محمد على السلمي
الحوار المتمدن-العدد: 2845 - 2009 / 12 / 1 - 03:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
(ان الاسلام لم يأت بجديد) هكذا كانت كلمات البابا التي ذكرها على لسان امبراطور بيزنطي في خطابه الشهير الذي أثار ردود فعل واسعة ....فهل كان البابا أو الامبراطور البيزنطي محقا في كلماته هذه أم أنه كان مخطئا عن عمد أو عن جهل بالاسلام؟....الحق أن الأمر يتطلب بحثا علميا دقيقا لتكون النتائج دقيقة .
سأحاول في هذه السلسلة من المقالات أن أضع أمامكم مجموعة من التعاليم والقيم التي كان للاسلام ولنبي الاسلام السبق فيها:
(1)القضاء على التفرقة العنصرية: هاهوالنبي العربي الأمي صلى الله عليه وسلم يرتقي أعلى مكان على ظهر ناقته القصواء ....فتشخص اليه أبصار جموع المحتشدين بعرفة حيث الموقف العظيم الذي تتنزل فيه الرحمة والسكينة والمغفرة من الرب العلي سبحانه.....ها هو يعلن أمامهم الاعلان العالمي الأول من نوعه للمساواة بين بني البشر داخل اطار الاسلام العظيم أيا كان عرقهم أو لونهم أو جنسهم أو وطنهم أو لغتهم .....الجميع اخوة في الله الواحد الأحد ،الجميع ينحدر من أصل واحد ذلك هو أدم أبو البشر عليه السلام.......(((أيها الناس ، ان ربكم واحد وان أباكم واحد كلكم لأدم وأدم من تراب ، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي ، ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض الا بالتقوى ، ان أكرمكم عند الله أتقاكم ، ألا هل بلغت؟..اللهم اشهد)))....أي عظمة هذه وأي نداء هذا ،انه نداء المساواة ....وكما يقول العارفون(كبار الكلام ، كلام الكبار)....ان الكلام الطاهر لايخرج الا من قلب سليم طاهر ، اذ الكلام انما هو من فضول القلب الذي يفيض على الألسن ....... وهاهي كتب السنة الشريفة تحفظ لنا رواية عظيمة عن هذه القيمة العظمى (((عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، ساببت رجلا أمه أعجمية ، وقلت له : ياابن السوداء ، فشكاني الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لي :أعيرته بأمه؟؟..انك امرؤ فيك جاهلية، ثم قال عليه السلام :( ان اخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فان كلفتموهم مايغلبهم فأعينوهم)))..ويبدو أن من سبه كان من العبيد العجم السود لذلك لقنه الرسول عليه السلام درسا في المساواة والرحمة والرأفة.......ان هذه المساواة لم تكن دروسا نظرية ليس لها تطبيق في الواقع العملي ....بل ان التاريخ شاهد كيف تأخى بلال الحبشي مع صهيب الرومى وكذلك سلمان الفارسي وأبو بكر العربي...وصدق الله العظيم ((هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت مافي الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم انه عزيز حكيم)).
(2)عالمية الدعوة : وهذه الخصيصة من خصائص الاسلام ترتبط ارتباطا وثيقا بقضية المساواة بين جميع البشر ....اذ ان أي دعوة لا يمكنها أن تكون عالمية الا بقبول جميع الأعراق والأجناس والألوان والشعوب وعدم التفريق بينها ....يقول الله تعالى(وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) ويقول سبحانه(وما أرسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا)....ويقول عليه السلام(...وكان كل نبي يبعث في قومه خاصة وبعثت الى الناس كافة) ويقول (بعثت للأسود والأحمر)....ولذلك كان دينه يحتوي على كافة ألوان النقاش والحوار ، يقول القاضي ابن رشد الحفيد (ولذلك خص عليه الصلاة والسلام بالبعث الى الأحمر والأسود أعني لتضمن شريعته طرق الدعاء الى الله تعالى ، وذلك صريح قوله تعالى(ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)).
ان نبيا قبل محمد صلى الله عليه وسلم لم يقدر أن يعلن للناس أن دعوته عامة لجميع الناس ....بل كل الأنبياء كانوا يعلنون بوضوح أن دعوتهم لاتخص الا قومهم ....وانني لأعجب أشد العجب من قوم يقولون ان رسالة موسى وهي الناموس الأصلى كانت خاصة ببني اسرائيل بينما اكمال الناموس على يد عيسى عليهما السلام كان لجميع الناس ...اذ كيف يكون الناموس الأصلى لقوم بعينهم بينما اكماله لكل الناس ....والمسيح نفسه يقول بوضوح ((لم أرسل الا الى خراف بني اسرائيل الضالة))وهذا أسلوب قصر وحصر وتخصيص لا يدع مجالا للشك بخصوصية رسالته....ولذلك نهى تلاميذه عن الدخول الى أى مدن أخرى غير مدن بني اسرائيل ....ورفض معاونة المرأة التي طلبت منه المعونة(( ليس حسنا أن يؤخذ الخبز من البنين ويرمى للكلاب))والكلاب والخنازير هي رمز النجاسة عند اليهود .
ومما يؤكد عالمية الدعوة الاسلامية أن أول سورة في القرءان سورة الفاتحة فيها قوله تعالى(الحمد لله رب العالمين) وأخر سورة في القرءان الكريم سورة الناس (قل أعوذ برب الناس ، ملك الناس ، اله الناس).....فبدء القرءان وختامه يؤكدان على هذه العالمية ...فاله الاسلام هو رب العالمين رب الناس اله الناس ملك الناس كل الناس وليس الها خصوصيا كما في الكتب القديمة..........
ونستكمل قريبا باذن الله سلسلة التعاليم الجديدة التي أتى بها الاسلام
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟