أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاكلين صالح أبو طعيمة - عيد اليوم والأمس














المزيد.....

عيد اليوم والأمس


جاكلين صالح أبو طعيمة
(Jaklin Saleh Abutaima)


الحوار المتمدن-العدد: 2844 - 2009 / 11 / 30 - 19:03
المحور: الادب والفن
    



كلما كان يشتد الموت … كنا نفيق من سكراته على أمل … والأمل يحبو ويحبو حتى يسير بنا ويمشي بعيداً … نستمر تحدونا قوة لا نعرف لها أصلاً … رغم أننا بها نبقى … نعم نبقى … هي القصة في البقاء..
البقاء في تلك الحجرة بما تحويه من دفء وحب وأمل بأن الحياة أجمل والعمر أطول …
البقاء حيث الحدوتة القديمة … وعيوننا الصغيرة التي تدور في الظلام حول شجرات الزيتون لتراقب الغول… هل تراه قادماً كما قالت جدتي أم سيظل وهماً يطارد أحلامنا اليَقِظَة؟ … وهل يأتي ذلك الغول حين تطفئ أمنا النور في الغرفة يلعب حولنا ونحن نائمون، ويخطط ليأكل أول واحد ينام قرب الباب كما كنا نتخيل …
رغم وجود الغول .. وتشبثنا بغطائنا وتبولنا خوفاً ونهر الأم والأخت الكبرى في الصباح إلا أنها كانت أجمل … كنا نحب البيت والحارة والمدرسة، نحب أن نعيش كثيراً ونكبر … والآمال تحدونا تسير بنا … غدا العيد … نستمر في بكاء قبل مجيئه بأربع وخمس أيام لنحتال على أمنا فتشتري لنا كل جديد … أياً كان ما يشتروه لنا كنا به نسعد … نرضى … كان للرضا طعم آخر..
كبرنا فجأة .. طرق العيد أبوابنا مستأذناً بالدخول … ترانا هل نسمح له أم ينتظر لنخطط ونتفاكر .. حين كنا صغار لم يكن العيد يطرق الأبواب كان يأتي من كل مكان من السماء بزرقتها في صفاء لم نعرفه إلا في خربشات دفتر الرسم في الصف الأول … كان يأتي من الشمس في بهاء لا نره إلا حين يمد أول قريب يهنئ بالعيد يده في جيبه ليخرج لنا (خمسة ألاف أو عشرة آلاف) نسيت اسمه شيكل ونصف شيكل.. ونحن نردد شكراً يا عم كل سنة وأنت سالم ..

جاء العيد قبل يوم ينظرنا يقف ببابنا … يسترق السمع لهمساتنا … وكله ظن بأننا لا زلنا نهمس كما كنا … أفزعه صراخنا وتوترنا … ارتجت معالمه ابتعد قليلاً … واستدعى قواه وعاد ينصت … كنا قد كبرنا وعلا صوتنا وزادت مطالبنا فلا عاد قميص واحد يكفي أو حتى حذاء.. فالقميص له اسمه والحذاء له عشرة أسماء … والألف والخمسة آلاف مذبوحة على مناسك التغيير والتطور… بل الغلاء والموضة والأزياء… نظر العيد مستهجناً وظن أن البيت قد تغير سكانه .. ابتسمنا بمكر لم يعرفه في براءتنا وقلنا نحن هم في زمن جديد … ولم ير ابتساماتنا لكنه لمح كيف كانت تبرز أنيابنا … ولم يلمح فرحة في قلوبنا أو على شفاهنا فقد كان همنا ما نلبس غداً وكيف نظهر بشكل أجمل … لم يرَ فينا نفوساً صافية أو عيوناً تبرق بحب للحارة والجار وابنة العم والخال… كان يرى قشوراً تزين أجسادنا … اهتز كيان العيد باكياً بما يحمل من ذكريات لأيامنا وهمس بخوف لم يكبر فيكم شيئاً سوى القبح والسوء … كبرت أنفسكم على الحب والصفاء … وغادر أعتاب بيوتنا يمزقه شوقاً لسعادة جاء ينثرها بعبير حب وأمل ليوم جديد…

ومن ذلك اليوم الذي زادت فيه قشورنا حسناً وجمالاً رحلت السعادة عنا ورحل الأمل … حتى العيد الذي كنا ننتظر أصبح يأتي اسماً لا معالم له ولا روح … فقد ماتت روحه في ضجة تغيير عمت الحارة القديمة مرة..
وكبرنا بقشورنا وكبرت همومنا فلا عدنا نخاف الغول ولا زوجته الغولة لأن ما يخيفنا أكبر من حدوتة جدة أو نور منطفئ في غرفة صغار … ما يخفينا أصبح أننا ضيعنا كل شيء حتى مخزوننا من الأمان …
فللعيد الذي جاء يوماً وولى عن ديارنا أقدم كل الاعتذار … لا تجزع يا عيد إن لم تجدنا كما نحن فأنت أيام وتمضي لكنا نحن لا زلنا لا نجد أنفسنا … والسلام .



#جاكلين_صالح_أبو_طعيمة (هاشتاغ)       Jaklin_Saleh_Abutaima#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت الشباب في المخيم
- مزيداً من الحصار ومزيد
- هنيئاً لك يا غزة بالإعمار
- ضجيج الموت
- أهداف حرب إسرائيل على غزة بين الإعلام والحقيقة
- رحيل الأمان يا غزة
- لأبي بيت وأرض صغيرة ضاعت في غزة


المزيد.....




- تفاعل واسع مع فيلم -ويبقى الأمل- في الجونة.. توثيق حقيقي لمع ...
- الجامعة العراقية تستضيف الشاعر الإماراتي محمد عبد الله البري ...
- الإمام الحسين: ما سر احتفال المصريين بمولد -ولي النعم- مرتين ...
- المنقذ من الضلال لأبي حامد الغزالي.. سيرة البحث عن إشراق الم ...
- ترامب: ضجيج بناء قاعة الرقص في البيت الأبيض -موسيقى تُطرب أذ ...
- لقطات نادرة بعدسة الأميرة البريطانية أليس... هل هذه أول صورة ...
- -أعتذر عن إزعاجكم-.. إبراهيم عيسى يثير قضية منع عرض فيلم -ال ...
- مخرجا فيلم -لا أرض أخرى- يتحدثان لـCNN عن واقع الحياة تحت ال ...
- قبل اللوفر… سرقات ضخمة طالت متاحف عالمية بالعقود الأخيرة
- إطلاق الإعلان الترويجي الأوّل لفيلم -أسد- من بطولة محمد رمضا ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاكلين صالح أبو طعيمة - عيد اليوم والأمس