أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إسلام حجازي - المدونات السياسية وسلطة المعلومة فى مصر














المزيد.....

المدونات السياسية وسلطة المعلومة فى مصر


إسلام حجازي

الحوار المتمدن-العدد: 2843 - 2009 / 11 / 29 - 05:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن يتوقع المفكر الكندى الشهير"مارشال مكلوهان"(1911م-1980م)، الذى يعد من أبرز فلاسفة الإعلام فى العالم، أن تصل كلماته الشهيرة بـأن "الرسالة هى الوسيلة" إلى أعلى درجات تفسيرها وتأويلها فى عصر المدونات السياسية التى تفتقر إلى حيز مكانى ملموس، وتتميز بكونها قابلة للإزاحة، فقد أصبحت هذه المدونات أو وسائل إعلام "النحن" كما يعرفها البعض فى وقتنا الراهن سبباً لإعادة التفكير فى المنظومة المفاهمية التقليدية التى ترتكز على مفاهيم أولية مثل المركز، والحدود، والتراتبية، والخطية، لكى تحل محلها خصائص جديدة مثل زوال المركز، وتعدد المستويات الخطية، والعقد النسيجية، والارتباطات التشعبية، والتى أصبحت أكثر ملائمة لمتطلبات عصرنا الراهن.

فقد أوضح الكاتب الأمريكى "ألفن توفلر" فى كتابه "تحول السلطة" أن عناصر السلطة تمكن فى المال، والقوة، والمعلومة، ولكننا نرى أن فهم عدد كبير من القائمين على الحكم فى مصر لهذا المفهوم قد توقف عند عنصرين فقط هما: المال والنفوذ، ولذلك قاموا باستخدم كافة أساليب الضبط السياسى والاجِتماعى سواء المادية منها مثل الجيش والشرطة، أو المعنوية منها مثل أجهزة الإعلام والتربية والصحافة وتوظيف الدين من خلال فتاوى وآراء المؤسسات الدينية الرسمية فى الدولة، لضمان استمرار تحقيق أهداف مصالح الجماعة أو الطبقة المسيطرة عبر سيطرتها شبه الكلية على عنصرى المال والنفوذ، وبالفعل نجحوا إلى حد كبير فى نشر ثقافة الخضوع والاستكانة لدى فئات كثيرة من المحكومين فى داخل المجتمع، ولكنهم فى الوقت نفسه لم يدركوا أهمية المعلومة كأحد مصادر السلطة القوية التى قد تستخدم فى كسر أسطورة استبداد المال والنفوذ.

ومن هنا، جاء دور نشطاء الإنترنت الذين أعادوا قراءة مقولة توفلر عن عناصر السلطة الثلاثة، واكتشفوا النقص الموجود فى معادلة النظام السياسى الحاكم، والناتج عن تغافل أهمية المعرفة وسلطتها، فاختاروا المعرفة والمعلومة فى مواجهة المال والقوة، وعليه فقد شهدت المجتمع المصرى خلال السنوات القليلة الماضية تنافساً غير مسبوق بين إعلام المدونات البديل وسطوة الخطاب الإعلامى الرسمي، وسرعان ما اكتسب عالم التدوين قوة ومصداقية ما يعرف فى أدبيات العلوم الاجتماعية بظاهرة إعلام المواطن "Citizen Journalism"، وذلك بفضل الطبيعة التفاعلية التى تميزت بها هذه الآليات الإعلامية الجديدة والناتجة عن تزايد حجم التطور التقنى المستخدمة فيها وترجمته فى وسائل مثل الخوادم أو السيرفرات الضخمة، والحوائط النصية والمرئية، ومجموعات التفاعل، وقواعد البيانات المتطورة وغيرها. كل هذه العوامل قد مكنت مستخدمى المدونات من أن يكونوا بمثابة منتجين للمحتوى الإعلامى (نص- صوت- صورة- فيديو)، وأصبح كل مواطن مراسلاً مستقلاً، يلتقط الأخبار والمشاهد والأحداث، ثم يُعنونها، ويكتبُ تعليقاً عليها، ويحمّلها على الشبكة المعلومات الدولية، لتكون فى متناول الجميع بلا إستثناء.

فقد ظهرت هذه المدونات لتطرح بديلاً للإعلام الرسمى التقليدى، ولتستخدم لغة نقدية تختلف جذرياً عن الخطاب السياسى المهادن الذى يطرح من قبل غالبية جماعات المعارضة الرسمية ووسائل إعلامها الموجودة فى الواقع التقليدى. فلم يكن مستغرباً أن تجد عددا كبيرا من المدونات التى تم إنشاؤها لرصد ومناقشة بعض القضايا غير متداولة فى وسائل الإعلام الرسمى مثل قضايا التحرش الجنسي، وانتشار معدلات الإدمان والجريمة، وأوضاع بعض الأقليات الدينية والعرقية مثل البهائيين والنوبيين، وأحداث التوتر الطائفى بين المسلمين والمسيحيين، ومناقشة قضايا الفقر وضعف مستوى الخدمات، وسوء توزيع عوائد التنمية فى بعض المناطق والمحافظات مثل سيناء وجنوب الصعيد وغيرها.

بل وفتحت هذه المدونات المجال أمام أجيال جديدة من الصحفيين والأدباء الشعبويين الشبان، ليعبروا عن أنفسهم وقضايا مجتمعهم من خلال الاعتماد على منهج استخدام المواطن كمصدر ومنتج ومستهلك للمعلومات فى نفس الوقت، وهو الأمر الذى لا يتوافر فى وسائل الإعلام التقليدية التى غالباً ما يحدث فصل فيها بين هذه العناصر الثلاثة سالفة البيان، مما ساهم فى كسر مصفاه الإعلام التى تتحكم فيها الدولة، وأدى إلى إزالة الكثير من مظاهر الغموض بشأن حرية المعلومات وسهولة الحصول عليها فى المجتمعات، وخلق نمط جديد من وسائل تعزيز المحاسبية والشفافية داخل النظم السياسية العربية. فقد تحولت المدونات السياسية إلى سلطة قاهرة للمركزية تفرض نفوذها على المؤسسات الرسمية المسيطرة على الأنباء والمعلومات، وشكلت واحدة من أهم العوالم الافتراضية "Virtual Spaces"، التى يستطيع الفرد من خلالها إظهار تمرده وعصيانه السياسى فى ظل بيئة تفاعلية تحتوى على أكثر من مستخدم متفاعل معه دون قيود مفروضة من الواقع التقليدي.

وبالرغم من تأكيد عبد الرحمن الكواكبى على وجود حرب دائمة وطراد مستمر بين الاستبداد والعلم، وأن فرائض المستبد ترتعد من العلم والعلماء، فالسؤال الذى يطرح نفسه الآن هو هل ينجح هؤلاء الشباب الذين لا تتعدى كل أسلحتهم عن كونها عبارة عن لوحة مفاتيح كمبيوتر وكاميرا ديجيتال وصفحات على شبكة المعلومات الدولية فى كسر سطوة المال والنفوذ التى تملك كافة أساليب الضبط والقهر الاجتماعى والسياسي؟! فلا تزال هناك حاجة ماسة لوسطاء ينقلون الحركة من الواقع الافتراضى إلى الواقع التقليدي، حتى لا تسقط المجموعات الشبابية فى فخ "النشاط السياسى الإلكتروني"- إذا صح التعبير- ويتركون الساحة السياسية التقليدية لغيرهم من الأفراد والمسئولين الذين يصنعون القرارات والسياسات بالنيابة عنهم.







ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأتوقراطية المُلبرلة ومشروع التوريث المرتقب


المزيد.....




- شاهد رد فعل ترامب بعد فوزه الكبير في المحكمة العليا.. وما يع ...
- ترامب عن خامنئي: أنقذته من -موت شنيع-.. وسأضرب إيران مجددا ع ...
- بوتين -مستعد لتفاهم- مع أوكرانيا ويمتدح ترامب.. ويقر بضرر ال ...
- ذبحتونا: الشكوى حول امتحان الرياضيات جدية ويجب على الوزارة ا ...
- نعي شاعر ومناضل كبير
- بوتين مستعد لجولة ثالثة من المفاوضات مع أوكرانيا ولقاء ترامب ...
- 60 شهيدا في غزة والمجازر تستهدف أطفالا ومجوّعين
- لماذا يُنصح بإضافة مسحوق الشمندر إلى نظامك الغذائي؟
- فوق السلطة: مؤيدون لمحور الممانعة يتهمون روسيا وبوتين بالخيا ...
- علماء الأمة يطلقون -ميثاق طوفان الأقصى- لتوحيد الموقف الشرعي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إسلام حجازي - المدونات السياسية وسلطة المعلومة فى مصر