من زمن العقل والألم إلى زمن اللذة

جواد عمران

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 23:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

إن المتتبع لمسار التلفزة المغربية يجد أنها في الآونة الأخيرة بدأت تركز الاهتمام على مواضيع وثقافة بعينها، المتمثلة في ثقافة الميوع والفساد التي تنقلها المهرجانات والحفلات الموسيقية والمتمثلة أيضا في تلك المسلسلات المكسيكية والتركية التي يخجل العديد منا مشاهدتها مع أسرته وأقربائه،. قد يجهل المتتبع العادي خطورة الأهداف التي تراد إلى تحقيقها هذه المواضيع وهذه الثقافة، ولكن الدارس المتأمل يجد أنها تحاول في معظمها تغليب زمن اللذة على زمن العقل وكسر تلك القيم النبيلة التي كانت تميز المجتمع المغربي إلى عهد قريب ونشر بدلها ثقافة الميوع والفساد الأخلاقي، هذا بالإضافة إلى هدفها الخطير والاستراتيجي المتمثل في خلق وتكوين إنسان على المقاس له اهتمامات وأفكار حددت سلفا. ألا يمكن اعتبار مقولة الأستاذ الكبير والسوسيولوجي المغربي "محمد جسوس" هي تعبير صادق وصريح عن هذه السياسة الإعلامية "إنهم يريدون خلق جيل من الضياع. نعم لقد بدأنا نستشعر هذا المر ونلمسه في حياتنا اليومية، ويطرح السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل مغربي واع بهذه المسألة: هو التلفزة أداة للتربية أم للتغريب؟ فعلا، لقد تحولت مهمة التلفزة والإعلام بصفة عامة من تلك المهمة النبيلة التي كان يحاول ويسعى جاهدا في تحقيقها والتي يركز من خلالها على تغذية الفرد فكريا وثقافيا إلى مهمة دينية نستهدف فكر الجماهير الشعبية وثقافتها، إننا هنا لسنا بصدد إصدار أحكام قيمة ولكنها تبقى حقيقية وحقيقة مرة. تمثلت في خلق جيل بدون هوية ويعيش الاغتراب في كل مستوياته، ولديه العديد من الأزمات النفسية والاقتصادية والاجتماعية قد يلجأ معها إلى الانتقال من الزمن الواقعي إلى الزمن الافتراضي من أجل التخفيف من حدتها. وهذا ما توفره تقنيات أخرى كالإنترنت مثلا.
ترى إلى من يعزى هذا الأمر؟ تبدو الإجابة محيرة وصادمة في الوقت نفسه، لأن قنواتنا الإعلامية والتلفزية تتحمل النصيب الوفير في الحالة الوجدانية التي يعيشها الشباب المغربي وأطفاله. إننا من هذا المنطق نسعى إلى بلورة رؤية نقذية لمعظم المواضيع التي تتناولها التلفزة. وحتى لا نطيل في الكلام، نريد تلفزة الثقافة والمعرفة لا ثقافة التغريب. ونريد مواضيع هادفة. ومي هذا المنبر نلح على احترام عادات وتقاليد وقيم مجتمعنا المغربي لأن هذه السياسة الإعلامية تهدف إلى اختراقها وتجاوزها، كما نلح على المسألة الكبرى وهي تلقين هذه العادات والقيم إلى الجيل الصاعد، حتى يتم استيعابها، وتضمن بالتالي استمراريتها والخوف كل الخوف من أن تنسى هذه القيم، ونسيانها هو نسيان للتاريخ في حد ذاته.
بقلم : الطالب جواد عمران.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل