سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 2874 - 2009 / 12 / 31 - 19:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لماذا نحضر عرائس لأطفالنا من البنات ,كما نحضر مسدسات ورشاشات لأطفالنا من الذكور ؟
نحن نهديهم ألعابهم كما تعودنا ورأينا أبائنا يهدوننا ألعابنا ..لكن ما معنى هذه النوعية من الألعاب .؟
فلماذا لا نهدى أطفالنا ذكوراً وإناثاً صنف واحد من الألعاب ؟!!
ولماذا لا نبدل المواقع أى نهدى البنات المسدسات ونهدى الصبيان العرائس ؟!!
أسئلة قد تبدو غير مألوفة كوننا تعودنا على نمط محدد ووجدنا أو تصورنا أن الذكور من الأطفال تنجذب إلى المسدسات والبنات تنجذبن إلى العرائس .
قبل ظهور المجتمع الذكورى كان هناك مجتمعا أمومياً أنثوياً مورست فيه حقوق كاملة ومكتملة ومهيمنة للأنثى فماذا كان شكل ألعابه للصغار ؟.
المجتمع الذكورى فى إنتصاره وهيمنته لم يكن من السذاجة التى تسمح للمرأة أن تطل بسلطتها مرة ثانية فبدأ يؤسس لمجتمع يستمد قوته من الذكور مع المزيد من التحجيم للإناث .
غرز فى أطفاله من الذكور حب القوة والعنف وقلم أظافر إناثه بتحجيمهم وقهرهم على الدوام ورسم المساحة التى تتحركن فيهن .
تكون القوة هى السمة التى يراد للذكر أن يقتنيها وينميها منذ نعومة أظافره ..وبالمثل تكون الأنوثة الناعمة الضعيفة الغارقة فى أوهامها وضعفها المنزوعة القوة والفعل هو المراد أن تقتنيها الأنثى .
أن تحس الانثى بأنها خارج مجال الفعل ومستقبلة دوماً للفعل ..بينما يعظم جانب الفعل والقوة دوماً فى الذكر.
لا تكون العرائس والمسدسات ميول طبيعية كما نتصور بل ميول أريد لها أن تكون , فلا يستطيع أحد أن يعزى إنجذاب البنات للعرائس وإنجذاب الصبيان للمسدسات بالمثل إلى عامل فطرى ..فلا توجد فى الجينات الوراثية مثل هكذا رؤية , كما يمكن الحياة بلا عرائس ومسدسات .
تظهر الميول بما نقدمه نحن لأطفالنا , فالطفل كائن ذكى يلمح رضا وسعادة الأب والأم عندما تلهو الأنثى بالعروسة ويلعب الولد بالمسدس , يدرك أن العكس غير مرغوب من خلال نظرة غير راضية ومستهجنة لمثل هكذا لهو .
هنا تكون البدايات الأولى لخلق تكوين نفسى للولد والبنت , تكوين يأمل فى خلق أنثى لذيذة ناعمة نفرح بقهرها وإفتراسها ..وذكر يتلذذ بالقوة والهيمنة .
لذلك نحن نستاء من لعب البنات الصغيرات بالمسدسات ونحس بالخزى عندما يلعب صبياننا بالعرائس .
هنا نحن ببساطة رسمنا حدود القوة والضعف من البدايات , نريد رجل قوى وإمرأة ناعمة مقهورة ...لذلك أيضا لا تتقبل مجتماعاتنا أن تضرب المرأة رجلا , لأنه خارج الناموس الذى أرادوه , وتمتد دوائر القهر لتجعل حرية المرأة وقوتها شئ مستهجن وقبيح ,تصبح المرأة القوية غير محبوبة ولا مرغوبة كونها تتحدى ذكوريتنا المهيمنة .
مع توالى عمليات القهر الممنهجة والتى تستمد طبيعتها من سيادة النماذج المطروحة ..أصبح الذكر يتلذذ بممارسة قوته ليس بالمسدس اللعبة بقدر ممارساته ضد المرأة التى أصبحت بمثابة العروسة فى يده و باتت الأنثى ترضخ وتفقد أى قدرة على المقاومة وهى التى لم تتعلم يوما كيف تقاوم عندما سلموها أول عروسة دمية .
منهجية العروسة والمسدس لم تكن شيئا عبثياً بقدر ما هو أدلجة للقوة والضعف , وتأسيس وترسيخ مفهوم الذكورية القائمة على الهيمنة مع التلذذ بقهر الأنثى والمزيد من القهر .
المسدس والعروسة قادتنا فى النهاية إلى توحش ذكورى يطلب المزيد من مساحات الهيمنة يقابله تراجع أنثوى يستسلم وينحدر ويستعذب الألم والمهانة فى النهاية .!!
تكون المعتقدات والأديان هى المسدس فى يد الذكر الذى تمنحه القوة الدائمة والمزيد من الهيمنة من خلال ترسانة من التشريعات المستمدة قوتها من القوة الإلهية المساندة والداعمة لمثل هكذا هيمنة ..وأستطيع القول إن المعتقدات جاءت فى الأساس لتمرير وأدلجة الهيمنة الذكورية وتسجيل نصرها النهائى وقوننة دستورها ورؤيتها .
المنظومات الدينية زادت الأمور تعقيدا لتخلق فى الرجل الغطرسة والقوة وتنزع من المرأة كل قوى المقاومة مع إسقاطها فى بئر الضعف والهوان كونها كائن ضعيف ونجس وعورة تم خلقه لكى يلقى فيه الذكر حيواناته المنوية , الغطرسة زادت معدلاتها ودخلت فى طريق اللاعودة بعد أن إستمدت الهيمنة الذكروية قوتها بالعبور من نفق المقدس .
المنظومة الدينية حققت النصر النهائى للذكر على الأنثى لنحصد نتائج أكثر مرارة فى إستمتاع ذكورى بقهر الأنثى وإستعذاب أنثوى للقهر والضعف .!!
تكون العروسة طريق لإعداد الأنثى للإنكسار والتسليم , ويصبح المسدس أدلجة لمنهج القوة والهيمنة الذكورية .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟