أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجيب غلاب - اليمن.. دعوات الانفصال وبحث «القاعدة» عن ملاذ آمن















المزيد.....

اليمن.. دعوات الانفصال وبحث «القاعدة» عن ملاذ آمن


نجيب غلاب

الحوار المتمدن-العدد: 2871 - 2009 / 12 / 28 - 22:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد يبدو أن ربط الحراك الجنوبي بـ«القاعدة» مسألة لا يمكن إثباتها، ولا يستند هذا الربط إلى وقائع يمكن التحقق منها، إلا أن «القاعدة» تخطط باحتراف للهيمنة على الحامل الشعبي الذي يستند عليه الحراك من خلال تبني مطالبه المنتجة للعنف، فطبيعة الخطاب السياسي المناهض لدولة الوحدة والداعي للانفصال لم تُمكن الحراك من تطوير مشروع سياسي واضح، بل جعلته يتحرك بالاستناد على مشروع سياسي مشتت ومرتبك، وبالاستناد على أوهام متناقضة مع واقع الجنوب التاريخي، والفعل النضالي للحراك يستند على قيم الوعي القبلي في مواجهة دولة الوحدة، ولو استند على وعي مدني وعمل على بناء المشروع الوطني الذي أسست له الحركة الوطنية اليمنية وأبرز فيه مشروعه السياسي لحمى نفسه من فيروسات الثقافة التقليدية، ولبنى سدودا منيعة في وجه من يريد استغلاله كالإرهاب أو تدميره من قبل قوى المصالح.

والمشكلة الخطيرة أن هذا الفراغ المرعب والمخيف الذي يعاني منه الحراك الجنوبي وفي ظل التعبئة المستندة على بث الكراهية والحقد يجعل الأفكار الدينية «الجهادية» التي دشنها طارق الفضلي وناصر الوحيشي زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب تلقى استجابة قوية لدى الفئات الشابة التي يعتمد عليها الحراك في المحافظات الجنوبية، وسوف تزداد قوة الاستجابة في حالة تفجر الصراع، فأكثر القوى الدافعة للعنف والعنصرية المذهبية والجغرافية هي تلك القوى التابعة لطارق الفضلي الجهادي السابق الذي أعلن توبته عن انتمائه للحزب الحاكم وعاد إلى ماضيه، ومن أبين تنطلق حركته السرية التي تعمل في وسط الحراك بحماس منقطع النظير لتكوين دويلة إسلامية وتحويل الجنوب إلى منطقة مفرغة من أي سلطة إلا سلطة الجماعات «الجهادية».

وقد وقع اليسار في الحراك الجنوبي بعد هزائمهم المتلاحقة وفشلهم في تبني رؤى تجديدية لتجديد المشروع الوطني في فخ الثقافة القبلية ووعيها المؤسس لنفسه على العصبية، وما سهل للوعي الأصولي اختراقه هو تشابهه الكبير مع الوعي القبلي من حيث استناده على القوة والمغايرة ونفي الآخر ومقاتلته وإلغائه والاستناد على تاريخ الآباء والأجداد.. إلخ.. لذلك فإن البيئة مهيأة للحركات المتطرفة لأنها أكثر استجابة لحاجات الوعي القبلي الذي يرسخه الحراك، وفي حالة تفجر الصراع فإن النخب الواعية في الحراك وربما قيادته أمام خيار الاستجابة للجمهور الذي سيتماهى مع الفكر الإسلاموي الإرهابي أو التصفية لأنهم خونة.

من الواضح أن الصراع على المصالح واستراتيجية الحراك في مواجهة المظالم هما المدخل لإشعال الحروب، ورغم شعارات السلم المرفوعة فإن استراتيجيته الحالية النافية للوحدة قد تتحول إلى أداة هدامة مدمرة للدولة واستقرار وأمن المجتمع لصالح الحركات المتطرفة، والقضاء على دولة الوحدة الضامن الأكبر للسلام، فالحركة العشوائية والغاضبة لمواجهة واقع الظلم والفساد في ظل تهور سلطوي غير قادر على تقديم التنازلات لبناء الدولة قد تحول اليمن إلى مركز لنشر الفوضى في المنطقة.

مع ملاحظة أن الخطاب التعبوي الذي اعتمدت عليه القيادات المهزومة في حرب 1994م، أو التي فقدت مصالحها في دولة الوحدة في تعبئة شباب الجنوب، كان في البداية مؤسسا على كراهية وحقد ضد الرئيس صالح ونظامه وضد القوى الجنوبية داخل النظام، إلا أنه تطور، وأصبحت الكراهية والحقد موجهين ضد كل ما هو شمالي، وفي الفترة الأخيرة تم تنفيذ عمليات قتل بشعة ضد عمال ينتمون إلى المحافظات الشمالية، مما أضعف المطالب الشمالية ودفع بعض متطرفي الشمال والجنوب للمطالبة بحرب شاملة لتصفية متطرفي الحراك الانفصالي.

وفي إجازة عيد الأضحى الماضي تم قتل عدد من مواطني أبناء المحافظات الشمالية المجاورة للمحافظات الجنوبية، وكانت النتيجة أن اجتمع أكثر من خمس عشر ألف مواطن في المنطقة الوسطى القريبة من الضالع مطالبين بضرورة الانتقام من القوى التي جعلتهم يقاتلون دولتهم الشمالية من أجل الوحدة قبل تحقيقها، «وأصبحوا الآن يقتلون أبناءنا من أجل الانفصال. إن مرحلة توجيه السلاح الشعبي جهة الداعين للانفصال أصبحت خيارا حتميا أمام تقاعس النظام في صنعاء من مواجهة تدمير الوحدة على يد من دفعونا للقتال في السابق من أجلها».

مع ملاحظة أن الهدف المحرك لـ«القاعدة» هو تشكيل دويلة إسلاموية أو منطقة توحش في المحافظات الجنوبية تابعة للتنظيم من خلال تبني المظالم ومحاولة التماهي مع مطالب الحراك، أما الحراك في لحظات اليأس فإن بعض أطرافه قد يجدون أنفسهم مجبرين على قبول الإرهاب الإسلاموي في بنيته حتى يتمكنوا من مواجهة صنعاء ومواجهة التيار الشعبي الجارف في محافظتي إب وتعز الذي يرى أن الانفصال أشبه بحالة الخنق لهم، فالتداخل السكاني والصراعات التي سيفرزها الانفصال ستجعلهم أكبر الخاسرين.

والمتابع لا بد أن يصل إلى نتيجة مفادها أن الدعوات الانفصالية ليست إلا خيار أقلية جنوبية تمكن خطابها من التوسع والانتشار، وأن الأطراف الوحدوية في الجنوب ما زالت قوية وفاعلة، وهي الأكثر مطالبة باستخدام القوة لمواجهة قيادات الحراك الانفصالي، بما يعني أن المسألة الجنوبية في أحد ملامحها ليست إلا صراعا جنوبيا جنوبيا، أما في الشمال فهناك شبه إجماع على ضرورة مواجهة أي مظالم وقعت على أبناء الجنوب، مع وجود إجماع على مقاتلة أي دعوات انفصالية، ونستثني هنا الحركة «الحوثية»، فلديهم اعتقاد أن الانفصال سوف يقود حتما إلى الحرب، وهذا سوف يمكنهم حسب اعتقادهم من فرض وجودهم، وقد طالب الناطق السابق باسمها الرئيس صالح بالتخلي عن الجنوب وتركه لأهله.

وفي المقابل نجد أن طارق الفضلي في مقابلة مع صحيفة يمنية طالب القيادات العسكرية والجنود من أبناء المحافظات العسكرية بترك جبهات القتال والعودة إلى بلادهم وترك الزيود وشأنهم، والأخطر أن العمى وغياب المشروع جعلا بعض المتعصبين للجغرافيا الجنوبية من يساريي الأمس يرون أن نشوء دويلة «حوثية» سوف يقوي انفصال الجنوب عن الشمال لأن المحافظات الشمالية ستدخل في صراع سياسي ومذهبي وهذا سيشتت طاقة الدولة، مما يسهل لهم تنفيذ مشروعهم، من دون إدراك لمنطق الجغرافيا السياسية ومصالح القوى الإقليمية، وتناسي القوى المتنامية للمتطرفين في المحافظات الجنوبية.

أما «القاعدة» وأنصارها الحالمون بدويلة «عدن أبين» فهم على قناعة تامة بأن تكوين دويلة تابعة لإيران في الشمال سوف يخدم أهدافهم، فنشوء دويلة متطرفة مذهبية في مناطق القبائل في الشمال سوف ينهك الدولة، وهذا سيمكن «القاعدة» وأنصارها من السيطرة على أغلب محافظات الجنوب وأجزاء من محافظات الشمال، وتحويل تلك المحافظات إلى منطقة توحش يقودون من خلالها معاركهم المحلية والإقليمية والعالمية.

والخلاصة أن الدعوات الانفصالية أيا كانت مبرراتها ستكون كارثة على الدولة والمجتمع والحراك، ليربح الإرهاب في نهاية المطاف.






#نجيب_غلاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران دولة مريضة مخنوقة بعقائدها السياسية المحافظة
- اليمن هو الحل يا عرب .. فمتى تفقهون؟
- لحماية الإسلام والمجتمع والدولة لابد من علمنة السياسة
- هل نجح ملالي ولاية الفقيه في تصدير ثورتهم إلى اليمن؟
- لماذا الدولة المدنية؟
- دعوة لإلغاء الأحزاب الدينية: لا حوثية ولا اخوانية .. الدولة ...
- تقديس الشيخ ولعن الدولة .. نخبة القبيلة ضد المساواة والحرية
- الغول الذي ابتلع الوطن .. ملعون وهو المراد
- الداعية والفقيه الديني، النص والمسئولية الفردية: تحرير السيا ...
- صراع الأقوياء على الغنائم في ظل الدولة الغائبة
- وعي القبيلة أضاع العقيدة وفكك المجتمع وخنق الجمهورية من أجل ...
- دويلة -عدن أبين- القاعدية وأوهام الأصولية الحوثية
- «الملالي».. والدعاية وخداع النظرية
- الأقلية الغنية ومصالح الخارج وانتاج الغنائم بالحروب الأهلية
- التيار الديني القبلي يهدد الدولة والديمقراطية
- الصراع السياسي ربما يقود اليمن إلى الجحيم
- من ينقذ اليمن؟
- اليمن .. خطاب الانفصال يهدد السلم اليمني والإقليمي
- كل شيء حلال من أجل الكرسي .. الأصولية المسيسة والبحث عن المس ...
- إضعاف الدولة هو الوجه الآخر للظلم


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجيب غلاب - اليمن.. دعوات الانفصال وبحث «القاعدة» عن ملاذ آمن