أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راسم المدهون - ماء البارحة للسوري مروان علي ..إطلالة أولى تحمل وعدا وجماليات














المزيد.....

ماء البارحة للسوري مروان علي ..إطلالة أولى تحمل وعدا وجماليات


راسم المدهون

الحوار المتمدن-العدد: 2895 - 2010 / 1 / 21 - 13:39
المحور: الادب والفن
    




الشاعر السّوري الشاب مروان علي يبدأ مشواره مع الشعر من نافذة الاغتراب، ووحشة الحنين إلى الأرض القديمة. هو يكتب من مكانه القصي عن مسقط رأسه القامشلي في الشمال الشّرقي السوري، حيث يعيش في أمستردام، فيقدم باكورته الأولى "ماء البارحة". قصيدته تنهل من كل ذلك، فهي تمزج الذّاكرة بالرّاهن، والمشهد الغريب بملامح البيوت القديمة وما يشيع منها من حنين يعصف بالرّوح، ويبعث الحياة في الذاكرة.
في "ماء البارحة" (منشورات الغاوون بيروت 2009) نقف على تجربة شعرية أولى تغادر منذ البداية عتبة البدايات وعثراتها فصوت مروان الشعري يحتدم في مشاهد شعرية بالغة الشفافية.. مشاهد تعكس عوالم وجودية ناضجة الحضور وذات ألوان زاهية، هي بالتأكيد ابنة تجربة فنيّة تنتسب للحياة في حالاتها الأكثر عصفا في الرّوح والوجدان:
"الحياة ممكنة جدا
بلا نساء
أقول ذلك
وأنا مشتاق جدا
لملك
علي الآن
أن أذهب إلى أقرب هاتف عمومي
وأتحدث معها
بعد أن تركت موبايلي
قصدا
في البيت"
الشعر هنا منزلة بين مقامين يعلو أحدهما إلى حدود الفكرة والصورة المتخيلة وإرهاصات الهم الوجودي، فيما الآخر يتكئ على الحياة بمفرداتها الواقعية، وتلاوينها العادية، المألوفة واليوميّة، والشاعر يأخذ تلك الأشياء كلّها ليصنع من اتحادها في روحه ما يشبه"سردا روحيا"
يقارب حالته ويعبّر عنها.
هي تجربة تستفيد من شعرية التفاصيل، ولكنها مع ذلك تأخذ التفاصيل إلى أشكال تعبير أخرى تصبح معها متماهية في نسيج يجمع اللّحظة، بالرؤية العبثية، والمتخيل بالحقيقي. الشاعر مروان علي في "ماء البارحة" يقارب الواقع مقاربة حادّة فينتفض عنه مفضلا الكتابة عن صوره التي تختزنها الرّوح، والتي تحمل كثيرا من بصمات الاغتراب والوحدة والقلق العاصف هناك في صقيع لا يشبه المكان الأول.
يمكن رؤية كثير من هذا في القصائد التي تشكّل لوحات متكاملة، وفيها "حالات" تجمع بين الواقعية والغرائبية، المنسوجة بخيوط الفانتازيا، والتي تشكّل اللّون الأهم في المجموعة كلّها:
"غدا
لديه لقاء تلفزيوني
حول السعادة
لذلك سينام الآن
سعادته الوحيدة
النوم في الثياب الرّسمية"
مروان علي يتحالف مع قصيدته ضد "العادات الشعرية" السائدة والمألوفة، فهو وإن يكن إبن التجربة الشعرية السورية النثرية في جيلها الرّاهن، إلا أننا نراه وقد ابتعد، وآثر لنفسه زوايا نظر مختلفة، ورؤى بعيدة عن المناخات والأساليب التي يكتب منها مجايلوه. هو يكتب بروح تنتقي نتفا من المشهد لتزجّها في نتف من مشاهد أخرى، محتفلا كلّ مرة برغبته في القبض على ما يراه هو بعدسة القلب فيصدقه أكثر ممّا يصدق عدستي عينيه إذ تتجولان في الحياة الواقعية.هو يعرف كيف يصطاد مشاهده المنتمية إلى عوالم متباعدة، يراها وقد جاءت مضمّخة بصورها ومعانيها ووقعها الحقيقي، فيدخلها عالم قصائده لتخرج في حلّة جديدة وإهاب مختلف.
أهم ما حملته مجموعة مروان علي "ماء البارحة هو بالتأكيد قدرة القبض على الشعري في ما هو عادي، مألوف وبالغ التكرار ويشبه ما نراه في البيوت والشوارع وعيون الناس. مروان علي إذ يكتب من كل ذلك لا يلتزم نقله بأمانة قدر التزامه بالرّغبة في نقضه والتمرّد عليه.
أتوقف طويلا أمام قصيدة مفعمة بالتوتّر:
" يعرفون
كيف يفتحون
أبواب اللّيل
ويسرقون أعمارنا
المرصّعة بالحنين
ويعبرون
مثل نسر غريب
فوق الذكريات".
قراءة قصائد "ماء البارحة" تضعنا أمام لغة شعرية تؤثر أن "تقصّ" علينا، أعني تماما أن مروان يختار إيصال قوله الشعري في سياق صيغ أقرب دائما إلى "سرديّات راوية"، وإن يكن راوية يشطب ويلغي، وينتقي ويختار. إنه شاعر يعشق الحياة في شظايا صورها المبعثرة هنا وهناك، ولكن الشّرسة في تجذّرها في الذاكرة والرّوح والمخيلة معا.
مروان علي في مجموعته الأولى "ماء البارحة" لا يشبه أحدا لأنه يكتب من منطقته الخاصّة وحضوره الفردي.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حُلة حمراء وعنكبوت- القبض على حلم الأنثى
- في ذكرى تأسيس «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» ... أيديول ...
- يوميات يهودي من دمشق- لإبراهيم الجبين: مغامرة إستحضار شخصية ...


المزيد.....




- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...
- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...
- تفكيك مشهد السلطة في الجزيرة السورية
- تفاصيل حوار بوتين ولوكاشينكو باللغة الإنجليزية في الكرملين ( ...
- الخارجية الألمانية تنشر بيانا باللغة الروسية في الذكرى السنو ...
- الجيش الباكستاني ينتقد تصريحات نيودلهي: متى ستنتقل الهند من ...
- انطلاق فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض الدوحة الدولي ...
- -الصليب الملتوي-: الرواية المفقودة التي وجّهت تحذيراً من أهو ...
- بعد 80 عامًا من وفاة موسوليني ماذا نتعلم من صعود الفاشية؟


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راسم المدهون - ماء البارحة للسوري مروان علي ..إطلالة أولى تحمل وعدا وجماليات