أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نجلاء مكاوي - انقلاب هندوراس ... بين الشرعية وانتهاك الدستور















المزيد.....



انقلاب هندوراس ... بين الشرعية وانتهاك الدستور


نجلاء مكاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2855 - 2009 / 12 / 11 - 23:50
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    



أولاً - دستور هندوراس .

ثانيًا – اختراق النظام الدستوري .

ثالثًا - تغيير الدستور في دولة "الليبراليين الجدد" .

رابعًا - أدلجة الانقلاب.

خامسًا – الموقف الإقليمي وشرعية الحكومات المنتخبة .

سادسًا – تناقضات موقف الولايات المتحدة من الانقلاب .

أ – دعم الانقلاب .
ب – شرعنة الانقلاب .

سابعًا – تداعيات الأزمة ومستقبل الديمقراطية في القارة .











انقلاب هندوراس ..... بين الشرعية وانتهاك الدستور

نجلاء مكاوي
باحثة دكتوراه في شئون الأمريكتين

هندوراس .. هي تلك الدولة الصغيرة الواقعة في أمريكا الوسطى, وتبلغ مساحتها 112 ألف كيلو مترًا مربعًا, ولا يتجاوز عدد سكانها 8 مليون نسمة, ومنذ فجر يوم الأحد, 28 يونيو/ حزيران الفائت, أصبحت أحداثها مثار جدل كبير بين القوى المحافظة واليساريين في أمريكا اللاتينية, بل وفي مناطق أخرى من العالم؛ فقد قام الجيش الهندوراسي بمحاصرة مقر إقامة الرئيس مانويل زيلايا Manuel Zelaya, في العاصمة تيغوسيغالبا, واقتادوه إلى مطار عسكري على مشارف العاصمة, ونفي قسرًا إلى كوستاريكا, ثم أُعلن رئيس الكونجرس روبرتو ميتشيليتي Micheletti, رئيسًا مؤقتًا للبلاد, وكان ذلك في اليوم المقرر لإجراء استفتاء دعا إليه زيلايا, لوضع دستور جديد للجمهورية, يتيح للرئيس إعادة ترشيح نفسه لولاية جديدة, حيث أن مدة ولايته الأولى ستنتهي في يناير/ كانون الثاني 2010 ؛ فأصبح الموقف هناك شديد التعقيد, إثر قيام هذا "الانقلاب", الذي يرفض القائمون عليه وصفه بتلك الصفة, مدعين أنه تحول دستوري للسلطة, هدفه الأساسي "حماية الدستور". ويأتي ذلك وسط رفض دولي وإقليمي, للاعتراف بالحكومة القائمة, واعتبارها متعدية على الدستور والديمقراطية, وأيضًا, بين موقف أمريكي متعارض مابين رفض الانقلاب, وأدلة دعمه, ومحاولات إضفاء الشرعية على حكومته, التي لا تزال تسيطر على الأوضاع في هندوراس, معتبرة نفسها حكومة "شرعية دستورية".

أولاً - دستور هندوراس

الدستور الحالي لهندوراس, هو الدستور رقم 16, منذ استقلالها عن الاستعمار الاسباني, وبدأ العمل به من 20 يناير/ كانون الثاني 1982, قبل أسبوع واحد من انتهاء الحكم العسكري, الذي استمر لمدة عشر سنوات, وتنصيب الرئيس المدني روبرتو سوازو. وقد نص دستور 1982 على فصل السلطات, إلا أنه, فعلياً , تهيمن السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية. ويتكون الدستور من 379 مادة, ويحتوي على مادة تتيح تعديل الدستور. وبالفعل بداية من أواسط 1993, عدل الكونغرس الوطني الدستور في 7 مناسبات, كما أن الدستور يتضمن نصًا يقر بأن اغتصاب السلطة "جريمة خيانة ضد الوطن ", وقد أضيف هذا النص على اعتبار كونه حماية دستورية للديمقراطية, في البلد الذي يمتلك تاريخًا من اغتصاب العسكريين للسلطة من الحكومات المدنية المنتخبة, حيث شهد تاريخ هندوراس العديد من الانقلابات العسكرية. أيضًا حدد الدستور مدة الحكم بـ 4 سنوات, ونص على أن هناك 7 مواد لا يمكن إلغائها أو تعديلها, وهي المواد الخاصة بشكل الحكم , وعدد سنوات الولاية الرئاسية, والمادتين المتعلقتين بإعادة انتخاب الرئيس, والمعاقبة على إبطال الدستور(1).





ثانيًا – اختراق النظام الدستوري

في 23 مارس/ آذار 2009, أصدر الرئيس زيلايا أوامره بإجراء استفتاء لعمل جمعية تأسيسية وطنية لمراجعة دستور البلاد, وأعلن أن هذا الاستفتاء يجب أن يتم قبل 24 يونيو/ حزيران, مصرحًا بأن المجتمع مر بتغييرات جوهرية في السنوات الأخيرة, ولابد من إطار دستوري جديد يواكب هذه التغييرات, إلا أن محاولة زيلايا بدت على أنها تلاعب بالدستور سيؤدي إلى دخول البلاد في حقبة جديدة من عدم الاستقرار السياسي, وهو ما لا تستطيع هندوراس تحمل تبعاته, خاصة مع مشكلات المجتمع الهندوراسي الاقتصادية والاجتماعية التي أثارت المخاوف من أن تؤدي إعادة كتابة الدستور إلى توسيع صلاحيات الرئيس زيلايا وحزبه الحاكم, الأمر الذي يعرض النظام الديمقراطي إلى الخطر (2) . لذلك فإن قرار زيلايا بإجراء الاستفتاء سرعان ما أثار الاحتجاجات, واعتبره البعض إستراتيجية للسماح لزيلايا بالبقاء في منصبه, بعد انتهاء ولايته, متبعاً في ذلك " حلفائه " من الرؤساء اليساريين في القارة, أمثال تشافيز وموراليس وكورييا .

تحرُك الجيش لإقصاء زيلايا عن الحكم, في اليوم نفسه, المقرر لإجراء الاستفتاء, وهو الرئيس المنتخب من قبل الشعب, ولم تنته بعد فترة ولايته, اعتبر خرقًا للقانون والدستور, وتعديًا على الأعراف الديمقراطية, ليس من قبل المؤيدين للرئيس "الدستوري" زيلايا, من مواطني هندوراس, ومؤيديه من قادة الدول الأمريكية الأخرى فحسب, بل أيضًا, من قبل المجتمع الدولي, والمؤسسات الدولية التي رفضت الاعتراف بالحكم الجديد, نافية عنه الشرعية.

لكن القائمين على الانقلاب, والمؤيدين له يحرصون على التأكيد بأن ما تم ليس "انقلاباً", فقد نفى ميتشيليتي الرئيس المعين ـ عضو في حزب زيلايا الليبرالي, لكنه معارض له ـ أن ما حدث هو "خلافة دستورية", مؤكدًا بأن النظام الدستوري لم ينتهك, وأن هذه الخلافة تمت عبر الكونغرس الوطني, كما يسمح به الدستور, أي أنها بدعم من السلطة القضائية والبرلمانية والجيش. فقد قضت المحكمة العليا بشرعية الانقلاب, وأعلنت في بيان لها أن الانقلاب جرى لعرقلة الاستفتاء, الذي نظم له زيلايا لإعادة صياغة الدستور, بما يمكنه من الاستمرار في الحكم, والذي أعلن المدعي العام أنه استفتاء غير قانوني، وسيتم محاكمة أي شخص يشارك في تنفيذه (3). ووفقاً للبيان فإن الجيش تحرك لحماية سيادة القانون, وكل إجراءاته كانت بأوامر قضائية, كما أن نواب الكونغرس صوتوا بتجريد زيلايا من منصبه, وانتخاب رئيس المجلس ميتشيليتي, رئيسًا للبلاد, وأعلن المجلس أنه صوت, بالإجماع, على قرار خلع الرئيس بسبب "سوء سلوكه الظاهر, والانتهاكات المتكررة للدستور والقانون, وتجاهل أوامر وأحكام المؤسسات "؛ لذلك فإن عزله هو حماية للقانون والنظام, وليس خرقاً لهما. وهو ما أكده ميتشيليتي نفسه, بعد أدائه اليمين أمام الكونغرس, زاعمًا أن الجيش امتثل إلى الدستور, وأنه يعتلي سلطة البلاد " كنتيجة لعملية انتقال قانونية" (4) .

يبدو من هذا, أن الانقلاب نُفذ باتفاق السلطتين القضائية والتشريعية, وعن طريق الجيش, وكانت الذريعة الأساسية هي مساعي زيلايا لبسط سيطرته, لأجل غير مسمى, بعد أن يعدل الدستور. ولكن هل زيلايا بالفعل دعا إلى الاستفتاء لتمديد حكمه ؟ أم أن ذلك هو الدافع الظاهري وراء الانقلاب ؟ . اقتراح زيلايا يتلخص في أنه طلب إضافة بند رابع, في ورقة التصويت, في الانتخابات الرئاسية القادمة, في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2009, للسؤال عن الموافقة أو الرفض, لعقد جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد, وبافتراض موافقة المواطنين بالأغلبية على أن تتضمن ورقة التصويت سؤالاً عن موافقتهم من عدمها, على عقد مثل هذه الجمعية, فإن هذا لن يحدث حتى 29 نوفمبر, موعد الانتخابات الرئاسية, ولن يتم تغيير الدستور إلا بموافقة الكونغرس, علمًا بأن ولاية زيلايا ستنتهي في يناير/ كانون الثاني القادم, أي أنه لن يستطيع ترشيح نفسه للرئاسة مرة أخرى (5) .

بالإضافة إلى ذلك, فإن الرئيس الحالي الذي جاء به انقلاب, تم بدعوى حماية الدستور, لم يستطع أن يفسر لماذا مُنع رئيس منتخب بأغلبية الأصوات, في أواخر عام 2005, من الانتهاء من فترة ولايته, التي لم تنته في إطار عملية قانونية شرعية, وكيف عُين بديلاً له, في ظروف مريبة, متذرعًا بمجموعة من المبررات, والأسباب, والمقارنات, في محاولة لمنع توصيف الوضع القائم بأنه انتهاك للدستور, في حين أن كل ما قامت به السلطة الحالية, من أعمال في أعقاب الانقلاب, ليست إلا تعبيرًا عن خرق القانون, ومنها : حالة الحصار التي أعاقت تحرك المواطنين, إغلاق الإذاعات والقنوات التليفزيونية, التي لها علاقات مع الحكومة السابقة , ومنع الصحفيين من نشر أية أحاديث على لسان الرئيس المخلوع, وقمع الاحتجاجات التي يقوم بها المواطنون لصالح زيلايا, واعتقال مؤيديه, وظهور قادة الجيش إلى جانب الرئيس الحالي في التجمعات العامة .

كل هذا, والمحافظون المؤيدون للانقلاب, لا يرون فيه تعديًا على الدستور, بل ويعلنون عدم معارضتهم "بشكل عام" لتعديل الدستور - الذي ينص على ذلك - لكنها ليست التعديلات المقترحة من قبل زيلايا. كما أن دستور 1982 ـ من وجهة نظرهم ـ استجاب وتكيف مع الظروف المتغيرة, خلال العقدين الفائتين, واستطاعت هندوراس أن تتعامل مع مشاكلها في تلك الفترة, في ظل هذا الدستور, وفي إطار سيادة القانون, مشتركة في ذلك مع أي بلد ديمقراطي ناجح, عاش فترات مماثلة من التجربة والخطأ, لكنه استطاع صياغة أطر قانونية تتكيف مع واقعه. لهذا فإن ما يطرحة زيلايا من تعديلات يراها المحافظون لا تتلاءم مع الظروف السياسية والاجتماعية لهندوراس, وإنما هدف هذه التعديلات الأساسي هو تكريس السلطوية, والعقوبات التي فرضها الانقلابيون على زيلايا, يقرها الدستور, لأنها تحمي الديمقراطية الهشة في البلاد من الاستبداد (6).

هذه هي ادعاءاتهم, التي استمرت طوال الشهور الماضية, منذ قيام الانقلاب, واستمرت معها مقاومة شعب الهندوراس للانقلاب وحكومته, فقد شهدت البلاد العديد من المظاهرات اليومية, بالإضافة إلى الإضرابات, وحصار الطرق, وحسب جيلبيرتو ريوس, من الجبهة الوطنية ضد الانقلاب, فإن التأثير الاقتصادي لأحداث الانقلاب وتبعاته, كان كارثيًا , وهو ما أدى إلى زيادة انضمام قطاعات مختلفة من شعب هندوراس إلى المقاومة, فهناك رد فعل شعبي عنيف يمثله الفيضانات من الهندوراسيين, التي تجتاح شوراع تيغوسيغالبا (7) .

بعد قرار زيلايا "الجرئ", كما وصفه الكثيرون, بالعودة إلى بلاده , في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول, تصاعدت حدة التوتر في البلاد, والتجأ زيلايا إلى سفارة البرازيل في تيغوسيغالبا, فحاصرتها قوات الجيش, الذي يمثل حكام بلاده الجدد, الأوليجارشية والجنرالات. وعلى الرغم من أن زيلايا دعا, عقب عودته, القوات المسلحة إلى احترام حقوق الانسان للهندوراسيين, مؤكدًا أنه جاء ليقيم حوارًا سلميًا, كما دعا الهندوراسيين لتنظيم أنفسهم؛ لـ "يعيدوا بناء الديمقراطية", فإن الحكومة الفعلية استمرت في أعمال القمع والعنف, تجاه أنصار زيلايا, الذين تجمعوا حول السفارة البرازيلية, كما فرضت الحكومة حظر التجول, واعتقلت الكثيرين, فضلاً عن المصابين, جراء الاشتباكات مع قوات الأمن (8).

أصرت حكومة الانقلاب, في أعقاب هذه التطورات, وبعد موافقتها على التفاوض المشروط مع زيلايا, على رفض عودته إلى الحكم. إلى أن تعقد مسار التفاوض بين الجانبين, على الرغم من الوعود التي قدمها مؤيدو زيلايا, بأنه إذا عاد إلى السلطة, سيتخلى عن فكرة تغيير الدستور التي أطاحت به (9) , فيما اعترض بعض أنصاره على ذلك, مثل خوان باراهونا, الذي قاد الكثير من الاحتجاجات في الشوارع ضد الانقلاب, فقد انسحب من المحادثات, احتجاجًا على ما عرض بشأن التخلي عن التغييرات الدستورية, متعهدًا بمواصلة الكفاح من أجل وضع دستور جديد, حتى لو عاد زيلايا (10) . هذا وقد طلب النواب في المناقشات الدائرة في 13 أكتوبر / تشرين الأول, بأنه إذا لم يعاد تنصيب زيلايا, فلابد من الاتفاق على تضمين انتخابات 29 نوفمبر/ تشرين الثاني, التصويت لصالح زيلايا كرئيس للجمهورية (11).

بدا موقف الحكومة الفعلية, في تلك المحادثات, غير مفهوم على الإطلاق, فمن ناحية يمكنها استخدام المحادثات كعرض إعلامي كبير لإضفاء الشرعية على الانتخابات القادمة, ومن ناحية أخرى قد تكون وسيلة لايجاد المبرر اللازم لبقاء ميتشيليتي في السلطة فترة أطول, ووضع زيلايا في مأزق, وإحباط المقاومة من خلال الضغط والقمع, الذي ازداد بشكل ملحوظ , ضاربًا بتوصيات منظمة الدول الأمريكية عرض الحائط (12).

خلافًا لما عرف عن الدولة القانونية, التي تتميز بسيادة القانون على الانسان, والقيم المحررة من الفردية في تطبيق القانون, مارست الحكومة الفعلية قمعها, وانتهاكاتها لحقوق الانسان, ضد الشعب الذي تدعي أنها وجدت من أجله, وللحفاظ على قيّمه الديمقراطية, ودستورية حكمه وممارساته. ومنذ ان قام الانقلاب والدستور مجمد, وعلى الرغم من الشعارات التي رفعوها, "يعيش هندوراس" , " تعيش الديمقراطية" , فإنهم أغفلوا أو تغافلوا, عن أولئك الذين عذبوا واضطهدوا لموقفهم السياسي من الانقلاب العسكري. كما كانت إحدى استراتيجيتهم (الانقلابيين) خلق "كبش فداء"؛ لتحميله المسئولية عن كل الشرور, التي أعقبت الانقلاب, فسخرت الحكومة الفعلية الإعلام للترويج بأن كل ما حدث جاء نتيجة انتهاكات القانون, والدستور, والاتفاقيات, وهو ما عولج بشكل مكثف, في الوقت الذي مُنع فيه رئيس الدولة المنتخب من حريته, وحوصر في السفارة البرازيلية, وعُذب المعارضين, و استخدمت الغازات والمواد السامة, وكل ما تم حيال الرئيس وعائلته ورفاقه (13) .

إن نية الحكومة الفعلية حاليًا, هي أن تبقى في الحكم لكسر المقاومة, من خلال الارهاب, حتى موعد الانتخابات, المصفحة بدرع الشرعية والقانونية, والتي ألزم الاتفاق الذي تم بين الجانبين, في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2009, كلا الطرفين بقبول نتائجها. ومع عدم إمكانية التكهن بما ستسفر عنه نتائج الانتخابات, من تطور في مسيرة الأزمة الدستورية في هندوراس, يتضح جليًا أن هذه الأزمة لم تكن مسبباتها مجرد تغييرات دستورية, تعرض الديمقراطية للخطر, كما ادعى الانقلابيون, لكن الأمر كانت له أبعاد أخرى, تتعلق بتوازنات قوى داخلية, ومصالح خاصة لأطراف عدة .



ثالثًا - تغيير الدستور في دولة "الليبراليين الجدد"

هندوراس دولة تعتمد اقتصاديًا على الولايات المتحدة, حيث ترسل 70% من صادراتها من الموز والبن والسكر إلى السوق الأمريكية, ومنذ ثلاثين عامًا, وبعد الثورة الساندينية في نيكاراجوا, قررت واشنطن تحويل هندوراس إلى قاعدة جوية لعملياتها العسكرية ضد الجماعات الثورية في جواتيمالا والسلفادو, وفي عام 1981 نظمت فيها انتخابات أسفرت عن تولي روبيرتو سوازو الرئاسة, وتحولت هندوراس إلى بؤرة لفرق الموت والقضاء على الناشطين اليساريين. وقد أشرفت القوى الاقتصادية على وضع دستور 1982 للمحافظة على مصالحها الخاصة, الأمر الذي جعل هندوراس اليوم من أفقر دول العالم الثالث, ويعيش 60% من سكانها تحت خط الفقر, كنتاج لسياسات اقتصادية لم تخدم إلا مصالح حفنة من الرأسماليين, الذين يتحكمون في السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية, والموارد الاقتصادية, ووسائل الإعلام, والقوات المسلحة, فالدستور الحالي يُؤمن للنخب سيطرتها على المجتمع الهندوراسي, ومعظم الحكومات التي تعاقبت على هندوراس كانت ملتصقة بقطاعات رجال الأعمال الأجنبية , إلى أن أطلق عليها سخرية " جمهورية الموز " (14).

تتضح الرؤية أكثر مع ربط ذلك بتوجهات الرئيس زيلايا, التي يعتبرها البعض انحرفت يسارًا, في اتجاه الدول التي يحكمها يساريون راديكاليون, أمثال تشافيز وموراليس, فعلى الرغم من أن زيلايا نفسه ينحدر من كبرى العائلات الإقطاعية في هندوراس, فإنه سعى إلى تقليص حجم الظلم الاجتماعي, وعدم المساواة, والفقر, ورفع الحد الأدنى للأجور, كما أوقف خصخصة المؤسسات والشركات التابعة للدولة, هذا فضلاً عن انضمامه لـ " ألبا ", أو دول البديل البوليفاري في 2008 (15) , حينئذ شعرت الطبقة المهيمنة في البلاد بالقلق من سياسات زيلايا, على الرغم من تأكيده بأن ما يقوم به من تغييرات هو في إطار الليبرالية الجديدة, لكن الليبراليين الجدد لم يسمحوا بمثل هذه التغييرات, فهي مهما كانت محدوديتها تضر بمصالح النخبة الاقتصادية البورجوازية, التي تحتل المرتبات العليا في الجيش, والأحزاب السياسية, والسلطات القضائية, لذلك يبدو طبيعيًا هذا التضامن بين القضاء والبرلمان والجيش, لتنفيذ الانقلاب على زيلايا .

فقد تحزب النظام القضائي, وتحول إلى وسيط قانوني للانقلاب, وموقف ممثلي السلطة القضائية كان واضحًا, لاسيما رئيس المحكمة العليا, والنائب العام, فلم يتم تقديم الرئيس المخلوع لمحاكمة علنية وشفافة, في إطار القانون, ودون تحيز سياسي حزبي. كما أن رجال الأعمال دعموا الانقلاب, خاصة عبر وسائل الإعلام, التي وُظفت لخدمة الانقلاب, والدفاع عنه, متجاهلة الاحتجاجات لصالح الرئيس المخلوع, مما يعد تضليلا للرأي العام. أيضًا, تم تنظيم وتوزيع السلطة بين المشاركين في الانقلاب, بما في ذلك ضباط الجيش المتقاعدين, وهو ما يلفت الانتباه نحو إعادة عسكرة الدولة, فقد أصبح العسكريون المتقاعدون يحتلون الآن مناصب رئيسية مرتبطة بالأمن القومي, والمواقع التي كان يشغلها المدنيون(16) .

هذا فضلاً عن أن زيلايا كان داعمًا للنقابات, وهو الرجل الغني, الذي تولى السلطة كمرشح لحزب محافظ, الحزب الليبرالي, إلى أنه تحرك في اتجاه الحركات الاجتماعية النشطة في البلاد, بعد أن فشل في محاولته للتعاون مع كبار رجال الأعمال, بشأن تفعيل استراتيجيته لتغيير الأوضاع في البلاد, فتوجه زيلايا إلى الفئات الاجتماعية, مثل جماعات حقوق الانسان, والنقابات العمالية, وجماعات السكان الأصليين, وجماعات الفلاحين, وطور العمل معهم بشكل وثيق, فيما يتعلق بشؤون البلاد, فكان ذلك تحولاً راديكاليًا, أصبح على إثره مدافعًا عن الشعب, ومزعجًا للنخب المتعارضة مصالحها مع مصالح القاعدة (17) .

تجدر الإشارة هنا, إلى أن العقود الأخيرة شهدت نموًا كبيرًا للحركات الاجتماعية في هندوراس, عبرت عنه التحركات الحيوية للقاعدة, فيما يعد انعكاسًا لنمط التغيير في أمريكا اللاتينية, الذي يتصاعد بخروجه من القاعدة الشعبية, ففي هندوراس ثلاثة اتحادات للعمال, متنافسة في أغلب الأحيان, وتتعاون أحيانًا, وحركة سكان أصليون قوية, ومجموعات أفرو ـ هندوراسية, مثل المنظمة الأخوية السوداء الهندوراسية OFRANEH)), ومجموعات مراقبة حقوق الانسان, مثل COFADEH)) , ولجنة أقرباء المحتجزين المختفين في هندوراس, والمجموعات البيئية, وحركة ضد العسكرة, والجماعات النسائية والطلابية, وحركة LGBT الناشئة(18) . هذه المجموعات التي تدعم كثيرًا بعضها البعض, وتنسق أعمالها, واجهت الانقلاب والقمع اللاحق به, بالاحتجاجات الهائلة والنشطة في كافة أنحاء البلاد, وهو ما أكده دان كوفاليك Dan Koala, المستشار العام لعمال الحديد والصلب المتحدين USY)), في حديثه مع مجلة Political Affairs , عن رحلته إلى هندوراس التي نظمتها مدرسة الأمريكتين ووتش, حيث التقى بعدد كبير من النقابيين, وأعضاء الاتحادات الثلاث الرئيسية هناك, الذين أكدوا أنهم موحدون ضد الانقلاب, وضد مصالح الأوليغارشية, والشركات متعددة الجنسيات, التي تريد الموارد والعمالة الرخيصة, والتي تتلاءم مصالحها مع حكومة الانقلاب (19) .


يتضح من هذا, أن دعم زيلايا هو دعم الحركة النقابية في هندوراس, وحقوق العمال, التي كان يحاول حمايتها, لذا فالصراع ليس كما يدعي قادة الانقلاب, صراعًا على الدستور فحسب, لكنه صراع بين أولئك الذين يريدون مزيدًا من الحقوق للعمال والفقراء والسكان الأصليين, و بين أصحاب المصالح الخاصة, الراغبين في استمرار اختراق الشركات متعددة الجنسيات لاقتصاد البلاد, والمتحكمين في مقدراتها, ويعتبروها مرتعًا لرؤوس أموالهم, ومصالحهم الاقتصادية, وسيطرتهم على الدولة, وليس الأمر, كما يتشدق به الانقلابيون في وسائل الإعلام , دفاعًا عن الديمقراطية !



رابعًا - أدلجة الانقلاب

في أعقاب تعديل الرئيس تشافيز للدستور الفنزويلي, من خلال عمل استفتاء عام للموافقة على تعديل بعض مواد الدستور, خاصة ما يتعلق بعدد مرات تولي الحكم, وتبعه إيفو موراليس رئيس بوليفيا, ورافاييل كورييا, رئيس الإكوادور, أصبح هناك توجهًا بين القادة اليساريين في القارة للاستمرار في الحكم "بموافقة الشعب ", حتى استكمال المشروع الاشتراكي الذي يتبناه هؤلاء القادة, وطرحت التعديلات الدستورية, التي قام بها عدد من قادة اليسار الجديد في أمريكا اللاتينية, الكثير من التساؤلات حول أهداف هؤلاء القادة, وحقيقة الموقف السياسي هناك, فقد كان المسبب الرئيسي لحركة التعديلات الدستورية في كل من فنزويلا وبوليفيا والإكوادور, هو حل مشكلة مدة تولي الحكم في هذه الدول, التي لم تكن لتحل إلا بتعديل دستوري , يعطي الفرصة لقادة هذه الدول لتولي الحكم مرات عديدة , الأمر الذي أدى إلى اتهامهم بالدكتاتورية, وترسيخ حكم الفرد الواحد Monocracy (20) . وجاءت دعوة زيلايا لتعديل الدستور, بعد ذلك , لتثير القوى اليمينية في هندوراس, من المعترضين على فكرة تولي الرئاسة لأكثر من مرة, وأصحاب الإيديولوجية المتعارضة مع اليسار بشكل عام .

وبما أن الانقلاب قام أساسًا تحت دعوى رفض إدخال هندوراس ضمن الكتلة اليسارية, وترسيخ الحكم الديكتاتوري فيها, فإن القائمين على الانقلاب حاولوا, منذ اليوم الأول, للانقلاب استخدام الإيديولوجية كآلية للتأثير على الرأي العام, خاصة في القطاعات الريفية, والترويج لأن زيلايا كان سينحدر بهندوراس إلى هوة "الشيوعية" واليسار, متبعًا "الديكتاتور" تشافيز , وقد تم ذلك التأثير على الرأي العام, من خلال الكنائس, ووسائل الإعلام, لمزيد من الاستقطاب الإيديولوجي للمجتمع الهندوراسي, تحت دعوى حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية, وفي محاولة لإدخال الانقلاب في إطار الخلافات الإيديولوجية, وإبعاده عن دائرة الظروف والمتغيرات الداخلية (21), فأصبح بذلك من يؤيد الانقلاب, فهو مع الدستور والديمقراطية, وتحرر هندوراس من التبعية والدوران في فلك اليسار الجديد, ومن يؤيد زيلايا, فهو مع تشافيز "الديكتاتور" ,وحلفائه موراليس وكورييا, المستبدين بالسلطة في بلادهم, والمروجين لفكر هدام وبائد.

لقد كانت إحدى استراتيجيات قادة الانقلاب, تشويه سمعة القوى المعارضة, واتهامهم بالمخربين الفوضويين, وتوصيفهم دائمًا بـ "الشيوعيين أعداء الديمقراطية", وذلك لخلق الشروط التي تدينهم, كمنتهكين لحقوق الانسان, وساعين لقيام حرب أهلية (22) . كما أن أجهزة الإعلام الأمريكية أصبحت تشير إلى زيلايا على أنه "رجل يساري", يريد تمديد فترة حكمه, فالصحافة الأمريكية دائمًا ما تستعرض السياسة الأمريكية اللاتينية من منظور خاص جدًا, فتقوم بتصنيف الأحداث إلى رجال جيدين ورجال سيئين, فما هو جيد وما هو سئ يعتمد على الرؤية الأمريكية لسياساته وتوجهاته. وقد تبلورت رؤية الإعلام الموجه في هندوراس, والإعلام الامريكي, حول زيلايا, في المحاولات الرامية إلى أدلجة الانقلاب, ووصم الرجل بـ "عار" اليسارية, على الرغم من أنه في حقيقة الأمر إصلاحي, وليس اشتراكي ثوري, فلم تتعد سياساته نطاق الإصلاحية, ولم يقم بأية تغييرات جذرية توحي بأنه كان على أعتاب تبني مشروع اشتراكي, على غرار "حلفائه" في فنزويلا وبوليفيا, لكن من الواضح أن ما قام به زيلايا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي, أزعج الأوليغارشية كثيرًا , حتى وصلت إلى هذه الدرجة من الشراسة في مهاجمته, ناهيك عن ما كان يعتزم فعله من تغييرات دستورية, جعلت أقل ما يستحقه, هو الطرد والنفي, والترويج بأنه عدو للديمقراطية والدستور .


خامسًا ـ الموقف الإقليمي وشرعية الحكومات المُنتخَبة

منذ اليوم الأول للانقلاب, والإدانة الدولية والإقليمية له تتصاعد وتيرتها, فبينما أدانه الاتحاد الأوروبي, ودعت الأمم المتحدة إلى عودة فورية غير مشروطة لرئيس الجمهورية المنتخب, أيضًا البنك الدولي الذي أوقف الإقراض إلى هندوراس, بعد يومين من الانقلاب, وهو ما فعله بنك التنمية للدول الأمريكية اللاتينية في اليوم التالي (23) , كان الموقف الإقليمي هو الأكثر وضوحًا وتشددًا, حيال حكومة انتهكت قواعد الديمقراطية, ليس في هندوراس البلد الصغير وحسب, بل في كل أرجاء القارة اللاتينية, فقد اتخذت منظمة الدول الأمريكية قرارًا بتجميد عضوية هندوراس في المنظمة, حتى تتم استعادة الديمقراطية, وأعلن القادة الأمريكيون اللاتينيون رفضهم لحكومة الأمر الواقع, ودعمهم للرئيس المخلوع, وتمسكهم بعودته إلى السلطة, رافضين التفاوض مع الحكومة القائمة, التي اعتبروها حكومة "غير دستورية" .

الموقف الإقليمي المعارض للحكومة الانقلابية, جاء على خلفية أن الانقلاب, في أساسه, هو انقلاب على حكومة ديمقراطية منتخبة, خاصة موقف دول اليسار, وعلى رأسها الرئيس الفنزويلي تشافيز, الذي أظهر زيلايا ميلاً نحوه, وتعاونًا مع حلفائه, القادة اليساريين الراديكاليين المنتخبين, وقد بدا توجه زيلايا يسارًا في أعقاب انضمامه, في أغسطس/ آب 2008 , إلى البديل البوليفاري "ألبا" , وهو المشروع القائم تحت رعاية تشافيز, فقد عملت حكومته على الترويج لبديل لاتفاقية التجارة الحرة للأمريكتين, التي تتبناها وتسعى إليها الولايات المتحدة , فكانت (ألبا), البديل البوليفاري للأمريكتين, و( ALBA ), هو الاختصار بالأسبانية, وتعني أيضًا "الفجر", وهو تكتل طُرح من قبل الحكومة الفنزويلية, كبديل لمنطقة التجارة الحرة, على أساس التعاون والتكامل الاقتصادي بين دول القارة, و الدول الأعضاء حاليًا في ألبا هي: ( فنزويلا, ونيكاراجوا, وكوبا, وبوليفيا, وهندوراس, والدومينيك, والإكوادور) (24) . وقد أثار انضمام هندوراس إلى هذا التكتل الإقليمي اليساري, كبار رجال الأعمال في هندوراس, والقوى اليمينية, حيث أنه سيعرض مصالحهم للخطر, وأيضًا تجارة الولايات المتحدة مع هندوراس, بموجب اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الوسطى (CIFTI), الموقعة في 2005, إبان حكم الرئيس الهندوراسي, السابق ريكاردو مادورا (25) .

بعد ذلك, صعد زيلايا من توجهاته الإقليمية, خاصة بعد أن توترت علاقاته مع الولايات المتحدة, على إثر انضمامه لألبا, حتى وصل الأمر إلى تكتل هندوراس مع بوليفيا وفنزويلا, في اتخاذ إجراءات ضد الولايات المتحدة, برفضها قبول اعتماد السفير الأمريكي الجديد لديها, في سبتمبر/ أيلول 2008, في أعقاب الاضطرابات التي وقعت في بوليفيا, وتورطت فيها الولايات المتحدة لإقصاء الرئيس البوليفي اليساري, إيفو موراليس (26) .

أضحى زيلايا داخل دائرة حكومات اليسار الجديد, التي صعدت على أرضية انتخابية ديمقراطية, رغم أنه حين تولى الحكم, لم يكن مرشحًا لحزب يساري, أو تبنى برنامجًا اشتراكيًا, لكنه بعد الانقلاب, الذي قامت به قوى يمينية رجعية عسكرية, بدا زعيمًا "يساريًا" شرعيًا, وإقصائه عنفًا, يهدد كل الزعماء اليساريين الشرعيين, الذين يحكموا حاليًا, أكبر وأهم دول القارة, لذلك فإن ردود الفعل الإقليمية تجاه الانقلاب إنما تعبر, في جوهرها, عن موقف مضاد وعنيف تجاه أية محاولة لتقويض الديمقراطية, وتحدي رغبات شعوب القارة, في اختيار من يحكمهم. أكثر المواقف حدة جاء من تشافيز, الذي اتهم "امبراطورية اليانكي" بضلوعها في "هذه المؤامرة" (27) , كما أنه اعتبر الانقلاب محاولة لاستهداف "الجناح الأضعف" في الألبا, وهو الرئيس زيلايا. أيضًا وصف الرئيس إيفو موراليس الانقلاب بأنه "اعتداء على الديمقراطية ", ساندته الإمبريالية الأمريكية الشمالية, لإيقاف النهوض الديمقراطي الذي تشهده القارة, ويعد جزءًا من تمرد الشعوب ضد الامبريالية, إلا أن النتائج جاءت عكسية, فمقابل الانقلاب تشكلت حركات اجتماعية فاعلة على الأرض, متمثلة في المقاومة الوطنية ضد الانقلابيين, وهي تجمع ناشطين من اليسار, والمنظمات الشعبية, والحركات الاجتماعية, أي أن هذا اللحاق بدول أمريكية لاتينية أخرى, متقدمة على صعيد المنظمات الشعبية, تم بشكل أفضل بكثير, مما لو أن الانقلاب لم يحدث ويوحد نضال هؤلاء, الذي يستمر ويتصاعد بعد أشهر من الاغتيالات السياسية, وتعذيب المعتقلين, وانتهاك حقوق آلاف من الهندوراسيين الإنسانية (28) .

استمر الضغط الإقليمي على الانقلابيين حتى يتنازلوا عن السلطة, وفي 10 سبتمبر/ أيلول الفائت, أعلن "اتحاد الأمم الأمريكية الجنوبية" Unasur, بأنه لن يعترف بنتائج الانتخابات القادمة, إذا استمر قادة الانقلاب في الحكم . وفي أعقاب عودة زيلايا لهندوراس هنأه تشافيز على عودته "البطولية" إلى وطنه, بعد 86 يومًا من طرده, ودعا تشافيز نظام الانقلاب إلى تسليم السلطة لزيلايا, ووجه نداء للحكومة الفعلية, واصفًا القائمين عليها بـ "متآمري الانقلاب" , فطلب منهم أن يحترموا كرامة الرئيس, ويتعاملوا معه كرئيس شرعي للبلاد, خاصة بعد أن هدد ميتشيليتي باعتقال زيلايا, مرارًا وتكرارًا, في حال عودته إلى البلاد (29) .

على ذلك فإن الانقلاب أبرز التأثير المتزايد للحكومات المنتخبة ديمقراطيًا, ووحد هذه الحكومات, على الصعيد الإقليميي, في إطار تثبيت مشروعها الاشتراكي, ودعمه على أساس دستوري, تؤيده الشعوب اللاتينية, التي تحكمها تلك الحكومات الدستورية .





سادسًا ـ تناقضات موقف الولايات المتحدة من الانقلاب

أدان الرئيس الأمريكي, باراك أوباما, الانقلاب على الرئيس زيلايا , في اليوم الأول للانقلاب, ووصفه بأنه "غير شرعي", وحث هندوراس على "احترام سيادة القانون" (30) , الأمر الذي أظهر الموقف الأمريكي معارضًا للحكومة الانقلابية, ونفي ـ في البداية ـ أية شبهة لتورط الولايات المتحدة في عملية الانقلاب, إلا أنه مع تطور الأحداث, تباين الموقف الأمريكي وبدا متناقضًا, فبعد ذلك جاء تدخل وزيرة الخارجية الأمريكية, هيلاري كلينتون, كوسيط للتفاوض بين الطرفين, عارضة عدة شروط, أهمها تخلي زيلايا عن أية خطط لإصلاح الدستور, أو الانتخابات, أو الاستفتاءات, وأن ينأى بنفسه عن تشافيز, ويتقاسم الحكم مع الكونغرس, وبعض العناصر في نظام الانقلاب, حتى موعد الانتخابات(31) . ثم وصفت كلينتون عودة زيلايا إلى هندوراس بأنها "تهورًا". أيضًا السفير الأمريكي, في منظمة الدول الأمريكية, لويس أمزيلم, الذي أكد أن عودة زيلايا تصرف ينم عن " اللامبالاة والحماقة", واصفًا زيلايا بأنه يتصرف كبطل في فيلم قديم (32) .


بين موقف أوباما المعارض للانقلاب, وتصريحات كلينتون المعادية لزيلايا, وحرص الجمهوريين الأمريكيين على انتهاز الفرصة لعودة نفوذ بلادهم إلى سابق عهده في أمريكا اللاتينية, يبدو الموقف الأمريكي مفتقرًا إلى الوضوح والثبات, وهو ما يعتم على الوجه الأمريكي في أعين شعوب وقادة الدول الأمريكية اللاتينية, الذين توقعوا طلاقًا أمريكيًا للماضي, وارتباط قائم على الاحترام المتبادل, والمصالح المشتركة, كما وعدهم أوباما في بداية حكمه. أيضًا برز تناقض الموقف الأمريكي, مع تحركات العديد من الجهات, والشخصيات الأمريكية, في اتجاهين متوازيين, ثبت بكثير من الأدلة تحققهما, أحدهما يتعلق باليد الأمريكية في دعم الانقلاب, وثانيهما, المحاولات الأمريكية لشرعنة الانقلاب .

أ ـ دعم الانقلاب

هندوراس, "ثكنة عسكرية " للولايات المتحدة الأمريكية, في أمريكا اللاتينية, منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين, فالتعاون بين البلدين قديم, ويعود إلى العام 1954, عندما أنشأت الولايات المتحدة قاعدة سوتو كانو The Soto Cano (بالميرولا) (Palmerola), التي تبعد 50 ميلاً عن العاصمة تيغوسيغالبا, وكان أول استخدام لها, عندما أطاحت الولايات المتحدة بالرئيس أربينز, في غواتيمالا, في العام نفسه. ثم نشطت القاعدة بشكل كبير, وأسهمت في تدريب "الكونترا", الذين استخدمتهم الولايات المتحدة ضد حكومة الساندينستا الوطنية, في نيكاراجوا, في الثمانينيات .

هذه الخلفية التاريخية لعسكرية العلاقات بين البلدين, طرحت العديد من التساؤلات حول الدور الأمريكي في الانقلاب, خاصة وأن زيلايا قد أعلن في مايو/ أيار 2008 , بأن القاعدة الأمريكية سيتم تحويلها إلى مطار تجاري دولي, وأن "الألبا" ستمول هذا التحويل (33) .

برزت, بعد الانقلاب, عدة أسماء لمسئولين أمريكيين تورطوا, بشكل غير مباشر, في مساعدة الانقلابيين, وبدأ وضوح ذلك, في أعقاب قيام الحكومة الانقلابية بحملة, في واشنطن, كان لها أثر فعال في إرغام الإدارة الأمريكية على إرسال إشارات متضاربة, حول موقفها من حكومة الأمر الواقع, والتي تُقرأ كعلامات على التأييد والدعم. تكلفت هذه الحملة حتى أوائل أكتوبر/ تشرين الأول الفائت, 400 ألف دولار أمريكي, وشاركت فيها وكالات للعلاقات العامة, وشركات وثيقة الصلة بوزيرة الخارجية كلينتون, والسناتور جون ماكين, الصوت الجمهوري البارز. ودعم الحملة العديد من كبار المسئولين الأمريكيين, الذين وضعوا سياسات الولايات المتحدة, في أمريكا الوسطى, في الثمانينيات والتسعينيات ومن هؤلاء: أوتو رايتشOtto Reich , وروجر نورييغا Roger Noriega, ودانيال فيسك Daniel .W. Fisk, فقد قال رايتش في شهادته أمام الكونغرس في يوليو/تموز الماضي, أن ما حدث في هندوراس يبدو كعلامة على ارتفاع منسوب محاولات تشافيز لتقويض الديمقراطية, في نصف الكرة الغربي, ومؤشرًا على انتشار الاستبدادية التشافيزية (34) .

أما فيسك , نائب مساعد وزيرة الخارجية لشئون نصف الكرة الغربي, في إدارة بوش, فقد روج للحكومة الجديدة, وأعلن دعمه لها في سبتمبر/ أيلول الفائت. هذا, فضلاً عن دعم قدامى المحاربين في الحرب الباردة. كما حشدت الحكومة الفعلية لدعم مجموعة من المشرعين الجمهوريين, تحت قيادة السناتور جيم ديمينت Jim Demint , من ولاية كارولينا الجنوبية, وهم يستخدمون وسائل للضغط على إدارة أوباما؛ لرفع العقوبات المفروضة على هندوراس . وقد أدلى ديمينت بحديث إلى شبكة Fox News , بعد عودته من رحلة إلى هندوراس, في 2 أكتوبر/ تشرين الأول, في إشارة إلى حكومة الأمر الواقع, فقال : " ربما هذا هو أفضل صديق في نصف الكرة الغربي, هندوراس هو البلد الأكثر تأييدًا لأمريكا, لكننا نحاول خنقهم " . ومن جانبه أرسل رايتش إلى أعضاء الكونغرس, بالبريد الإلكتروني, "نحن يجب أن نبتهج" . كما كتب إلى أحد أعضاء لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي, قائلا : " إن واحدًا ممن دعوا أنفسهم بحلفاء اشتراكية القرن الحادي والعشرين (اشتراكية تشافيز), خلع قانونيًا, من قبل مواطنيه " (35) .

الفنزويلي كارمونا بورجاس, والمعروف بدوره, كمحام للديكتاتور بيدرو كارمونا, في ابريل/ نيسان 2002, خلال الانقلاب العسكري في فنزويلا, كان أيضًا أحد المشاركين في إعداد الأرضية لانقلاب هندوراس. فضلاً عن الفريق, الذي جهزته واشنطن, لتصميم وإعداد الانقلاب, وشمل مجموعة من سفراء الولايات المتحدة, المكلفين مؤخرًا, في أمريكا الوسطى, ومنهم خبراء في زعزعة الاستقرار, ضد الثورة الكوبية, مثل أدولفو فرانكو, المسئول السابق عن برنامج المساعدة الأمريكي " الانتقال إلى الديمقراطية "(36) .


هذا على صعيد الشخصيات الأمريكية المسئولة, لكن ثمة منظمات أمريكية ضالعة في الانقلاب, على رأسها "المعهد الجمهوري الدولي" IRI , الذي يعد فرعًا دوليًا للحزب الجمهوري الأمريكي, وهو ممول من "المنحة الوطنية للديمقراطية" NED , وله دور كبير في دعم الحركات المعارضة للأنظمة المنتخبة في القارة, كان آخرها انقلاب 2002, في فنزويلا ضد تشافيز, كما أنه مول ودرب عدة أطراف ومجموعات سياسية, ورطت في السقوط غير الديمقراطي العنيف, لبعض الرؤساء الديمقراطيين, وقد ظهر اسمه بعد انقلاب هندوراس كمستلم لـ 700 ألف دولار, منحة إقليمية لأمريكا اللاتينية, في 2008 ـ 2009 , من NED , للترويج لـ "حكم جيد", في بلاد القارة, ومن بينها هندوراس . أيضًا منحة إضافية, 550 ألف دولار, للعمل مع "مجالس الخبراء", ومجموعات الضغط في هندوراس, للتأثير على الأحزاب السياسية, وهذا المبلغ هو من NED أيضًا, في إعلان صريح للـ IRI بأنه سيدعم المبادرات لاستقرار الأوضاع السياسية, في حملات 2009 , مع وضع تأكيد خاص على هندوراس المحددة انتخاباتها الرئاسية والبرلمانية, في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2009 , مما يعد تدخلاً واضحًا ومباشرًا في السياسة الداخلية لهندوراس (37) .

يضاف إلى ذلك, الوكالة الأمريكية للتنمية USAID , التي تمد هندوراس, سنويًا, بـ 49 مليون دولارًا, جزء كبير منها موجه نحو "الترويج للديمقراطية", ويصل إلى منظمات ارتبطت مباشرة بالانقلاب الأخير مثل, مجلس عمداء الجامعة, منتدى التقارب الوطني, غرفة التجارة, جمعية أجهزة الإعلام الخاصة, وغيرها من المنظمات المنضمة إلى ائتلاف " اتحاد ديمقراطي وطني لهندوراس" , الذي يدعم الانقلاب (38) .


ب ـ شرعنة الانقلاب

أشارت واشنطن بعد الانقلاب إلى "كل الأطراف" المعنية, وأكدت على ضرورة قيام "حوار" لاستعادة النظام الدستوري, وفي هذه الإشارات محاولة لإضفاء الشرعية على قادة الانقلاب, ووضعهم على قدم المساواة مع الحكومة الدستورية, بدلاً من اعتبارهم مخالفين للمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان. كما أن وزارة الخارجية الأمريكية رفضت تصنيف الأحداث, التي وقعت في هندوراس, كـ "انقلاب", ولم تتخذ أية تدابير فعالة للضغط على نظام الأمر الواقع .

تبنت واشنطن استراتيجية هدفها الأول شرعنة وجود الحكومة القائمة, وإضعاف روح المقاومة لدى الشعب الهندوراسي, قامت هذه الاستراتيجية على فرض "التفاوض" مع نظام الانقلاب, من قِبل إدارة أوباما, باعتباره وسيلة لإضعاف موقف زيلايا, وإلقاء اللوم عليه, لإثارة الانقلاب, وإعطاء نظام الانقلاب فرصة لتوطيد مركزه, وكسب الوقت, حتى يصبح النظام الشرعي, الذي يجب على كل الأطراف الاعتراف به, والتعامل معه (39).


الجمهوريون الأمريكيون يرون في زعماء الانقلاب "حلفاء أوفياء", يشبهون حلفائهم في الماضي, ويتوجهون إلى العاصمة الهندوراسية, في محاولات لتثبيت قادة الانقلاب, كرجال دولة شرعيون (40) . وعلى الجانب الآخر, استقبل أعضاء في الكونغرس الأمريكي من الجمهوريين والديمقراطيين, ممثلين عن نظام الانقلاب, في واشنطن, وقد نسق إحدى هذه الزيارات جون ماكين, العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ. أيضًا قام لاني ديفيز Lanny Davis , المستشار المقرب لهيلاري كلينتون, ومدير حملتها الانتخابية, في العام الماضي, بترتيب سلسلة من الاجتماعات, مع الكونغرس, وممثلين حكومة الانقلاب, بما في ذلك اجتماعات خاصة في وزارة الخارجية, ومقابلات مع وسائل الإعلام الأمريكية (41) .

بعد 10 أيام من وقوع الانقلاب, نظم نورييغا اجتماعًا لمؤيدي الحكومة الفعلية, مع أعضاء مجلس الشيوخ, وقد حضره فيسك, ثم قال بعد ذلك, أنه أصيب بالذهول " لم أكن قد رأيت ثمانية من أعضاء مجلس الشيوخ, في غرفة واحدة, يتحدثون عن أمريكا اللاتينية, طوال حياتي "(42).

جاء ذلك في إطار جهود الحكومة الفعلية لحشد التأييد للانقلاب, عن طريق أرفع مسئولين وحقوقيين, في واشنطن, لعرض قضيتهم أمام الكونغرس, والبيت الأبيض, وإقناع الشعب الأمريكي للاعتراف بها كحكومة شرعية, يأتي أيضًا ليعبر عن تأييد الكثير من الأمريكيين للانقلاب, ودعمه, والبحث عن كافة الوسائل؛ لإضفاء الشرعية على حكومته, والاعتراف بها .


تداعيات الأزمة ومستقبل الديمقراطية في القارة

عند قراءة مستقبل الأزمة في هندوراس, يلوح في الأفق أهمية ما ستسفر عنه الأحداث, بكافة الاحتمالات, فنحن أمام أزمة نتائجها ستكون من أهم المحددات لمستقبل الديمقراطية في القارة بأكملها, ومستقبل علاقاتها مع جارتها الشمالية الكبرى, الولايات المتحدة, فليس من شك أن الانقلاب هو محاولة لتقويض الحكومات الأمريكية اللاتينية, التي جاءت بنموذج جديد, بديل للرأسمالية والليبرالية الجديدة, التي أنهكت شعوب القارة لسنوات عديدة, كما أنها تطرح مفاهيم جديدة تتحدى الديمقراطية التمثيلية الأمريكية كـ "نموذج أفضل" , وتستبدله بديمقراطية تشاركية, تضمن العدالة الاقتصادية والاجتماعية, وتعطي الأولوية للحاجات الإنسانية على اقتصاد السوق, هذه الحكومات تمثلها اليوم فنزويلا وبوليفيا والاكوادور, وحتى حكومات يسار الوسط, التي تتبنى سياسات معتدلة, وخطابًا غير تصادميًا, مع الولايات المتحدة, مثل البرازيل والأرجنتين والأوروجواي .

الانتخابات الرئاسية, التي حدد لها 29 نوفمبر/ تشرين الثاني, أصبحت منوطة بتحديد شكل الحكم في هندوراس, لسنوات قادمة, ففي حال أقرت حكومة الأمر الواقع, ستنتقل هندوراس إلى الحكم اليميني, ويصبح هذا مؤشرًا خطرًا على إمكانية عودة القارة كلها, إلى عقود حكومات فرق الموت, وذبح الناس بالآلاف, وستصبح الأوضاع في هندوراس دلالة على استعادة الجيش لقوته, وإمكانية الإطاحة برؤساء دستوريين, مع الإفلات من العقاب. وبذلك تعود القارة خطوات كبيرة إلى الوراء, حيث فترة تصاعد الانقلابات العسكرية, وسيطرة الأنظمة العسكرية على الحكم في العديد من دولها .

وفي حال فوز مرشحين جدد, وعدم ترشح زيلايا أو ميتشيليتي, فإن النتيجة, أيضًا, ستكون في صالح الانقلابيين, أيًا كان الفائز في هذه الانتخابات, وهو ما حدث بالفعل, ففي 29 نوفمبر/ تشرين الثاني, فاز مرشح المعارضة, بورفيريو لوبو, بحصوله على 55% من الأصوات على أقرب منافسيه, ألفين سانتوس, مرشح الحزب الحاكم " الحزب الليبرالي" , الذي حصل على 38%. في انتخابات لم تخضع لإشراف دولي, ولم تعتبر بوجود رئيس منتخب للبلاد لم يكمل مدته بعد, ومحاصر في السفارة البرازيلية في العاصمة. واعتبرت الخارجية الأمريكية, التي لطالما أعلنت معارضتها للانقلاب, ودعمها للديمقراطية في كل بلاد القارة, أن الانتخابات طريق ديمقراطي سيساعد الشعب الهندوراسي على المضي قدمًا. فيما اعتبرت باقي دول القارة, وعلى رأسها فنزويلا والبرازيل, الاعتراف بالرئيس الجديد تهديدًا خطيرًا للديمقراطية في القارة, فلا يمكن التعامل معه, وكأن شيئًا لم يكن. كما أن الاعتراف بنتائج الانتخابات يضفي الشرعية على الانقلاب, الذي قامت الانتخابات الرئاسية تحت رعاية حكومته, وبتجاهل الرئيس المخلوع .


لكن لا يعني ذلك الاستسلام الكامل لنتائج الأزمة في هندوراس, وتبعاتها, ودلالاتها, على المستوى السياسي في القارة اللاتينية, في حالة استقرار الأوضاع على ما هي عليه اليوم, فتلك القارة يحكم أكثر من 70% منها, قادة يساريون صعدوا بإرادة شعوبهم, وهم زعماء لأكبر الدول الأمريكية اللاتينية, وسياساتهم الإقليمية بلغت من القوة حدًا لا يستهان به, بل أزعج الولايات المتحدة, ورجالها من الأوليغارشية في تلك الدول, لدرجة كبيرة, حتى أن انقلاب هندوراس نفسه, كان أحد نتائج تصاعد المد اليساري في القارة, ولحاق هندوراس به .

الدول اللاتينية اليسارية, ذات الحكومات المنتخبة, تعرضت للكثير من الاختبارات والأزمات والمواجهات مع قوى المعارضة المدعومة، دائمًا, من الولايات المتحدة, ومع ذلك تجاوزتها, وتزايد صعود اليسار, عبر انتصارات انتخابية ديمقراطية, من الصعب التشكيك في شفافيتها ونزاهتها, لذلك فإن أزمة هندوراس ( على أسوأ تقدير) , لن تكون سببًا في هدم البناء الديمقراطي في القارة, الذي بلغت درجة صلابته الحيلولة دون تقويض أركانه أو تهديده بالسقوط , ولكن تبقى ضرورة العمل, إقليميًا, من أجل استعادة الأوضاع الديمقراطية في هندوراس, وتسييد إرادة شعبها, ليس من أجل هندوراس فحسب, ولكن من أجل أمريكا اللاتينية, ومستقبل الديمقراطية فيها .





































الهوامش




The Constitution, countrystudies.us/honduras/84.htm . - ( (1

(2) - Marco Cáceres : Re-Writing the Constitution of Honduras: Power Grab or Change Long Overdue?, September, 2009, hondurasthisweek.com.

(3) - A Coup Or Protecting The Constitution In Honduras? June 29, 2009, rightwingnews.com.

(4) - Gustavo Coronel : The World Upside Down: Honduras , June 30,2009,
humanevents.com.

(5) - David L. Wilson : Honduras: it s not about Zelaya, July 06, 2009, upsidedownworld.org.

(6) - Octavio Sánchez : A coup in Honduras? Nonsense, July 02, 2009
csmonitor.com.

(7) - Kiraz Janicke: Venezuela s Chavez Calls on Honduras Coup Government to Peacefully Hand over Power to Manuel Zelaya, September 22, 2009 , Venezuelanalysis.com.

هندوراس تطوق سفارة البرازيل, 23/9/ 2009 , aljazeera.net - (8)

(9) - Juan Carlos Llorca : Hondurans agree on constitution; no deal
on Zelaya, October 13,2009,Trinicenter.com.

(10) - Juan Barahona Withdraws from Roundtable, October 13, 2009, hondurasnews.com.

(11) - Zelaya s Representatives Request, October 13, 2009, hondurasnews.com.

(12) - Honduras Coup Leaders Mock Dialogue , October 13, 2009, havanatimes.org.

(13) - Juan Almendares: The Guaymuras Dialogue, Honduras, and the armor-plated
elections, Translation by Charles Utwater II, November 12, 2009, quotha.net.

إغناثيو رامونيت : أكذوبة هندوراس, دولة تحتكرها 15 عائلة, أغسطس 2009. (14)
ipsinternational.org .
(15) - Jamie Way : Honduras Coup Highlights Foreign Aid Questions, October 13,
2009, nicanet.org.

(16) - Leticia Salomón: The Coup d’Etat in Honduras: Character, Evolution and Perspectives, Translated by Adrienne Pine, July 3, 2009, quotha.net.

(17) - Protect Democracy; End the Coup in Honduras, an Interview, August 3, 2009, politicalaffairs.net.

(18) - David L. Wilson, Op. Cit.

(19) - Protect Democracy, Op. Cit.

نجلاء مكاوي : تحليل ظاهرة اليسار الجديد في أمريكا اللاتينية , مجلة الديمقراطية, (20)
العدد 35, يوليو 2009, الأهرام , القاهرة, ص ص 199- 202 .
Leticia Salomón , Op. Cit . (21) - , Op.Cit. Juan Almendares (22)
(23) - Mark Weisbrot : IMF Gives $164 million to Coup Government in Honduras, Following Familiar Pattern , Monthly Review, September 7, 2009.

نجلاء مكاوي : التوجه الإقليمي لليسار الجديد في أمريكا اللاتينية, السياسة الدولية, العدد 178, أكتوبر (24) 2009 , الأهرم , القاهرة , ص ص 190 – 194 .
(25) - Kari Lydersen : Honduras Coup: The Labor Angle , August 14, In These Times.

هندوراس تنضم إلى بوليفيا وفنزويلا برفضها قبول اعتماد السفير الأمريكي الجديد لديها (26)
http://rtarabic.ru/news_all_news_world/19677.
(27) - Honduran leader forced into exile, June 28 , 2009, news.bbc.co.uk.

رسالة فنزويلا الاشتراكية , رسالة رقم (8) , 20/9/2009 , ص 18 (28)

Kiraz Janicke , Op. Cit . - (29)

Obama says Honduras coup illegal , 29 June 2009 , news.bbc.co.uk. - (30)

(31) - Eva Golinger : Honduras: Coup Leaders Hire Top Democrat Lobbyists to Justify Their De Facto Government , Monthly Review, July 13, 2009 .

(32) - Ramzy Baroud : Obama s Test: Democracy or Chaos in Latin America , October 08, 2009, Trinicenter.com.

رسالة فنزويلا الاشتراكية , مرجع سبق ذكره . (33)

(34) - Ginger Thompson and Ron Nixon : Leader Ousted, Honduras Hires U.S. Lobbyists , New York Times , October 07, 2009 .

(35) – Ibid.

(36) - The U.S. hand behind the coup in Honduras , Revolution #172, August 09, 2009.

(37) - Eva Golinger : The Role of the International Republican Institute (IRI) in the Honduran Coup , July 05, 2009, chavezcode.com.

(38) - Ibid.

(39) - The U.S. hand behind the coup in Honduras, Op. Cit .

(40) - Ramzy Baroud , Op. Cit .

(41) - Eva Golinger , Honduras: Coup Leaders Hire Top Democrat Lobbyists to Justify Their De Facto Government , Op . Cit.

(42) - Ginger Thompson and Ron Nixon, Op. Cit .












#نجلاء_مكاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نجلاء مكاوي - انقلاب هندوراس ... بين الشرعية وانتهاك الدستور