أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى لمودن - هل ستظل الفيضانات تكرر المآسي في المغرب؟















المزيد.....

هل ستظل الفيضانات تكرر المآسي في المغرب؟


مصطفى لمودن

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 19:49
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


ها هي من جديد تقع الفيضانات، وهاهو مشهد بحر من الماء المتدفق يغطي سهولا منبسطة على حد البصر، وهاهم سكان القرى من جديد يولولون ويندبون حظهم العاثر على ضياع زرع وضرع، وفقدان أثاث منزلي، وتهدم مساكن من تراب... إن من سمع صيحات مهددين بالغرق على أمواج الإذاعة الوطنية في نشرة زوال يوم الخميس 14 يناير 2010 يندهش للأمر؛ فكيف لبضعة عشرات من المليمترات المتساقطة هنا وهناك تحدث كل هذه الخسائر وتسبب كل هذه الفواجع؟ الآن ـ لحظة كتابة هذه الأسطر ـ أصبح مؤكدا أن المياه غمرت قرى وأراض شاسعة تمتد من الحوافات على مشارف سيدي قاسم إلى سيدي علال التازي على مقربة من القنيطرة، المياه تتدفق بقوة وسرعة كما أتيح لي رؤيتها من حد فاصل بين منطقة الفيضانات والجانب المحادي لها الغارق بدوره في الوحل، مساء اليوم الجمعة 15 يناير، وهي تجر (المياه) كل ما تجده في طريقها..
ارتوت الأرض واستكفت خلال أسبوع ممطر، ووصلت سيول المرتفعات الهادرة من حدود تازة وإفران والشاون ووزان والخميسات... دون أن نغفل كل بقية المناطق الشاسعة من أقاليم مكناس وفاس وسيدي قاسم..، كلها تصب في روافد نهر سبو، وتلتقي في "الثقب الأسود" المعروف ب"المكرن" حيث تلتقي وتقترن كل الأنهار صغيرها وكبيرها، لعل أهمها سبو نفسه وورغة وبهت...فتتحول المنطقة السهلية المنبسطة برمتها إلى بحر كبير من المياه التي تتزاحم وتتدافع في اتجاه البحر عبر معبر ضيق يقود إلى المحيط الأطلسي على جانب القنيطرة والمهدية..
فأين التدبير البشري اللازم لاستخدام العقل للتقليل من آفات الطبيعة حينما تقسو؟ كما علم الجميع فالسدود المعول عليها أصبحت "محايدة" بدون "شغل"، كل قطرة ماء تعبرها متجاوزة الجدار القوي الذي كان يعتقد واضعوه أنه هو الواقي المعول عليه، فأقدم سد بالمغرب "القنصرة" (1932)على بهت بسرعة أصبح ممتلئ، رغم كل التفريغات التي حدثت منذ التساقطات الأولى تفاديا لكل أسوأ كما وقع السنة المنصرمة 2009، أما أن أكبر سد بالمغرب وثاني أكبر سد بإفريقيا، "الوحدة" على ورغة فبدوره استسلم وتجاوزته المياه، ونفس الشيء بالنسبة لسد "إدريس الأول" على سبو...فماذا بقي إذن؟
لم يبق غير إجراءات الطوارئ غير المصرح بها طبعا، وكما حدث السنة الفارطة فقد نزلت إلى الميدان القوة العمومية المغربية، ولولاها لكانت الكارثة أضخم في فبراير 2009، فرغم الخسائر المادية التي وقعت لم يتم الحديث عن خسائر في الأرواح، لقد كنا شهودا على المجهودات الضخمة التي قام بها الجيش الملكي في ذلك، بالإضافة إلى قوات أخرى كالوقاية المدنية رغم ضعف تجهيزاتها حسب ما يبدو.
هذه الأيام ـ من جديد ـ تجوب بعض هذه السواعد المنقذة المنطقة، وعلمنا أن السلطات قد هيأت ملاجئ سبق استعمالها السنة الفارطة كمعمل تلفيف الحوامض بسيدي سليمان، لكن إلى متى سيظل نفس المشهد يتجدد؟
لعل مستمعي الإذاعة الوطنية قد التقطوا احتجاج أحد المواطنين أثناء بث النشرة الإخبارية المشار إليها أعلاه، كما يمكن مشاهدة عشرات الأمثلة المشابهة أو القراءة عنها في الصحف؛ فالمواطن كان يصيح بكل ما تبقى لديه من قوة ضد المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بالغرب الذي لم يفتح ممرات تفريغ الماء، ولم يعمقها وقد تخلى عن مهامه منذ سنوات.
إنها جهة واحدة من أطراف عديدة تتحمل مسؤولية إهمال منطقة الغرب، فوزارة التجهيز لم تفرغ قعر السدود من الأوحال لتمتلئ حقينتها فعلا بالماء عوض الطين والأحجار القادمة في كل فصل شتاء من المرتفعات المجاورة، بل لم تهيئ محيط السدود لتحمي الحوض المائي من الأوحال عبر تشييد حواجز ومدرجات حجرية، ولم تنفذ حتى أبسط حل طبيعي وهو غرس الأشجار... ونتيجة ذلك السدود تمتلئ بسرعة عن آخرها.
إذا كانت السدود القائمة قد استوفت مهمتها، لماذا لا تبنى أخرى؟ كما هو عليه الحال بالنسبة لنهر أم الربيع الذي عليه خمس سدود ( أو أكثر)، إن الفزع الذي يحل بالمواطنين الآمنين والخسائر التي تصيب الممتلكات ليست أهون من كل نفقات مطلوبة للوقاية من أخطار الفيضانات.
وللذكرى، فقد كان فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي سليمان في قلب الأحداث أثناء فيضانات السنة المنصرمة، ابتداء من اليوم الثالث من فبراير كان أعضاء الفرع يقومون بدورهم المطلوب، وهو متابعة ورصد الوقائع وتسجيلها واتخاذ ما يلزم تجاه كل حالة، بل لم يكتف أعضاء الجمعية الحقوقية بالجلوس وانتظار التوصل بالشكايات وطلبات المآزرة، بل خرجوا إلى عين المكان سواء في الأحياء المتضررة بالمدينة أو في دواوير العالم القروي عبر قوافل استطلاع منظمة، لقد وقف الأعضاء على مآس حقيقية، كل ذلك موثق بتفاصيله، وأحيانا مصحوبا بالصور، ونتيجة لذلك عقد مكتب الفرع لقاءات متعددة مع المسؤولين المحليين في شأن عدة قضايا، كما نظم المكتب لقاء خاصا بقاعة عمومية في19 أبريل 2009 قدم فيه حصيلة تحركاته وتحدث متضررون عن أوضاعهم المأساوية، بالإضافة إلى ذلك تمت مراسلة كل المسؤولين المعنيين بالموضوع (بدون استثناء) وعلى رأسهم الوزير الأول، ولمرتين، وقد طالبه فرع الجمعية المغربية بالتدخل العاجل من أجل الحلولة دون تكرار مآسي الفيضانات، بل توصل بمقترحات عملية من أجل ذلك. للأسف لا يكفي أن نقول أن الفرع لم يتوصل بأي جواب (باستثناء واحد من مندوبية وزارة السكنى والتعمير والتنمية المجالية بالقنيطرة) ، بل أن يكون الإهمال هو سيد الموقف، كأن سكان منطقة الغرب من قارة أخرى، ما يهم الجميع طبعا هو الفعل في الميدان والاستجابة لمضمون الرسائل، والجميع يعلم ما وقع في أرض الواقع، لقد حلت الفيضانات من جديد، ولم يتم تهيئ أي شيء، الأمر يحتاج إلى وقفة حازمة ضد هذا النسيان...
لكن، وبما أن مآسي السنة المنصرمة ما تزال في الأذهان، فقد تحركت الجرافات في آخر لحظة والمطر ينزل لوضع حواجز ترابية على جوانب نهر بهت!! فأين كان هؤلاء طول السنة؟ هل كانوا يراهنون على سنة بدون مطر؟
لن ننسى تجميع المنكوبين في الملاجئ كيفما اتفق، سنظل نتذكر كل من تهدمت منازلهم وضاعت ممتلكاتهم وجلسوا مفترشين الوحل، نملك عشرات الصور التي تؤكد ذلك، لن ننسى الأمهات وهن يحضن فلذات أكبادهن في العراء، لن ننسى مسؤولا اختزن الأغطية ووضع عليها حراسا والمنكوبون يتضورون من البرد، لن ننسى من بقي يسكن رفقة عائلته أو بمشاركة عائلة أخرى خياما بلاستيكية لشهور، ولكن في نفس الوقت نقدر حجم الكارثة وشساعة المنطقة المنكوبة وحجم التضحيات التي قدمت هنا وهناك من قبل عدة جهات بمن فيهم مواطنون محسنون ومتطوعون، السلطات اختصرت من عدد المنكوبين ما استطاعت واعترفت بأزيد من 2160أسرة متضررة، منها 209 بالعالم الحضري، توصل أغلب من في المدينة ببقعة أرضية صغيرة ومنحة قيمتها 3 ملايين سنتيم، ونصف هذه المنحة فقط لمن في البوادي، لكن المتضررين أكثر من ذلك، حسب معاينة المشاركين في قافلة تضامنية مع المنكوبين نظمها الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى المنطقة في 22 أبريل 2009.
تتحدث الأرصاد الجوية في آخر تنبؤاتها عن توقف المطر بشكل مؤقت، وذلك بمثابة فسحة للاستعداد لما قد يأتي في الأيام القادمة من أمطار، ونحن ما نزال في منتصف يناير، يفصلنا أزيد من نصف شهر عن توقيت فيضانات 2009 ، فهل يكفي ذلك لأخذ كل الاحتياطات لتجنب مخاطر الفيضانات؟



#مصطفى_لمودن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نادي الأسير الفلسطيني في جولة له بالمغرب
- عاشوراء بين النار والماء(المغرب) من قطرات الماء الرمزية إلى ...
- حوار حول الوضع السياسي بالمغرب، الانتخابات، الأحزاب، دور الي ...
- فيروس الزوكام المميت يتوسع في فرنسا ويتحول في النرويج وشكوك ...
- من ذكريات المسيرة الخضراء(المغرب)
- هدر مدرسي يساوي خسارة أمة(المغرب)
- حركية دولية للتضامن مع بنصميم(المغرب)
- الخادمات بالقناة الثانية المغربية
- تجمع المدونين المغاربة يعقد ندوة ويصدر بيانا
- المخيمات الصيفية بالمغرب: ضعف التأطير وقلة الإمكانيات.
- تجمع المدونين المغاربة من أجل ترسيخ تدوين فاعل
- أي دور للصحافة المغربية؟؟
- أطفال لا يخيمون بالمغرب
- إصدار الحكم في حق المتابعين في قضية بنصميم بالمغرب
- رهانات الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009 في المغرب
- حزب الهمة يتحول إلى المعارضة، انتفاضة أم زوبعة في فنجان؟(الم ...
- رسالة إلى مترشح(ة) في الانتخابات المحلية بالمغرب
- الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على الاقتصاد المغربي من خ ...
- صحفي يهزأ من مدرس الفلسفة(المغرب)
- -المساء- تفتي بالتعزيز والضرب الشديد والحبس في حق من لا يصوم ...


المزيد.....




- النفط يرتفع بعد هبوط مفاجئ لمخزونات الخام الأميركية
- كوريا الشمالية ترسل وفدا اقتصاديا إلى إيران
- النفط يرتفع بعد انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام الأميركية ...
- “حتتوظف انهاردة” وظائف شاغرة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك ل ...
- أردوغان في أربيل.. النفط وقضايا أخرى
- اضطرابات الطيران في إسرائيل تؤجّل التعافي وتؤثر على خطط -عيد ...
- أغذية الإماراتية توافق على توزيع أرباح نقدية.. بهذه القيمة
- النفط يصعد 1% مع هبوط الدولار وتحول التركيز لبيانات اقتصادية ...
- بنك UBS السويسري يحصل على موافقة لتأسيس فرع له في السعودية
- بعد 200 يوم من العدوان على غزة الإحتلال يتكبد خسائر اقتصادية ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى لمودن - هل ستظل الفيضانات تكرر المآسي في المغرب؟