أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد العزيز محمد المعموري - ذكريات عن الشامية















المزيد.....

ذكريات عن الشامية


عبد العزيز محمد المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17 - 22:41
المحور: سيرة ذاتية
    


ذكريات عن الشامية
عمرها 55 عاماً
ـــــــ

عينت معلماً في قضاء الشامية التابع إلى لواء الديوانية كما كانت تسمى آنذاك في الشهر العاشر من سنة 1951 وفي مدرسة العدنانية التي تبعد عن الشامية بمسيرة نصف ساعة على الأقدام ، وكانت المدرسة مشيدة بالبواري والتلاميذ يجلسون على الأرض الترابية المغطاة بحصر بواري القصب أيضا ، لم أكن اعرف شيئاً عن هذا القضاء الواقع وسط المسافة بين الديوانية والنجف وحين حاولت السكن في دار مناسبة فهمت بان الأهالي لايأجرون دورهم للعازبين فاستأجرت غرفة بسيطة في فندق متواضع ادفع إيجارها ثلاثة دنانير شهرياً وأتناول وجبتي طعام في مطعم يقرب من الفندق وثمن الوجبتين شهرياً ثلاثة دنانير أيضا أما طعام الإفطار فأتناوله على حسابي الخاص في إحدى المقاهي وهو مع الشاي لا تجاوز الدرهم ، كان راتبي زائد مخصصات غلاء المعيشة 23 ديناراً أرسل لوالدي شهرياً عشرة دنانير لحاجتهم إلى المساعدة ووفاء لمصروفاتهم ونفقاتهم على جلال سني الدراسة .

كانت قصبة ولا اقول مدينة الشامية لاتزيد على اية محلة صغيرة من محلات محافظتنا حالياً وكانت اكثر بيوتهم من القصب والبواري والقليل من الميسورين يسكنون بيوتاً لاتتجاوز مساحة البيت المائة والمائة والخمسين متراً وهي مشيدة بطابوق الكور المصنوع محلياً والجص والمسقوفة بالشيلمان ، ومن يملك هذا الدار يكون محسدواً ويضع على واجهة الدار بقايا نعل قديم ويضع خرزات خضر مما يسمى ( ام سبع عيون ) وكانت قصبة الشامية محاطة بمياه الشلب الذي يطوق كل مكان ويدخل حتى ساحات المدارس ، لم يكن في الشامية سوى حمام واحد تخصص فيه ايام للنساء ومثلها للرجال وما يميز ايام النساء ستارة حمراء تضع على الباب فيعرف الأهالي ان هذا اليوم هو ( للنسوان ) اما انا الغريب عن المنطقة فمن يهديني الى هذه المعلومة ؟ في احد الايام سولت لي نفسي الامارة بالسوء ان أتوجه الى الحمام رغم انه يكلفني درهماً فجمعت ملابسي الداخلية ووضعتها في ( البقجة ) التي ضممتها تحت ابطي وتوجهت على بركة الله الى الحمام .


ورفعت الستارة ولم انتبه الى لونها الاحمر ولو كنت رأيته لما اعرته اهمية لاني لا اعرف بان هذا المكان هو حمام الرجال الذي اغتسلت به في المرة السابقة ! .
وحين وصلت الى المترع حيث تباشر النساء بخلع ملابسهن قامت بوجهي ضجة غريبة وصراخ لم افهم معناه فما الذي جاء بهؤلاء النسوة الى هذا المكان ورجعت راكضاً الى باب الحمام الخارجية وانا اتعثر من خجلي ، وسمعت احداهن تصرخ بحدة ( يوسي نفسه غشيم هذا القليل الادب لقد تعقبني منذ خرجت من دار اهلي حتى دخل ورائي وهو يتعمد رؤية النساء عاريات ) !! هذا المقلب لن انساه ماحييت وكلما اتذكره اضحك على نفسي وعلى حياة الناس وتخلفهم آنذاك .






ذكريات عن الشامية
عمرها 55 عاماً
ـــــــ

لاشيء يغري في الشامية ، فنحن الشباب كان حراماً علينا ان نرى وجه امرأة ، فالفتاة ما ان تبلغ العاشرة من عمرها حتى تلبس العباءة وتغطي وجهها كاملاً وتترك فتحة صغيرة لاحدى عينيها لرؤية دربها ! ووقت الفراغ الطويل نقضيه في المقاهي وهي كثيرة كثرة البطالة والفقر وكان في الشامية ناد مخصص لتناول الكحول وانا بعيد عنها ربما حرصاً على راتبي الشحيح ! ما ان ادخل احدى المقاهي والقي التحية على الجالسين حتى ينهض الجميع هاتفين ( وعليكم السلام ورحمة الله ) وحين آخذ مكاني في الجلوس ينهض الواحد تلو الاخر ( الله بالخير ) ( الله بالخير ) وتستمر هذه العملية المزعجة وغير المبررة بضع دقائق وهي عملية لم اعتدها وانا من سكنة محافظة ديالى!
ولاحظت ظاهرة اخرى ، ان من تلقاه قبل ساعة عليك ان تمد يدك لمصافحته ، وهذه ظاهرة اخرى لم اكن اعرفها في مناطق محافظة ديالى . ورأيت هن في الشامية ظواهر اخرى لم اعتد عليها ، فانا من محبي سماع الراديو والذي هو وسيلة التسلية الوحيدة ، وكان موضوع شراءه فوق ما تحتمله ميزانيتي اضافة الى الضريبة المفروضة على مالك الراديو تدفع لمديرية البريد وهي نصف دينار سنوياً ! اذا خير مكان لسماع الراديو هو المقاهي ، حين ادخل أي مقهى اجد الراديو مكفنا بقطعة قماش سوداء ، فأسال صاحب المقهى ! هل من الممكن ان تفتح المذياع لسماع القرآن او الاخبار ؟ ولا امتلك الجرأة على طلب الاغاني ! فيرد علي بوجه متجهم : الراديو عاطل ! فاذهب الى مقهى آخر فاجد الراديو مكفناً بنفس الكيفية التي في المقهى السابق ! فالتمس اليه ان يفتح الراديو لنسمع كلام الله او شيئاً من الاخبار ، فيرد على بوجه مكفهر: الراديو عاطل وهنا تملكني العجب لماذا لايصلحون اجهزتهم ارضاءً للزبائن . هنا امسك بيدي احد المعلمين من ابناء المنطقة وسألني الم تفهم معنى عطل الراديو ؟ قلت له : ومن اين لي ان افهم هذه الاحاجي ؟ قال : هنا تعطل الراديوات لمدة ثلاثة اشهر حزناً على ابي عبدالله الحسين (ع) ! اجبته : نحن في محافظة ديالى سنة وشيعة ولانعطل الراديو يوما واحداً ، انما يكتفي المؤمنون بقراءة القرآن والحديث وسمع الاخبار ، فمن علم هؤلاء هذه الطريقة في الحزب ؟
كنت مولعاً بالقراءة والمطالعة فهي سلوتي الوحيدة وكنت احمل كتاباً اينما سرت او حتى في المقاهي التي الجأ اليها مكرهاً فانتحي زاوية خاصة لاطالع في كتابي ، واذا باكثر من واحد يتقدم الي ناصحاً بانه من المعيب على المعلم ان يصطحب معه كتاباً لانه يقلل من قدره !!
ولاحظت ظاهرة غريبة في الشامية آنذاك لم تكن معروفة في مناطق ديالى حيث اذكر اني طلبت من بائع الشلغم وانا مغرم بهذه الاكلة ان يهيئ لي ماعوناً بعشرة فلوس وهو المقدار المتعارف عليه ، وبعد ان اكملت تناول الشلغم مددت يدي الى جيبي فلم اجد اقل من نصف دينار فناولته للبائع ، واذا به ينظر الي بنظرة غريبة ثم يهتف وسط السوق: هل عندك دين ؟ هل عندك ايمان ؟ هل عندك .. وهنا تلفت يمناً ويسرة وانا لا ادري من يقصد ؟ قلت : هل تقصدني ؟ قال : ( جا اقصد ابوي ) قلت : ما ذنبي معك ؟ قال: من اين لي صرف نصف دينار وانت لم تأكل بأكثر من عشرة فلوس ؟ هنا تناولت نصف الدينار لاصرفه عند اقرب صاحب محل واذا بهم يتناولون عشرة فلوس عن صرف اية عملة ورقية ، وهذه ظاهرة لم نعرفها في محافظتنا وكيف سمح لهم علماء الدين بذلك ؟






#عبد_العزيز_محمد_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد العزيز محمد المعموري - ذكريات عن الشامية