أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - و.السرغيني - ضد التزييف، ودفاعا عن التجربة القاعدية















المزيد.....



ضد التزييف، ودفاعا عن التجربة القاعدية


و.السرغيني

الحوار المتمدن-العدد: 2838 - 2009 / 11 / 23 - 10:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



*عن دواعي التصحيح

1. بالرغم من كثرة الكتابات التي تناولت هذه التجربة الطلابية المغربية، المكافحة والغنية.. تستدعي الضرورة أحيانا، الرجوع لهذا الموضوع، لما له من حساسية وأهمية في صفوف الماركسيين اللينينيين المغاربة، وبالتالي، كان لا بد من إبداء الرأي حول بعض المعطيات والمواقف التي تقدم بها أحد الرفاق المسمى "أرنستو" من خلال مقال معنون بـ "القاعديون، راية الكفاح الطلابي".
بعض هذه الكتابات حاولت التأريخ بدون مواد ولا معطيات، وبعضها الآخر ادٌعى التقييم بدون سند ولا مراجع.. ليحبط اتجاه التقويم، ولينتصر، ولو مؤقتا، اتجاه "الصمود والثبات الفكري والسياسي".
وكمناضل قاعدي عايش التجربة منذ بداياتها، أي منذ اللبنات الأولى للتأسيس سنة 1977، حيث ما زالت أصداء "المجالس القاعدية السرية" منتشرة في صفوف الطاقات الطلابية المناضلة، وما زال التعاطف قائما مع "أنصار المجالس" الذين قادوا، بكل نجاح، معركة إسقاط الإصلاح الجامعي لسنة 75.. سأحاول الإدلاء بدلوي في هذا الموضوع، مصححا بعض المعطيات، ومقدما رأيي في بعض الأمور الفكرية والسياسية، وفيما يتعلق بالتجربة القاعدية، كولادة ومسار وتطلعات..الخ
جانب أساسي من المعطيات التي سأقدمها للمناضلين عامة، أي للصٌامدين، والمراجعين، والمحايدين، والملتفـٌين..الخ سيعتمد في مرجعيته على تجربتي الشخصية ضمن التجربة النضالية "للطلبة القاعديين" خلال المرحلة الممتدة من سنة 77 إلى سنة 84، وما قاربها من تاريخ.

2. لقد اطـٌلعت مؤخرا على المقال المذكور أعلاه، وحاولت قصارى جهدي فهم الغرض من كتابته، على اعتبار أن الرفيق "أرنستو" ادٌعى أن ما قدمه يعتبر تقييما لتجربة 30 سنة من الكفاح الطلابي المغربي، وضمن هذا الكفاح، طبعا، رأس الرمح والقلب النابض، فصيل "الطلبة القاعديين" أو "النهج الديمقراطي القاعدي".
ومن خلال الطريقة التي صاغ بها الرفيق مقاله، وجمٌع بها معطياته الغير مسنودة بأية وثيقة رسمية ـ أرضية، بيان، مقررات المؤتمرات..ـ يتبيٌن أن "التقييم" بُني على السمع والإنصات، إن لم نقل الابتلاع الأعمى لكل ما قيل ويقال داخل حلقات النقاش الطلابية والجامعية.
ومع ذلك يمكن أن يقال، أن الجميع اعتمد في بداياته النضالية على السمع، وطبيعي كذلك أن يكون السمع إحدى وسائل تكوين الطاقات الطلابية المناضلة.. لكن السمع يجب أن يليه البحث، والمسائلة حول المراجع والوثائق، لإجراء المقارنة بين جميع الآراء والتقاييم المختلفة..الخ
طبيعي كذلك أن يكون الجميع قد سمع، وفقط، على الجزء الأكبر من التجربة، بالنظر للمدة الزمنية المحدودة التي يعيشها الطالب في الجامعة.. لكن وكيفما كان الحال، فلا يفترض في المرء أن يعيش كل التجارب حتى تكون له القدرة على تقييم أحداثها، وإلاٌ لما كان وجود لعلم اسمه التاريخ.
فقط، كنا نود أن يشير الرفيق على المرجعيات التي اعتمدها في هذا "التقييم"، خصوصا في مجال المعطيات والأحداث التاريخية، أو في مجال بعض اليقينيات التي عبٌر عنها وبدون سند، كالمرجعية الفكرية، وبعض القرارات والمواقف المرتبطة بتجربة الحركة الطلابية وحركة الطلبة القاعديين.. وعليه، سأحاول تقديم ملاحظاتي النقدية والتصحيحية لبعض التزييفات التي تقدم بها الرفيق، وإن كان فيها تكرار للعديد من الأمور والقضايا.. سبق وأن أشرت لها في مقالات عدٌة، وسأقدٌم وجهة نظري في أمور فكرية، سياسية وتنظيمية، بالشكل الذي أعتقد فيه وأدافع عنه.

3. من حيث المنهجية، سأتناول المقال بالرد على مستويين، مستوى أول سأحاول من خلاله، وبكل موضوعية، تصحيح الزائف والتصدي للتزييف.. وبعبارة أخرى، تصحيح المعطيات والتصدي للتـٌجنـٌِيات والافتراءات.
والمستوى الثاني، سأخصصه للدفاع عن وجهة نظري في أمور تخص المرجعية الماركسية اللينينية والخط البروليتاري البلشفي المناهض لكل التيارات الشعبوية، ستالينية كانت أو ماوية، في إطار الصراع الفكري والسياسي، الرفاقي والديمقراطي، الذي يجمع "رفاق الطريق" وينشد الوحدة دائما وأبدا مع جميع مناهضي الرأسمالية، ومع جميع الاشتراكيين المناهضين لنظام الاستبداد والاستغلال القائم في المغرب.

*عن ولادة الفصيل الطلابي "النهج الديمقراطي القاعدي"

4. تبدو بعض المعطيات، في الظاهر، شكلية، لكن تقديمها للعموم وللطلبة المناضلين، أصبح ضروريا ومفيدا، ولهم الحق بعدها، في تقييمها، وتقديرها أو إهمالها. فمثلا ولادة "النهج الديمقراطي القاعدي" أو اختصارا "الطلبة القاعديون"، التي أراد لها البعض أن تبقى لغزا مطلسما لا يفكه سوى المنجمون.. بات من الضروري البحث فيها دون ارتباك ولا تردد.. وإذا تناولنا هذه الولادة من جانبها الرسمي، أي جانب الإعلان العلني عن وجود وجهة نظر طلابية متعاطفة ومدعمة لاختيارات "الطلبة الجبهويين" ـ الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين ـ إبٌان تجربتهم الإوطمية ـ نسبة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب ـ منذ أواخر الستينات إلى أواسط السبعينات، وبما فيها تجربة المؤتمر الوطني الخامس عشر لإوطم.. فيمكن إرجاع الولادة لماي/جوان 79، أي إبٌان التحضير للمؤتمر الوطني السادس عشر.. حينها لم ينجح الطلبة المناضلون، أنصار البناء الديمقراطي القاعدي لاتحاد الطلبة إوطم، والذي تم فرض شرعيته من جديد بعد ست سنوات من المنع القانوني، من كسب معركة حق الترشيح الفردي لأجهزة إوطم ومؤتمراته.. وتم القبول، ولو على مضض، بالترشيح عبر اللائحة، مما ألزم الرفاق بعقد سلسلة من اللقاءات الماراطونية الشاقة، لتوحيد آراءهم ولصياغة برامجهم ولاختيار اسم للائحتهم.
ولم تتحقق هذه الأهداف إلاٌ بشكل نسبي ومتفاوت، بالرغم من التقارب الكبير في الأرضيات والبرامج، وظلت الأسماء متعددة سواء داخل تجربة المؤتمر 16 أو المؤتمر 17، أو في انتخاب الأجهزة التحتية لإوطم على شكل "الطلبة القاعديون"، "الطلبة المجالسيون"، "الطلبة أنصار المجالس"، "الطلبة القاعديون التقدميون"، "الطلبة التقدميون"، "الطلبة التقدميون/المبادرة الجماهيرية" و"الطلبة التقدميون/الوحدة والنضال".
بالرغم من هذا، فالعديد من التقاييم التي تناولت التجربة، ترجع الولادة، على الأقل، لتجربة "المجالس القاعدية السرية" لسنوات 75/76/77، بالنظر لكون قادة هذه التجربة أو ما تبقى منهم ممن سلموا من الاعتقال، ساهموا بشكل بارز في جميع خطوات التنسيق والتجميع طيلة سنوات 77/78/79.

5. وردٌا على التشهيرات البوليسية التي كانت تمارسها عناصر طلابية من حزبي "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" و"التقدم والاشتراكية" وبدرجة أقل "منظمة 23 مارس"، على أن "الطلبة القاعديون" هم طلبة منظمة "إلى الأمام"، باسم جديد.. دافع "الطلبة القاعديون" ومنذ بروزهم عن استقلالية التجربة، وانطلقت النقاشات العديدة والماراطونية في هذا الباب، حول المفاهيم، لتحديد الفرق بين "التيار" و"النهج"، وكان التبني بالإجماع لفكرة "النهج"، الذي يمكنه أن يجمع تيارات وحساسيات فكرية وسياسية مختلفة، دون أن يمنع الطاقات الطلابية من الالتحاق به، على أساس أرضية طلابية، وبرنامج طلابي ديمقراطي يتقدم ويتميز في منطلقاته وأهدافه عن تصورات الأحزاب التي تحاول بما أوتيت من أساليب انتهازية وتواطئية، الهيمنة على أجهزة الاتحاد الطلابي إوطم، وتوجيهه وفق سياسة المصالحة التي تبنتها آنذاك، أي بما استلزمته من شعارات كـ"المسلسل الديمقراطي" و"السلم الاجتماعي" و"الإجماع الوطني" و"تمتين الجبهة الداخلية" و"دفاعا عن الوحدة الترابية والقضية الوطنية/الصحراء"..الخ

6. تم ترسيم اسم "النهج الديمقراطي القاعدي" مباشرة بعد صدور إحدى الأرضيات التوجيهية بمجلة "أمفي" الطلابية، التي كانت تصدرها جمعية طلبة المدرسة المحمدية للمهندسين "في التطورات الأخيرة للحركة الطلابية" موقعة باسم كـ.ق. عدد 23 ماي 80، التي لم تكن سوى وجهة نظر "منظمة إلى الأمام" في أوضاع الحركة الطلابية واتحادها إوطم، استنادا على تقييمها الخاص لمختلف المحطات السابقة بما فيها المؤتمرين 15 و16 ورفع الحظر..الخ
وعلى عكس ما ادٌعاه وعبٌر عنه الرفيق "أرنستو"، بكون "النهج" و"التيار" و"الفصيل الطلابي" و"التنظيم السياسي الماركسي اللينيني".. شيء واحد! يتبيٌن بأن "النهج" اتسع ومنذ ولادته لجميع التيارات اليسارية الاشتراكية المناضلة، من ماركسيين لينينيين، وماويين، وستالينيين، وتروتسكيين.. وبعض الحساسيات الماركيوزية والغيفارية والبنيوية، المحدودة التأثير.. واستمر هذا الاحتضان إلى حدود سنة 80/81، حين بدأت عمليات الفرز والانشقاق، المتتالية، والتي دشـٌنها التيار التروتسكي، وبنسبة أقل التيار "البنيوي" المتحلـٌِق حول جماعة "الجسور" ـ مجلة فكرية سياسية صدرت ابتداء من سنة 80 قبل أن تمنع سنة 84 مخلفة في رصيدها ستة أعداد ـ و"المبادرة الجماهيرية" ـ مجلة طلابية صدرت بفرنسا في نفس الفترة تقريباـ
على هذا الأساس، لا يمكن الجزم بأي شكل من الأشكال، في هوية ومرجعية الطلبة القاعديين، على أنها الماركسية اللينينية.. إذ لا يوجد أي سند مرجعي تاريخي يؤيد هذا الادعاء، فعبر مسيرة "النهج الديمقراطي القاعدي" ومنذ ولادته، انتشرت الأنوية الماركسية اللينينية بداخله، محاولة في فترات تاريخية معينة توجيهه وقيادته، دون أن تقطع الطريق عن الجماهير المناضلة التي تود الالتحاق به. وشكلت، بالتالي، أرضياته سنده المرجعي الوحيد، ولعب برنامجه النضالي، دور الموجٌـِه والبوصلة الميدانية.. التي على أساسها ظلت عملية الاستقطاب جارية لمصلحته ولصفوفه.

7. أجمعت التيارات على مناهضة البيروقراطية داخل إوطم، ونادت جميعها بالهيكلة القاعدية، وأنصفت قيادة المؤتمر الخامس عشر و"الطلبة الجبهويين" من التهمة التي وجهتها لهم عناصر الأحزاب الإصلاحية، بكون المنع الذي طال إوطم يناير 1973، كان سببه المواقف السياسية المتطرفة التي اتخذها المؤتمرون.. واعتبر الرفاق جميعهم، في ردهم، على أن الحظر جاء في سياق أزمة سياسية عرفها المغرب بداية السبعينات، أزمة الحكم والنظام القائم من جهة، وأزمة البديل الثوري وما أنتجته من مبادرات سياسية، فكرية، تنظيمية وعسكرية.. من جهة أخرى. ولم يكن من بد، على الحركة الطلابية وتياراتها الجذرية سوى مسايرة نضالات الجماهير الكادحة آنذاك، من إضرابات عمالية وتلاميذية، انتفاضات وعصيانات الفلاحين، وتمردات مسلحة في صفوف المدنيين والعسكريين..الخ
أبانت جميع تيارات "النهج" والحركة القاعدية على دينامية لا مثيل لها، وتجسدت هذه الدينامية في تحملهم للمسؤولية دون تردد، وتمثيل الطلبة في اللجن القاعدية التحتية، وفي أجهزة التعاضديات ومكاتب الجمعيات بالمدارس والمعاهد العليا، ومجالس القاطنين.. ولولا القرارات البيروقراطية التي اتخذتها قيادة المؤتمر 16، والتي عرقلت في آخر المطاف تمثيل الفروع ولجنة التنسيق الوطنية، لكانت الهيمنة والاكتساح لمصلحة الطلبة القاعديين داخل هاته الأجهزة الوسطية.
احتد النقاش بداية، حول تقييم رفع الحظر، هل هو مكسب ديمقراطي، أم منحة مسمومة؟ وطرح السؤال حول كيفية التعامل مع نتائج المؤتمر 16، هل برفضها جملة وتفصيلا، أم بالتكيف معها وإفراغها من مضمونها البيروقراطي والاستسلامي؟
وكما يعلم جميع الرفاق، كانت الغلبة والاتجاه العام لمصلحة الموقف الذي اعتبر بأن رفع الحظر جاء نتيجة لنضالات مريرة، خاضتها الجماهير الطلابية وإلى جانبها مجموع القوى الديمقراطية بالداخل والخارج، التي قدمت من خلالها التضحيات الجسام. وبالتالي: فرفع الحظر، مكسب يجب تعميقه، رغم الظروف السياسية والحيثيات التي تم فيها رفع المنع هذا.

8. نفس الشيء اتخذه الرفاق تجاه نتائج المؤتمر 16، حيث اعتبر الرفاق القاعديون، بأن المواقف السياسية الصادرة عن المؤتمر، وما استندت عليه من قراءة للوضع السياسي في المغرب، لا تلزم سوى أصحابها، وبأنه ومن أجل الحفاظ على وحدة إوطم، وجب الصراع من داخله وليس من خارجه، الشيء الذي سيمكن الرفاق من الحفاظ على ارتباطاتهم الجماهيرية، على خلفية الاستفادة من أخطاء سنة 77/78 حين امتنع القاعديون عن "الهيكلة" التي قادها "الطلبة الاتحاديون" ـ طلبة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ـ بحيث تركت الساحة فارغة، لهم، لفرض تصوراتهم ونشر مفاهيمهم وتجنياتهم ضد القيادة الشرعية لإوطم، والتي كانت تعرف آنذاك، إما النفي أو الاعتقال.

*معطيات مغلوطة وجهل فظيع لتاريخ الحركة الطلابية وحركة الطلبة القاعديين المغاربة

9. بدون شك، ساهم الطلبة القاعديون في إبداع الأشكال والصيغ التنظيمية الديمقراطية الملائمة، لواقع الحركة الطلابية، ولواقع التطور الذي شهدته قاعدتها من حيث الكم والنوع.. خلاصة نتفق معها بهذا الشكل وهذه الصياغة، أما إذا أضفت لها "إعادة الاعتبار لمجالس المناضلين"، فلا نعلم من أين أتيت بهذه المعلومة، إذ وعلى طول وعرض التجربة التي عاشها "النهج الديمقراطي القاعدي" لم يكن هناك وجود لـ"مجلس المناضلين" بالشكل الذي عاشته التجربة الطلابية إبان الستينات وبداية السبعينات.
ساهم الطلبة القاعديون في الهيكلة القاعدية التي سادت وهيمنت داخل الغالبية الساحقة من الجامعات والكليات، والتي كانت قليلة آنذاك، الرباط ـ العلوم، الآداب، الحقوق والطب ـ، فاس ـ الآداب والحقوق ـ، البيضاء ـ الحقوق والطب ـ، مراكش الحديثة العهد، والتي تأسست سنة 78/79 ـ العلوم فقط ـ وحول الهيكلة تم خوض الصراع بين أنصار المجالس القاعدية وأنصار التعاضديات.
فالطرح الأول، وهو ديمقراطي شكلا ومضمونا، اعتمد بناء اللجن التمثيلية ابتداء من أصغر الوحدات الدراسية والسكنية، ثم تشكيل مجلس الطلبة يجمع كافة اللجن، وبعدها يتم فرز مكتب التعاضدية عن هذا المجلس، ليكون دور المجلس تقريري ودور التعاضدية تنفيذي.
أما الطرح الثاني، وهو بيروقراطي تحكمي، يهدف إلى إحكام سيطرة وهيمنة الأحزاب الإصلاحية والانتهازية على أجهزة الاتحاد، وتسخيره لمصلحتها السياسية التفاوضية والتوافقية مع نظام الحكم القائم.. يعتمد البناء من الفوق، عبر انتخاب مكاتب التعاضديات ومجالس القاطنين بطريقة مباشرة، عبر الترشيح باللائحة، لتشرف المكاتب، بعدها، على انتخاب لجن الأقسام في حدود 5 طلبة، والحال أن بعض الأقسام آنذاك تجاوزت الألفين طالب وطالبة! يتشكل مجلس الطلبة من مجموع لجن الأقسام ويبقى دوره استشاري ليس إلاٌ، في الوقت الذي تستحوذ فيه المكاتب على القرارات المصيرية وسلطة التنفيذ أو عدمه.

10. بطبيعة الحال، حاول الطلبة القاعديون بعد سيطرتهم على الأجهزة التحتية، مكاتب التعاضديات، ومجالس القاطنين، وجمعيات المعاهد والمدارس.. إفراغ الهيكلة القانونية من مضمونها البيروقراطي، عبر القيام ببعض الإجراءات والتأويلات، حفاظا على وحدة إوطم..
ومن ضمن هذه الإجراءات الديمقراطية أشرفت المكاتب "القاعدية" ـ نسبة للقاعديين ـ على تشكيل اللجن التمثيلية حسب المدرجات عوض الأقسام، بحيث كانت تقسم الأقسام كبيرة العدد إلى مجموعات، تمت عملية التقسيم في الغالب حسب القدرات الاستيعابية التي تتوفر عليها المدرجات، وعوض أن يتمثل قسم الألفين طالب بلجنة من 5 طلبة، تصبح أربع لجان من 5 طلبة تمثل الألفين طالب وطالبة، بعد تقسيم القسم إلى أربعة مدرجات/مجموعات.
بهذا الشكل توسعت قاعدة التمثيلية وأشركت غالبية الطاقات المناضلة في قرارات إوطم، وفي تسيير أجهزته. وبنفس التصور الديمقراطي تم إعطاء الصفة التقريرية عمليا لمجلس الطلبة، وتشكلت اللجن التي لم يشر عليها المقرر التنظيمي الصادر عن المؤتمر السادس عشر، وبشكل خاص لجنة الاعتقال السياسي التي كانت محط خلاف وصراع شرس، إذ تنكرت الأحزاب الإصلاحية للمعتقلين السياسيين، بمن فيهم "الاتحاديين" منهم، وشنت حملة إعلامية إلى جانب أجهزة الدولة وما شكلته خطابات واستجوابات رئيسها، التي استهدفت الإنكار والنفي لوجود معتقلين سياسيين بالسجون والمعتقلات السرية المغربية.. وكذلك كان الشأن بالنسبة للجنة فلسطين التي عرفت نفس المصير.. فبعد رفضها وشطبها من قرارات المؤتمر، أعيد تشكيلها عبر مبادرات الأجهزة التحتية "القاعدية" انتصارا للقضية الفلسطينية ولموقف الاتحاد، التاريخي منها على اعتبارها قضية وطنية.

*التجربة القاعدية، بين القراءة الموضوعية والطموحات الذاتية

11. فهل حقيقة شكل "النهج الديمقراطي القاعدي" ذلك الامتداد النوعي لتجربة "الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين" ـ وهي امتداد طلابي داخل الجامعة للتيار الماركسي اللينيني المغربي، وبشكل خاص تحالف منظمتي "إلى الأمام" و"23 مارس".. وقد استثنيت منظمة "لنخدم الشعب" الماوية، من هذا الحلف نظرا لرفضها ومعارضتها للعمل داخل الإطارات النقابية والجماهيرية.. بدعوى وجوب التحضير للكفاح المسلح ـ؟ فعلى أي أساس ارتكزت خلاصة "الامتداد النوعي" هذه؟ وما هي المعطيات التي يمكن اعتبارها أساسا ودعما لهذه الخلاصة؟ لا شيء، سوى الإدٌعاء، والعهدة على الراوي!
ما معنى، أن يقال بأن تأسيس "النهج" شكل ذلك المنعطف التاريخي الحاسم في تجربة الحركة الطلابية المغربية؟ من خلال ماذا؟ التصورات التي قدمها؟ الخطط النضالية التي أنجزها؟ المحطات التنظيمية التي تألق فيها؟.. لن تعثر على إجابة غير التمجيد الذاتي المقرف، فمجرد قراءة ومقارنة بسيطة يجريها المناضل الماركسي النقدي المتبصر، ستثبت له عكس هذا الادعاء، فـ"الجبهة" لها انتصاراتها الواضحة عبر محطتين تنظيميتين بارزتين، المؤتمر الوطني الخامس عشر والمؤتمر الوطني الثالث عشر ـ وإن بدرجة أقل ـ، لها إنجازاتها الحاسمة فعلا، بمقرراتها التنظيمية وببياناتها العامة والسياسية، والأهم من هذا، تجربتها الميدانية عبر خططها النضالية التاريخية، ومن خلال تحملها المسؤولية التنظيمية والقيادية في أجهزة إوطم.. ـ إضافة للمعارك الطلابية التي أشرفت عليها "الجبهة" خلال الفترة الممتدة من سنة 69 إلى سنة 73 حينها أطرت معارك سياسية لم تعرف الحركة الطلابية مثيلا لها في السابق، كاحتلال السفارة، حجز الوزراء، إقامة أزيد من 60 مظاهرة في الشارع على عهد قيادة المؤتمر 15، والتي لم تدم سوى بضعة أشهر..الخ ـ

12. فمن يتكلم عن النوعية في التجربة القاعدية، دون أن يلجأ للتقاييم المعروضة آنذاك حول تجربة "الجبهة" والمؤتمر 15، لن يفهم ملابسات التأسيس، وحقيقة الإسهامات التي قدمتها الحركة القاعدية على طول تجربتها، للحركة الطلابية المغربية وللحركة التقدمية والديمقراطية عامة.
إحدى التقاييم المهمة التي واكبت مرحلة البروز، وإن كانت محط خلاف على طول تجربة الطلبة القاعديين، والتي يمكن اعتبارها مرجعية لفهم أوضاع الحركة القاعدية باعتبارها نوعا من الامتداد والاستمرارية للتجربة الطلابية اليسارية السبعينية، لكنها ليست نوعية، بل متواضعة من حيث الأهداف والبرامج والإنجازات.
التقييم الأول، سبق وأن تكلمنا عنه، وهو الصادر بمجلة "أمفي" باسم ك.ق.، والتقييم الثاني صدر بإحدى نشرات "إلى الأمام" عن "الطلبة التقدميين" بالخارج بداية سنة 80 تحت عنوان "الحركة الطلابية في مواجهة مؤتمر الردة" وكلا المقالين عبٌرا عن وجهة نظر منظمة "إلى الأمام" في تقييمها للحركة الطلابية خلال مرحلة المؤتمر 15، مع إبداء نوع من النقد والتوجيه لحركة الطلبة القاعديين.

13. فماذا تقول ك.ق. عن المؤتمر الخامس عشر "لقد عكست مقررات المؤتمر رغم تقدميتها وديمقراطيتها، مواقف سياسية، لم تكن تستند إلى الطبيعة الطبقية للحركة الطلابية، ولا إلى موازين القوى الطبقية الفعلية على الصعيد الوطني، بقدر ما استندت إلى موازين القوى السياسية داخل الحركة الطلابية، وهذا ما جعل المؤتمر يتعامل بشكل خاطئ مع بعض القوى السياسية ذات نفوذ لا يستهان به داخل الحركة الطلابية" التي عبرت عن وجهة نظر طلبة "إلى الأمام" في الداخل.
وماذا يقول طلبة "إلى الأمام" في الخارج عن المؤتمر الخامس عشر: نفس الخلاصة ونفس التوجيه "إن هذا التوجه السديد للمؤتمر 15 لم يمنعه من السقوط في عدة منزلقات وأخطاء.."
فماذا أضاف "النهج الديمقراطي القاعدي" للحركة؟ وفي أية جوانب يمكن اعتباره تجاوزا لتجربة "الجبهة الموحدة"؟ القراءة المنصفة والموضوعية تثبت أن لـ"النهج" حضوره الميداني، البارز بتراكماته التي تتضمن الإيجابي والسلبي من المعطيات، لكن التجربة في نظرنا لم تتوفر عن إمكانيات تقديم النوعي، بالنظر لطبيعتها، ولظروف تاريخ ولادتها، ولمؤهلاتها المتواضعة في ميادين حاسمة تتجاوز القراءات الذاتية والعاطفية..الخ
ماذا أضاف "النهج الديمقراطي القاعدي" خصوصا بعد أول اجتماع رسمي لأطره ومناضليه.
إذ، وعلى خلفية المقالين المذكورين، وأمام الأوضاع والمهام الجديدة. تم تجميع مختلف القيادات والحساسيات القاعدية المناضلة، لصياغة أول أرضية موحدة وأول برنامج نضالي موحد للطلبة القاعديين، من خلال "أرضية الست لقاءات" التي صاغتها لجنة تطوعية، كما يبين ذلك تقديم الأرضية.
ولم تتأخر "اللجنة التطوعية" عن التذكير بمنزلقات المؤتمر الوطني الخامس عشر، وبالتالي قيادته، وما مثلته من تيار سياسي ـ"الجبهة الموحدة" لسان حال اليسار الماركسي اللينيني آنذاك ـ حيث عدٌدتها كالتالي:
- الخلط بين العمل النقابي والعمل السياسي.
- التركيز على تحديد الخلفية الإيديولوجية لممارسة القوى السياسية الإصلاحية، بدل نقد برامجها وممارستها.
- تغليب طابع الصراع على طابع الوحدة، ضمن منظمة وحدة ـ نقد ـ وحدة.
- عدم استيعاب التفاوت بين وضعية الحركة الطلابية وقدرتها الذاتية والموضوعية، والوضع الذاتي لمجموع الشعب المغربي.
وما يمكن تسجيله أن "الأرضية" بقيت منسجمة ووفية للتوجيهات التي سبق وان ذكرنا بها، أي بما فيها انتقاداتها لحركة الطلبة القاعديين التي كان من واجبها ومن المفروض عليها أن تتوفر على برنامج نضالي موحد.
فبعد الإشادة بالأدوار المهمة التي قام بها الطلبة القاعديون، نبٌهت الأرضية لأخطاء الحركة، على الشكل التالي:
"لم يمنع الطلبة القاعديين من الوقوع في الأخطاء، نذكر منها:
- التركيز على الخلافات حول المسألة التنظيمية، بدلا من ربطها بالخطة النضالية، وذلك بطرح برنامج نضالي مستعجل يستوجب النضال من أجل تحقيقه.."
وماذا كان رأيها في حركة الطلبة القاعديين؟: "كما يجب تسجيل أن حركة الطلبة القاعديين، رغم حيويتها ورغم تعاطف الطلبة معها، ظلت مفككة، بدون تنسيق، سواء على مستوى الأهداف والبرنامج الذي ظل غامضا في العديد من جوانبه"..

14. الرفيق "أرنستو" عجز، كما عجز من قبله جميع من ادٌعى نفس الأحكام والتقاييم، عن توضيح الجديد والإضافات النوعية التي أتت بها تجربة القاعديين.. بدليل تهريبه للنقاش لمجالات سياسية وفكرية خاصة بحركة اليسار الماركسي اللينيني، وباستنجاده بأفكارها وأطروحاتها التي توهٌم أن "تجربته" متجاوزة، وبشكل نوعي، لها! ليثبت بالملموس أن ادعاءات الإضافات النوعية ليست سوى خرافة إنشائية آمن بها العديد من الطلبة القاعديين دون أن يكون لها وجود ملموس في الواقع المعاش وميادين الصراع.

15. أكثر من هذا، ما هو تقييم منظمة "إلى الأمام" لحركة الطلبة القاعديين إبان بروزها؟ ماذا تقول الوثيقة؟
"حركة الطلبة القاعديين: لقد فرضت هذه الحركة نفسها منذ الإعلان عن رفع الحظر عن إوطم، وقد أشرنا إلى ما سبق إلى أن هذه الحركة التي تشكل نقيضا للقطب الإصلاحي الشوفيني البيروقراطي داخل الحركة الطلابية، ما زالت تعاني من سلبيات خطيرة لا بد من تجاوزها لتصبح فعلا البديل العملي للتيار المهيمن حاليا على إوطم وعلى رأس هذه السلبيات افتقاد الطلبة القاعديين لبرنامج سياسي ونقابي وثقافي موحد يشكل الأرضية لتشكيلهم كحركة موحدة على الصعيد الوطني. وإن كانت عناصر من هذا البرنامج ولكن بصفة مشتتة وغامضة في بعض الأحيان فإنه يطرح تركيزها في بنود واضحة".

*عن الدعوة لهيكلة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب

16. صراحة، أحسسنا بصدمة رهيبة بعد اطلاعنا على مواقف "أرنستو" المختومة جورا بطابع الماركسية اللينينية، فلأول مرة في تاريخ اليسار الاشتراكي العالمي ، تتم مناهضة الدعوة لهيكلة اتحاد طلابي تقدمي، وفي ظل فراغ تنظيمي فظيع وقاتل، على أنه شعار زائف وانتهازي..! والعجيب والغريب، هو أن يتم هذا باسم الماركسية اللينينية ـ والحال أن اللينينية شكلت عبر التاريخ أكثر التيارات الشيوعية تشددا و"مغالات" في التنظيم، تنظيم الطاقات الثورية وطلائع الطبقة العاملة والحركة الديمقراطية والجماهيرية عامة. وعوض اللجوء إلى أدبيات الطلبة القاعديين كتجربة "نوعية" ـ على عهدة الراوي "أرنستو" ـ حين قدمت تصورها للتنظيم الطلابي خلال تجربتين تنظيميتين المؤتمر 16 والمؤتمر 17.. يستنجد الرفيق "أرنستو" مرة أخرى بمقررات المؤتمر الوطني الخامس عشر التي حسبناها متجاوزة على حدٌ ادٌعاء الرفيق.
فلم تختلف التيارات القاعدية التي استندت في مجملها على تجربة "الطلبة الجبهويين" وتجربة المؤتمر 15، عن مهمة البناء والهيكلة بل اختلفت في شكل الهيكلة وفي العلاقة التي يمكن أن تجمع بين مكونات وفصائل الحركة الطلابية داخل التنظيم الطلابي إوطم.

17. لنرجع مرة أخرى للمصادر "المقدسة" الصادرة عن منظمة "إلى الأمام".
"وإذا كان هنالك من انتقادات يمكن توجيهها لحركة الطلبة القاعديين فأولها يجب توجيهه لخطتهم المتعلقة بتركيزهم على الخلافات حول المسألة التنظيمية فقط، بدل ربط المسألة التنظيمية بالخطة النضالية وذلك بطرح برنامج نضالي مستعجل.."
وعن صراع التيارات داخل الحركة القاعدية يقول "أماميو" الداخل "رغم بروز بعض النزعات الرفضوية والفوضوية في الساحة الطلابية كرد فعل خاطئ على أطروحات النهج البيروقراطي وأساليبه اللاديمقراطية في خوض الصراع وحسمه.." ليتركوا للقارئ استنتاج ما بين السطور من حقائق.
أما "أماميو" الخارج فيقولون "فإن بعض الانتهازيين داخل الحركة الطلابية والعديد من المناضلين المخلصين بما فيهم بعض مناضلي الحركة الماركسية اللينينية قد سقطوا، بدعوى الحفاظ على الوحدة، في تدعيم التيار الإصلاحي الشوفيني على حساب التيار التقدمي الديمقراطي و"الوحدوي فعلا".

18. فالصورة الحقيقية هي هذه وإن بشكل نسبي، وعداها، فإنها الانتهازية في أبشع صورها، إنه التزييف الانتهازي الذي يفقئ الأعين، حين تخلط بشكل متعمد ومتجني بين دعوات مختلفة لهيكلة الاتحاد الطلابي إوطم، دعوات مختلفة من حيث الشكل والمضمون، ومن حيث الزمن التاريخي والنضالي، الذي طرحت فيه. لأن هيكلة "الكراس/84" تختلف عن هيكلة "الممانعين/89"، وكلتيهما عن هيكلة "التوجه القاعدي/2004" وهي الوحيدة التي يمكن اعتبارها كاستمرارية لتصور البناء القاعدي من منظور ديمقراطي جديد، يراعي التحولات التي عرفتها الحركة الطلابية والساحة الجامعية عامة.
فهيكلة "الكراس" ارتبطت بوضع ما زالت فيه بعض هياكل إوطم قائمة، وبشكل خاص "القيادة"، وما زالت فيه بعض فصائل "النهج البيروقراطي" حاضرة ومبادرة.. أما هيكلة "الممانعين" ـ المسنودين طبعا بـ"الكراسيين" ـ فقد قدمت مشروعها خلال وضع، ومرحلة معروفة ومتميزة بانتفاء هياكل إوطم وبتربص القوى الظلامية بالساحة أواخر الثمانينات، ودخولها حلبة السباق للظفر بأجهزة إوطم، غداة تصريح الجلاد "البصري" ـ وزير الداخلية آنذاك ـ "بأن إوطم، يعيش حظرا ذاتيا ولم تمنعه السلطات كما تدٌعي ذلك الفصائل الطلابية..!" تجددت الدعوة لهيكلة فوقية بيروقراطية أساسها الوحدة والتحالف بين التيارات القاعدية والأحزاب الإصلاحية، وهو ما دعا له "الممانعون" و"الكراسيون" سواء بسواء.. وجسدوه من خلال تجربة "اللجن الانتقالية" و"اللجن الإوطمية" التي لم تخلو من مشاركة بعض أنصار "البرنامج المرحلي" وبعض العناصر الظلامية في بعض التجارب المحدودة.
إن الانتهازية والافتراء، هي أن تنتقد الآخرين بما هو في دماغك المشحون والمعلب، وليس بما يدعون إليه حقيقة.. فالطريقة التي حسمت بها الأمر على أن كل من يطالب بتشكيل اتحاد قاعدي قوٌي، يؤطر نضالات الطلبة وينظم صفوفهم للدفاع عن مطالبهم.. بالانتهازي، تفضح هشاشة ما ترتكز عليه من مفاهيم وتصورات تجاوزتها حتى التيارات الأكثر عدائية للتنظيم، ونعني بها التيارات الفوضوية.. ويمكنك في هذا الصدد متابعة تجربة هذه التيارات داخل اتحادات الشبيبة واتحادات الطلبة والنقابات وحركات المناهضة للعولمة الرأسمالية..الخ لتلاحظ التقدم الملموس الذي أحرزوه في مجال التنظيم والوعي بضرورته.. متجاوزين بذلك تصوراتك الانعزالية والغريبة عن الماركسية واللينينية سواء بسواء.
فلم يعد من الممكن الاختباء وراء شعار "الحظر العملي"، لأن التجربة القاعدية التي تمجدها وتقدسها انطلقت من واقع "الحظر القانوني"، ومَنعت المنع، وتمكنت من هيكلة إوطم وفق ظروف النضال الطلابي آنذاك، عبر تجربة المجالس القاعدية السرية لسنوات 76/77.
ولم تنبطح الحركة التلاميذية لقرار حرمانها من التنظيم، عبر حظر عمل ونشاط إوطم داخل الثانويات، بل بادرت بهيكلة صفوفها عبر تجارب تنظيمية مختلفة، سرية وعلنية، كالنقابة الوطنية للتلاميذ، وودادية التلاميذ، واللجن الثقافية لمرحلة بداية الثمانينات..الخ
ثم ماذا عن حركة المعطلين من حاملي الشهادات الجامعية والتقنية، التي تعاني من حظر قانوني لإحدى جمعياتها المناضلة "الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات"؟ فيبدو حسب تصور "أرنستو" أن كل من يشتغل في هياكلها، من مكاتب محلية ومجلس وطني ومكتب تنفيذي، وكل من يشارك في مؤتمراتها.. فهو انتهازي كذلك!

19. الذريعة الثانية، وهي ذريعة تعجيزية، وأتمنى أن تشرح أكثر، وبمزيد من التفصيل، لكي تتضح لكل الرفاق الماركسيين ممن يتقنون اللغة العربية، ويتابعون نقاشاتنا كماركسيين مغاربة.. حقيقة ماركسية الرفيق ورفاقه داخل الفصيل الذي يتكلم عنه، وهي "ماركسية" لا علاقة لها بتفكير واجتهادات "الطلبة الجبهويين" و"الطلبة القاعديين".. الذريعة، هي على الشكل التالي، إذا انتصرت الهيكلة وتمت إعادة تنظيم الاتحاد، فمع وجود من سيتواطئ مع النظام القائم من بيروقراطيات وتيارات انتهازية وظلامية..الخ لن تحقق الحركة الطلابية أهدافها بالشكل المطلوب وبالتالي، فلن تكون الهيكلة سوى مضيعة للوقت والجهد، وهي إذن انحراف عن مسار النضال وتحريفية وانتهازية من وجهة نظر الماركسية..الخ!!!
وقد نسي الرفيق بأن التنظيم بات مبدأ ثابتا في تصور التيارات الديمقراطية، كانت ثورية أو إصلاحية، ومن أشرس الديمقراطيين المدافعين عن تنظيم الحركة الجماهيرية المكافحة، بإخلاص وتفاني، هم الماركسيين اللينينيين، ولم يسبق للماركسيين اللينينيين أن ربطوا حل أزمة أية حركة جماهيرية مناضلة، بغياب أو وجود الهيكلة، فهذا افتراء ليس إلاٌ. فغياب التنظيم لا يعدو أن يكون سوى أحد مظاهر الأزمة، وليس الأزمة نفسها أو كلها، ويمكن أن تتوفر الحركة على تنظيمها دون أن تنحل الأزمة.. لكن توفر الحركة على تنظيم يؤطر نضالاتها ويوحد صفوفها، يعتبره الديمقراطيون والماركسيون منهم، على الأخص، خطوة في اتجاه التغلب على تداعيات الأزمة التي يمكن أن تجد جذورها في مستويات أوسع من فضاءات الجامعة.
فمن خبر النضال الجماهيري والارتباط العملي بآليات الصراع الطبقي المتوفرة بالمغرب، لا يمكنه الدفاع عن هذه النظرة التعجيزية، وعن هذا الخلط الفظيع بين الاتحادات الجماهيرية وبين الفصائل والتيارات السياسية.. فداخل أية جمعية أو اتحاد أو نقابة.. يصطدم الماركسي الصادق، وهذا طبيعي، بوجود الانتهازيين والبيروقراطيين والرجعيين والظلاميين وعناصر المخابرات واليسراويين والفوضويين..الخ فما السبيل لإنجاز مهامه، وتحقيق ارتباطاته بالقواعد المناضلة، هل بالانسحاب والانزواء في الركن؟ أم بالانخراط وتحمل المسؤولية وخوض الصراع من موقع ماركسي ثوري، الشيء الذي يميز الرفاق المبدئيين عن الآخرين، لا محالة.. وسيكبر الماركسيون اللينينيون في أعين الجماهير، لأنها ليست بلهاء ولا غبية ـ خصوصا الطلبة ـ بل قادرة على التمييز بين من هو الصادق والمخلص المعبر عن طموحاتها، ومن هو الانتهازي الوصولي الذي لا يمكن أن يستمر دائما في خذلانها وخيانتها، وإلاٌ سنعتبر بأن الماركسيين فقط، من لهم القدرة على الفرز والتمييز.. وعلى الجماهير الانتظار حتى تأتي الإشارة من ذوي القدرات الخارقة، أي الماركسيين.
فالجماهير لا تحتاج لمن يمثلها ويتكلم باسمها أو يحقق المكاسب نيابة عنها.. هي محتاجة لمن ينير طريقها عبر تأطير معاركها وتنظيم صفوفها، والرفع من وعي قواعدها، عبر تكوينها، ونقل الخبرة لأوساطها..الخ الجماهير محتاجة لمن يشاركها في معاركها لتنجز مهامها بنفسها، وتحقق مطالبها بتضحياتها هي، وتقيم ديمقراطيتها بالأشكال التي تقترحها هي..الخ.

20. سؤال أخير للرفيق وتياره المعادي للتنظيم والهيكلة، بعد التحليل الذي تقدمت به، وما ترتب عنه من خلاصات.. هل تعتبر القرار "الماركسي اللينيني الجديد والقويم" قرارا مسؤولا ونهائيا أي بأن نهجر النقابات، وبشكل خاص "الاتحاد المغربي للشغل" و"الكنفدرالية الديمقراطية للشغل" لأنها تعج انتهازيين وبيروقراطيين ومتواطئين..الخ ثم ما هي البدائل التي تقترحونها على العمال والعاملات، في مجال النضال النقابي، من موقعكم، موقع "الصمود والثبات الفكري والسياسي؟" فهل من جواب مسؤول!؟

*أسس وخلفية الموقف المعادي لهيكلة إوطم

21. معروف أن الطلبة المغاربة، ومنذ أوسط الثمانينات ـ سنة 86 على أبعد تقدير ـ ظلوا يفتقدون، ولحد الآن، لإطار تنظيمي شرعي يمثلهم ويوحد نضالاتهم ويدافع عن حقوقهم.. ويرجع هذا بالدرجة الأولى للاعتقالات التي شملت مناضلي ومسؤولي إوطم، وخاصة بعد فشل آخر مؤتمر له صيف 81، حيث مارست إدارات الجامعات وبتوجيه من أجهزة الدولة القمعية، التضييق على أنشطة ووجود الاتحاد بالجامعة، بأن أغلقت المقرات، ومنعت الصبورات النقابية، والمجلات الحائطية، وجميع الأنشطة التي كان يقوم بها الاتحاد في شكل تجمعات طلابية عامة أو أنشطة ثقافية..الخ
ولم تتخذ الدولة أي قرار رسمي يمنع قانونية إوطم وظلت الوضعية على ما هي عليه لحدٌ الآن.. الشيء الذي دفع بفعاليات الحركة الديمقراطية في المغرب، وبما فيها التيارات التقدمية الناشطة في الجامعة، على اتخاذ شعار المطالبة برفع الحظر العملي على المنظمة إوطم منذ ذلك الحين، شعارا مركزيا.

22. في مجرى النضال على هذا المستوى، تباينت الآراء حول مهمة فرض الاتحاد كأمر واقع، عبر إعادة هيكلته وفق الشروط الجديدة التي تعيشها الجامعة والحركة الطلابية سواء بسواء.
بعض التيارات القاعدية تقدمت حينها بتصوراتها وأجوبتها، وانخرطت عمليا في بعض المبادرات التنظيمية، أبرزها، كانت، محاولات البناء الفوقي التوافقي بين فصائل الحركة الطلابية، وفق أطروحة اللجن الانتقالية التي سادت أواخر الثمانينات، وانتهت بالفشل الذريع بداية التسعينات، خصوصا بعد دخول التيارات الظلامية على الخط، حين إحساسها بالعزل والتهميش، في الوقت الذي راهنت فيه على حصتها ضمن الكوطا التمثيلية التي فصٌلتها التيارات القاعدية بمعية الأحزاب الإصلاحية التقليدية والجديدة.. على مقاسها وفقط.
بعض التيارات القاعدية ـ تيار "الشرارة" وتيار "البرنامج المرحلي"ـ ناهضت بقوة، هذا المنحى، وتشبثت بتصور البناء القاعدي، ونادت بتشكيل لجن الأقسام القاعدية ومجالس الطلبة ولجن الحوار.. في اتجاه فرض رفع الحصار عن الجامعة، والمنع عن إوطم.

23. وبالنظر لتسارع الأحداث، وللمسار الفاشي الدموي الذي اتخذته التيارات الظلامية في الدفاع عن وجودها، وكمحاولة لفرض نفسها كرقم جديد في الساحة أي في إطار الأمر الواقع.. حيث كانت الضريبة ثقيلة وثقيلة جدا، في شكل اعتقالات ومحاكمات وأحكام طويلة وقاسية في صفوف الرفاق من جميع التيارات القاعدية.. إضافة للكسور والأعطاب والعاهات واغتيال رفيقين في واضحة النهار ـ المعطي وبنعيسى ـ.
وبالنظر لهذه المعطيات الجديدة، تقلصت قاعدة الدعاة للهيكلة الفوقية وأفلت أصواتهم، لينخرط أنصار البناء القاعدي في مسار جديد فرضته الشروط الجديدة التي كانت تقتضي الدفاع عن حرمة الجامعة من التدنيس الذي كان يلحقها بتكرار ومنهجية، من الجحافل الظلامية من جهة، ومن قوات القمع المطوقة لأسوار الجامعات، من جهة أخرى.
لم تكن الجحافل الظلامية، تعتبر ذلك تدنيسا، بل فتحا مبينا وتطهيرا مقدسا للجامعة من "الملاحدة المفسدين"! ولم تكن تستحي أحدا حين تدعم صفوفها بأنصارها من سكان الأحياء المجاورة للجامعات، والتجار وحرفيي الأحياء الشعبية.. ولم تكن تخفي العدة والعتاد، من أجهزة اتصالات وسيارات وسيوف وسواطير..الخ
من الجهة الأخرى تمت محاصرة الجامعات لأسابيع وشهور، من طرف قوات القمع التي كانت تتدخل بين الفينة والأخرى لتعتقل المعطوبين والشهداء والطلبة المرهوبين.. غاضة الطرف عن العصابات والمليشيات الفاشية المرابطة بجنبات الجامعات بعدتها وسياراتها..الخ

24. هذه الشروط فرضت وبشكل موضوعي، بعد شطب الساحة من جميع التيارات الإصلاحية الانبطاحية، أن تنتصب القاعدية المبدئية كمدافع وحيد عن حرمة الجامعات وعن إوطم بهويته التقدمية والكفاحية، وقد برز آنذاك تيار "البرنامج المرحلي" ضمن أقوى التيارات الميدانية دفاعا عن الجامعة وعن إوطم.. إلاٌ أن تغييبه لمهمة هيكلة إوطم، واتجاهه لتنظيم نفسه وفق تصور أقرب للعسكرتارية، في شكله ومضمونه، بشكل أبعده عن التصور الديمقراطي القاعدي الذي نادى به القاعديون منذ بروزهم، وهو ما أدى لتراجع بريقه بسرعة، وتقلص قاعدته لحدٌ انشطاره لمجموعات لا يعرف لها عدد.

25. في ظل هذه الأوضاع، انمحت التجمعات العامة الجماهيرية وعوٌِضت بحلقات النقاش "المركزية" التي يمكنها أن تضم تيار طلابي واحد بمعية متعاطفيه، حيث لا يسمح لمخالفيه من التيارات أو الطلبة عموما، بإبداء الرأي في أمور تكون أحيانا مصيرية، كمقاطعة الدروس أو الامتحانات.. وتقلصت الأسابيع الثقافية من حيث عددها خلال السنة ومن حيث عدد أيامها، لتعوٌض بالأيام الثقافية أو اليوم الثقافي الوحيد.. ولم تعد تطرح في برامجها مواضيع حول إوطم والحركة الطلابية وتاريخ نضالاتها ومحطاتها التاريخية والتنظيمية أو عن مخططات التعليم الطبقية وحال بطالة الخرجين الجامعيين..الخ وعوضت بمواضيع فكرية وسياسية أقرب لاهتمامات مناضلي التيارات من اهتمامات الجماهير الطلابية، كمثلا، "الوضع السياسي الراهن"، "طبيعة الثورة بالمغرب"، "حق الشعوب في تقرير مصيرها"، "التضامن مع شافيز ونظامه بفنزويلا"..الخ وتكرست نظرة الطلبة المتحفظة من إوطم على اعتباره منظمة التيارات، وليس اتحاد للطلبة والجماهير الطلابية المتعددة الاهتمامات التي تكون في غالبها مخالفة لاهتمامات المناضلين.. وانعدم النقاش الديمقراطي وساد الاستحواذ، والإرهاب الفكري والسياسي، والعنف والعنف المضاد، بين التيارات التقدمية القاعدية.. لتتخلف مدرسة إوطم عن دورها التاريخي في فرز المناضلين والقادة السياسيين والمفكرين التقدميين..الخ
للإشارة فقط، فجل التيارات القاعدية تعتبر العنف ضد التيارات والآراء المخالفة، بما فيها القاعدية أو اليسارية الاشتراكية، من صميم "النضال الماركسي اللينيني" الذي يومن بـ"العنف الثوري"!

26. تكرست كذلك النظرة العدائية للتنظيم وباتت أية محاولة، أو دعوة لهيكلته منعوتة بالانتهازية والتحريفية.. وعوٌضت التيارات القاعدية هيكلة الاتحاد بهيكلة نفسها دون التفكير في الاتحاد مع أي كان، وناهضت، بالتالي، التنسيق والعمل الوحدوي.. وتعددت المجموعات والتيارات، وانخرطت في الحروب الكلامية والمسلحة في العديد من المواقع والجامعات.. وكانت الحروب، أغلبها إن لم نقل كلها، حروب حول الألقاب، أي من هو "القاعدي"، ومن هو "النهج الديمقراطي القاعدي" ومن هو "الماركسي اللينيني"..الخ

*كارل ماركس "القاعدي" خارج "التغطية" والسياق

27. في ثقافتنا الماركسية، نتشبث بصدق، بمبدأ النقد والنقد الذاتي ونعمل على تجسيده. وبالتالي، وفي إطار تقييمنا لبعض المحطات التنظيمية، لا نمارس التبريرية والذرائعية تسترا على أخطاءنا.. وعليه، كان على الرفيق "أرنستو" قبل أن يشرع في "التقييم" أن يقدم المعطيات الحقيقية حول بعض الأحداث التاريخية المهمة، آنذاك يمكنه تأويلها بالشكل الذي يخدمه، أي حسب قناعاته وأهدافه المتوخاة.. إذ لا أعلم صراحة من أين أتى الرفيق بمعطيات مغلوطة وخاطئة عن سير أشغال المؤتمر 17.

28. فمن الصعب تزييف التاريخ، والحال أن جل مؤتمري 17 أو جميعهم، أحياءاً يرزقون، وسيؤكدون للجميع، قراء ومتتبعين ومناضلين، بأن عدم تحمل مسؤولية قيادة المنظمة من طرف الطلبة القاعديين لوحدهم أو باشتراك مع "رفاق مهدي وعمر" ـ لائحة اليسار الاتحادي الذي سيتحول مطلع التسعينات إلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ـ هو ما خلص له الطلبة القاعديون كموقف نهائي، وشكٌل شبه إجماع داخل صفوفهم، أما ما تردد عن موقف الشهيد مصطفى بلهواري فلم يشكل سوى استثناءا إن لم نقل "نشازا"، استثمره البعض بشكل انتهازي مقيت فيما بعد ـ نموذج وثيقة الكراس ـ وقد عبٌر الشهيد بصدق عن ضرورة تحمل المسؤولية في قيادة المنظمة كيفما كانت الأوضاع، أي، ولو انسحب الجميع بمن فيهم حلفاء القاعديين آنذاك، لائحة "مهدي وعمر"! وقد تبيٌن بعد ذلك أنه موقف سديد، لكنه كان يحتاج إلى سند.

29. تكلم الرفيق عن انسحاب "الفصائل الإصلاحية"، والمعطى مردود على صاحبه لأنه خاطئ، فيبدو أن الرفيق أخذ معطياته عن عناصر تجهل التاريخ أو تحاول تزويره، إن لم نقل أنها استبلدته.
فلائحة طلبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية/أنصار الكنفدرالية هي الوحيدة التي انسحبت من المؤتمر، إضافة لبعض العناصر من لائحة الطلبة القاعديين وعددهم 17 مقربون نوعا ما من تيار "المبادرة الجماهيرية".. أما لوائح "الطلبة القاعديين"، و"الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية/رفاق مهدي وعمر"، و"الطلبة الديمقراطيين" ـ طلبة منظمة 23 مارس/أنصار جريدة أنوال"، وطلبة "التقدم والاشتراكية"، فلم تغادر مقر المؤتمر حتى آخر لحظة، حين تم الإعلان عن فض المؤتمر بعد أن تم الاتفاق على إعادة الثقة في ما تبقى من اللجنة التنفيذية للدعوة والسهر على عقد مؤتمر استثنائي في أقرب الآجال.
وللتقصي. يكفيك الرجوع لتشكيلة ما تبقى من القيادة ـ ثلاثة منهم سيعرفون نفس مصير القيادات القاعدية خلال معركة "الأواكس" مباشرة بعد فشل المؤتمر أي الاعتقال والسجن ـ السوسي، بوعيش وعيوش ـ لتجد "حسن السوسي" و"محسن عيوش" عن "الطلبة الديمقراطيين" و"العلوي" و"بن النصر" عن "التقدم والاشتراكية" و"بوعيش مسعود" عن "رفاق الشهداء".

30. فالنزاهة والصدق، هي أن تقدم المعطيات التاريخية كما هي، آنذاك يكون لك الحق، بمفردك أو بشكل جماعي أن تقيٌم محطة المؤتمر كما تراها، هل هي سلبية أم إيجابية؟ كيف فشلت؟ وما هي أسباب فشلها؟ دور القاعديين في هذا الفشل؟..الخ
أما الانتهازية، هي أن تزور التاريخ وتعيد كتابته كما تريد، وعلى هواك.. فتجربة "الطلبة القاعديين" واسمهم يعبٌر عن هذا، ارتبطت بدرجة أولى بالتنظيم، وبتصورهم القاعدي للتنظيم مناهضة للتصورات البيروقراطية الهيمنية، وليس سوى الجاهلين أو المزورين للتاريخ، من يخافون تقديم برامج الطلبة القاعديين كما هي، ويدٌعون بأن الطلبة القاعديين انتظروا فشل المؤتمر 17 ليعلنوا مواجهتهم لـ"الإصلاح الجامعي".. من ينكر عليهم ذلك.

31. يجهل الرفيق أن سنة 80/81 هي السنة التي عرفت أقوى النقاشات وأفيدها حول "إصلاح التعليم" و"الإصلاح الجامعي"، وخلالها تمت أقوى المعارك، التي دامت ببعض المؤسسات مدة الثلاثة أشهر، وعبرها تم تسجيل آلاف المطرودين، تحت البند المشؤوم 13، من الجامعات.. فقط نقطة ترسيم "الحرس الجامعي" الأواكس وما تطلبته من مواجهة حازمة، وتعديل نظام الامتحانات بنظام جديد، والدعوة لعقد مؤتمر استثنائي ديمقراطي وجماهيري.. هي النقط البرنامجية التي دفعت بالطلبة القاعديين لتعديل برنامجهم أواخر سنة 82 ـ البرنامج المرحلي للطلبة القاعديين ـ وهي المرحلة التي تقدمت خلالها إحدى المجموعات القاعدية بورقة "وجهة نظر" ـ مجموعة لا علاقة لها بمنظمة "إلى الأمام"، سميت بـ"مجموعة بنيس" أو "مجوعة 7 فبراير" نسبة لتاريخ الامتحانات بكلية العلوم/الرباط ـ وهي المجموعة التي دشنت للدعوة لتقديم بعض التنازلات فيما يخص العلاقة مع الأحزاب الإصلاحية وفق تصور "للعمل الوحدوي" يعتمد الكوطا السياسية، ويسهل قيادة وهيمنة الأحزاب على المنظمة الطلابية إوطم.
وللحقيقة والتاريخ، فمنظمة "إلى الأمام"، بشكلها الجديد ووفق تصور "إعادة البناء"، ناهضت بما أوتيت هذا التوجه وانضبطت للهياكل التنظيمية الرسمية للطلبة القاعديين، ولكل ما صدر عنها آنذاك من مواقف وقرارات.

32. أما "كراس 84" فهي وثيقة أخرى، تعتبر الأقرب لمنظمة "إلى الأمام"، رغم تنصل العديد من "الأماميين" منها ـ انظر وجهة نظر أبراهام السرفاتي في كتاب "المغرب من الرمادي إلى الأسود ـ حيث تضمنت الوثيقة تحليلا عاما للأوضاع في بلادنا وضمنها أوضاع الجامعة والحركة الطلابية ومنظمتها إوطم.. وتقدمت بمقترح برنامج ادعى إخراج الحركة الطلابية المغربية ومنظمتها إوطم، من أزمتها.. برنامج جدٌد شعار "العمل الوحدوي"، وفق منظور توافقي مع الأحزاب الإصلاحية، لا يختلف في الجوهر عمٌا طرحته سابقا "مجموعة بنيس".
وقد اعتبر الطلبة القاعديون، في حينها، أن الوثيقة بمقترحها، وتصورها، وشكل تصريفها.. تجاوزت الهياكل التنظيمية القاعدية، ولم تستشرها في التعديل البرنامجي المقترح.. وهو ما اعتبره القاعديون، في حينها، محاولة للتحكم والتوجيه والهيمنة على التجربة، وكذلك، ضربا للتراكمات التنظيمية الديمقراطية التي وفرتها التجربة بداخلها.

33. لم يرفض الطلبة القاعديون، العمل الوحدوي من جذره، بل رفضوا الكوطا السياسية، رفضوا تهميش الطاقات الطلابية المناضلة، رفضوا التصورات التحكمية التي تتغيى الهيمنة وتسخير المنظمة كي تساير خطط الأحزاب السياسية المتنفـٌذة..
فبدفاع الطلبة القاعديين عن التصور القاعدي في التنظيم، عبروا عن أرقى الأشكال وحدوية وديمقراطية وجماهيرية، التي يمكنها أن تستوعب وتستفيد من جميع الطاقات الطلابية، المنتمية وغير المنتمية سياسيا.
فالتاريخ الحقيقي لإوطم، أي التاريخ غير المزور، المدعم بالوثائق والشهادات المسؤولة، يبين أن الشهيد "بلهواري" تحمل المسؤولية في أجهزة إوطم بوصفه منتخبا وممثلا للطلبة، ضمن المجلس القاعدي لسنة 78/79 ومكتب التعاضدية لنفس السنة وللسنوات المتتالية لحد اعتقاله ومحاكمته بعشر سنوات نافذة ـ استشهد خلال السنة الأولى من سجنه إلى جانب رفيقه الدريدي بعد إضراب عن الطعام دام حوالي الستين يوما ـ وقد مارس مهامه التمثيلية إلى جانب لوائح الأحزاب الإصلاحية، دون تردد ولا دعوة للانسحاب.
نفس الشيء بالنسبة للشهيد الدريدي عضو مجلس الطلبة بكلية العلوم بمراكش لموسمين 82/83 و83/84 وفق المقرر التنظيمي البيروقراطي الصادر عن المؤتمر 16، وكذلك الشهيد شباضة الذي تحمل مسؤوليته التمثيلية بمجلس الطلبة منذ سنة 81 إلى حدود سنة 85 بعد أن تم طرده من الجامعة.. قدمنا هذه المعطيات لدلالاتها التاريخية، ولقطع الطريق عن المتبجحين بـ"خط الشهيد" أو "خط الشهداء".. ولنبيٌن لجميع المناضلين القاعديين على أن القاعدة في العمل الطلابي الجماهيري هي تواجد الفصائل الأخرى إلى جانب القاعديين في مواقع المسؤولية، واستثناءات قليلة هي التي أعطت الطلبة القاعديين الاكتساح المطلق لمقاعد التعاضديات ومجالس القاطنين ومكاتب الجمعيات.. بل إنه، وبالرغم من هذا الاكتساح، لم يكن من الممكن اكتساح مجالس الطلبة المشكلة من لجن الأقسام، فلا بدٌ من تواجد تمثيلية الأحزاب الإصلاحية والعديد من الطلبة المستقلين، داخل المجالس هذه.

34. فمن يرفض الحد الأدنى داخل الإطارات الجماهيرية، عليه أن يرفض العمل بها من أصله، ودون استثناء، أي بما فيها إوطم.. عوض أن يستنجد بـ"التوجيه العظيم" لكارل ماركس الذي يقحم، في الغالب، في سياقات غير السياق الذي ابتغاه ماركس.. فالرفيق ودون أن يدري أبان، وبالملموس، عن الخلط السافر الذي يقع فيه عادة أنصار هذه التخريجات، وهو الخلط بين التيار السياسي والمنظمة الجماهيرية، فالتوجيه الماركسي استهدف الشيوعيين بمختلف تياراتهم آنذاك، أي الماركسيين والإصلاحيين والفوضويين..الخ ومع ذلك أشار عليهم بـ"الجلوس معا وعقد اتفاقات جماعية" أي حد أدنى سياسي وبرنامجي وبألاٌ يفرطوا فقط في الثوابت النظرية.. أما المنظمة إوطم ـ وجميع الإطارات الجماهيرية والشبه جماهيرية ـ فهي اتحاد طلابي لا يشترط سوى تبني مبادئه الأربعة الديمقراطية، التقدمية، الجماهيرية والاستقلالية، وقانونه الأساسي.

*عودة لتيار "البرنامج المرحلي" وظروف الولادة

35. ابتداء من سنة 84/85، خصوصا بعد صدور وثيقة "الكراس" وانشقاق مناصريها عن "النهج الديمقراطي القاعدي"، انفض التنظيم القاعدي وانشطر، إلى مجموعات، استندت إلى مواقع قرار عدة، كان أبرزها تيار "الكراس"، وتيار "القاعديين التقدميين" المعروفين بـ"الممانعين" أو أنصار "الكلمة الممانعة"، وتيار "البرنامج المرحلي" الذي عبٌر عنه الرفيق، والذي يختلف من حيث الشكل والمضمون مع البرنامج المرحلي الذي سطره الطلبة القاعديون خلال تنسيقية أواخر دجنبر 82، وتيار "الشرارة" الذي سيتبناه جزء من أنصار البرنامج المرحلي و"التوجه القاعدي" فيما بعد.. إضافة للعديد من المجموعات التي أفرزتها تجربة "البرنامج المرحلي" كأنصار وثيقة "التحاق الشجعان" ومجموعة "كوبا" والمجموعة "الماوية" والمجموعة "الستالينية" و"التروتسكيون" ومجموعة "مناهضة العمل في الإطارات الجماهيرية"، والبقية تأتي..
فالقراءة الموضوعية أو التي تدٌعي ذلك.. لا يمكنها إغفال هذه المعطيات التي لها تأثيرها الواضح في الساحة الطلابية، وكيفما كانت درجة التأثير، في الماضي أو الحاضر.. فمن يدعي استعمال المنهجية الماركسية، لا بد له، ولو من باب الإشارة، تقديم أو تلخيص آراء التيارات والمجموعات المكونة للحركة الطلابية وللحركة القاعدية، حتى تكون انتقاداتنا صادقة ومقبولة لدى الرأي العام الطلابي.. فالرفيق على ما يبدو يجهل، أو يتجاهل، أن الغالبية الساحقة من الرأي العام الطلابي لا علم لها بـ"البرنامج المرحلي" إذ لا وجود لمناضليه بالأغلبية الساحقة من الجامعات والكليات ـ تطوان، طنجة، القنيطرة، الرباط، سلا، البيضاء، سطات..ـ

36. فتسريب مقال عن أوضاع الحركة الطلابية، عبر وسيلة الأنترنيت، بهذه الطريقة المفعمة بالمغالطات، وضعك في موقع التجني المفضوح، ولن يشفع لك جهلك وتبريراتك المردودة.. في جريمة التزوير المرتكبة في حق حركة مناضلة ومكافحة ـ حركة الطلبة القاعديين ـ عانى مناضلوها الطرد والتشريد والقمع والاعتقال والمحاكمة والاغتيال..الخ
وحين أقول مناضلوها، فأعني مناضلي جميع التيارات. فما زالت الاعتقالات، ولحد السنة الجامعية الفارطة، تحصد المناضلين بكل من أكادير، مكناس، فاس، مراكش، تازة، الراشدية، طنجة..الخ واعتقال المناضلين لم يكن اعتباطيا من طرف أجهزة الدولة القمعية، بل جاء ردا على مسؤولية الرفاق القيادية لمعارك خاضتها الجماهير الطلابية من اجل حقوقها ومطالبها ومواقفها..الخ
فرفاق "زهرة بودكور" حسب الرفيق "أرنستو"، صامدون، فقط، لأنهم بالسجن، ولو كانوا طلقاء فسيعتبرهم الرفيق، في حينه، انتهازيين بدون شك.. كذلك الشأن بالنسبة للشهيد الكاديري الذي لم يصبح مناضلا قاعديا بطلا.. إلاٌ بعد استشهاده، فقبلها بجزء من الثانية كان انتهازيا تصفويا، همٌه التربص بالقاعديين واختراق حصنهم "النهج الديمقراطي القاعدي"..! كلاٌ، أيها الرفيق، ما هكذا يكون النقاش والصراع.

37. أشرنا في مقالات أخرى، أن مجموعات "البرنامج المرحلي" شكلت ابتداء من السنوات الأولى من التسعينات، القلب النابض للحركة الطلابية، والقوة الضاربة خلال جل المعارك التي خاضتها الجماهير الطلابية منذ تلك الفترة إلى الآن.. وهذه حقيقة لا يجادل فيها سوى أمثال "أرنستو" الذي حاول كتابة التاريخ على هواه.. إلاٌ أنه، وللتاريخ أيضا، وباستثناء النقطة الأولى المعنية بمواجهة مخطط "إصلاح التعليم والجامعة" الذي أقدمت عليه الدولة بداية الثمانينات، والذي واكبته بتعديلات عديدة كان آخرها "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" و"المخطط الاستعجالي".. وهي نقطة برنامجية لا يمكن لأي تيار أن يجد لنفسه موقعا وتعاطفا من لدن الجماهير الطلابية، دون أن يتخذ مبادرات نضالية ضدها، وهو ما انخرطت فيه جميع تيارات الحركة القاعدية، دون استثناء، ومن غير تردد.
ويمكننا، في هذا الصدد، تسجيل التضحيات الجسام التي قدٌمها الرفاق من مختلف مجموعات "البرنامج المرحلي"، الذين لم يتوانوا، ولم يتخلفوا عن الدفاع عن مصالح الجماهير الطلابية، بتحريضهم الدائم ضد هذه الإصلاحات، وبتعبئة الجماهير لمناهضتها، وبدون هوادة.
إلاٌ أن التحفظ الذي أبديناه أكثر من مرة، والذي ما زلنا نؤكد عليه بإصرار، خصوصا، خلال الرد على مهاترات من هذا النوع الذي تقدم به الرفيق "أرنستو". والتحفظ يخص النقطتين الثانية والثالثة المفصولتين وبشكل تعسفي في برنامج الرفاق.. لأنه، ومن الناحية المنهجية، فالنقطتين مرتبطتين، لأن البيروقراطية مرتبطة بالتنظيم، والتنظيم وكيفما كان شكله وحجمه وطبيعة القواعد المرتبطة به.. فهو مهدد بطاعون البيروقراطية، لا محالة.
فلا نعلم، بل ولا يمكننا أن نستسيغ، أنه سبق وأن تم خوض معارك وإضرابات طلابية لمواجهة البيروقراطية، أو للنضال من أجل رفع الحظر العملي عن المنظمة إوطم، منذ الإعلان عن البرنامج المرحلي لسنة 86، إلى حدود الآن.
فباستثناء محاولة الهيكلة أواخر الثمانينات، التي سبق ذكرها، عبر تجربة "اللجن الانتقالية" أو "اللجن الإوطمية" التي ضمت تيار "الكراس" وتيار "الممانعين" وتيار "البرنامج المرحلي" في مواقع معينة، وعناصر قليلة من شبيبة الأحزاب الإصلاحية، والتيارات الظلامية في تجارب محدودة.. لم يكن للتنظيم حضورا في معارك الطلبة الجماهيرية.
صحيح أن الرفاق في "البرنامج المرحلي" تنبهوا في آخر لحظة لمسار اللجن الانتقالية بعد أن تبيٌن لهم الخلفية التي تحكمها، والتي لم تكن سوى صياغة جديدة للعمل الوحدوي الفوقي الذي يحاول رهن مصير الحركة الطلابية والجماهير الطلابية بقرارات ومواقف أحزاب لم تبين عن عزمها وحزمها لخوض معارك من أجل التعليم والمدرسة والجامعة، بجدية ومسؤولية، خدمة لمصلحة الكادحين.. فانسحبوا بخفي حنين من هذه اللجن ـ نموذج مراكش..ـ

38. وعلى العكس، فابتداء من سنة 92 تقريبا، أصبح الرفاق في "البرنامج المرحلي" أكثر المجموعات تنصلا من النضال من أجل رفع الحظر العملي عن إوطم، ومن مواجهة البيروقراطية داخله.. وانتصبوا كمدافعين شرسين عن "اللاتنظيم" باعتبار الداعين إلى الهيكلة، تحريفيين وانتهازيين.
وللتدليل على ما نقوله، يكفي الرفاق في "البرنامج المرحلي" لم يقوموا على طول تجربتهم، بأية خطوة تنظيمية أو مبادرة في اتجاه تثبيت إوطم وهيكلته، لفرضه بالتالي، كأمر واقع على أعداء الحركة الطلابية التقدمية.. وعبر تجربتهم الطويلة، لم يسبق أن بادروا لأي تنسيق بين التيارات التقدمية الطلابية لاتخاذ الخطوات اللازمة لاسترجاع إوطم، بل يصعب الآن، أو في السنوات القادمة، على تيار "البرنامج المرحلي" التنسيق بين مجموعاته، حتى..!

39. لماذا؟ لأن الرفاق، أولا، بنوا تجربتهم الذاتية استنادا على "برنامج" حاول أن يجيب على مشاكل آنية مرتبطة بأوضاع مرحلية، متمحورة حول "إصلاح التعليم" وأوضاع إوطم التنظيمية.. وبغض النظر عن طريقة الإجابة، المتمثلة في انتقاد الأوضاع التنظيمية دون تقديم البدائل، مع تكريس أوضاع اللاتنظيم كواقع وكثقافة لدى أغلب مجموعات "البرنامج المرحلي"..
ثانيا، من المعروف، أن الرفاق تعودوا أن يحسموا خلافاتهم الداخلية، وان يواجهوا مخالفيهم ومعارضيهم من الطلبة والتيارات التقدمية والقاعدية الأخرى.. بأساليب لا ديمقراطية وعنيفة، تبدأ من التهديد والطرد من الجامعة إلى استعمال "التأديب" المسلح استنادا لمبدأ "العنف الثوري" "الماركسي اللينيني"..! وهو ما يترك جراحا عميقة في أجساد ونفسية المناضلين، يصعب تجاوزها لسنوات.

40. فهل تستقيم معادلة حل المعضلة التنظيمية بإشاعة وضع اللاتنظيم؟
هكذا استمر الرفاق في غناء معزوفتهم لمدة فاقت العشرين سنة، واستمر إنتاج التبريرات المضحكة عن "الإجابة العلمية" و"التصور السياسي" والادعاءات التي لا أساس لها، من قبيل "الأرضية السياسية التأسيسية" التي لا وجود لها.. والتعنت الأعمى بمقولات وادعاءات عن قدرة "البرنامج" على الإجابة على مشاكل "الحركة الطلابية وحركة التحرر المغربية" في كل مكان وزمان، خصوصا أن "الواقع لم يتغير".. وفي نفس السياق أتحفنا الرفيق "أرنستو" بنماذج من هذا النوع كإعلان "القاعديين عن تبني الماركسية اللينينية منذ تأسيسهم سنة 79" ليأتي "البرنامج المرحلي" صاحب النقط الثلاثة السحرية "ليشكل القفزة النوعية في الوعي السياسي للطلبة القاعديين".. "البرنامج السياسي الذي جاء انعكاسا وتعبيرا عن التطور الكمي والنوعي الذي حققته الجماهير الطلابية بفعل التأثير السياسي والإيديولوجي للطلبة القاعديين".. فهمتم شيئا؟ سأكون من الكاذبين إن ادعيت بأنني فهمت شيئا من هذا الجدل العجيب.. ولي اليقين أنكم لم ولن تفهموا شيئا..
فلا يمكنك إقناع الرفاق بأن الجامعة تحولت وتغيٌرت، كليا وبنيويا، عن جامعة الثمانينات والتسعينات، ولا يمكنك إقناعهم، بأنه من الدجل والاستغباء تصور الطلبة يخوضون معاركهم الآن، مواجهة للبيروقراطية التي كانت متفشية في تجربة إوطم التنظيمية والميدانية بداية الثمانينات!
فأين هو التنظيم، حتى نفصل فيه بين التصورات التنظيمية البيروقراطية والتصورات الديمقراطية الجماهيرية والقاعدية؟ وماذا يقترح "أرنستو" ومن معه في هذا المجال؟ وماذا تقترح الفصائل التقدمية الناشطة الآن، في مجال التنظيم؟ فخلق "الفكرة" ثم عبادتها لا يعني أنها حقيقية، ولو تم تجسيدها في شكل صنم.

41. فالأحزاب التي دافعت عن الأشكال التنظيمية البيروقراطية، لم يعد لها وجود يذكر، في الجامعة ـ"الاتحاد الاشتراكي"، "التقدم والاشتراكية"ـ إضافة لكون خطها السياسي الحالي، أصبح أكثر من أي وقت مضى، غير معني بأوضاع إوطم كتاريخ وكوجود وكمستقبل. فالجامعة الآن منقسمة بين تيارات اليسار الاشتراكي، من جهة، وتيارات الحلف الظلامي من جهة أخرى، وإذا كانت الغالبية الساحقة داخل اليسار الاشتراكي هي خرٌيجة الحركة القاعدية فمن باب "الثبات النظري والسياسي والتنظيمي.." أن يكون التنظيم القاعدي لحمتهم والإسمنت الذي يوحدهم في هذا المجال.. لأن التنظيم القاعدي يعتبر أرقى الأشكال التنظيمية ديمقراطية وجماهيرية. لذا، فتقديمه للجماهير الطلابية، وتحيينه وتكييفه مع أوضاع الجامعة والحركة الطلابية، لا يعني بأي شكل من الأشكال انحرافا عن "الخط الثوري" أو تحريفا للمرجعية "الماركسية اللينينية".. وإلاٌ ما البديل التنظيمي العملي لديكم؟.

42. فلكل وضع ملموس تحليله الملموس وإجاباته الملموسة، وقد أحسن القاعديون عبر تجربتهم تطبيق هذا المبدأ، دون أن يستنسخوا التجارب.. ومن الأخطاء الشائعة، الاعتقاد أو الادعاء بأن التنظيم القاعدي صادر عن مقررات المؤتمر 15، التنظيمية.. فلم يتقدم المؤتمر سوى بالأفكار والمنهجية لتجسيد الديمقراطية والجماهيرية في أجهزة إوطم، ولم يتقدم بمقررات تفصيلية في هذا المجال. عكس القاعديين الذين جسدوا تصورهم ميدانيا وعمليا، وانتصروا بالتالي للتنظيم القاعدي سنة 78/79، وانهزموا خلال المؤتمر16، وكيفوا بعدها التنظيمات البيروقراطية، وخصوصا التعاضديات ومجالس القاطنين، مع تطلعاتهم الديمقراطية والجماهيرية، التي نالت عطف واحترام الجماهير الطلابية، التي بقيت مساندة ومدعمة لهم.. ويتبين ذلك من الأصوات الانتخابية التي نالها القاعديون، ومن المكاتب التي اكتسحوها، ومقاعد المؤتمر17 التي حصدوا منها الأغلبية المطلقة.
و بعد انسحاب الأحزاب الإصلاحية من أجهزة إوطم ومن الميدان بشكل مطلق، تحمل الرفاق القاعديون مسؤوليتهم في أجهزة الاتحاد، رغم بيروقراطيتها، ووسعوا اللجن الطلابية كمٌا ونوعا، وخاضوا المعارك، بغض النظر عن أوضاع إوطم الذي كان يعرف الحظر العملي في بعض المواقع، والحظر القانوني في مواقع أخرى، والتضييق في الحالات الباقية.

43. وفي وضع مخالف، أي خلال اللبنات الأولى للتجربة القاعدية ـ تجربة المجالس القاعدية السرية لسنة 76/77 ـ لم ينتظر الرفاق آنذاك قرار رفع الحظر القانوني للانخراط في أشكال تنظيمية إوطمية، ولن نتنكر لهذه التجربة التي أحسنت النضال والتأطير من أجل استرجاع إوطم، عمليا وليس عبر الشعارات.. ضدا على المخططات التصفوية التي كانت تستهدفه ـ الإصلاح الجامعي لسنة 75، والذي تمت الإطاحة به عبر نضالات وأشكال تنظيمية إوطمية، زج بقياداتها في السجن لمدة ثلاثة سنوات من جراء هذه المسؤولية التاريخية ـ فهل ينتظر الرفاق قرار رفع الحظر العملي عبر خطاب ملكي كما كان الشأن خلال نونبر 78؟ أم يجب التحضير لبناء إوطم حجر على حجر، بناء لن يجد الساحة مفروشة زرابي وورود، بناء سيستسعر الأعداء والخصوم، وسيفتح المعارك، التي يمكن أن تتخذ طابع الحدة والشراسة لما للتنظيم من أهمية.

*من التزييف إلى الاحتيال

45. تكلم الرفيق "أرنستو" عن الذكرى الثلاثين لتأسيس "تنظيمه السياسي" وهذا حقه ولا يمكن إلا أن نهنئه على صمود تنظيمه لمدة 30 سنة، أما وأن يربط تنظيمه السياسي بحركة الطلبة القاعديين، فهي قمة التزوير والافتراء على تجربة ساهم فيها الجميع، وانخرط في الدفاع عنها، ليس المناضلون وفقط، بل جماهير وطاقات طلابية لا حصر لها.. فمن الصعب جدا، أن تطـٌلع هذه القواعد على نص وتصريحات من هذا النوع، لتحس بأنها خذلت وتم النصب عليها من طرف تيار سياسي كان يبني تجربته الخاصة، موهما إياها بان "النهج" بما تعني الكلمة من مضمون، نهجا ديمقراطيا وقاعديا يتسع لجميع الطلبة المناضلين على خلفية أرضيته وبرنامجه النضالي الواضحين، وبكل ما يتطلبه من ميدانية ومبدئية، والتزام وصمود.
و من الغرائب المضحكة أيضا، أن ينتظر "التنظيم السياسي" العلني بما في الكلمة من معنى، كل هذه المدة ليعلن على أنه كان موجودا منذ 30 سنة وأن تاريخ ولادته هو سنة 79! فحتى التنظيمات السرية المغلقة، تعلن عن ولادتها وتأسيسها في حينه، عبر إعلان مبادئ، وبرنامج يوضح منطلقاتها وأهدافها وخططها..الخ و ليس بعد مدة 30 سنة!!

*منزلقات نظرية تفقئ الأعين

46. سبق وأن بحثنا في مقالات عديدة استحالة التأسيس لتيار سياسي انطلاقا من التجربة الطلابية الصرفة، وبيٌنا كذلك تعارض الفكر الماركسي، الذي هو فكر طبقي لا يقبل الاستعارة في الميدان الفكري ما بين طبقة وطبقة أو فئة أخرى.. بينا وبياننا لا يحتاج إلى ذكاء ونباهة، على أن الطلبة فئة انتقالية، تفتقد لأي موقع اجتماعي ثابت ومنسجم المصالح، وبالرغم من قربها من البرجوازية الصغيرة، فموقعها خارج دائرة الإنتاج لا يؤهلها لأن تكون قاعدة لبناء أي تيار سياسي يدٌعي الصمود والثبات والانتماء للحركة العمالية والماركسية اللينينية.
هذا الواقع لم يمنع التيارات العمالية في جل التجارب العالمية، من العمل على تشكيل أنوية اشتراكية داخل الحركات الطلابية، ابتداء من تجربة "الهيغليين اليساريين" خلال القرن 19 إلى الآن.. وقد شكلت تجربة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، قمة هذا المنحى، وإن اتخذ هذا المنحى أوضاعا ومسالك انحرافية لا تختلف عما صرح به الرفيق، حيث ظهرت "الثورة الطلابية" و"الحزب الطلابي" و"الأممية الطلابية"..الخ

47. فبناء التيار السياسي، خصوصا اليساري الاشتراكي الذي يدٌعي انتمائه للحركة الماركسية اللينينية، لا يتم من خلال الجامعة، لأن البناء والتشييد يتم بارتباط مع الطبقة العاملة وبالانخراط بمنظماتها الطبقية، على اعتبار أن الماركسية اللينينية فكرها وأطروحتها الخاصة ـ وليست أطروحة عموم الشعوب الكادحة ـ وعلى اعتبار أن الثورة الاشتراكية مهمتها بالدرجة الأولى، وأن رسالتها التاريخية تتلخص في قدرتها وأهليتها لقيادة الجماهير الكادحة نحو التحرر والتحرير، من نظام الرأسمالية المتعفن.
وخلال جدلية وشمولية البناء، يتم بناء الأنوية المدافعة عن الأطروحة العمالية، في صفوف التلاميذ والطلبة والمثقفين وسائر الكادحين وأبنائهم، لأن الطبقة العاملة، كطبقة صاحبة رسالة تاريخية وحاملة مشروع التغيير الثوري الاشتراكي وقائدة الكادحين والعاطلين والمهمشين.. لا يمكن استبدالها بطبقة أو فئة أخرى.. مهما كانت حيويتها، ومهما كانت كثافتها، ومهما كانت درجة بؤسها.. وخاصة إذا كانت الفئة المعنية تعيش أوضاعا انتقالية تؤهلها لاحتلال مواقع اجتماعية في المستقبل، أرقى، وأحيانا على النقيض من الطبقة العاملة.

*الوحدة من منظور الستالينيين المغاربة

48. نعود مرة أخرى لبعض التقديرات غير "القاعدية"، التي نالت حصتها من النقد في مقالات عديدة، كدفاع الرفيق، باسم حركة الطلبة القاعديين، عن جلاد البلاشفة، وزعيم تصفية الإرث البلشفي، الدموي جوزيف ستالين، الذي نستحي الآن، ذكره على قائمة البلاشفة، من رفاق لينين، الذين قادوا أول ثورة عمالية مظفرة، في التاريخ.
لم تنخرس زغرودة المؤتمر العشرين، البئيسة، شماعة التنصل من أي تقييم حقيقي لتجربة سياسية، خربت ودمرت مجهود الملايين من العمال والثوريين وحلفائهم، في روسيا وفي جميع البقاع، من خلال أخطائها القاتلة، وخططها المتقاعسة، وتصفياتها الوحشية لأجود الماركسيين الثوريين في روسيا والعالم بأسره.
ما زال العميان، فقط، يتهربون من بحث التجربة الأولى لبناء اشتراكي حقيقي، من خلال الموقع الذي أنجب زعيمنا ومرجعيتنا لينين ورفاقه البلاشفة الصناديد.

49. فالستالينيون المغاربة ينكرون "النضال من اجل الحريات السياسية والنقابية"، بل يعتبرونه "كشعار فضفاض ولا يعني شيئا".!
تابعوا معي نوعية الماركسية المعروضة.. فالرفاق ينكرون كذلك الوحدة النقابية مع أطراف تقدمية عاملة في إطار المنظمة الطلابية إوطم.. لأنها ببساطة أي الأطراف، انتهازية وتحريفية.. فهل يفترض أن تقوم الوحدة بين أطراف عاملة داخل اتحاد جماهيري، على أساس خطط وبرامج ملموسة، أم على أحكام قيمة قبلية، مزاجية وأحيانا متعسٌفة؟
لم أفهم كيف يتسنى للرفاق، باسم الستالينية الممغربة، إنكار الوحدة والعمل الوحدوي، دون الإنكار في نفس الوقت لأطروحة ستالين الوحدوية عبر وصفة "الجبهات الطبقية الموحدة".. فهل تناسوا أن "الرفيق جوزيف" هو من أسس لهذه الأطروحة، ومن أعطى الضوء الأخضر لسريانها وتعميمها على جميع حركات التحرر الوطني، دون عنان، ولا قيود، ولا كوابح.؟ هل نسي الرفاق بأن ستالين هو من فرض الأطروحة وخطها، فرضا على الحركة الشيوعية العالمية؟ وهو من فعل ما فعل في حق مناهضيها ومعارضيها من البلاشفة وغيرهم، الروس وعداهم.. المدافعين عن استقلالية الطبقة العاملة وحزبها، في النضال بمستوياته الوطنية والطبقية..الخ

50. وللتدليل أكثر، نرجع لفترة تاريخية مهمة من تاريخ الثورة الروسية، وبالضبط الفترة الحرجة التي تلت ثورة فبراير 1917 حين صدر عن البلاشفة موقفان متمايزان ومتعارضان، عن سير الأحداث.. الأول بزعامة الرفيق لينين وأقلية من رفاقه البلاشفة وكان "لا تأييد على الإطلاق للحكومة المؤقتة" و"كل السلطة للمجالس السوفياتية".. والثاني باسم البلاشفة القدماء وجريدة "البرافدا" حيث لخصه "ستالين" على الصيغة التالية "ليس في صالحنا أن نعجل سير الأحداث أو عملية تنقية العناصر البورجوازية التي يجب أن تترك صفوفنا فيما بعد. وعلينا تأييد الحكومة طالما وجودها يعزز مسيرة الثورة".
وغني عن البيان أن الحكومة المعنية، حكومة برجوازية عميلة للإمبريالية، كما يعرف ذلك الجميع، من الستالينيين وغيرهم. ومن الإبداعات "الوحدوية الستالينية" ندرج كذلك النص التالي "إن على الشيوعيين أن ينتقلوا من سياسة الجبهة الوطنية الواحدة إلى سياسة الكتلة الثورية للعمال والبرجوازية الصغيرة وتستطيع الكتلة أن تأخذ في مثل هذه البلدان شكل حزب وحيد، حزب عمالي وفلاحي على غرار الكيومنتانغ".. في إطار التوجيهات "العظيمة" التي قدمها ستالين للحزب الشيوعي الصيني، والتاريخ يعلم جيدا حجم وثقل فاتورتها ـ حوالي المليونين من الشيوعيين الذين ذبحوا ذبح النعاج من طرف الحزب القومي البرجوازي الكيومنتانغ..ـ وقد اعتبر "الرفيق جوزيف" هذه الترهات الشعبوية، من مسائل اللينينية في كتاب "أصدره" بنفس العنوان.

51. فما نعارضه كماركسيين، ليست فكرة "الجبهة الموحدة" التي لها جذور في الفكر اللينيني، وجزءه المرتبط بتاكتيكات الثورة الأولى لسنة 1905، والتي استند فيها الرفيق لينين على التقييم المفيد والقيٌم لماركس عن كمونة باريس.. ما نعارضه هو المساس باستقلالية الطبقة العاملة وحزبها الثوري..
ومعروف جدا أن لينين، كان من السباقين في معارضة وانتقاد شعبوية صان يات صن ـ المرجعية الحقيقية لماو تسي تونغ ـ وحزبه الثوري الكيومنتانغ، حيث أشار على الشعبويين والبروليتاريين الثوريين بتأسيس حزبهم المستقل، عن هذا الحزب وعن جميع الطبقات التقدمية الأخرى.

52. مقارنة أخرى في هذا المجال، تفند ادعاء الستالينيين المغاربة وعدائهم للوحدة والعمل الوحدوي، يقول ستالين "تستطيع الكتلة الثورية المضادة للإمبريالية.. أن تأخذ شكل حزب عمالي وفلاحي وحيد.." وما قول لينين في هذا؟ "نصيحة أخيرة: أيها البروليتاريون، وأنصاف البروليتاريين في المدن والأرياف، نظموا أنفسكم بشكل منفصل. ولا تثقوا بأي مالك صغير مهما كان صغيرا، حتى لو كان من الكادحين".
فما قولكم في هذا التعارض بين الماركسية اللينينية كوجهة نظر عمالية، من جهة، والستالينية كوجه من أوجه الشعبوية اللاطبقية، التي انتعشت أيام حكم ستالين، وقيادته للدولة السوفياتية وللحركة الشيوعية العالمية.

53. من هنا انطلق الانحراف والتحريفية، ومن هنا تمت تصفية البلشفية والمشروع العمالي الطبقي، ليتم تعويضه بسياسة الجبهات والتوافقات، والتواطئات، والحروب الساخنة والباردة، وسياسة تقسيم مناطق النفوذ.. قبل أن يأتي خليفته وتلميذه الجريء "خروتشوف" ليفضح أشياء دون أخرى، معلقا شماعته، هو الآخر، على ما يعرف بـ"عبادة الشخصية" وتأثيرها السلبي على مسار الحزب، وكفى المومنين ـ أي المومنين بالتوافقات الطبقية ـ شرٌ الصراع والقتال.. ملخصا إخفاقات البناء الاشتراكي ارتباطا بهذه الظاهرة.. ومدٌعيا أن تجاوزها، بفضح أخطاء وجرائم ستالين..، سيعيد الاعتبار للخط الماركسي اللينيني في تقوية الحزب والتخطيط الجيد ومن جديد للبناء الاشتراكي..الخ

*عن أية وحدة نتكلم؟

54. إن الوحدة المنشودة، أساسها ملموس، لأنها عملية وليست نظرية مجردة. فمعروف أن أنصار ستالين وأنصار ماو.. يمتلكون نظرة أوسع للوحدة، أي أوسع من العباءة الماركسية، وأكثر هلامية.. عكس ما يدافع عنه الماركسيون اللينينيون الذين يراعون الظروف، والإطار المعني بالوحدة، والتيارات المستهدفة بالوحدة..الخ
فما تبقى داخل إوطم من أطراف، كلها حازمة في النضال ضد المخططات الطبقية التي تستهدف أبناء العمال والكادحين، من أجل حقهم في التعليم الجامعي.. ولا تدخر جهدا في الدفاع عن حرمة الجامعة، وعن الحريات الديمقراطية داخلها..
جميع الأطراف، تعلن جهارا عن مناهضتها لخوصصة التعليم والجامعة، مسايرة ومشاركة الجماهير الطلابية، في جميع نضالاتها المطالبة بتحسين أوضاع السكن، والدراسة، والنقل، والمنح..الخ فعلى أي أساس يمكن رفض الوحدة مع تيارات تناضل من أجل هذه المطالب والحقوق.. إذ لا يمكن التمييز بين الفصائل والتيارات، في مجرى هذا النضال، ولا يمكن الادعاء بأن هذا النضال يخص فقط الماركسيين اللينينيين، وخلال مجراه، وعبره سنتمكن من التعرف عن من هو الماركسي القويم والثوري الحقيقي، ومن هو التحريفي.. هراء، ليس إلاٌ.

55. من حق، بل ومن واجب التيارات التي تدعي الماركسية اللينينية أن تنشر أفكارها ومواقفها، وسط الطلبة وأن تستقطب لصالح تنظيماتها..الخ لكن إوطم ليست قنطرة، وليست حكرا على التيارات الماركسية اللينينية، وفقط، بل يجب أن يظل اتحاد الطلبة إوطم مفتوحا في وجه جميع الطلبة، وهذا ما كرٌسه "الطلبة الجبهويون" بإلغائهم لبطاقة الانخراط في المنظمة إوطم، وهو ما دافع عنه الطلبة القاعديون باستماتة، فيما بعد.
فمن حق جميع الطاقات الطلابية المناضلة، وفق التصور القاعدي، أن تتحمل المسؤولية في هياكل إوطم، من أصغر لجنة قسم إلى مكاتب التعاضديات، والمؤتمر، واللجنة الإدارية أو التنفيذية.. وغير هذا، فهي البيروقراطية في أبشع صورها، وهي بيروقراطية لا تشبه في شيء بيروقراطية الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية زمان تواجدهما بالساحة الطلابية، حيت كانا يتوافقان ويقبلان إشراك القاعدين وعموم الطلبة في التمثيلية، ولو تحت هيمنتهم وتحكمهم وتسلطهم، كأحزاب.

56. ومن المفارقات والإدعاءات العجيبة، مما صدر عن الرفيق "أرنستو" كمناهض "للانتهازية"، وكثوري "ماركسي لينيني" بامتياز، من خلال توطئته العجيبة، حين تكلم عن موازين القوى وعن طبيعة الحركة الطلابية ومحدودية نضالاتها، وعن انعدام الشروط السياسية لتبني شعار "الوحدة" ـ دون أن ينبس ببنت شفة عن الشروط التي يتطلع إليها ـ بنفس عزيمة ونغمة تيارات المراجعة والاستسلام.. مقدما تصوره البعيد عن الماركسية واللينينية، لبرنامج النضال الديمقراطي.
ومعروف أن الرفيق لينين، فصٌل في فلسفة هذا البرنامج، بإسهاب، في كتابات شتى، وبشكل خاص في "خطتان".. وبيٌن بوضوح بأن البرنامج لا يستند على إمكانية التحقيق، لان المناضلين الماركسيين لا يناضلون عموما وفق إمكانية التحقيق، بل يؤمنون بالتراكم والخبرة وبتصليب عود الحركة..الخ من بديهيات الماركسية والتراث العمالي.

*الوحدة، بين المسؤولية والمزايدة اللفظية

57. ومن عجائب الماركسية المبتذلة على يد الستالينيين، تلك المزايدة الصبيانية التي تتوخى قلب إحدى المنظومات، التي وجهت عمل الشيوعيين منذ تنظيماتهم الخاصة الأولى، ومنذ انطلاق الأممية والنقابات والإطارات الجماهيرية، التي جمعتهم بتيارات شيوعية واشتراكية وعمالية أخرى..
ولا أعلم هل هي مزايدة أم اجتهاد! حين تحولت منظومة وحدة ـ نقد ـ وحدة على يد الستالينيين المغاربة إلى نقد ـ وحدة - نقد كمنظومة عمل وكموجـٌِه للمناضلين في سعيهم لبناء اتحادات جماهيرية طلابية وعمالية..الخ ليصبح الثابت هو غياب الإطار/الاتحاد، ووضع اللاتنظيم، والاستثناءات هي بروز الاتحادات المؤقتة.!
واستنادا لهذا المبدأ، يتباهى الرفيق. بخط القطع التنظيمي مع مخالفيه في التصور الفكري والسياسي، حول أمور لا تهم مباشرة جماهير الاتحاد إوطم. لكنه، وفي نفس الوقت، والتحليل، يفسح المجال، وهو ادعاء وفقط، لكافة الطلاب ليعطيهم الحق في التسيير والتوجيه والتقرير!!
عجيبة هذه الازدواجية السكيزوفرينية، تقطع تنظيميا مع أقرب الرفاق لديك - مناضلي التيارات التقدمية والقاعدية - وتفسح المجال لكافة الطلاب لأخذ المسؤولية في هياكل إوطم. ألا يدخل مناضلو التيارات في جسم "كافة الطلاب" أليست الأسبقية لهم، بحكم طليعيتهم ومستوى وعيهم المتقدم على "كافة الطلاب".

58. فالرفاق الذين صاغوا مبدأ الإشراك الجماهيري الديمقراطي إبان مؤتمرات 13،14،15،16،17.. ودافعوا عنه كشعار وكموقف، لم ينفثوه في الهواء وفقط، بل وضعوا آليات تنظيمية لتجسيده، واحتلوا الصفوف الأمامية لأجرأته..
لم يتخذوا المبدأ ادعاءا ونفاقا، بل شكلوا مجالس المناضلين المفتوحة لجميع الطلبة، بمن فيهم غير الاشتراكيين وغير الشيوعيين.. ودافعوا خلال المؤتمر17، عن إلغاء الترشيح عبر اللائحة، لأن اللائحة، وببساطة، تمنع الطلبة المناضلين، الذين يمكنهم ألا يشاطروا التيارات، وبما فيها تيارات الطلبة القاعديين، في أرائهم وبرامجهم وخططهم، من تحمل المسؤولية في أجهزة وهياكل إوطم.

59. فتصورنا كماركسيين يستند على مبدأ الوحدة مع النقد، من أجل الحفاظ على الوحدة، وهو ما جسده الطلبة القاعديون عبر تشبثهم بالإطار إوطم خلال التحضير لمؤتمر17، حين بقيت الأيادي القاعدية ممدودة، حفاظا على وحدة الإطار، دون التنازل ولو للحظة واحدة عن مبدأ الانتقاد، وبدون هوادة، للقوى البيروقراطية والانتهازية المهيمنة على ما تبقى من أجهزة إوطم التنفيذية.. فليس المبدأ، مبدأ "الكراس" أو "الممانعين"، وإذا كان فيه شيء من البلادة، فأصلها الماركسية واللينينية وأدبيات "إلى الأمام" الكثيرة التي دافعت باستماتة عن هذا المبدأ..



#و.السرغيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضدالعنف و ضد الفاشية و دفاعا عن المدرسة القاعدية


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - و.السرغيني - ضد التزييف، ودفاعا عن التجربة القاعدية