شيراز عاشور
الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 06:50
المحور:
الصحافة والاعلام
قام الصحفي السويدي دونالد بوستروم بعمل مهني يستحق عليه الثناء والشكر في زمن قلت فيه الموضوعية والمهنية لأن " سيف الإشهار السياسي " مسلط على رقاب من يخرجون عن طاعة شركات المال السياسي . فالعصابة التي كشف بوستروم نشاطها في تجارة أعضاء الشهداء الفلسطينيين تمتد أذرعها من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الى أسواق تبييض الأموال في نيويورك ، ويشارك فيها بالطبع ضباط إسرائيليون وأطباء وممولون وحاخامات ، والضحايا فلسطينيون يناضلون من أجل حقهم في الحياة بحرية على أرضهم .
والاحتجاج الإسرائيلي الرسمي على ما قام به بوستروم طبيعي جدا من دولة هي في حد ذاتها " عصابة " لاتقبل اعتراض أحد على أفعالها ، وتصر على ممارسة كل بشاعة الاحتلال " بأمر من يهوه إلهها " ، فحين عبر الكونت برنادوت عن موقف موضوعي في العام 1947 تولت احدي المنظمات الصهيونية قتله ، وكان القاتل اسحق شامير الذي سيصبح لاحقا رئيسا للحكومة الإسرائيلية ، وبرنادوت سويدي أيضا. كما أن رفض الدولة السويدية محاسبة الصحفي بوستروم ، بناء على طلب من حكومة إسرائيل ، طبيعي وهو من طبيعة تكوين الدولة السويدية الديمقراطية التي تقر حق حرية التعبير .
وبين مهنية الصحفي السويدي وعنجهية الحكومة الإسرائيلية تقف قضية فلسطين شاهدا على ما تبقى من عصور الاستعمار الاستيطاني الذي اجتاح العالم في القرن التاسع عشر ، والذي قرر العالم بعد الحرب العالمية الثانية " تصفيته " ، وبقيت إسرائيل استثناء مدعوما من سلطات الغرب العظمى .
لكن الأحرار ، المؤمنين بحق الشعوب في الحرية والاستقلال ، رفضوا مواقف دولهم السلبي من القضية الفلسطينية ، وعملوا ، كل على طريقته وحسب إمكانياته ، على دعم نضال الشعب الفلسطيني ، منهم من حمل السلاح الى جانب المقاتلين الفلسطينيين ، وهم كثر جاءوا من كل أرجاء الكون : يابانيون وإيرانيون وأمريكيون وأوروبيون ، ومنهم صحافيون وكتاب ملأوا الصحف بالتحقيقات ، وكتبوا الكتب عن فلسطين والفلسطينيين . كل ذلك ساعد في أن يكون الموضوع الفلسطيني موضوعا كونيا ، وكان مثول الزعيم الفلسطيني الراحل ، ياسر عرفات ، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1974 التعبير العملي عن كونية القضية الفلسطينية .
حل القضية الفلسطينية بما يحقق طموح الشعب الفلسطيني ، ليس غدا ، طالما أن الاحتلال الإسرائيلي قائم على أرض فلسطين بروحه وثقافته الاستعمارية ، وطالما أن دول الغرب العظمى ترى في إسرائيل بسلوكها الاستعماري تخدم مصالحه . ولأن الأمر كذلك ، فعمل الإعلاميين من أمثال بوستروم ، خاصة في دول الغرب المسيطرة على العالم ، يساهم في الإضاءة على الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال . ففي الوضع الفلسطيني تصبح المهنية الإعلامية عملا سياسيا بكل جدارة .
شيراز عاشور
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟