أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى النفيسي - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


مصطفى النفيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2838 - 2009 / 11 / 24 - 04:03
المحور: الادب والفن
    


--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------

القصة الأولى:أسفار لاتنتهي.

قالت أمي :ألن تنتهي من هاته الأسفار المملة؟
أجبت:وهل يملك النجار أن يضع حدا لحضور الأخشاب في حياته،إلا إذا أصبح جزارا،لتلازمه رائحة اللحوم والدم،إلا إذا تحول هو الآخر إلى رصاص، لترافقه رائحة المجاري والبالوعات دوما ، اللهم إذا تحول إلى لص تتحول حياته إلى أفلام بوليسية مليئة بالمطاردات،إلا إذا "لعن الشيطان"و تحول إلى جبان ينكمش باكرا في سريره.
واستمريت في إعطاء أمثلة كثيرة،مستظهرا بلاغتي اللغوية(هل سأتحول إلى سفسطائي في يوم ما؟)،وأصابع يدي متشابكة،ومن حين لآخر أفرك أرنبة أنفي،وهي تنصت في إطراق، كأنها تتفهم ماأقول،ثم قالت:لقد أصبحت كالعصافير التي لا تتذكر أعشاشها،بل لا تتذكر حتى الأشجار الموضوعة في ثناياها.(ألا تعتقدون أن أما يمكن أن تقول ذلك؟)، قالتها بطريقتها المحببة إلى نفسي،والى قلبي،فتدخل أبي قائلا:اخلد للراحة قليلا ،أنت متعب جدا.وهي جملة ظل يكررها بعد كل عودة لي من الأسفار الكثيرة التي أحاول التخلص منها دون جدوى،أسافر وأعود ،لأعود وأسافر،وأمي تمعن في صلواتها ودعواتها،كي أحصل على عفو الهي،فلا أعود إلى السفر أبدا.قالها في حياد كأنه يقصد شخصا آخر غيري،لا يعنيه ضيق أمي ،أو تعطشي لسماع المزيد من أسرار أسرتي،الأسرار المخفية بإحكام عن الجميع (هل هي أسرار فعلا؟)،ككنز علي بابا**،تنتظر قدوم رحالة مثلي،لا يقنع من التمرغ في حكايات أمه،بعد أن يدغدغ الشاي أوصال قلبه،ويحوله إلى تلميذ مطيع،لا يعصى أوامر معلميه.
-ابن الجيران الأصلع تزوج فتاة في جمال الزهور.
-الجندي الأسير عاد.
-الخبيث،الأصفر الوجه تعرض لحادثة ،بترت رجليه الاثنتين فيها،وهو يصر على البقاء مختبئا في منزله طيلة حياته.
-فاطمة تسوء نتائجها الدراسية.
-لقد غيرنا صباغة غرفتك،هل يعجبك الأزرق السماوي؟
كانت الأخبار تنكشف،وأنت تتراءى لك(كأنك في حلم) السحب الصغيرة التي تظهر ثم تختفي فجأة،متغاضية عن رياح تهب بقسوة،دون أن تسفر عن أية أمطار،سحب كالأراضي الجرداء التي لا تنبت شيئا،أو كالعاجزين جنسيا،لا قبل لهم بمجارة نساء حافلات بالشهوة،العصافير التي تحييك صباحا لتختفي هي الأخرى،كي لا تراها أبدا بعد ذلك(هل حدث أن رأى أحدهم عصافير كان قد رمقها في زمن مضى؟)،تلك الجبال البنية الواقفة في تضرع إلى السماء، لا تنوي التزحزح عن مكانها ولو بسنتيمتر،تخفي منازل كبراغيث منسية في فرو قط،جبال هي الازدحام الوحيد في جفرافيا الجنوب.
1-الحجاج الأول (بالاستعانة بفضاء السوق الأسبوعي.):

تذهب إلى السوق كأنك المتسوق الوحيد،لا أثر للصوص ،ولا للحناجر المبحوحة ،التي تمدح سلعا رخيصة،في غالبها مغشوشة،أو انقضى أجل استهلاكها،فقط باعة الحناء الشيوخ الذين لن تراهم أبدا هم الآخرين،حتى وان عدت إلى هناك،ستجد أن الموت قد غيبهم،ومطعم "إسيكيس " الذي يقدم طويجنات اللحم بالبطاطس،وهو أشهى طعام تذوقته حتى الآن في مطعم،ولتذهب خبيزات الماكدونالد المليئة بالقرف إلى الجحيم(هل صدقتم حماقتي؟)،"إسيكيس" المطعم الأكثر إمتاعا،بنظري طبعا،تحول طابقه العلوي إلى فندق نبيت فيه،نتكدس في غرفة بنافذة وحيدة،نافذة كعين إبليس تطل على تلك الساحة الجرداء،هي باحة السوق الأسبوعي،ونحن نتراهن حول نتائج مباريات كرة القدم،لم يعكر صفونا طيلة تلك الأيام المديدة كأنها طرق تعبر قارة شاسعة،سوى ذلك الشجار الذي حدث على ضفاف وادي "دادس"* وذلك الزميل الثقيل الظل كصباحات الشتاء المقتطعة اقتطاعا من يناير،أتنفس الصعداء حينما أتأكد من مرورها بسلام،ظل يتحذلق في الكلام إلى أن أصبح كالمذيعين الشبيهين بفزاعات الحقول،نخر جدار آذاننا بحكايات مملة كرسوم أطفال على سبورة في قسم مدرسي بالبادية،متحدثا في غالب الأحيان عن فتيات ارتمين في حضنه كالأمطار في انجذابها نحو تربة بورية أتعبها العطش،يظل يراوغهن إلى حين النيل منهن،ثم يتركهن دون ندم ودون بطاقات وداع،منخرطا في أسفار أخرى تقوده إلى فتوحات جديدة.
2-الحجاج الثاني (من خلا ل توظيف بهو الحمام العمومي.):

تذهب إلى الحمام العمومي كأنك الشخص الوحيد الذي اتسخ جسمه،أو الذي يملك ملكة المجازفة لارتياد ردهات يكسوها البخار،تبدأ بدخول ذلك البهو ،الذي يشرف عليه في توثب،ذلك الكهل الصافي السريرة،الموغل في الطيبوبة،كقطط أليفة ومدللة ،في الطابق الثلاثين من أبراج مابعد حداثية، تتكدس في شوارع مستقيمة كأيام الدراسة،لا تحمل أية ضغينة لفئران المجاري،بل لم تراها أبدا،اللهم إذا كانت قد رأتها على شاشة التلفاز،أو قرب الحواسيب الشخصية.ثم تنقذف إلى السعير ،الذي سيلهب جسمك ، المتروك هناك دون تأمينات حقيقية،ماعدا ذلك الإجبار الطبي ،الذي لا يعني لك شيئا،سوى تلك الاقتطاعات الشهرية المنهكة.ماذا لو تركنا لإراداتنا ؟هل كنا سنختار هاته الحيوات؟هل كنا سنطيع كل هذا السيل من الأوامر التي نتلقاها منذ ولادتنا دون تبرم؟وها كان الأطفال سيذهبون إلى مدارسهم مختارين؟والآباء الى وظائفهم؟والأمهات الى مطابخهم؟وبائعو الأسماك بالتقسيط الى أسفارهم عبر الأزقة والدروب؟وسائقو الحافلات الى دورياتهم المحمومة؟هل بإمكان أحد ما أن لا يكون ما هو عليه؟
تجبرنا الحياة على التسليم بكل شيء،لنتحول الى ببغاوات بأجساد كبيرة،لا نثير أية تسلية تقريبا.



*:نهر مغربي يقع في الجنوب.

مصطفى النفيسي-فاس المغرب.








ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حارس ذاكرة عمّان منذ عقود..من هو الثمانيني الذي فتح بيوته لل ...
- الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة
- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة
- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس
- “قصة الانتقام والشجاعة” رسمياً موعد عرض فيلم قاتل الشياطين D ...
- فنان يعيش في عالم الرسوم حتى الجنون ويجني الملايين
- -فتى الكاراتيه: الأساطير-.. مزيج من الفنون القتالية وتألُق ج ...
- مسرحية -أشلاء- صرخة من بشاعة الحرب وتأثيرها النفسي
- الجمعة.. انطلاق نادي السينمائيين الجدد في الرياض
- غدا.. اجتماع اللجنة الفنية للسياحة العربية بمقر الجامعة العر ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى النفيسي - قصة قصيرة