح مرتكبي الجرائم الدولية وسيلة للإفلات من العقاب، فمرتكب الجريمة الدولية ، يجب أن يعاقب مهما كانت صفته سواء كان ممن يتمتعون بحصانة بموجب قواعد دولية أو داخلية، حتى لا يكون هناك تهرب من المساءلة عن هذه الانتهاكات تحت ستار الحصانة، 0
المبحث الأول
موقع المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة في نظرية المسؤولية الدولية
شهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية تغيرات جذرية إذ تغير بناء الجماعة الدولية فقد كان القانون الدولي التقليدي لا يخاطب إلا الدول ذات السيادة ولا يهتم بالفرد ولا يعترف به كأحد أشخاص القانون الدولي بل يعتبره مجرد موضوع (object) هذا القانون وقد تأيد هذا الاتجاه في قضاء المحكمة الدائمة للعدل الدولي في قضية ( لوتس ) سنة 1927 0 ( )
لقد أتاحت تلك التغيرات دخول أشخاص جدد في تلك الجماعة0 واخذ القانون الدولي ينظم شؤون كائنات جديدة من غير الدول لتغدو من الأشخاص المخاطبين مباشرة بقواعدة وتبعا لذلك سرت التغيرات على قواعد المسؤولية الدولية حتى تنسجم تلك القواعد مع التكوين الدولي الجديد وقبل أن نتمكن من تحديد موقع مسؤولية الرئيس الجنائية كفرد طبيعي ضمن المسؤولية الدولية ينبغي أولا تحديد موقع الفرد ومركزه في القانون الدولي0
المطلب الأول / تطور مركز الفرد
لم تكن للفرد أي فاعلية تذكر في مجال القانون الدولي، وحتى بداية القرن العشرين ، إذ ان الدولة هي التي يمكن لها أن تكون مخاطبة بأحكام القانون الدولي العام، وبالتالي فان لها حق التمتع بالشخصية القانونية الدولية، في نطاق اهتمامات العلاقات القانونية الدولية أما الفرد- الطبيعي فلم يكن لينظر إليه باهتمام يذكر، من زاوية القانون الدولي العام، وبعد التطورات الكبيرة التي شهدها القرن العشرين ودخول البشرية حربين طاحنتين رافقهما تطور كبير في المجال التقني والتكنولوجي والاهتمام الكبير بحقوق الإنسان الفرد وبما أثر على طبيعة ومضمون القواعد القانونية الحاكمة للمركز القانوني للفرد(الطبيعي).
وقد اختلف الفقة القانوني في تحديد مركز الفرد في القانون الدولي وشاب ذلك الكثير من الغموض، كما وقد اختلفت آراء الفقهاء القانونيين حول تمتع الفرد بالشخصية القانونية الدولية ما بين مؤيد ومعارض.( ) ولذلك برزت ثلاثة مذاهب لتحديد ذلك المكان الذي يشغله الفرد في القانون الدولي وسوف أتناول تلك النظريات الرئيسبة التي تناولت تحديد أشخاص القانون الدولي ومركز الفرد في ذلك في الفروع التالية0

الفرع الأول
المذهب التقليدي
ويرى أنصار المذهب التقليدي أن القانون الدولي هو الذي يحكم العلاقات بين الدول، حيث تتمتع الدول ذات السيادة فقط بالشخصية القانونية الدولية، نظراً إلى قدرتها على إيجاد قواعد قانونية دولية، والقانون الدولي هو الذي يعنى بالحقوق والواجبات بين الدول أما الفرد فلا يعد شخصاً دولياً ، ومن ثم فهو لا يتمتع بالقدرة على إيجاد القواعد القانونية الدولية، ولذلك لا تنطبق عليه قواعد القانون ( ) الدولي بصورة مباشرة إلا من خلال الدولة التي ينتمي إليها، وضمن الحدود التي يقررها القانون الدولي. أي إن ما يتمتع به الفرد من حقوق وما يتمتع به من التزامات يعود إلى اختصاص القانون الداخلي وتأثر فقهاء هذة المدرسة بمذهب ازدواج القوانين (dualistic Doctorine) والذي تعني استقلال القانون الدولي عن بقية القوانين بالنسبة إلى نطاقه وأشخاصه ويتزعم هذة النظرية الفقية الإيطالي دينيسو أنزيلوتي،(Anzilotti) والفقيهان الالمانبان تربيل وشتروب ويرى انزلوتي إن الدول فقط هي أشخاص القانون الدولي أما الأفراد فأنهم أشخاص القانون الداخلي( ) وحسب الرأي أعلاة فان القانون الدولي والقانون الداخلي نظامان قانونيان مستقلان ومنفصلان كل منهما عن الأخر ولاتداخل أو ترابط بينهما لاختلاف مصادرهما كون مصادر القانون الداخلي هي الارادة المنفردة للدولة بينما مصادر القانون الدولي هي الارادة المشتركة لعدة دول ويترتب على استقلال كل من القانونين عن الأخر بمصادره انعدام الصلة نهائيا بينهما0 وبناء على ذلك لايمكن أن يسند أي عمل غير مشروع للفرد من شانه إثارة مسؤوليته ( )0
وكذلك اختلاف أشخاصهما فأشخاص القانون الداخلي هم الأفراد وقواعده تخاطب الأفراد مباشرة فتقرر لهم الحقوق وتضمن عدم هدرها وتحملهم الالتزامات وتضمن عدم خرقها وأشخاص القانون الدولي العام هي الدول فقط واختلاف أشخاص القانونين ينهي أية صلة بينهما ويحقق الاستقلال التام بينهما 0وكذلك يرى أنصار هذة المدرسة اختلاف موضوع القانونين فبينما ينظم القانون الداخلي علاقات الإفراد داخل الدولة يقوم القانون الدولي العام بتنظيم العلاقات بين الدول وقت السلم ووقت الحرب وكذلك يرى أنصار هذه المدرسة الاختلاف في طبيعة البناء القانوني لكلا القانونين ( ) إذ يشمل البناء القانوني داخل الدولة على عدة هيئات كالمحاكم والسلطات التنفيذية أما القانون الدولي فهيئاته هي هيئات دولية وهي حديثة النشأة بل أن بعظها مازال في طور الإنشاء كالمحكمة الجنائية الدولية فأن قواعد القانون الدولي تضع التزاماتها على الدول فقط ولا علاقة لها بالإفراد وان ترتيب مسؤولية ما نتيجة الإخلال بالالتزامات الدولية فان المسؤولية المترتبة تلك تقع على عاتق الدولة وليس الفرد مطلقا ( ) وان تبرير الحالات التي يبدو فيها وكأن القانون الدولي قد حمل الفرد مسؤولية معينة بسبب ارتكابه عملا مخالفا للقانون يعود إلى إن القانون الدولي قد خول القانون الداخلي أو الدولة حق معاقبة الفرد وفق القوانين الداخلية للدولة ، وفي حالة خلو القوانين الداخلية من القواعد القانونية التي تنهى الفرد عن تلك الأفعال التي تعتبر إخلالا بالالتزامات الدولية فانه لايمكن ترتيب أي مسؤولية تجاة الأفراد وعلية فان المسؤولية وفق ما تقدم تتحد بموجب القانون الداخلي ولايمكن ترتيب المسؤوليات أو معاقبة الأفراد الطبيعيين بسب ارتكابهم أعمالا تعد مخالفة للقانون الدولي وجهة الاختصاص في تقرير المسؤولية وتحديد العقوبة هي القوانين الداخلية للدولة التي ينتمي إليها الفرد وعلية فان القانون الدولي لا يفرض الالتزامات إلا على أشخاصه وهي الدول وقواعد القانون الدولي تكون محتجبة بكيان الدولة ولا تكون تلك القواعد نافذة بحق الأفراد إلا بعد إدماجها بالقونين الداخلية عن طريق سنها كقانون داخلي من قبل السلطة التشريعية( ) وما زال الفقة التقليدي الدولي يأخذ بهذا الرأي.
الفرع الثاني -النظرية الحديثة ( مذهب وحدة القوانين ):
ينفي أنصار مذهب وحدة القوانين وجود أي اختلاف أساسي بين القانون الدولي والقانون الداخلي سواء من حيث مصادرهما أو أشخاصهما أو أغراضهما ، فقواعد القانون الدولي وقواعد القانون الداخلي كتلة قانونية واحدة . كما يرى أنصار هذا المذهب أن النظام القانوني قد يتضمن قواعد موجهة لأشخاص تختلف طبيعتهم ، وهذا التوجية قد يكون مباشرا كما في القانون الداخلي . وقد يكون غير مباشر كما هو الحال للقواعد القانونية الدولية ، فالدولة هي في الحقيقة مجموعة من الأفراد ، الذين هم في النهاية المخاطبون بإحكام القواعد الدولية والداخلية ( ) ، وتجعل هذة النظرية الفرد بأنه المستفيد النهائي من قواعد القانون الدولي . والهدف الأخير عن ذلك هو تحقيق رفاهية الفرد وسعادته . ينتهي أنصار هذة النظرية إلى أن للفرد وضع الشخص الدولي ، على أن أهليته لاكتساب الحقوق محدودة ، ولا يمارسها بنفسه إلا في بعض الأحوال الاستثنائية النادرة ، عندما تخاطبه قواعد القانون الدولي مباشرة ، فيصبح شخصا قانونيا دوليا، لكن هذة الحالات الاستثنائية لا تؤثر في الأصل العام ، وهو أن الفرد ليس من أشخاص القانون الدولي المعتادين ، ويتزعم هذة النظرية شارل روسو وبول ريتر .
الفرع الثالث-النظرية الموضوعية :
يذهب أصحاب هذة النظرية إلى أن الفرد هو الشخص الوحيد الخاضع للقانون الدولي، والمخاطب الحقيقي قواعد القانون سواء أكان دوليا أم داخليا . فأنصار هذة النظرية ينكرون شخصية الدول ويرفضون نظرية السيادة الوطنية ، لأن الدولة ما هي إلا وسيلة لإدارة مصالح الجماعة التي تتكون من أفراد ، أما الشخصية المعنوية فهي نوع من الخيال القانوني ، ولذا فإن الفرد هو الشخص القانوني الدولي الوحيد فقط، وهو المخاطب بأحكام القانون الدولي لكونه صاحب الشخصية الأولى في المجتمع الدولي والداخلي . ويتزعم هذه النظرية الفقية الفرنسي جورج سل .
وإذا كان لكل رأي من هذة الآراء وجاهته السديدة ، فإنه يبقى مع ذلك أنها تنظر إلى الموضوع محل البحث من زاوية معينة انطلاقا من مقدمات معينة أدت بها حتما إلى نتيجة تتفق وتلك المقدمات ، والأفضل أن يتم النظر إلى الفرد من الناحية الواقعية في إطار المجتمع الحالي ، والذي يدفعنا إلى القول أن الفرد قد لا يتمتع بالشخصية الدولية بخصوص مسائل معينة ، وقد يتمتع بها بطريقة مباشرة ، كما قد يكون مخاطبا بطريقة مباشرة لكن من قبل قواعد القانون الدولي .
المطلب الثاني /مفهوم الشخصية القانونية الدولية ومدى تمتع الفرد بها0
الفرع الأول / مفهوم الشخصية القانونية الدولية0
الشخصية القانونية (personalit) هي فكرة مشتركة بين كافة فروع القانون0 وأشخاص القانون الدولي(subject of law) هم الكائنات التي يرتب القانون لها حقوقا ويحملها التزامات وبمعنى أكثر وضوحا كل كائن مخاطب بحكم القاعدة القانونية مباشره( )
وبصفة عامة فالشخصية القانونية هي التعبير عن العلاقة التي تقوم بين وحدة معينة ونظام قانوني محدد ( ) يتوجه بالخطاب لهذه الوحدة بترتيب حقوق لها أو فرض التزامات عليها والشخصية القانونيه وفق ما تقدم هي علاقة بين وحدات محددة ونظام قانوني ما يعترف هذا النظام لتلك الوحدات بالقدره على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات الناتجة عنه 0
وترتب على ذلك نتيجة مهمة هي انه لا يوجد في النظم القانونية أشخاص بطبيعتهم وإنما يوجد الأشخاص في هذه النظم بالقدر وبالحدود التي يقررها كل نظام من هذه الانظمه عن طريق تعيين من له التمتع بالحقوق فيها ومن عليه اداء الالتزامات في نطاقها فالشخصية القانونيه توجد بفعل نظام قانوني معين وفي الدائرة التي يقوم برسمها فكل نظام قانوني هو صاحب الحق في تعيين من يصدق عليه وصف الشخصية القانونية ضمن نطاقة لذلك فان الوحدة المعينة قد تكون شخصا في نظام قانوني معين لكن هذا لا يستتبع بحكم الضرورة أن تكون شخصا في نظام قانوني آخر ذلك أن كل نظام قانوني يستقل بتعيين اشخاصه0 كما قد تكون الوحدة شخصا قانونيا في أكثر من نظام قانوني نتيجة لاكتسابها هذا الوصف في هذة النظم القانونية عن طريق ترتيب الأهلية القانونية لها وعندئذ تكون هذة الوحدة المعينة محلا للتكليف بالقدر وبالأوصاف وفي الحالة التي يعينها كل نظام من هذة الأنظمة القانونية0( )
والقانون الدولي هو الذي يتكفل بتحديد أشخاصه والشخصية القانونية في منظور القانون الدولي تمثل تعبيرا عن العلاقة بين وحدة معينة وقواعد القانون الدولي التي تتوجة بالمخاطبة إلى هذة الوحدة بترتيب حقوق لها أو فرض التزامات عليها0
وينبغي توافر شرطين أساسين حتى يمكن الحكم بتمتع الكيان بالشخصية القانونية الدولية وهما0
أولا- أن يكون هذا الكيان يملك القدرة على التعبير عن إرادتة بصورة مستقلة في مجال العلاقات الدولية0
ثانيا- أن يملك القدرة على اكتساب الحقوق وله قابلية تحمل الالتزامات الدولية وفق ما يقررة القانون الدولي أي إن يملك القدرة على إنشاء القواعد القانونية( )0
والقانون الدولي العام بصفته نظاما قانونيا هو الذي يعين بموجب أحكامه الأشخاص الدوليين الخاضعين لقواعده ورقابته ( )0
ونتيجة لتطور القانون الدولي وتقدم مفاهيمه التي تختلف عن الصورة التقليدية التي كانت فيها علاقة الدولة برعاياها من المسائل المتروكة لاختصاصها المحفوظ فقد ازدادت أهمية الفرد على النطاق الدولي وأضيفت للقانون الدولي قواعد كثيرة عنت بشؤون الفرد ووفرت له الضمانات القانونية للتمتع بتلك الحقوق وفرضت عليه الالتزامات ووضعت مقابل ذلك القواعد القانونية والآليات لضمان عدم التجاوز على تلك الضمانات وسنتناول ذلك في الفرع التالي0
الفرع الثاني/ مدى تمتع الفرد بالشخصية القانونية0
تزايد الاهتمام الدولي بالفرد وأصبح الفرد هو محور الاهتمام الدولي ومن دون الالتفات إلى الدولة التي ينتمي اليها وتمثل الاهتمام بالمحاور التالية:-
أولا- إنشاء قواعد دوليه تخاطب الفرد مباشرة سواء تلك التي تهدف إلى حماية حياته( ) مثل
اتفاقية منع ومعاقبة الإبادة الجماعية التي أقرتها الأمم المتحدة في 9/ كانون الثاني/1948او كانت تلك القواعد تهتم بحماية حرية الفرد وكيانه ( )أو تلك القواعد التي تنظم القواعد الاخلاقية للافراد كالقواعد الواردة في اتفاقيات حظر الاتجار بالمخدرات ومنع النشرات والمطبوعات المخالفة للأخلاق ومنع ومكافحة البغاء0
ثانيا- امكانية مساءلة الأفراد جنائيا0
أتاحت محاكمات ما بعد الحرب العالمية الثانية ( نورمبرغ وطوكيو) وما رافقهما من محاكمات للقادة والزعماء من دول المحور التي انهزمت في الحرب امكانية فرض التزامات دولية تترتب على عاتق الفرد مباشرة تتمثل بعدم ارتكاب الافعال التي تدخل ضمن نطاق الجريمة الدولية وقد وردت تلك الجرائم ضمن لائحة نورمبرغ في ثلاث طوائف( )هي الجرائم ضد السلام وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية0 وقد تطور القضاء الدولي بإنشاء المحاكم الدولية سواء كانت الدولية المؤقتة أو المحاكم الوطنية المدولة0
وقد تم إنشاء محكمة جنائية دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب في البوسنة والهرسك واتخذت لاهاي مقراً لها. بموجب القرار 808 الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 22/2/1993. وقد تضمن نظام المحكمة قواعد مباشرة لمساءلة الأفراد مرتكبي الجرائم الدولية ( ) وقد مارست هذة المحكمة اختصاصها في محاكمة القادة من المتهمين بارتكاب جرائم في يوغسلافيا السابقة عن مخالفتهم لقواعد القانون الدولي الإنساني كالقتل الجماعي والطرد والاغتصاب والاحتجاز والاعتداء والتطهير العرقي.
وكذلك فانة وبموجب قرار مجلس الأمن رقم 955 في 8/11/1994 تم إنشاء محكمة دولية أخرى. هي محكمة رواندا لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن جرائم إبادة الجنس وغيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني التي تم ارتكابها بين الاول من كانون الثاني إلى الحادي والثلاثين من كانون الأول عام 1994 ( )0
ان أهم تلك القواعد التي تتضمن مسائلة الفرد جنائيا قد جاءت عند تأسيس المحكمة الدولية الجنائية وتبني النظام الأساسي للمحكمة في 17/7/1998 ومنحها الاختصاص ( ) في محاكمة مرتكبي الجرائم الخطيرة التي تهم المجتمع الدولي ومقرها في لاهاي. وقد كان إنشاء هذه المحكمة خطوة كبيرة نحو إنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب ( )0
ثالثا- إسهام الأفراد في الإجراءات القضائية الدولية 0
إن القانون الدولي يسمح للفرد أحيانا باللجوء مباشرة إلى المحاكم الدولية للمطالبة بحقوقه أمام هذة المحاكم من دون وساطة دولته0 أي إن للفرد الحق في التقاضي أمام المحاكم الدولية إذ إن القانون الدولي يعترف له بقدر من الشخصية القانونية الدولية 0 وان له حقوقا يستمدها من قواعد القانون الدولي متجردة من أي اتصال بإرادة الدولة0( )
رابعا- اعتراف الاتفاقيات الدولية بحقوق دولية للفرد0
شهد التعامل الدولي المعاصر وجود العديد من الاتفاقيات التي تعترف للفرد بحقوق دولية مباشرة سواء على الصعيد العالمي كميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الملحق بها وكذلك الاتفاقية الخاصة بالحقوق ألاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وسواء كانت تلك الاتفاقيات على المستوى الإقليمي كتلك المعقودة بين دولتين أو كثر كاتفاقية بيتمنبكومن(Beatmenbkommen) المعقودة بتاريخ 12 تشرين الأول 1921 بين بولندا وحكومة دانزرك وتعتبر الاتفاقية مصدرا قانونيا لمنح الأفراد حقوقا دولية مباشرة0( )
المبحث الثاني0
التطور التاريخي للمسؤولية الجنائية الفردية لرئيس الدولة0
ارتبط إقرار قواعد المسؤولية الجنائية الفردية لرئيس الدولة بتطور القضاء الدولي الجنائي وإقرار نظام العقوبات الجنائية الدولية ويرى فقهاء القانون الدولي إن بدايات هذا القضاء تعود للقرن الثالث عشر إذ جرت محاكمة (Conradin Vonradin Hohenstafaer) في العام 1268 وحكم علية بالإعدام لثبوت مسؤوليته عن قيام حرب غير عادلة كما انه تم إنشاء محكمة جنائية في العام 1474 تألفت من قضاة ينتمون لعدد من الدول لمحاكمة القائد العسكري(Petor Dehegenbach) عن جرائم القتل والاغتصاب والجرائم الأخرى التي ارتكبها عند احتلاله لمدينة (Breisach) ( )
إن القانون الدولي الجنائي لم يزل قانونا عرفيا ومع هذا فان ذلك لا ينفي وجود جرائم دولية ذات طابع عرفي وسنتناول التطور التاريخي للمسؤولية الجنائية الفردية لرئيس الدولة في ضوء التطورات التاريخية في المطالب التالية0
المطلب الأول/ المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة في فترة ما قبل إقرار معاهدة لندن 1945
الفرع الأول/ المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة في فترة ما قبل معاهدة فرساي 1919
قبل الحرب العالمية الأولى لم يكن القانون الدولي يقر بفكرة المسؤولية الجنائية الدولية للفرد وتبعا لذلك لم تكن مسؤولية الرئيس الجنائية الدولية قد أقرت بشكل جلي وكانت أعمال قواعد المسؤولية الجنائية عن أعمال الدولة هي الأثر الوحيد المترتب في ظل القانون الدولي عن خرق الدولة لالتزاماتها الدولية0
لقد شهد القرن الثامن عشر حروبا كثيره اشهرها ما شهدة نهاية القرن وبداية القرن التاسع عشر من حروب شملت جميع بقاع القارة الاوربية بعد بروز نابليون وأخيرا هزيمته وانعقاد مؤتمر فينا سنة 1815 فقد قررت الدول المنتصرة مسؤولية نابليون في الحروب التي أثارها وقررت ذلك باسم القانون والنظام العالمي ووصف نابليون بأنه مثير للحروب غير المشروعة وعدوا للسلام وقد استقر الرأي على نفي نابليون الى جزيرة سانت هيلانة ( )0
إن قواعد القانون الدولي في تلك الفترة كانت تقضي بعدم خضوع أعمال الدولة لولاية دولة أخرى أي عدم خضوع أعمال الدولة للاختصاص الجنائي أو المدني لدولة اخرى0( ) نظرا لكون الدولة شخصا معنويا لا يمكنها القيام بأعمالها فان خضوع الأفراد الموكلين بتنفيذ تلك الأعمال - وفي مقدمتهم رئيسها - للقضاء الأجنبي لغرض مساءلتهم يعني خضوع الدولة نفسها لسلطان دولة أخرى، وهذا ما يخالف القواعد العامة للقانون الدولي ( )0
لقد أكدت على هذا المبدأ لجنة خبراء تطوير وتقنين القانون الدولي العام التابعة لعصبة الأمم في دورتها الثالثة لسنة 1927 ( ) كما إن المادة (3) من اتفاقية لاهاي الرابعة لسنة 1907 الخاصة بقواعد الحرب البرية قد نصت على (( يلتزم بالتعويض عن الأضرار إن وجدت ويكون مسؤولا مسؤولية الدوله عن اعن جميع الافعال التي يرتكبها اعضاء قواتها المسلحه)) 0
واستنادا لما تقدم أعلاه فإن قواعد القانون الدولي الجنائي قبل الحرب العالمية الأولى لم تقر المسؤولية الجنائية للفرد سواء كانت الأعمال الإجرامية التي ارتكبها كانت وقت السلم أم وقت الحرب فقد كانت القواعد المنظمة لقواعد الحرب لا ترتب المسؤولية على الأفراد العاديين ومن تلك القواعد اتفاقيات لاهاي (1899-1907) الخاصة بقواعد الحرب والسلم ومسؤولية الموظفين الحكومين وإنما نادت بمسؤولية الدول فقط وقد سار على ذلك ميثاق عصبة الأمم 0
إن اندلاع الحرب العالمية الأولى وما رافقها من ويلات وماسي وما شهدتة العمليات الحربية من انتهاك للعديد من المعاهدات الدولية التي نظمت الأوضاع قبل الحرب إذ كان وراء هذة الحرب أشخاص على درجة من الخطورة الاجرامية دفعت العالم بعد انتهاء الحرب للتأمل في الآثار الجسيمة التي خلفتها الحرب لذا فقد ارتفعت الأصوات التي تنادي بضرورة معاقبة مجرمي الحرب وكذلك المطالبة بمحاكمة رؤساء الدول الذين كانوا سببا في نشوب الحرب أو ساعدوا على إشعالها أو أمروا بارتكاب جرائم الحرب إلا إن موضوع مسؤولية رئيس الدولة بالذات كانت محل خلاف بين فقهاء القانون الدولي آنذاك فالخلاف كان منصبا على تحديد المسؤولية القانونية لرؤساء الدول ( )0
الفرع الثاني / المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة بعد عقد مؤتمر فرساي للسلام 1919
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولي عقد مؤتمر فرساي للسلام في 25/كانون الثاني/1919 وقد اقترح المجتمعون في المؤتمر تشكيل لجنة تأخذ على عاتقها مهمة تحديد مسؤولية الأشخاص الذين كانوا سببا في نشوب الحرب وسميت هذة اللجنة بلجنة المسؤوليات وقد شكلت من 15 عضوا يمثلون عشرة دول من الحلفاء وأنيطت بها مهمة تحديد المسؤولية عن الحرب العدوانية وتعيين المسؤولين عن جرائم الحرب ومن أهم المسائل التي أثيرت هي امكانية محاكمة قيصر المانيا فيلهلم الثاني غليوم الثاني وقد اتفق ممثلو الحلفاء على شروط معاهدة السلام بين الحلفاء والقوى المتحالفة وألمانيا على إبرامها في 28 يونيو 1919 في فرساي وقد نصت الماده 227 من المعاهدة على إنشاء محكمة جنائية خاصة لمحاكمة قيصر المانيا عن دورة في إشعال الحرب ( )0
إلا انه لم يتم محاكمة قيصر المانيا وفق المادة 227 حيث تقدم بطلب اللجوء الى هولندا وكذلك فشلت محاولات الحلفاء لتسلمه من هولندا بواسطة القنوات الدبلوماسية بعد رفض ملك هولندا – وكان ابن عم للقيصر- تسليمه إذ لم يطلب الحلفاء رسميا تسليمه كمجرم ولم يتم رفض أي أمر قضائي رسمي أو إداري بتسليمه وقد وجة البعض اللوم الى دول الحلفاء كونهم غير مستعدين لإرساء سابقة بمحاكمة رئيس دولة ( )، والحق انه لايمكن إهمال تلك الجهود العظيمة رغم ضياع فرصة تاريخية تتمثل في امكانية تحميل الرؤساء مسؤولية جنائية عن الجرائم الدولية0 ونرى إن سبب فشل الحلفاء في محاكمة إمبراطور المانيا كانت بسبب إن قواعد المسؤولية الجنائية وان اتجهت ولأول مرة الى امكانية مسائلة الفرد الطبيعي ( ) جنائيا عن جرائم دولية إلا إن المادة (227) من معاهدة فرساي لسنة 1919 قد جاءت بالمسؤولية الجنائية الشخصية لإمبراطور المانيا عن جريمة الاعتداء على النظام الدولي والأخلاق السائدة فيه وانتهاك قدسية المعاهدات( ) وبعبارة أخرى ((عن أعمال الدولة) لم تجري تلك المحاولة بدون موافقة المانيا0 حيث صادقت الاخيرة على معاهدة فرساي ومنحت بذلك موافقتها على محاكمتة أمام محكمة دولية0 ذلك لان الموافقة تعتبر ضرورية ومنسجمة مع القواعد العامة للقانون الدولي- السائدة آنذاك- والتي تقضي بان أية دولة لا يمكنها أن تخضع لولاية محاكمها الجنائية أو المدنية أعمال دولة أخرى دون موافقة الاخيرة ( )0
وإذا كانت قواعد القانون الدولي العام السائدة آنذاك لم تكن قد أقرت بشكل رئيس مسؤولية الأفراد عن الافعال غير مشروعة وخصوصا جرائم الحرب والتي يقترفونها بناء على أمر أو تفويض من حكومتهم فان مسؤولية الأفراد الفردية قبل معاهدة 1945 قد تركزت بشكل كبير عن أفعال مثل القرصنة في أعالي البحار والاتجار بالرقيق وهذة الافعال أو الجرائم يرتكبها أفراد عادين ويستبعد أن ترتكب من قبل رؤساء الدول0
المطلب الثاني/ المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة في فترة ما بعد إقرار معاهدة لندن 1945 0
الفرع الأول/ المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة وفق ميثاق المحكمة الدولية في نورمبرغ 0
بعد انتةاء الأعمال الحربية في الحرب العالمية الثانية في العام 1945 والتي شةدت ويلات ومآسي لم تشهدها الانسانية قبل هذا التاريخ وكذلك فانة قد ارتكبت في تلك الحرب العديد من الجرائم الدولية ما دعت دول الحلفاء لمحاكمة مرتكبي تلك الجرائم حيث جرت عدة مشاورات بين الدول المنتصرة لبحث الإجراءات الواجب اتخاذها حيال مجرمي الحرب، وقد انتهت هذه المشاورت الى عقد اتفاقية دولية هي اتفاقية لندن المؤرخة في 8/8/1945 الخاصة بإنشاء محكمة عسكرية دولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب. وتنفيذا للاتفاق الموقع من قبل الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية وحكومات الولايات الأمريكية والمملكة المتحدة ( لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية ) واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية تم إنشاء محكمة عسكرية دولية لمحاكمة ومعاقبة كبار مجرمي الحرب في بلاد المحور الأوربية وقد انشأت المحكمة الدولية في نورمبرغ ( ) وقد نص ميثاق محكمة نورمبرغ الملحق باتفاقية لندن لسنة 1945 لأول مرة في تاريخ القانون الدولي لإقرار المسؤولية الجنائية الفردية للرئيس عن أعمال الدولة حينما نص على المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم ضد السلام والجرائم ضد الانسانية التي ترتكبها أجهزة الدولة دون الاعتداد بالصفة الرسمية لمرتكبها وهذا ما عبرت عنة المادة (7) من الميثاق (( الوضع الرسمي للمتهمين سواء كانوا رؤساء دول أو موظفين مسؤولين في أقسام الحكومة سوف لا يكون عذرا يعتد بة لإعفائهم من المسؤولية أو تخفيف العقاب)) وقد جاء في حيثيات أحكام المحكمة (( إن مبدأ القانون الدولي الذي يحمي ممثلي الدول في ظل ظروف معينة سوف لا يطبق على هذة الافعال التي يعتبرها القانون الدولي أفعالا اجرامية ذلك إن مدبري هذة الافعال لايمكن أن يكونوا في حمى وضعهم الوظيفي للتخلص من العقاب))( ) وقد مثل أمام المحكمة الرئيس الالماني كارل دونتز ( ) تمت محاكمته وحكم علية بعقوبة السجن لارتكابه جرائم حرب ( ) 0
وتعتبر معاهدة لندن ومحكمة نورمبرغ صاحبة الأثر الكبير في تطوير القانون الدولي وتثبيت مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية ولاسيما لرئيس الدولة عن أعمال الدولة في القانون الدولي0
وبعد توقيع اليابان وثيقة استسلامها في 2/ سبتمبر/1945 تم إعلان خاص بإنشاء محكمة عسكرية دولية في اليابان والتي حاكمت كبار المسؤولين اليابانيين0 وأدانت المحكمة المتهمين الذين مثلوا أمامها وعددهم 25 متهما حوكموا بصفتهم الفردية وقد اخذ نظام المحكمة بمسؤولية الرؤساء الجنائية عن الجرائم الدولية 0
ويتشابة نظام محكمة طوكيو وقواعدها الاجرائيه مع محكمة نورمبرغ الى حد كبير0
الفرع الثاني /المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة وفق نظام المحكمة الدولية ليوغسلافيا السابقة

إنشات المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بمحاكمة مجرمي الحرب في البوسنة والهرسك بموجب القرار 808 الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 22/2/1993 واتخذت لاهاي مقراً لها.. وقد تضمن نظام المحكمة قواعد مباشرة لمساءلة الأفراد مرتكبي الجرائم الدولية ( ) وقد مارست هذة المحكمة مهمتها في محاكمة القادة من المتهمين بارتكاب جرائم في يوغسلافيا السابقة عن مخالفتهم لقواعد القانون الدولي الإنساني كالقتل الجماعي والاغتصاب والاحتجاز والاعتداء والتطهير العرقي.
فقد نصت المادة (28) من النظام الأساسي للمحكمة على انه ( لا يعفي المنصب الرسمي للمتهم سواء أكان رئيس دولة أو حكومة أو مسؤولاً حكومياً، هذا الشخص من المسؤولية الجنائية أو يخفف من العقوبة ). وقد وجة المدعي العام للمحكمة السيده لويز أربو في يوم 27/ مايس /1999 للرئيس اليوغسلافي السابق ( سلوبدان ميلو سوفيتش ) الاتهام عن جرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة وجرائم الحرب وانتهاكات اتفاقيات جنيف وكان في حينها رئيسا للدولة ويمارس مهامة بصفة رسمية وبذلك تكون محاولة محاكمة (ميلو سوفيش)( ) هي الأولى تاريخيا بعد الاتهام الموجة للإمبراطور ((غليوم الثاني)) وتهربه من العقاب باعتبارها سابقة أولى من نوعها يتم فيها اتهام رئيس دولة بارتكاب جريمة دولية ( ).
وكذلك فانه وبموجب قرار مجلس الأمن رقم 955 في 8/11/1994 تم إنشاء محكمة دولية أخرى. هي محكمة رواندا لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن جرائم إبادة الجنس وغيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني التي تم ارتكابها بين أول من كانون الثاني إلى الحادي والثلاثين من كانون الأول عام 1994 وعلى النهج القانوني الذي أنشأت علية سابقتها محكمة يوغسلافيا ( )0 وقد أكدت محكمة راوندا المبدأ ذاتة في المادة (27) من نظامها الأساسي.
الفرع الثالث /مسؤولية رئيس الدولة الجنائية وفق نظام المحكمة الجنائية الدولية0
اخذ نظام المحكمة الجنائية الدولية بمبدأ مساواة الأشخاص أمام هذة المحكمة بصرف النظر عن الصفة التي يتمتع بها أيا منهم حتى ولو كانت هذة الصفة رسمية، بمعنى ان الصفة الرسمية ليست سبباً لتمييز من يتمتع بها عن الأخر الذي لا يحمل هذة الصفة0
نصت الفقرة (1) من المادة ( 27) من نظام روما الأساسي في شأن المحكمة الجنائية الدولية على انة (( 1- يطبق هذا النظام الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساوية دون تمييز بسبب الصفة الرسمية، وبوجة خاص فإن الصفة الرسمية للشخص، سواء كان رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً في حكومة أو برلمان أو ممثلاً منتخباً أو موظفاً حكومياً، لا تعفية بأي حال من الأحوال من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام الأساسي. كما إنها لا تشكل في حد ذاتها سبباً لتخفيف العقوبة.
وقد اتيح للمحكمة الدولية الجنائية تطبيق مبدأ مسؤولية الرئيس الجنائية عند توجية الاتهام للرئيس السوداني عمر احمد البشير فقد أصدر مجلس الأمن قرارة المرقم 1593/2005 ( ) وتضمن القرار إحالة الوضع في دارفور الى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية0واستنادا للمادة 13 من نظام روما الأساسي فان مجلس الأمن الدولي قد استخدم ولأول مرة في التاريخ سلطتة بإحالة الدعوى وبموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في ما يتعلق باتخاذ الإجراءات القانونية بحق رئيس دولة ومع ان السودان الدولة التي يرأسها البشير لم تكن قد أصبحت طرفا في النظام الأساسي للمحكمة الدولية0
وفي 14 تموز 2008 قدم المدعي العام طلبا لإصدار أمر القبض على الرئيس السوداني عمر البشير بموجب المادة (58) وذلك لارتكابة جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وقد اطلعت المحكمة على وثائق الادعاء والمواد الأخرى التي قدمها الادعاء وشكل ذلك قناعة لدى قضاة المحكمة بأن الرئيس السوداني يتحمل المسؤولية الجنائية بمقتضى المادة (25) (أ) من النظام الأساسي كمرتكب غير مباشر أو شريك أو شريك غير مباشر في جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية وان القبض علية يبدو ضروريا بمقتضى المادة (58 أ و ب) من النظام الأساسي ( ) وفي 15/ تشرين الأول 2008 طلبت الدائرة التمةيدية الأولى مواد داعمة إضافية تتعلق بالادعاء وقد قدم المدعي العام في 17 تشرين الثاني 2008 موادا إضافية امتثالا لقرار الدائرة التمهيدية وفي يوم 4 / آذار 2009 أصدرت الدائرة التمهيدية المؤلفة من القاضيات (( القاضية اكوا كوينيهيا ، رئيسة الدائرة والقاضية انيتا أو شاكا والقاضية سيلفيا شتاينر الأولى أمرا بالقبض على البشير وقد رأت المحكمة ان القضية المقدمة من قبل الادعاء هي تندرج ضمن اختصاص المحكمة وان هناك نزاعا مسلحا مطولا غير دولي يقع ضمن طائفة النزاعات المشار اليها في المادة 8 (2) (و) من النظام الأساسي إذ انه قد نشبت في دارفور من آذار 2003 ولغاية 14 تموز 2008 تلك النزاعات بين حكومة السودان وبين عدة جماعات مسلحة ومنها حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة ووجهت المحكمة الاتهام للبشير لمسؤوليتة الجنائية عن أفعال منها شن الهجوم على مطار الفاشر في نيسان 2003 إذ تم تعبئة ميلشيا الجنجويد بعد ذلك الهجوم ردا على أنشطة حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة وغيرها من جماعات المعارضة في السودان وقاد بعد ذلك من خلال القوات السودانية المسلحة وميليشيا الجنجويد المتحالفة معها وقوات الشرطة السودانية وجهاز المخابرات والأمن الوطني ولجنة المساعدات الإنسانية في مختلف أنحاء دارفور لمكافحة تمرد جماعات المعارضه واستمر ذلك حتى تم تقديم طلب الادعاء في 14/ تموز / 2008ويعتقد ان تلك القوات قد ارتكبت جرائم حرب وفق المادة (( 8 (2) (ه) والماده (8) (ه) (5) من النظام الأساسي ورأت المحكمة ان رئيس الدوله الذي هو في الوقت نفسة القائد العام للقوات المسلحة في تلك الفترة وانة من خلال منصبه قد أدى دورا أساسيا في تنسيق وضع وتنفيذ تلك الحملة بل ان دورة تجاوز تنسيق الخطة المشتركة وتنفيذها وذلك يولد الاعتقاد بأنة يتحمل المسؤولية الجنائية بمقتضى المادة (25) (3) (أ) من النظام الأساسي كمرتكب غير مباشر أو شريك غير مباشر ارتكاب جرائم دولية عديدة هي:
1-تعمد توجية هجمات ضد سكان مدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية باعتبار ذلك جريمة يعاقب عليها بموجب المادة 8(2)(ه)(1) من النظام الأساسي0
2- النهب باعتباره جريمة ضد الإنسانية يعاقب عليها بموجب المادة 8(2)(ه)(5) من النظام الأساسي0
3-القتل باعتبارة جريمة ضد الإنسانية يعاقب عليةا بموجب المادة 7(1)(أ) من النظام الأساسي
4- الإبادة باعتبارها جريمة ضد الانسانية يعاقب عليها بموجب المادة 7(1)(ب) من النظام الأساسي0
5- النقل القسري باعتبارة جريمة ضد الإنسانية يعاقب عليها بموجب المادة 7 (1)(ه)(د) من النظام الأساسي0
6- التعذيب باعتبارة جريمة ضد الإنسانية يعاقب عليها بموجب المادة 7(2)(1)(و) من النظام الأساسي0
7- الاغتصاب باعتبارة جريمة ضد الإنسانية يعاقب عليها بموجب المادة 7(أ)(ز) من النظام الأساسي0
واعتبرت المحكمة ان القبض على البشير يبدو ضروريا بموجب المادة (58)(أ) من النظام الأساسي من اجل ضمان:
أ - مثوله أمام المحكمة0
ب - عدم قيامه بعرقلة التحقيق الجاري في الجرائم التي يدعي بأنة يتحمل مسؤولية ارتكابها بموجب النظام الأساسي أو تعريض هذا التحقيق للخطر0
ج - عدم استمرارة في ارتكاب الجرائم المذكورة اعلاه0
وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرا بالقبض على الرئيس السوداني عمر البشير بتاريخ 4/3/2009 وهنا تثار إشكالات نتجت عن كون السودان لم تصادق على ميثاق المحكمة الدولية وإنها لم تصبح بعد طرفا في النظام الأساسي ولم تبرم أي اتفاق معها، وان أمر القبض قد صدر بعد ان أصدر مجلس الأمن قرارة المرقم 1593/2005 وتضمن القرار إحالة الوضع في قي دارفور الى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية واستنادا للمادة 13 من النظام الأساسي ، فلمجلس الأمن أن يحيل إلى المدعي العام أيَّ "حالة" (situation) يبدو فيها أن جريمةً أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاصها قد ارتكبت وعندما يقرر المجلس إحالة تلك الحالة ، فإن الأمين العام للأمم المتحدة يُحِيل - وعلى الفور - قرار مجلس الأمن الخـَطِّي إلى المدعي العام،مشفوعاً بالمستندات والمواد الأُخرى التي تكون وثيقة الصِلة بقرار المجلس .وبالمقابـل ، تحال عن طريق الأمين العام المعلومات التي تقدمها المحكمة إلى مجلس الأمن ( )
ويجب ان تكون الاحاله تحت طائلة النظام الأساسي للمحكمة باعتبار المجلس وكيلا عن الدولة طبقا لنص المادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة ( )0
وعلى الرغم من ان استخدام مجلس الأمن سلطتة بإحالة الدعوى استنادا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يعتبر من إشكالات مبدأ التكامل في القضاء الدولي الجنائي الذي يعتر تكميليا للقضاء الوطني ( ) فان ذلك لا يعد مشكلة بقدر المشكلة التي سوف تثار مستقبلا وهي مشكلة تسليم الرئيس السوداني ومثولة أمام المحكمة0 فالمحكمة لا تملك الوسائل المؤثرة التي تؤمن إحضار المسؤولين عن الجرائم التي تدخل ضمن اختصاصها للمثول أمامها وقد نصت المادة (98) من النظام الأساسي للمحكمة ( 1- لا يجوز للمحكمة ان توجة طلب تقديم أو مساعدة يقتضي من الدولة الموجة اليها الطلب ان تتصرف على نحو يتنافى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بحصانات الدولة أو الحصانة الدبلوماسية لشخص أو ممتلكات تابعة لدولة ثالثة، ما لم تستطع المحكمة ان تحصل أولا عن تعاون تلك الدولة الثالثة من اجل التنازل عن الحصانة. 2- لا يجوز للمحكمة ان توجة طلب يتطلب من الدولة الموجة اليها الطلب ان تتصرف على نحو لا يتفق مع التزاماتها بموجب اتفاقيات دولية تقتضي موافقة الدولة المرسلة كشرط لتقديم شخص تابع لتلك الدولة المرسلة لإعطاء موافقتها على التقديم ).وبناء علية فان الوسيلة الوحيدة التي يمكن ان تمكن المحكمة من إجبار المتهم للمثول أمامها هي عن طريق التعاون الدولي 0 إذ تلتزم الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بالتعاون مع المحكمة , أما بالنسبة للدول غير الأطراف فان للمحكمة ان تطلب من أي دولة غير طرف في نظام المحكمة وذلك بناء على اتفاق خاص أو ترتيب مع هذة الدولة ( ) ولا بد من اعتبار رفض الدولة غير المبرر تسليم الشخص المتواجد على إقليمها ، أوحتى الدولة التي ينتمي إليها هذا الشخص بجنسيتة ، كان هذا الرفض غير المبرر , بمثابة حالة من حالات عدم التعاون مع المحكمة الدولية الجنائية التي ينبغي أن يعرض أمرها على جمعية الدول الأطراف حصراََ حتى لو كانت (الحالة" situation) قد أحالها مجلس الأمن إلى المحكمة الدولية الجنائية. ومن ثم يمكن إتخاذ قرار بشأن هذة الدولة الرافضة على أنها لا ترغب في التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ( )0
ان ماتضمنة النظام الأساسي من وسائل الإجبار اقتصرت على التعاون الدولي لا يوفر في الوقت الحاضر القدر الأكبر من امكانية تأمين العدالة خاصة في حالة تعلق الأمر برئيس الدولة الذي يمكن لة الاحتماء والتستر ووضع العقبات أمام امكانية تأمين إحضارة للمحاكمة كمنصبة الوظيفي وحصانتة والثقل السياسي الذي قد تتمتع بة الدولة، يعد ذلك قصورا في النظام الأساسي سوف يؤدي الى ضياع فرص أكيدة لأجل تحقيق العدالة0
المبحث الثالث0
مشكلة الدفع بالحصانة لاستبعاد المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة
الحصانة (Immunity) هي امتياز يقررة القانون الدولي العام أو القانون الداخلي يؤدي إلى إعفاء المتمتع من عبىء أو تكليف يفرضه القانون العام على جميع الأشخاص الذين يوجدون على إقليم الدولة أو يعطية ميزة عدم الخضوع لأحكام سلطة عامة في الدولة وخاصة السلطة القضائية أو بعض أوجه مظاهرها)) ( )0
المطلب الأول- أشكال الحصانات0
ويمكن تقسيم الحصانات إلى حصانات مكتسبة وفق أحكام القانون الدولي وحصانات مكتسبة من أحكام القانون الداخلي0
الفرع الأول - حصانات مكتسبة وفق القانون الدولي0
الحصانات المكتسبة وفق القانون الدولي هي امتيازات تقررها الاتفاقيات والمواثيق الدولية تمنح الحرية للممثلين الدبلوماسين والسياسين الأجانب تقضي بعدم خضوعهم لقضاء البلاد التي يقيمون فيها ويسري عليهم قضاء بلدانهم التي ينتمون اليها0 وأضحت اليوم نظام دولي تقليدي يستند على قواعد قانونية ويعد العرف الدولي المرجع الأساسي في هذة الحصانات والامتيازات 0ومن الحصانات المكتسبة وفق القانون الدولي0
أولا- الحصانة الدبلوماسية0 يعنى القانون الدولي باحاطة الممثل الدبلوماسي بمجموعة من الحصانات تيسر له القيام بأعباء مسؤولياتة وقد وجدت هذة الحصانات منذ القدم( ) وكانت تستند إلى قواعد المجاملة وأضحت اليوم تستند إلى قواعد القانون الدولي( ) والغاية من وراء منح هذة الامتيازات هي الرغبة في تمكين الممثل الدبلوماسي من ممارسة واجباتة ومهامة دون إعاقة من جانب سلطات الدولة المضيفة( ) 0
الحصانة الدبلوماسية المعروفة في القانون الدولي والتي تعني عدم خضوع المبعوث الدبلوماسي للقضاء المحلي للدولة التي يمثل دولتة فيها ( ) وتمتع دارة ودار البعثة الدبلوماسية بالحماية والحرمة بحيث لا يجوز لموظفي الحكومة الدخول إليها إلا بموافقة منة أو من رئيس الحكومة الدخول إليها إلا بموافقة منه أو من رئيس الحكومة والحصانة الدبلوماسية حسب وصف مجموعة الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية تعني امتياز الإعفاء من ممارسة الولاية القضائية أو هيمنة السلطات المحلية ( ) فالحصانة الدبلوماسية مصطلح قانوني للامتياز الذي يمنح إلى بعض الناس الذين يعيشون في البلاد الأجنبية ، وهو يسمح لهم أن يظلوا خاضعين لسلطة القوانين في بلادهم ، فالسفراء أو الوزراء والوكلاء الدبلوماسيون الآخرون يمنحون هذا الامتياز ، ومثل هؤلاء الوكلاء لا يمكن القبض عليهم لمخالفة قوانين البلاد التي يرسلون إليها ، ولكن إذا خالفوا القوانين المحلية فإن حكوماتهم قد تطالب باستدعائهم .( ) ويعتبر رئيس الدولة الدبلوماسي الأول والممثل الرئيسي لدولتة أمام الدول الأخرى بالنظر للمهام التي يقوم بها على الصعيد الدولي ومشاركتة في المؤتمرات التي تعقد بين رؤساء الدول وقيامه بتعيين ممثلي دولتة لدى الدول الأجنبية وكونه الدبلوماسي الأول فان ذلك يتطلب منحه الاحترام الكامل والحفاظ على كرامته وكرامة دولته وعلى ذلك تقرر القواعد العامة أن يتمتع رئيس الدولة ببعض الحصانات القضائية في المسائل المدنية والجزائية ( ) والتي تعني عدم خضوعة لاختصاص محاكم الدول المستقبلة بصورة مطلقة بالنسبة للاختصاص الجزائي0
ولا يقتصر منح الحصانة للكادر الدبلوماسي الموجود في الدولة المضيفة بل تشمل الحصانة مقر البعثة الدبلوماسية ومستنداتها الرسمية إضافة للحصانات الشخصية والغاية من منح تلك الحصانات هي لتمكين المبعوث الدبلوماسي وبهدف تمكينه من ممارسة واجباته دون عوائق من جانب السلطة المضيفة يتمتع بحصانات بدءا من حمايتة الشخصية وصيانة مسكنه وأملاكه وانتهاء بأهم تلك الحصانات وهي الحصانه القضائية فهو لا يخضع لقضاء الدولة المعتمد لديها( ) فلايمكن القبض على الدبلوماسي أو القيام بالتحقيق معه أو حبسه وتوقيفه أو إحالته للمحاكم الوطنية بسبب جريمة ارتكبها إلا إذا وافقت دولتة( )0
ثانيا - رؤساء الدول والحكومات والوزراء : رئيس الدولة هو ممثلها في مجال العلاقات الخارجية وعلية فهو يتمتع بالعديد من الامتيازات باعتبارة رمزا لسيادة الدولة ( ) ومن ضمن تلك الامتيازات تمتعه بالحصانة الشخصية التي تعني عدم جواز القبض علية إذا وجد في إقليم دولة أجنبية وكذلك عدم جواز الاعتداء عليه وحمايتة من كل اعتداء 0 وبالاضافة إلى ذلك فهو يتمتع بالحصانة القضائية في المسائل المدنية والجنائية ( )0
وينتهي تمتع رئيس الدولة بالحصانات بزوال صفته كرئيس للدولة سواء بتنازله عن السلطة أو بعزلة أو بانتهاء فترة رئاسته على إن الدول جرت على الاحتفاظ له بعد ذلك ببعض الامتيازات على أساس المجامله ( )0
الفرع الثاني- الحصانات المكتسبة وفق القانون الداخلي0
تمنح الدساتير والقوانين الوطنية بعض الأشخاص حصانات يحددها القانون لاعتبارات معينة كرئيس الدولة ( ) واعظاء الحكومة ونواب البرلمان واعظاء السلك الدبلوماسي ( ) سواء كان في دستور الدولة أو في القوانين الأخرى فهؤلاء يكونون بمنجاة من كل مساءلة على الرغم من توفر الصفة الإجرامية لما يأتونه من أفعال والعلة في ذلك إن هؤلاء يمثلون سيادة الدولة وتحصينهم من العقاب يعد من أهم مظاهر السيادة التي تحرص عليها كل دولة ( )0
وقد يقف وراء منح الحصانة أغراض أخرى كالحصانة البرلمانية التي هي حصانة إجرائية تمنح ضمانة دستورية بعدم اتخاذ أي من الإجراءات الجنائية في غير حالة التلبس بالجريمة ضد احد أعضاء البرلمان بغير إذن من المجلس التابع لة ذلك العضو ( ) والغاية منها هي منع السلطة التنفيذية من اختلاق جريمة تنسبها إلى عضو المجلس النيابي للقبض علية أو اتخاذ إجراءات جنائية أخرى ضده سعيا منها إلى إبعادة عن حضور الجلسات إذا كان ممن يتخذون موقفا معارضا ( )
المطلب الثاني– موقف القانون الدولي من مسالة حصانة رئيس الدولة في حالة ارتكاب الجريمة الدولية0
في حالة ارتكاب رئيس الدولة جريمة دولية داخل إقليم الدولة أو خارجة فلايمكن لهم الاحتجاج بصفاتهم الرسمية والتمسك بالحصانات التي حصلوا عليها استنادا إلى قانون داخلي أو دولي فهم عرضة للخضوع للقضاء الوطني والدولي أو سواء كان في بلدانهم أو في دولة أخرى استنادا لمبدأ الاختصاص القضائي العالمي لان الجريمة الدولية لا تقف عند حدود الدولة التي شرعت فيها القوانين التي منحت مرتكبها الحصانة والصفة الرسمية بل هي جريمة ترتكب ضد الانسانية جمعاء ويمتد أثرها ليشمل جميع البشرية وفي كل بقاع العالم وفي هذا النوع من الجرائم لا يمكن الاستناد إلى مبدأ الحصانة للتنصل من المسؤولية الجنائية ( )0
والحال يشمل من تحصنوا بموجب قواعد القانون الدولي فالقانون الدولي الجنائي لا يعتد بالحصانة التي يحتج بها في نطاق الجرائم العادية ، إذ إن الحال يختلف إذا ما تعلق لأمر بجريمة دولية ، والغاية من ذلك عدم منح مرتكبي الجرائم الدولية وسيلة للإفلات من العقاب، فمرتكب الجريمة الدولية ( )، يجب أن يعاقب مهما كانت صفتة سواء كان ممن يتمتعون بحصانة بموجب قواعد دولية أو داخلية، حتى لا يكون هناك تهرب من المساءلة عن هذه الانتهاكات تحت ستار الحصانة، وماشهدته نهاية القرن العشرين من انتهاكات لحقوق الإنسان، قد عمل على ترسيخ وتقوية العزم والتصميم على إحياء فكرة إنهاء ما كان يعرف في الأدبيات القانونية بالحصانة( )
ويرى الفقة القانوني إن عدم الاعتداد بالحصانة أساسها مبدأ سيادة القانون الدولي على القانون الداخلي فحصانة الرئيس والحكومة إنما تكون وفقا للقانون الداخلي وليس لها أن تعترض سبيل تطبيق قواعد القانون الدولي حين تقرر المسؤولية الجنائية لمن ارتكب فعلا جريمة دولية ( ) وأنا اتفق مع من يرى إن هذا ليس الأساس الوحيد الذي تم بموجبة إقرار هذه الصفة بحق مرتكبي الجرائم الدولية إذ إن الفكره تنسجم تماما مع مبادىء العدالة والمنطق لأنة ليس من العدل إن يعاقب المرؤوسون الذين ينفذون أوامر -الرئيس أو المسؤول الذي يتمتع بالحصانة- غير المشروعة ويعفى هذا الأخير من العقاب ( ) 0
لقد تأكد تميز الجريمة الدولية بصفة عدم شمول مرتكبها بالحصانة في العديد من النصوص الدولية حيث ورد ذلك في معاهدة فرساي لسنة 1919 إذ تقرر مسؤولية الإمبراطور غليوم عن الجرائم الدولية المرتكبة في الحرب العالمية الأولى وفشلت حينها كل المحاولات لتجنب محاكمتة والتي احتجت بأنة يمثل شعبة ولا يجوز محاسبته بحجة انة يمثل شعبة ولا يجوز محاكمتة إلا من قبل الشعب وحدة إذ لا يمكن أن يسال أمام سيادة أخرى لشعب آخر0 كما ورد المبدأ كخاصية للجريمة الدولية من ضمن المبادىء التي صاغتها لجنة القانون الدولي والمستقاة من لائحة نورمبرغ (لا يعفى مقترف الجريمة من مسؤوليتة ولو كان وقت ارتكابها يتصرف بوصفة رئيسا للدولة أو حاكما) كما ورد النص في التقرير الذي قدمة المقرر الخاص للجنة القانون الدولي المعهود إلية صياغة مشروع قانون الجرائم المخلة بسلم البشرية وأمنها (1987) وجاء فية (( إن الصفة الرسمية للفاعل وخصوصا كونة رئيس دولة أو حكومة لا تعفية من مسؤوليتة الجنائية) ( ) و تأكد ذلك في المادة (6) من مشروع مدونة الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها لعام 1996.
كما ورد مبدأ عدم الاعتداد بالحصانة ضمن تقرير الأمين العام المقدم إلى مجلس الأمن بموجب القرار 808/1993 حول إنشاء محكمة الجنايات الدولية ليوغسلافيا السابقة (النظام الأساسي لمحكمة يوغسلافيا، يجب أن يتضمن نصوصا متعلقة بالمسؤولية الجنائية الفردية لرؤساء الدول والمسؤولين الحكوميين والأشخاص الذين يتصرفون بمقتضى وظائفهم الرسمية، ولذلك يجب النص على إن الادعاء بحصانة رئيس الدولة، أو إن الفعل قد تم ارتكابة بمقتضى الصفة الرسمية للمتهم لا يشكل دفاعا مقبولا أو ظرفا مخففا للعقوبة)( ).
كما تم إقرار وتأكيد مبدأ عدم الاعتداد بالحصانات كأهم الخصائص التي تلازم الجريمة الدولية ضمن مبادىء نورمبرغ فقد جاء في المادة (7) من نظام المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرغ (( المنصب الرسمي للمدعى عليهم سواء بوضع رؤساء أو موظفين رسميين مسؤولين في إدارات الحكومة لن يعفيهم من المسؤولية أو يخفف عنهم العقوبة))0
كما نصت المادة (1/7) من نظام محكمة الجنايات الدوليه ليوغسلافيا على (لا يعفي المنصب الرسمي للمتهم سواء أكان رئيس دولة أو حكومة أو مسؤولا حكوميا، هذا الشخص من المسؤولية الجنائية أو يخفف من العقوبة) 0
كما تم النص على هذا المبدأ في المادة (6) في النظام الأساسي لمحكمة رواندا، وكذلك أدرجته لجنة القانون الدولي في مشروع مدونة الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها لعام 1996 في المادة (6) من المشروع0
وقد نص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على إن من خصائص الجرائم الدولية التي وردت في نظام المحكمة أن لا يملك مرتكب الجريمة أي حصانة بسبب صفتة الرسمية أو منصبة إذ نصت الفقرة (2) من المادة (27) من النظام الأساسي للمحكمة على (2- لا تحول الحصانات أو القواعد الإجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سواء أكانت في إطار القانون الوطني أو الدولي، دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص).
والماده (15/ثالثا) من قانون المحكمه الجنائيه العراقيه العليا رقم 10 لسنة 2005 ((ثالثاً : لا تعد الصفة الرسمية التي يحملها المتهم سببا معفيا من العقاب أو مخففاً للعقوبة ، سواء كان المتهم رئيسا للدولة أو رئيسا أو عضوا في قيادة مجلس الثورة أو رئيسا أو عضوا في مجلس الوزراء أو عضوا في قيادة حزب البعث ، ولا يجوز الاحتجاج بالحصانة للتخلص من المسؤولية عن الجرائم المذكورة في المواد (11) و(12) و(13) و(14) من هذا القانون.)) وعلى الرغم من ان الجريمة الدولية قد اكتسبت خاصية أخرى وهي إن مرتكبها لا يقبل منه أن يحتج بالحصانة استنادا لصفته الرسمية أو منصبه الذي يتمتع به وقت ارتكاب الجريمة الدوليه0وان الحقيقة التي ترسخت في فكر القانون الدولي نتيجة جهود عظيمة هي ان الحصانه لم تعد مشكلة اوعائقا أمام مسائلة رئيس الدولة عند اتهامه بارتكاب جرائم دولية0 الا اغلب من يمتلك هي الميزه (الحصانة) ممن وجهت لهم تهم ارتكاب جرائم دولية قد تمسكوا بها فقد دفع بالحصانة الرئيس العراقي الأسبق عند تدوين أقواله أمام الهيئة التحقيقية في المحكمة الجنائية العراقية العليا بتاريخ 12/6/2005 في القضية المرقمة 1/ج أولى /2005 المشهورة ب((الدجيل) وبقى متمسكا بالحصانة التي يمنحها له دستور 1970 المؤقت أثناء الاستماع الى أقوالة أمام محكمة الجنايات الأولى في المحكمة بتاريخ 15/3/2006 وكذلك في جلسة 5/4/2006 ودفع بها الفريق المكلف بالدفاع عن الرئيس الأسبق والمكون من عدد كبير من المحامين العراقيين والعرب والأجانب ( ) ورغم ان المبدأ قد أصبح من المسلمات وان المحكمة هي محكمة وطنية لها اختصاص المحاكمة عن جرائم دولية هي (الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ) المواد (11و12 و13 ) من قانون المحكمة رقم (10) لسنة 2005 وعلى الرغم من المحكمة لم تأخذ بهذا الدفع الا انها قد سايرت دفع فريق الدفاع بشكل ما عند الرد على هذا الدفع في مقدمة قرار الحكم ((لم يقوموا بتزويد هيئة المحكمة خطيا بأي مجادلة قانونية مقنعة ومؤثرة يفي بالمطلوب كدعم لجوهر الادعاء وعلى ضوء البند (4) من الدستور المؤقت لعام 1970 الماده (240) منه ان رئيس مجلس قيادة الثورة ونائبة وأعضاء المجلس يتمتعون بحصانة كاملة ولا يجوز اتخاذ أية إجراءات ضد أي واحد قبل الحصول على إذن مسبق من المجلس، أي مجلس قيادة الثورة وحيث ان هذا القول كان في الماضي وقت كان هذا الشخص هو النافذ وصاحب الشأن والسلطة فمن كان يتجرأ على طلب رفع الحصانة منه))000((لذا فأن ادعاءات المتهم صدام حسين بأنة يملك حصانة رئيس دولة في هذة الدعوى ( قضية الدجيل) مردودة واقعا ومن الناحية القانونية أيضا كون الحكومة العراقية السائدة أو السيدة قد أزالت كافة الحصانات عن المتهمين أمام المحكمة العراقية العليا))0
وقد حسمت المحكمة الخاصة بسيراليون طلب الرئيس السابق لجمهورية (ليبيريا) السيد شارلس تايلور (Mr.Charles Taylor) المقدم الى غرفة الاستئناف بتاريخ 31/5/2004 لأبطال لائحة الاتهام الموجهة إليه وكذلك إهمال مذكرة اعتقالة اللتين تم اعتمادهما من قبل القاضي (MR. Bankole Thompson) بتاريخ 7/3/2003 عندما كان تايلور يشغل منصب رئيس ليبيريا والمحكمة الخاصة هي من المحاكم المدولة تم تأسيسها بموجب اتفاقية بين الأمم المتحدة وسيراليون والتي تم ابرامهما تبعا لقرار مجلس الأمن رقم 1315 في 14/8/2000 وقد نصت المادة(6 ف2) من نظام المحكمة على(( المنصب الرسمي للمتهم سواء كان رئيسا لدولة أو حكومة أو مسؤولا حكوميا لا يعفيه من المسؤولية الجنائية أو يخفف من العقوبة)0وقد سببت المحكمة رد الطلب في الفقرات (43-60) مستندة الى نص المادة(6ف2) من نظام المحكمة (( ان المادة (6ف2) هي بشكل جوهري في نفس فحوى المادة(7ف2) من القانون النظامي ل TCTY والمادة (6ف2) من القانون النظامي ل ICTR والمادة (7ف2) من القانون النظامي للمحكمة الجنائية الدولية (ICC ) والذي أصبح نافذا اعتبارا من 1 تموز 2002)0(لقد قامت الجمعية العامة بالقرار(II) 177 بتوجية لجنة القانون الدولي لإعداد مبادىء القانون الدولي الذي تم اقرارة في ميثاق محكمة نورمبرغ (المادة 7 من الميثاق)000 ومنذ 12 كانون الأول 1950 عندما قامت الجمعية العامة بقبول هذا النص للمبدأ للقانون الدولي من قبل لجنة القانون الدولي أصبح ذلك المبدأ مستقرا)) ( )0
ان المحكمة الخاصة بسيراليون قد تصدت لمسألة الحصانة مستندة الى قواعد القانون الدولي التي يعتبر نظام المحكمة الخاصة بسيراليون جزا منها 0




الخاتمة

تعتبر مسؤولية رئيس الدولة باعتباره يمثل قمة الهرم الوظيفي من المسائل الهامة في القانون الدولي الجنائي 0 إذ انه وبعد إقرار مبدأ المسؤولية الجنائية للافرد الطبيعيين بعد الحرب العالميه الثانية على اثر محاكمات نورمبرغ وطوكيو وبعد الماسي والويلات التي شهدها العالم بعد تلك الحروب حيث اقترفت أبشع الجرائم ، وبسبب التطور والتقدم التكنولوجي في مجال تصنيع الأسلحة الأمر الذي أدى الى تقدم في مفهوم الجريمة الدولية وظهور أنماط جديدة من الإجرام الدولي أضحت تهدد بفناء البشرية0 ان ذلك التطور أصاب جانبا أخر هو ان الفرد أصبح ذا مركز مؤثر في مجال العلاقات الدولية فبعد ان كانت المدرسة التقليدية تنكر أي دور للفرد أصبح الفرد أهلا لتحمل المسؤولية الجنائية الدولية0
وعلى الرغم من قواعد القانون الدولي العرفية والاتفاقية قد نصت على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية بالنسبة لمرتكب الجريمة الدولية0 الا ان مسألة مسؤولية رئيس الدولية عن ارتكاب الجرائم الدولية تبقى من المسائل الشائكة 0 وقد شهد تاريخ القانون الدولي الجنائي محاولات عديده لمحاكمة الرؤساء مرتكبي الجرائم الدوليه وتبقى الحاله الأكثر أهمية في تاريخ القانون الدولي الجنائي هي محاولة محاكمة إمبراطور المانيا بعد الحرب العالميه الأولى وفق الماده 227 من معاهدة فرساي وقد شهدت المحاكم الدوليه فيما بعد محاكمات لرؤساء سواء كان ذلك أمام محكمة نورمبرغ أو أمام محكمة الدوليه ليوغسلافيا السابقه وكذلك هناك عدة محاولات لمحاكمة رؤساء اتهموا بارتكاب جرائم دوليه أما القضاء الوطني لدول تأخذ قوانينها بمبدأ الاختصاص القضائي العالمي مثل محاولة محاكمة الرئيس الشيلى السابق بينوتشيه أمام القضاء الاسباني0 وبعد ولادة المحكمة الجنائية الدولية وفق ميثاق روما 1998 فقد نص النظام الأساسي للمحكمه على مسؤولية الرؤساء دون الاعتداد بصفاتهم الرسمية وجرت عدة محاولات لمحاكمة رؤساء وجهت لهم اتهامات بارتكاب جرائم دولية اشهرهم الرئيس السوداني عمر احمد البشير الذي أصدرت المحكمة بحقه أمرا بالقبض يوم 4/3/2009
ان القضاء الدولي الجنائي الذي قطع مراحل متطورة بعد تأسيس المحكمة الجنائية الدولية في طريق إقرار مبدأ المسؤولية الجنائية للفرد بشكل عام ولرئيس الدولة خاصة وكذلك فان مشكلة الحصانات التي يتمتع بها رؤساء الدول لم تعد عائقا في سبيل مسائلتهم كون ان من أهم مبادىء القانون الدولي الجنائي التي تضمنها النصوص والوثائق الدولية هو سلب مرتكب الجريمة الدولية من حصانته التي يتمتع بها بموجب قانون دولي أو داخلي0 وقد توصلت من خلال البحث للنتائج التالية:

1- نتيجة لتطور مركز الفرد في القانون الدولي ودخوله ضمن نطاق العلاقات الدولية فقد اتاح ذلك امكانية مسائلته جنائيا 0
2- شهد التاريخ محاولات عديدة لمحاكمة رؤساء الدول أمام القضاء الدولي 0 وقد اتجهت جهود المجموعه الدولية لإقرار مبدأ يتيح امكانية محاكمة الرؤساء الذين يرتكبون جرائم دوليه وقد تعثرت أولى الخطوات بعد فشل محاكمة إمبراطور المانيا غليوم الثاني بموجب الماده 227 من معاهدة فرساي0
3- تعتبر محكمة نورمبرغ نقطة التحول الكبرى في مجال تطور القضاء الدولي الجنائي بعد ان نصت على امكانية محاكمة الرؤساء دون الاعتداد بالصفات الرسمية التي يمثلونها وكذلك فان هذا المبدأ قد أخذت به المحكمة الدولية ليوغسلافيا السابقة ومحكمة رواندا ونص عليه ميثاق المحكمة الجنائية الدولية0
4- لم يعد بامكان رئيس الدولة التمسك بالحصانة الممنوحة له سواء بموجب قانون دولي أو داخلي حيث ان ارتكاب الجريمة الدولية يستتبع لامحاله قيام المسؤوليه للرئيس وكذلك توقيع الجزاء والصفه الرسميه لا تعفيه من المحاكمة ولا تحصنه من العقاب0
5- ان لمجلس الأمن الدولي صلاحيته بإحالة أية حالة الى المحكمة الدولية وقد استخدم المجلس هذه الصلاحية لأول مرة في قضية الرئيس السوداني عمر احمد البشير إذ ان المحكمة وبعد ان أصدرت أمرا بالقبض عليه فان إشكالات أخرى سوف تثار منها كيفية تسليمه للمحكمه كونه رئيس دوله لم تكن طرفا في النظام الأساسي للمحكمة وان آليات التعاون الدولي سواء بين الدول الاعضاء اوبين المحكمة وبين الدول غير الاعضاء قاصرة عن تامين إحضار المتهمين وبالتالي فهي قاصرة عن تامين العدالة المنشوده0
تم بعونه تعالى



#عبد_الجليل_المحامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اليونيسف تُطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان: طفل واحد ع ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائي ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل قصفت الإمدادات الطبية إلى مستشفى كمال ...
- برلين تغلق القنصليات الإيرانية على أراضيها بعد إعدام طهران م ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل ...
- الأونروا تحذر: حظرنا يعني الحكم بإعدام غزة.. ولم نتلق إخطارا ...
- الجامعة العربية تدين قرار حظر الأونروا: إسرائيل تعمل على إلغ ...
- شاهد بماذا إتهمت منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع؟
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحيثي ...
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحديثي ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الجليل المحامي - المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة