أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد علي اليوسفي - قصة الطرس للقاص عبد علي اليوسفي














المزيد.....

قصة الطرس للقاص عبد علي اليوسفي


عبد علي اليوسفي

الحوار المتمدن-العدد: 2881 - 2010 / 1 / 7 - 23:57
المحور: الادب والفن
    



في تلك العاصفة الهوجاء التي أقضت مضجع إنسانية الطبيعة عثرت عليه.
- مات الآلة انكي
أول النقوش التي تعانق عينيك وأنت تتصفح (الطرس) الذي اخرجته تلك القذيفة- من أعماق الأرض تشضت عيناي على الرقيم ارتجف جسدي. تلعثم لساني وهو بلثغ الحروف –الرموز- الأولى في سفر اللغة ينهمك العقل في حلها.
- ذعر الأهالي، الكهنة ذوو اللحي الطويلة والملوك ذوو الشعور الطويلة المصقولة بالزيت والعنبر والقادة والجنود والخدم وطهاة مطاعم القصور والقلاع والقاعات التي تحت الأرض والمعابد والملاجئ والسراديب ومسارح الغابات والطبالون والمهرجون والالهة الصغار.
تراءى لي حشد الكهنة والملوك بكروشهم المندلقة الى أمام ولحاهم الطويلة واثوابهم الممتلئة بالطيات والزخارف مذعورين أو هاربين أو مجتمعين خلف الأبنية وفي السراديب او تحت السلالم المظلمة من شدة البرق الذي راح يجلجل المدينة وكل منهم يستجدي شجاعة هاربة في وجه الآخر.
تموج المشهد في بنفسجية خيالي الذي راح يسترجع تلك الحادثة المروعة،
حيث ساد (الهرج والمرج) تدفق بشاشتي.. الدعاة، باعة الخمور، الطبالون الراقصون، الراقصات، الشعراء القصاصون، كتاب التاريخ، النساخ، الطباعون، الجغرافيون، القوادون الشاذون جنسياً، الطيور الجارحة، وهم يهتفون يلغطون يصوتون، ويثرثرون، حول معبد المدينة الكبير. وتعرضت كنوز المدينة للسرقة زقام الناس بسسرقة القصور والقلاع والمعابد والسراديب وعمدوا الى فتح الخزائن المخبأة تحت الأرض والملاجئ المحصنة واستولوا على الخيول الذهبية والغزلان والأفاعي والملويات المرصعة باللازود والحجر الأصيل، والحجول المذهبة والشناشيل والزناجيل وقارورات المناسبات وخزائن الأسلحة، والسيوف والخناجر الأثرية والخواتم ذات الخرز الذي على هيئة أفواه جوار وعيون.
- ذهل أهل المدينة وتراهم سكارى وهم ليسوا بسكارى ولما أصبح العالم وبلا حدود بلا جنة ولا نار ولا حساب ولا عقاب، راحوا يعيثون بالأرض فساداً وعمدوا الى الاقتتال وقطفوا الفاكهة قبل النضوج وقاموا باخصاء الطيور الجارحة بعد ان اتهموها بمضاجعة الأرامل والعوانس وزوجات الأثرياء والقادة الهاربين وجنحوا الى كل معصية بروح تمردية مرعبة.
* تخليت المدينة ممتلئة بالحرائق والمداخن والخراب حيث استبيح كل شيء ترى العابثين والمدمنين والمصابين بالجوع الجنسي المزمن يدهنون أجساد النساء بدهن الخروع والتفاح المتعفن، وتعرضوا الى الهزال والجرب الروحي وتساقط شعر رؤوسهم ولحاهم. نشبت الحرب بوحشة مذهلة وكأن المدينة عطشى لمرأى الدم يتدفق وتحولت الى لوحة غرائبية إذ ترى الجثث منتشرة ومرمية هنا وهناك أجساداً بلا رؤوس رؤوساً بلا ملامح وجوهاً بلا أسنان وجوهاً بلا أنوف، وجوهاً مخزومة جثثاً بلا أطراف وجوهاً بلا وجوه ناساً بلا أنسنه.
امتلأت الشوارع بالعرجان والممسوسين والمتسولين والصفيقين وأتباع الهوى والدجالين وضعفاء المواهب والمراوغين والخنثيين وبدأت النساء يتعرين شيئاً فشيئاً حتى يلقين النظرات على أجسادهن من مرايا زجاج المحلات التجارية كي يتأكدن من ان ثمة بصيص أمل لحياة عمياء وما ان تنتهي حرب وقبل ان يتأكد الرجال عما فقدموه بدأت حرب جديدة وهكذا..
وقعت نظراتي على الفجوة الممزقة من (الطرس) ثمة حروف مخرومة حاولت جاهداً ان اربطها لكن من دون جدوى، تمكنت من قراءة مقطع أخير بدأ لي انه يختلف عما مدون في الطرس.
آلات مخيفة تحلق في السماء، أصواتها كالريح الصرصر، هدير، هدير، دخان، أزيز يولد أزيزا، صراخ في صراخ، تمزق كل شيء حتى قطع الغيوم، تقطعت أوصال الشوارع..(قطع).. وماتت الذكريات في أفواه الحفر امتزجت الدماء والطين والحجر والحديد..(قطع).. حفر في الطرس.. جزء كبير مثلوم من الحافة: مثل تلك الحفر التي تخيلتها في تلك الشوارع ثم ينتهي النقش الذي حاولت ان اربط حروفه بصعوبة تمكنت من قراءة (نشبت الحروب بوحشية مدهشة) جاءت هذه العبارة على حافة (الطرس)..(قطع).. فراغ ثم حروف غير بائنة.. بقايا بقعة حبر زرقاء منحدرة كدمعة.



#عبد_علي_اليوسفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد علي اليوسفي - قصة الطرس للقاص عبد علي اليوسفي