أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بسام جودة - الخطاب الاعلامي الفلسطيني والقضايا المحورية القدس ..اللاجئين .. الأسرى .. جدار الفصل















المزيد.....


الخطاب الاعلامي الفلسطيني والقضايا المحورية القدس ..اللاجئين .. الأسرى .. جدار الفصل


محمد بسام جودة

الحوار المتمدن-العدد: 874 - 2004 / 6 / 24 - 06:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


طرحت الانتفاضة الفلسطينية المندلعة منذ 27 أيلول الماضي، أسئلة استراتيجية متشعبة حول المصير الفلسطيني وعملية التسوية وآليات المواجهة والسبل الآيلة إلى تطويرها، فضلا عن الرؤية الضابطة لحركة الانتفاضة، ومواقف الفصائل والقوى الفلسطينية المختلفة من غاية الانتفاضة ودورها، إضافة إلي تأثيراتها على السياسات العربية والدولية، الرسمية منها والشعبية، ناهيك عن انعكاساتها على سياسات العدو “الإسرائيلي”، الأمنية والاقتصادية .
ومن الواضح أن العلاقة بين الإعلام والانتفاضة لها أثر ودور كبير لاسيما علي مجريات الأحداث والوقائع التي تعيشها القضية الفلسطينية في هذه المرحلة ، يأتي ذلك في الوقت الذي لعبت فيه وسائل الإعلام المختلفة أدوارا متعددة في فضح السياسات الإجرامية والهمجية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته الهادفة للقضاء علي الإنسان والأرض الفلسطينية ، فالإعلام من أهم أسلحة الانتفاضة وأحد مقوماتها الأساسية، للاستمرار، والوصول إلي الأهداف المرجوة، ولن يكون كذلك إلا إذا أخذ بعداً عربياً وإسلامياً من أجل تحقيق الأهداف النهائية للشعب الفلسطيني وخاصة إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وتطبيق حق العودة لأكثر من أربعة ملايين لاجئ، هذا فضلاً عن ضرورة التأكيد على قرارات الشرعية الدولية حول القدس، اللاجئين، الاستيطان، ومن أهمها القرار 237، والقرار 194.
وعند الحديث عن واقع الخطاب الإعلامي منذ الانتفاضة وحتى الآن نجد أن الخطاب الإعلامي الفلسطيني خطاب لم يصل في ذروته لدرجة الوعي والإدراك للمتغيرات التي يعيشها المجتمع الفلسطيني أو لخلق حالة من الانسجام بين كافة القوي والأطر الفلسطينية المشاركة بفعاليات الانتفاضة ، فهناك أكثر من خطاب إعلامي فلسطيني يطرح وهذا طبيعي جداً وديمقراطي في الدول المستقرة والمتحررة من دنس الاحتلال ولكن حسب اعتقادي أنه في ظل واقعنا الفلسطيني والتحديات التي تمر بها قضيتنا في ظل الاحتلال والعدوان الإسرائيلي تكون هذه الظاهرة غير صحية في الوقت التي يتشتت فيه الخطاب الإعلامي حسب التوجهات والأهداف التي يتبناها كل تنظيم أو فصيل فلسطيني بما يتلاءم وطبيعته ، فالسلطة لها خطاب إعلامي والفصائل الإسلامية لها خطاب إعلامي والفصائل اليسارية لها أيضا خطاب إعلامي أخر ، وعليه بقي الخطاب الإعلامي الفلسطيني في حالة من الضعف والترهل نتيجة للاختلاف والانقسام الواضح من الهدف السياسي للانتفاضة ورسالتها من جهة وغياب الرؤية والبرنامج السياسي الفلسطيني الموحد من جهة ثانية ، والذي أدي بدوره لخلق حالة من الإرباك والتخبط الواضح للتوجهات والرؤى المعبره عن الانتفاضة والغاية منها .
وهنا تحضرني مقولة للروائي الفلسطيني الراحل الأديب أميل حبيبي في مسرحيته الشهيرة (لكع بن لكع) لا تلوموا الضحية.، نعم نحن الضحية ونحن هنا تعني شعبا وسلطة معارضة وحكومة..
السؤال الموجع والمؤلم الذي يطرح نفسه.. لماذا خطابنا الإعلامي عاجز وقاصر عن محاكاة العالم وإيصاله الحقيقة؟؟ ولماذا لا ينجح في تسويق وطرح الواقع الخطير الذي يحيق بنا من كل اتجاه؟؟ ولماذا لم نستطيع حتى هذه اللحظة من صياغة خطاب إعلامي موجه لتقديم الحقيقة أمام تزوير الأحداث ليعلم العالم بأننا ضحية لإرهاب منظم؟؟
للإجابة على هذه الأسئلة ، نؤكد على عمق الصلة بين الانتفاضة والإعلام، وبحيث تبدو الأولى مرادفا للثاني، ولعل من حقيقة الأشياء القول بان مصطلح "الإعلام الفلسطيني" هو مصطلح فضفاض وينطوي على الكثير من المبالغة، فالخطاب الإعلامي الفلسطيني هو خطب فلسطينية متعددة الاتجاهات ومتوازية مع تعدد القوى والفصائل الفلسطينية .
لا شك أن الأداء الإعلامي الفلسطيني ، يواجه مشكلة كبرى وهي ازدواجية الخطاب السياسي وعدم الانسجام والوضوح وهذا يتطلب أن يكون هناك خطاب سياسي واحد موحد وثابت بعيدا عن الازدواجية ، ويرتكز في أساسه علي استمرار الانتفاضة والمقاومة وتفعيلها ، وتشكيل مجلس إعلامي أعلى تشارك فيه القوى الوطنية والإسلامية والكفاءات الفلسطينية، وبما يمكن من تعبئة كل الطاقات للنهوض بإعلام فلسطيني قوي قادر على التأثير في الرأي العام الفلسطيني وتعبئته ومواجهة الأكاذيب الصهيونية وكسب الرأي العام العالمي لصالح» حقوقنا الوطنية وعلى قاعدة الاستمرار.
إن حالة التقلب التي يعيشها الإعلام الرسمي الفلسطيني بشكل خاص يوحي أنه لا يوجد لإعلامنا وجها من ظهر، أو هدف و مؤشر، لاسيما وان الأعلام الفلسطيني لن يجري عليه تحسين أو تطوير، طالما أن هذا الإعلام يعكس رؤى وتوجهات جهة واحدة وهي توجهات السلطة الفلسطينية،أما باقي الجهات والفصائل الأخرى فان وجهتها غائبة تماماً من عرش الإعلام الفلسطيني الرسمي ، وبالتالي يصعب مواجهة الآلية الإعلامية الإسرائيلية في ظل هذه المعضلة ، ويؤسفني القول أن ما يساعد الفلسطينيين إعلاميا وخاصة الفصائل الفلسطينية المختلفة لاسيما الإسلامية منها هو الفضائيات العربية اكثر بكثير من الإعلام الفلسطيني .
وحتى لا نجلد أنفسنا كفلسطينيين نؤكد قدرة الإعلام الفلسطيني وإسهاماته في إيصال صوت الانتفاضة وصورها وحركتها إلى العالم الخارجي، ومنه الوطن العربي بطبيعة الحال، واستطاع هذا الإعلام وهو رسمي على الأغلب، في الترويج لـ مصطلح انتفاضة الأقصى، أي ربط الانتفاضة بالخلفية الدينية، وقد يكون هذا المصطلح على أهمية، هو الوحيد الذي تم ابتكاره طوال اشهر الانتفاضة.
كل ما تقدم في جانب، إلا انه ينبغي أيضا النظر إلى الجوانب الأخرى في مسار الإعلام الفلسطيني وكيفية تعاطيه مع الانتفاضة، ومنها:
1 ـ إن غياب الاستراتيجية الإعلامية الفلسطينية، الناتجة عن غياب الرؤية السياسية الموحدة جعل التعاطي الإعلامي الفلسطيني مع الانتفاضة، متناقضا في أحيان كثيرة، ومربكا في أحيان أخرى، خاصة في المنعطفات السياسية، ففي هذه الحال، يكون إعلام السلطة في جهة، و إعلام المعارضة الإسلامية في جهة ثانية، و إعلام المعارضة العلمانية، في جهة ثالثة، الأمر الذي يدفع نحو ضياع الفلسطينيين وإرباكهم، وبالتالي بروز تناقضاتهم.
2 ـ إن غياب المشروع السياسي للانتفاضة أو عدم وضوحه، أو تارجحه، يظهر جليا في الخطاب الإعلامي الفلسطيني، وهذا يترك آثاره السلبية على أداء الانتفاضة وكيفية توجيهها، وغياب المشروع السياسي ناتج عن عدم اتفاق القوى الفلسطينية المتعددة حول العديد من النقاط أهمها: الغاية من الانتفاضة.
3 ـ سبق القول، أن الإعلام الفلسطيني استطاع إنتاج مصطلح "انتفاضة الأقصى"، وقد لا نجد مصطلحا آخر تم ابتكاره وترويجه، وان دل ذلك على شيء، فانه يدل على قصور الإعلام الفلسطيني في إنتاج المصطلحات والمفاهيم الضرورية التي تحدد السلوكيات السياسية ودائرة حركتها وأهدافها.
4 ـ على الرغم من إسهامات الإعلام الفلسطيني في التأثير بين الداخلي والخارجي، إلا أن هذا الإعلام على ضعف شديد لم يخوله في احتلال مكانه الصدارة الإعلامية المتميزة رغم وجوده في قلب الحدث، فمحطات تلفزيونية عربية على سبيل المثال، مثل المنار، أو الجزيرة أو أبو ظبي، يتابعها فلسطينيو الداخل جراء نقلها للوقائع و إعطائها مساحات للتحليل والرأي، اكثر من متابعة هؤلاء الفلسطينيين للتلفزيون الفلسطيني ، وذلك حسب استطلاعات للرأي العام التي أجراها مركز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية بغزة .
5 ـ الملاحظ، أن الإعلام الفلسطيني، يركز على صورة الضحية، وإذا كان هذا الجانب مطلوبا، فانه ليس مطلوبا في كل حين وفي كل محطة، لاعتبارات تتعلق باحتمالات البأس والإحباط، فصورة الفلسطيني البطل، مطلوبة هي أيضا، وصورة “الإسرائيلي” القتيل أو الخائف، لا تقل أهمية عن الصورتين الواردتين آنفا.
6 ـ إن الإعلام الفلسطيني الذي كان له صولات وجولات في العالم العربي، وبقدر ما في أوروبا، يكاد أن يكون غائبا عن كل ساحة خارجية، أي على نقيض الإعلام “الإسرائيلي” الموجود في كل ساحة، حتى في الساحات العربية، والمفارقة هنا، أن الإعلام “الإسرائيلي” الذي يكاد يحتاج الساحة الفلسطينية لا يقابله إعلام فلسطيني موجه نحو إسرائيل.
ولكن ما يهمنا هنا هو التركيز علي الخطاب الإعلامي الفلسطيني وكيفية أدائه وتوجهاته وانعكاساته علي المجتمع الفلسطيني من جهة والمجتمعات العربية والدولية من جهة أخري ، لاسيما وأن الانتفاضة الفلسطينية وما تمخض عنها من نتائج ، استوجبت الشروع باتخاذ توجهات وأراء واضحة وموحدة حول الانتفاضة وأهدافها من قبل المسئولين والقيادات في السلطة الوطنية و الفصائل الفلسطينية ، وهذا إن دل فهو يدل حقيقتا عن غياب البرنامج السياسي الموحد للانتفاضة، وأيضا الاخفاقات التي أحدثها الخطاب الإعلامي الفلسطيني في التركيز علي القضايا الأساسية ذات العلاقة بمستقبل القضية الفلسطينية كقضية اللاجئين والقدس والأسرى وجدار الفصل العنصري ، فبدل التركيز علي تلك القضايا أصبح التركيز علي تشكيل حكومات فلسطينية وإقالة وزير وتعيين آخر بالإضافة لعقد لقاءات هنا واتفاقات هناك مع الجانب الإسرائيلي والتي لم تعد تشكل أي جدوي أو أهمية طالما أن هذه الاتفاقات واللقاءات لم ترتكز أو تستند أو تخضع في وجودها علي أي من القرارات التي أقرتها هيئة الأمم المتحدة للقضية الفلسطينية ، كما أن كل هذه المحاولات والجهود لم تري النور نتيجة الغطرسة والهجمة الإسرائيلية الوحشية علي الشعب الفلسطيني .
q قضية اللاجئين في الخطاب الإعلامي الرسمي الفلسطيني
يشار إلى أن الإعلام الفلسطيني لاسيما الرسمي منه لم يعط اتجاهات ورؤى واضحة للقضايا الجوهرية والمصيرية للقضية الفلسطينية كقضية اللاجئين والقدس والأسرى والجدار الفاصل الاهتمام المطلوب باعتبارها قضايا سياسية وإنسانية عادلة وتحظى بقرارات من الشرعية الدولية وتعبر عن اقدم معاناة للاجئين في العالم وعن انتهاكات إسرائيلية متواصلة حتى الآن بحق اللاجئين والمهجرين كما يحدث ضد مقابر يازور وسلمة وغيرها داخل الخط الأخضر .
لذا فان الخطاب الإعلامي لاسيما الرسمي منه أنحي منحي يتعارض مع طبيعة الأوضاع السياسية الصعبة التي يمر بها المجتمع الفلسطيني ، وبالتالي الخروج عن القضايا المصيرية المتعلقة بحل القضية الفلسطينية وهذا بدوره أدي لخلق حالة من عدم التوحد والانسجام لطبيعة الخطاب السياسي والإعلامي بين السلطة والفصائل والهيئات الفلسطينية،وإذا أردنا الحديث عن التقصير الذي أحدثه الخطاب الإعلامي الفلسطيني في قضية اللاجئين نجد أنه تعامل مع قضية اللاجئين تعاملا موسميا وليس ضمن خطة واضحة واستراتيجية محددة كما حدث على سبيل المثال في الذكرى ال50 للنكبة من إحياء للمناسبة في كل محافظات الوطن.
هذا بالإضافة للازدواجية في الخطاب الإعلامي الرسمي لبعض المسؤولين ، وحجب أي تغطية إعلامية من قبل الوسائل الإعلامية الفلسطينية الرسمية لفعاليات ونشاطات اللاجئين ،وعدم قيام الإعلام الفلسطيني بدوره في مسألة تثقيف اللاجئين في حقوقهم وطرق المطالبة باستعادتها لاسيما أن هناك بعض المسؤولين اللذين قدموا أفكار واقتراحات ومبادرات سياسية لا تخدم حق العودة ، وهنا يجب التأكيد علي أن التحديات ازدادت أمام اللاجئين مما بات يشكل ضرورة للعمل على إيجاد خطة إعلامية وخطاب إعلامي واضح وموحد لمواجهة الأخطار المحدقة باللاجئين.
إن خطورة الخطاب الإعلامي الفلسطيني في التعامل مع قضية اللاجئين نابعة أيضاً من التركيز على جوانب المعاناة وهذا يثير التخوف من تحويل قضية اللاجئين إلى قضية إنسانية ومشكلة اجتماعية تستجدي أي حل من أشكال الحلول .
q قضية الأسرى في الخطاب الإعلامي الرسمي الفلسطيني
فهذه القضية لم يعد يتناولها الخطاب الإعلامي الفلسطيني الرسمي بشكل واضح ، لاسيما وأن الحكومة الإسرائيلية زادت من تنفيذ حملات الاعتقال في صفوف الفلسطينيين بشكل ملاحظ خلال فترة الانتفاضة ، باعتبار أن مواصلة هذه العملية قد تقلل من وهج الانتفاضة ، وكمحاولة إسرائيلية للقضاء علي القيادات الميدانية والسياسية للانتفاضة من خلال سجنهم واعتقالهم ، لكن المشكلة لم تكمن في ذلك قط، إن حقيقة هذه المشكلة تكمن في تحويل قضية الأسرى إلى قضية تفاوضية لفرض تنازلات سياسية علي الفلسطينيين مقابل حل هذه القضية ، إلا أن القيادة السياسية الفلسطينية وخاصة في السلطة الوطنية أخذت تتراجع بموقفها وخطابها السياسي والإعلامي تجاه هذه القضية ، إذا ما تغيب فعلاً هذا الخطاب عن تناول هذه القضية بشكل أقل ظهوراً وتأثيراً مما كان عليه في الانتفاضة الأولى عام 1987م.
فمن مؤشرات افتقاد الموضوعية في الخطاب الإعلامي الفلسطيني عدم استشارة الفلسطينيين أصحاب الشأن في كل قضية يتم تناولها أو التعبير عنها ، حيث أصبح التعبير والتصريح عن شئون الفلسطينيين بعيداً عن معرفة رأي أصحاب القضية برأيهم أو موقفهم و إنما اتخاذ القرار بشأنهم من وراء ظهورهم.
لاسيما وأن هناك قادة في السجون الإسرائيلية لهم دورهم السياسي والنضالي وذوي الخبرة كالمناضل مروان البرغوثي وحسام خضر وعبد الرحيم ملوح وغيرهم ، إذ تفرد بتقرير مصيرهم الذين التقوا في فندق سياحي بخمسة نجوم على شاطئ البحر الميت في جانبه الأردني.
وحين قراءة بعض التصريحات والمواقف لبعض المسؤولين في خطاباتهم الإعلامية حول قضية الأسرى أو القضايا المصيرية الأخرى ، نجد أن خطاباتهم ليس لها مثيل في كل تجارب حركات التحرر الوطني في العصر الحديث، كما أن له دلالتها الغير منسجمة مع تطلعات و رأي المجتمع الفلسطيني .
وفي قراءة الخطاب الإعلامي الفلسطيني في ضوء التجارب الإنسانية لن نغوص في صفحات التاريخ، وحسبنا الإشارة إلى حالتين قريبتي العهد وثالثة معاصرة. فعندما فشل بطل فرنسا التاريخي الجنرال ديجول في قمع ثورة الجزائر، واضطر إلى الدخول في “سلام الشجعان” الذي يحلو للرئيس عرفات تشبيه اتفاق أوسلو البائس به أصرت قيادة الثورة في الخارج أن يكون الحوار مع أحمد بن بيلا ورفاقه المعتقلين في فرنسا، وان ينقل المعتقلون للحدود السويسرية كي يتم التواصل الحر معهم. وعندما وقع الاتفاق لم يتبق في السجون الفرنسية أسير واحد، إذ لم يخضع موضوع الأسرى لمنطق المساومة أو يتأثر بالنزاعات المحتدمة بين قادة الثورة.
واليوم يضرب حسن نصر الله، وقيادة حزب الله، مثالا للالتزام الأخلاقي والوفاء الوطني، بالإصرار على أن يكون المناضل سمير قنطار في مقدمة المفرج عنهم من الأسرى العرب. علما بأنه حين وقع سمير قنطار في الأسر كان عضوا في منظمة يسارية فلسطينية، ولم يكن حزب الله قد برز للوجود، ولا عرف عن سمير قنطار ولاؤه لحسن نصر الله وإخوانه في قيادة حزب الله.
وبالتالي يجب النظر بضرورة التمييز بين "مشكلة " اللاجئين والأسرى لأن عبارة "مشكلة" توحي بأن حلها يأتي عبر احتساء قدح من القهوة لكننا نؤكد على عبارة قضية اللاجئين والأسرى فهناك فرق كبير .
q قضية القدس في الخطاب الإعلامي الرسمي الفلسطيني
إن قضية القدس هذه القضية المركزية المتعلقة بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، أخذت تتراجع في الخطاب الإعلامي الرسمي ، وهذا يرجعنا قليلاً للوراء وخاصة بعد انعقاد مؤتمر مدريد ومحاولة التعتيم الإعلامي الغربي لقضية القدس التي قصد فيها مصمم المؤتمر تغييبها فعلاً ،فالمفهوم الذي نعتمده في معالجة هذا الموضوع ينطلق من حقيقة أن القدس عاصمة (بلادنا فلسطين) واقعة تحت (احتلال) ، شأنها شأن فلسطين والجولان وشريط من جنوب لبنان، ومن ثم فان لها (قضية)، هي جزء من قضية فلسطين، تتصف بخصوصية بفعل عدة عوامل، وتنتمي هذه القضية إلى قضايا (التحرير). وهكذا يكون (تحرير) القدس هو مفتاح السلام.
فأول ما يتبادل إلى الذهن من أفكار في ضوء ما سبق هو أن يضع العرب عامة وشعب فلسطين بخاصة نصب العين تصعيد مقاومة الاحتلال من خلال استمرار الانتفاضة وتصاعدها وشمولها، فبهذه الانتفاضة وبتصعيد المقاومة توجد الأحداث التي تكون مادة الإعلام.
كما يتبادر إلى الذهن أيضا في ضوء ما سبق الحرص على صياغة خطاب إعلامي فلسطيني مؤثر بأسلوب جذاب ولغة واضحة ، ومحددة للجهات التي يتوجه إليها بالخطاب الإعلامي، ويقوم بدراسات حول كيفية مخاطبتها، بحيث يتعرض الخطاب الإعلامي عن قضية القدس لما عانت منه على أيدي الهمجية الصهيونية قبيل إقامة الكيان الصهيوني العنصري عام 1948، وبعد إقامته، ثم اثر احتلال القدس الشرقية عام 1967، وقد تنوعت هذه المعاناة وتعددت مجالاتها ومنها المجال الذي استهدفه التخريب الحضاري المتمثل بتشويه صورة المدينة التاريخية والمساس بقدسيتها ولابد أن تكون جميع قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقدس حاضرة في هذا الخطاب، وبخاصة قرارات مجلس الأمن مثل قرار 252 الذي عملت الصهيونية على عدم اعتماده كأساس مع قرار 242، ولابد أيضا أن يقدم هذا الخطاب الوضع القانوني لمدينة القدس من جميع جوانبه من وجهة نظرنا على أساس اعتبارها قضية قانونية.
كما يتعين مراجعة الموقف الحالي من قضية تحرير القدس بهدف جعله ثابتاً واضحا تحدده خطوط حمر، وقوام هذا الموقف المطلوب هو أن قضية القدس عاصمة فلسطين هي قضية وطن وشعب، وان فلسطين كانت عبر العصور وطناً لشعبها، وقبلة روحية للمؤمنين يسعد هذا الشعب باستضافة الحجيج منهم عند زيارتهم لها، ومطمعاً لغزاة لا بديل أمام شعب فلسطين عن مقاومتهم وصدهم، ولا حل لهذه القضية إلا بتحرير القدس من الاحتلال الصهيوني.
كما يجب أن يتضمن هذا الخطاب تصوراً لقدس المستقبل المحررة التي هي بحق مدينة السلام ومفتاح السلام، ولابد أن ينطلق هذا التصور من التمسك بالحق العربي الفلسطيني، ومن الثقة بأن المستقبل لنا، فمصير الغزاة الذين طمعوا في القدس كان دوما إلى اندحار، وقد انتهى الطغاة البغاة إلى زوال.



q قضية الجدار العازل أو الأمني في الخطاب الإعلامي الرسمي الفلسطيني
إن الجدار الذي تستمر “إسرائيل في بناءه على الرغم من الضغوط الدولية المختلفة التي أتت استجابة للصيحات الفلسطينية والعربية كالعادة، من الصعب جدا أن تستجيب “إسرائيل لضغوط إلا إذا كان الأمر قيد المداولة هامشيا ولا تشكل الاستجابة تراجعا جوهريا.
لن تتراجع “إسرائيل عن إقامة الجدار الفاصل ولن توقف أعمال البناء خاصة إذا تبين أن الجدار قد خفف من نجاح محاولات الفلسطينيين التسلل إلى فلسطين المحتلة عام 1948 وقلل بالتالي من العمليات العسكرية التي تطال تجمعاتها السكانية كما أرى الأمور.
وأنا أتفق مع الدكتور عبد الستار قاسم برأيه حول التسمية لهذا الجدار عندما قال أنه ليس من الدقة وصف الجدار الفاصل بأنه جدار فصل عنصري والاحتجاج عليه تحت هذا العنوان من أجل إزالته، اليهود عنصريون بالتراث والثقافة والممارسات اليومية ضد الفلسطينيين، لكن الجدار لا يخضع لهذا المعيار على الرغم من عنصريته، و إنما يخضع لمعيار الأمن، ولا يخفى أن طريقة النظر إلى الجدار تحكم إلى حد كبير السياسة التي يجب اتباعها من أجل القضاء على نتائجه أو السيطرة عليها، فإذا قلنا إنه عنصري فإن الجهود ستتوجه نحو جمعيات حقوق الإنسان ومختلف المنابر التي تدافع عن حقوق الإنسان، أما إذا قلنا إنه أمني فان الجهود ستتوجه نحو الإجراءات الأمنية التي يتوجب علينا اتخاذها من أجل إبطال مفعوله الأمني.
فضلا عن أن طرح العنصرية يوحي وكأن الفلسطينيين تواقون لاقامة جسور مع اليهود في فلسطين وتطبيع العلاقات معهم،فلا يمكن تقليص القضية الفلسطينية إلى مجرد مشكلة عنصرية، ولا يمكن التعامل مع الجدار من هذا المنطلق، الجدار عبارة عن امتداد للأعمال الصهيونية “الإسرائيلية التي ترى في “إسرائيل كيانا على حساب شعب فلسطين.
أي أن الخطاب الإعلامي الفلسطيني نحو معالجة أمر الجدار سيأخذ المنحى الأمني، مثلما هناك فلسطينيون يفكرون بأبعاد هذا الجدار على قضية السلام مع “إسرائيل، هناك فلسطينيون آخرون يفكرون في كيفية تقويض البعد الأمني للجدار.
لذا يجب أن يتناول خطابنا الإعلامي الفلسفة والأبعاد لأقامه الجدار لأن في ذلك ما يضع مختلف الجهات الفلسطينية في الصورة تماما، وينبه العقول على ما يجب عمله فلسطينيا للمواجهة.
إن تصدير مسألة الجدار إعلاميا إلى العالم خارج فلسطين لن يكفي وحده إذا ما تناول الخطاب الإعلامي هذه القضية بشكل أكثر صلابة وتأثيراً دون مساومة علي الأراضي التي بني عيها الجدار في أي حل أو مبادرة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي .
فإذا كانت الدولة الفلسطينية الموعودة لا تتضمن حلا لاهم عناصر القضية الفلسطينية وتعويضا عن الغبن التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني فما الذي يتبقى منها كمشروع وطني فلسطيني!!!
وهنا يجب التأكيد علي أن الإعلام الوطني الفلسطيني يجب أن يكون إعلاما ملتزما بالقضية الوطنية وان يشكل سدا منيعا أمام اختراق الإعلام المعادل للثقافة الوطنية للتأثير على الشعب وتغير رؤيته للواقع ،فالمتتبع للإعلام الفلسطيني يلاحظ وجود اكثر من إعلام فمنه الرسمي ومنه الخاص ومنه إعلام الفصائل وبالتالي غياب رؤية إستراتيجية إعلامية موحدة ناتجة عن غياب الرؤية السياسية للسلطة والفصائل ، وهذا يتطلب مراجعة دقيقة للخطاب الإعلامي الفلسطيني بكافة جوانبه وبمشاركة كل القوي والفعاليات والهيئات والكفاءات من أجل صياغة خطاب إعلامي فلسطيني موحد و يقدم صورة وخطاب إعلامي واحد وثابت من الانتفاضة وأهدافها وبرنامجها ، يستند في مقدمته علي ضرورة استمرار الانتفاضة وسبل دعمها وتطوير أشكالها بما يخدم صمود الشعب الفلسطيني في تحقيق مصيره وثوابته المشروعة في إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ، ويستطيع مواجهه الأكاذيب والادعاءات الإسرائيلية ومحاولاتها المتكررة لخلق حالة من الصراع والانقسام الفلسطيني الفلسطيني ، كهدف أساسي من أهداف حربها وعدوانها علي الشعب الفلسطيني.
خطاب إعلامي مدروس ومجد يستجيب للتطورات المتعلقة بالصراع مع الاحتلال الإسرائيلي من جهة وللمتطلبات الفلسطينية من جهة ثانية، بحيث يؤدي دوره في عملية المواجهة كمصدر للمعلومات والحقيقة أولا وكوسيلة للتحريض على نيل الحقوق المشروعة والنضال من اجلها ثانيا والإسهام في إعطاء الأمل بإمكانية استعادة الحق الفلسطيني.
التوصيات
إن العلاقة بين الانتفاضة والخطاب الإعلامي الفلسطيني، بحاجة إلى مراجعة تحض على التالي:
أ ـ إيجاد استراتيجية إعلامية تقوم على رؤية سياسية واحدة.
ب ـ خلق عالم من المصطلحات والرموز الضرورية لتحديد الغاية وإيجاد إجماع فلسطيني.
ج ـ نشل الفلسطيني من صورة الضحية، والبحث عن صور أخرى، أهمها البطل، وثانيها “الإسرائيلي” الخائف.
د ـ وجود إعلامي فلسطيني في العالم العربي، ووجود إعلامي فلسطيني عربي في العالم.
هـ ـ عدم التعاطي مع الانتفاضة كحدث، إنما كقضية.
وختاما لا بد من إعادة التأكيد على أن غياب الرؤية السياسية، تؤدي إلي غياب الإجماع الفلسطيني وبالتالي غياب الهدف الواحد، وهو ما ينعكس على تأثيرات السلوك السياسي، وعلى أداء الانتفاضة وهذه مسؤولية الإعلام والإعلاميين.
المـــــراجــــــــع

· د. عبد الستار قاسم - مجلة الخليج 19/11/2003.

· محمد صبيح – مجلة الانتفاضة –العدد السابع عشر بعد المائة .

· الانتفاضة والإعلام –توفيق شومان –صحافي وكاتب لبناني .

· لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين .

محمد بسام جودة-نحو خطاب اعلامي فلسطيني موجه·
نبيل السهلي –باحث فلسطيني-دمشق.



#محمد_بسام_جودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا يصبح الانسحاب من غزة كابوساً في نفق مظلم ...!!!
- الغزو الثقافي الصهيوني...وثقافة المقاومة
- من رفح الشامخة إلى قمة الخجل والذل العربي!!!
- أزمة الثقافة العربية وتحدياتها في ظل الهيمنة الغربية
- إشكاليات الثقافة العربية المعاصرة وآفاق المستقبل
- من الجدار إلى الانسحاب من غزة ماذا يخطط شارون!!! كي لا نلدغ ...
- صفعة مزدوجة من الليكود لشارون وبوش !!!


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بسام جودة - الخطاب الاعلامي الفلسطيني والقضايا المحورية القدس ..اللاجئين .. الأسرى .. جدار الفصل