عبد الحق عبودة
الحوار المتمدن-العدد: 2855 - 2009 / 12 / 11 - 21:23
المحور:
الادب والفن
إذا كان من فضل يمكن أن يحسب لما سمي بالمهرجان الثاني للإبداع النسائي الذي نظمه منتدى بويبلان للثقافـــــــــــــة والتنميــــــة والإبداع مؤخرا بمدينة تازة فهو هذا الجدال الواسع الذي فتحه داخل أوساط المهتمين والمراقبين والمثقفين من جميــــــــــع المشارب والاتجاهات وهذه الأسئلة الكبيرة وربما المقلقة لكنها صحية في نفس الوقت والتي وضـــــــعت المثقف على محـــــــك المصداقية وأماطت اللثام عن هذا الجسد الثقافي الذي أنهكته الصفعات والتجارب الفاشلة وترهلـت مفاصلة لكثرة الضربــات التي يتلقاها على مختلف الجبهات في واضحة النهار وتحت الحزام وقد تكون محطة المهرجــان النسائي الأخير مجرد النقطة التي أفاضت الكأس أو الوخزة التي فقأت الدمامل المنتشرة على مساحة البدن الثقافي فـــــي هذه المدينة العزيزة.
إن أية مقاربة نقدية أو لنقل تقييمية لتجربة من التجارب الثقافية يجب أن تتسم بالحياد والوضوح والشفافية وأحيـــــــــانا كثيرة لابد أن يكون الوخز مؤلما تبعا لطبيعة الأخطاء وثقل الزلات المرتبكة وإلا ستصبح الثقافة مجرد نعال ننتعلهـــــــــــا وندوس بها علـــى كل القيم والمبادئ النبيلة ونرفس بها براءة الابداع وطهره وصفاءه وقد يجد المرء نفسه أحيانــــــــــا مرغما على التضحية بأعـــز الأصدقاء والأقارب في سبيل كلمة حق ثقافية .
لايختلف اثنان حول حقيقة أن البصمات الثقافية في مدينة تازة دائما ما تكون مشوية بكثير من الضبابية ورمادية فــــــــي الرؤيــة وعشوائية في التصور وهشاشة في المنطلقات لكن في مجملها -وعبر ما تراكم من تجارب مختلفة- كانت تصـــل إلى سقــف معقول ونسبة لابأس بها على مستوى النجاح سواء كميا ونوعيا وكانت -على علاتها الكثيرة – ترغمنا علــى مباركتهــــــــــا وتثمينها رغم لومنا وإحساسنا بمرارة سوداء. فما الشيء الدي استجد اليوم وبالذات خلال محـــطــــــــــة المهرجان النسائـي الـــــذي نظمه منتدى بويبلان للثقافة والتنمية والإبداع ولماذا تمططت الأسئلة وأوغلت في القـــلـــــق والاستياء حتى أصبح من جــائــــــز القول أن ننعي الثقافة ونصلي عليها صلاة الجنازة.
وقبل أن أبحث عن أطراف الإجابة وأتلمس بعض المسالك التي قد تكشف غمة السؤال لابأس أن أشير إلى أنني قـــــــرأت مقــالا لصديقنا واستاذنا بوجمعة العوفي تحت عنوان // ماتفسده السياسة تصلحه الثقافة //, وبدون أن ألج في تفاصيله فقط يمكن الوقوف عند هذا العنوان الذي يحيل على رؤية واضحة وموقف صريح وهو أن جمال الثقـــافــــــــــــة وإشراقها يوجد على الطرف المقابل من خبت السياسة ومكرها واعوجاجها, بمعنى أن المثقف هو الصوت النقي الــــــذي يشكل نقيضا موضوعـيــــا لغوغائية السياسي وتهريجه.
أعود فأجيب أن الجديد في مهرجان النساء الذي تبنى الإخوة في منتدى بويبلان نسخته الثانية ظلما وقرصنة قد دعــــــم مـن أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وهذا وحده يطرح إشكالا ثقيلا يجب أن نمضي في مقاربته إلى أبعد حــــــــــد ويجـــــب أن ندقق من خلاله حساباتنا في أصغر دقائقها باعتبار أن أموال المبادرة محكومة بتوجيهات ملكية واضحـــــــة وصريحة ومســـندة بفلسفة تنموية لايمكن التلاعب معها أو التحايل عليها, ومن هذه الكوة يمكن أن نطل على أصدقائــــنا أحبائنا في منتدى بويبلان بسؤال هم ملزمون بالإجابة عنه حتى يقتنع المهمشون والمحرومون والمقصيون بمصداقـــــية هذه الثقافة التي تصلح ماأفسدتــه السياسة. إنه سؤل بسيط ومباشر.
أين هي التنمية البشرية في مهرجان النساء الدي نظموه؟
شخصيا ومن خلال متابعتي لفعاليات تلك الأيام كنت مشغولا بالبحث عنها لكنني تعبت من التنقيب ولم أعثر لها علـــــــــى أثـــــر ولم أشم لها ولو حتى قليلا من الرائحة رغم أنني شممت روائح أخرى متعددة النسمات والنفحات وقد سألت بعـض الديـــــــن كانوا يترددون مثلي على بعض الجلسات الباهثة عن مكان هذه التنمية فلم يجبني أحد وفي الأخير تبين لي أنها تتجول فـــــي شوارع المدينة مع رئيس المنتدى في سيارة من نوع بوجو 206 وعلمت أيضا أنها كانت تتصاعد مـــــــــع بعض الروائح التــــي كانت تفوح من حين لآخر في أرجاء الفضاءات ومع ذلك كدبت بصري ولعنت حاسة شمي فـــــــــي انتظار أن يطلع علينـــــــــــا مبدعينا الكرام أصحاب منتدى بويبلان بندوة صحافية ليجيبونا عن المكان الذي كانت تقيـــــم فيه المبادرة الوطنية للتنميــــــــــة البشرية.
إن اندهاش المراقبين والمتتبعين والشرفاء من مدينة تازة لايقف عند هذه الطعنة التي تعرضت لها فلسفة المــــــبـــــادرة الوطنيــــة للتنمية البشرية من طرف منتدى بويبلان بل يتعداه إلى ذهول أكبر هو كيف يمكن أن تعطي هذه الأمـــــــــــوال لجمعية لم يمــــض على تأسيسها سوى بضعة أشهر بل كيف استطاع هؤلاء العباقرة البويبلانيون أن يقنعوا الهــيئــــــــة الإقليمية للمبادرة كي تضـــخ بين أيديهم أموال المحرومين والمهمشين والفقراء بهذه السرعة وهده السهولــــــــــــــــــة
لاشك أن الهيئة الإقليمية قد تعاطت مع الأمر بحسن نية رغبة منها في صنع حدث ثقافي ضخم ووازن لكن مما لاشــــــــك فـــــيه أيضا أن فيلق بويبلان كانت لديهم قدرة عجيبة على المناورة وقلب الحقائق, ولهذا وانطلاقا من حسن النية ونبــل الهـــــــدف الذي أبدته الهيئة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمرونة التي تعاملت بها مع هؤلاء يتعين عليها في المقابل وبعد أن أسدل الستار على هده الجوقة أن تفعل قوانين المراقبة والمحاسبة حتى يطمئن كل من يحمل فـــــــــي عمقه غصة أو حرقــــــة على مستقبل التنمية البشرية ويستعيد الثقة في الأيادي التي تدير أمواله .
إن غيرتنا على المشهد الثقافي وحبنا واحترامنا لأحبائنا في منتدى بويبلان يدفعنا جميعا لكي نبعث إليهم ببــــــــــــــعــض الأسئــــــــلة الإضافية مكللة بزهور التقدير والإحترام والمحبة آملين أن يتقبلوها بصدور رحبة لأن المبدع إذا ضـــــــــاق صدره تعفن إبداعه.
- أليس المهرجان عرسا إذن كيف أمكنكم أن تقيموا عرسا دون أقربائكم واحبائكم ؟
- لماذا تخلف بعضكم عن التزامه في التسيير والمشاركة رغم ورود إسمه في عدة جلسات؟
- ألم تشعروا بالخجل والخزي وأنتم تشاهدون مشاركة عربية تقزمكم بتقريعها لأنكم لم تحترموا الوقت؟
-لماذا تطأطئون رؤوسكم أمام تجريح غيرنا وتستأسدون أمام لومنا وعتابنا نحن الذين نحبكم؟
-أي بدعة هذه التي سميتموها ابداعا نسائيا؟أليس دور الابداع هوخلق الانسجام ونبذ الفرقة؟
-لماذا أنتم صامتون ومنزوون لحد الآن؟
يا أصحاب منتدى بويبلان الكرام,اذا كانت هناك من كلمة يجب أن نقولها في حق بعضكم فهي كلمة شــــكر عريـــضـــــــة علـــــــى هفواتهم وزلاتهم التي فجرت في أوساط المجتمع التازي-بكل فئاته- هذه الأسئلة الواسعة,وسنكون شاكرين لهـم اذا انخرطــوا في ازالة هذا اللبس والاجابة عن علامات الاستفهام الكثيرة,وانكم لتعلمون علم اليقين أن أفئدة أشقائكم فــي الابداع بيضــــــاء وتغفر بسرعة.
وفي انتظار خروجكم أقول لكم ولكل الذين يحملون هذا الهم الثقافي( يا أيها المثقفون تعلوا الى كلمة سواء بيننـــــــــــا,ألا نطعــــــن بعضنا غدرا,وأن نقتسم ما هو جميل فينا ولو كان مثقال ذرة,وأن نصعد الى قمة النبل بتأن وتآزر,لأن القمة-يـــا أصدقائـــــي-تتسع للجميع.
عبد الحق عبودة.
#عبد_الحق_عبودة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟