أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السِراج - اليوم الأخير لسمير القصير















المزيد.....

اليوم الأخير لسمير القصير


عايد سعيد السِراج

الحوار المتمدن-العدد: 2830 - 2009 / 11 / 15 - 22:55
المحور: الادب والفن
    


* شعر : عايد سعيد السراج

هو الآنَ أطولُ من رصاصة ٍ وأقصرُ من سماءْ
نائم ٌ كمنقار عصفور ٍ
يتثاءب كومضة برق ٍ
شاهد ٌ على منابع الورد
ومبتهجٌ كحقول ِ الزعفران
مليء ٌ بوهجــِه ِ وريحانِهِ
ومعطر ٌ بلغة الحروف
يسابقُ الريحَ قبلَ أنْ تسبقـَه ُ الريح ُ
ملموم ٌ كزمن ٍ متشرد ٍ في الغابات ِ البعيدة ِ
واحد ٌ ووحيدٌ ومعَهُ جيوشُ المظلومين
يَتَلَمّسُ أعماق َ البحار
يُلَيــِّـلُ في الليل ِ على أنين السرو ِ
قيعانه أشجارُ أرْز ٍ
هو الممدودُ كألسنةِ المحيطاتِ
والمتجاوبُ مع نفسِهِ كليل ِ الهواة
لا تسبقـُه الدموع ُ إلاّ إلى حبر ِ القصيدة ِ
و تُوجعُهُ الفواصلُ والثواني ,

لأن ّ نصوصَه ُمفتوحة ٌ على السماء
راهبٌ ,ٌ ومرهوبُ الجانب ِ كالنسور
ليس سيداً للملامات ِ والملاذاتِ حيث تتعاشق ُ الطرقُ
وتلملم ُ أطرافـَهَا في الأودية ,
كلّما قالَ لقوس ِ قزح ٍ كن ْ لطيفاً بالعباد
تناوَشَتَه ُ الوهاد ُ
يتراشقُ مع الملائكةِ بالصحائف ,
"تسجرُ" تنورَها بينَ يديه الضفاف ُ
كم سبّحتْ له شجيراتُ الموز ؟
وكم قَلّمتْ أظافـَره ُ أعواد ُ الريحان ؟
وعلى مقاسات ِ صباه كان الحبق ُ
هو عاشقُ الوردِ , ومختبئٌٌ بين تويجاته ,
وعلى أطرافِ لسانِهِ , تلم ُّ تعبَهَا أحرف ُ النسور
صديقٌ هو للقلم ِ , وصديقٌ للحلم ِ الطويل ِ
تتراجَفُ على حِبْره ِ فراخ ُ البط ِّّ , وأوزّاتُ المساء ِ
كان دافئاً في تصُّوره ِ, وحزيناً في تّفَردِهِ
وعلى يديه , تـُدار ُ الشَموع ُ
لم تغرِّبْهُ بيروتُ أمُّ العواصم ِ, بل غرّبَهُ الأهل ُ
وأحْزَنَهُ القريبُ الغريبُ0
شادياً كان في صمته وفي محرقة ِ الجنوبِ
هي الأرضُ محمومة ٌ كي تراه
مُتسَام ٍجلالـُه
أزاحتْ له الجبالَ النوارسُ
ولم " تبال "ِ بدمع ِ الصغار ِ
هي الأرضُ من ماء ٍ ونار ٍ
لم يكن ليله ُ أحدبَ الأمنيات ِ
كان ليلاً رجيماً يَضُجُّ حياة ً
حين نادى المنادي , اجتمعَ الأهل ُ والصّحب ُ
قال : الأرضُ التي ليس فيها محبة ٌ , ليس فيها حياة ٌ0
فأفرغ َ الناس ُ أحمالهم وأدبارهم , وقالوا : الخيرُ وجهتـُه ُ
َ , وقالوا : صالح ٌ منّا وفينا , وشاهد ٌ على ذلَّنا , ونحنُ نُساقُ نعاجاً تحتَ ألوية ِ الطغاة ِ
أَمِنَ الناس ُ له , وأَمِنَ لَهمُ , وكان أميناً على سِرَّهِم , ورحيماً بأسمائهم , وطري ّ التلمس لأنفاسهم , يُكْثرُ الشموع التي تُـنار في زوايا محبّتهم , ولم يكن ْ قائماً , ولم يكن ْ نائماً , هي الأحلام ُ تُراودهُ , ويُغطي عذاباتِهم بملاحف الشمس والأمنياتِ 0
هكذا هو دائماً يطير حيث يسير,
ويعرف المسار حيث لا خلاص سوى بالعدل والتَرَاحم والحب الكبير
نام سمير القصير نام
نام حتى جنون ِ المودة ِ , وغفت بحضنه بلاد ُ الشام
نام سمير القصير
نام الأمير
وأفترش الأرض والورد والتحف َ السماء َ ,
وظل يدندن ما تقوّلته فيروزُ, عن ياسمين الشام
ظل ّ عنيداً في نومه , إلى أنْ فَرّخَتْ على كتفيه ِ طيورُ اليمام ,
وظل حرمون سابحاً على جانبيه ,
وتنفّس َ جَبَلُ الباروك ليُقــْرِأهُ السلام 0
نام كثيراً من مطلع الشمس إلى غاية الأمنياتْ,
وظل ّ عنيداً مُتَجَمْهـِرَاًً بالحياة
هو الآن سيّدُ المْطلقات , وجَليُّ الرحمة, رغم الشتات ِ,
فمن أسرى إليه, بمن أنزل العصْف والعسْف والأمنيات
هو رقيقٌ مطيعٌ أكثر مما يرغبُ الورد ُ
وأطرى وداعة ً من أصابع نهر الفرات ْ0
هو الآن ليّنٌ وجميلُ ووفي ٌ أكثر مما تعشقون الحياة ْْ0
نام سمير نامْ ,
نام ألف ربيع
وترك لكم الجدل والخِصام ْ
هو الآن في نومةٍ هانئة ٍ
وفي غفوة لا يبددها الزَّحام ,
يعرف الأمير ُ أن ّ الصبايا تنوح عليه ,
وأنّ وجهتهن ّ مشتتة ٌ , و أجْمَلَهن ّ لبـِست وشائح الحزن ِ0
وراحت تُداري عليهن الهوى والغرام 0
أيّها النائم 0 قم الآن وأعقد ألوية المَرَاحم ِ, إذ ْ كما كنت َ كنّا ,
وأنت المُنَوِّرُ الوحيدُ , ونحن النيام ْ,
لِمَن ِ الآنَ يستفيقُ الوجود ُ 0 ويسْتظل َّ الحمام ْ ؟ ذاهب ٌ هو الآن كما يــُريد 00
وغيره ُمهتم ٍ بما تدّعون , وما تصنعون , وما تُعلنون , وما تضمرون, وما تتآمرون, أو تأمرون , فهو حيِّيٌ عليكم جميعاً , وأكثرُ صدقاً من براءة الشمس , وما يُظهرُ الليلُ من اختفاء القمر , هو الآن هكذا بسيط ٌ وواضح ٌ وجريح ٌ ,
فلا تُعلنوه ُ على الملأ الآن
إذ هو السُّر الكامن في الفضائح ,
والحب ُّ الطاعن في المعرفة 0
والمتجلي َوحـْدَه ُ, حيث لا يـُرى
دَمُهُ جَوْهَرُ الطين ,
وكلماتُه ُ تفضح شمسهم والمغيب
والقلمُ باسمٌ , يضحك منكم عليكم , فلا تقتلوهُ
وَحْدَهُ الحبرُ يَعْرفُ تفاصيل النواح ,
ووحده ُ الحبر سيد المطلقات , لأنّه مصنعٌ للحياة
دم أخضرُ وماء ٌ, ماء يرشرش على الطين ,
طين لازب ٌ كاخضرار دمك
أغصان زيتون تطير , تحدد لك المسير
وترّش ّ عليك أينما كنتَ وَجْدَ , عصافيرْ 0
وأنتَ تلملم ياسمين الدماء
وتفتح للكون وجهة الشوق, والعشق, والأصدقاء 0
كل ٌ يحتفي كما له عليه , والكل تخرجُ بنفسجاتٌ باسقاتُ من يديه ِ 0
أزاحوا الصخور عنك قليلاً , ليخرج ما طهّرهُ الحبُّ والعشقُ وما جنتهُ الورود
أزاحوا جميعاً هذا المكان , وبنوا قصوراً لأحْبَار ِ دمك , من الورد والفل والريحان لتسقى بأكواب ٍ من جُمان ٍ , إذ كنت مصلوباً على الورد
ونظرت من عَل ٍ على الجناة الطغاة ,
وقلت : يا لبؤسهم سوف تستمر الحياة !! , فلا وطنَ في بلادك, للحاقدين, وللوافدين , بفكر الهزائم ,
ومن يكرهون الحياة 0
ويُطهِرُك بطيبه نهر الفرات
هو النهر إليك فزَّ والهاً وصفصافه ونيتوله والحنين 0
وأحنى إليك المودة , ومدّ إليك اليدين ,
ليخفض لك جناح الذل من الرحمة ,
وقلت : حينما أشحت برأسك , أنّك عاتب ٌ على الذين يكرهون الحياة 0
* ونحنُ " الغرباءَ" في بلادنا أضعنا الجهات ,
فلم نعد نجيد الغناء , إذ ْ شقوة العمر أمست تُخيّمُ, واستنبت الغيم شوكاً ,
واستوزر الأشرار في بلادنا, دويلات على حجم الفجيعة والرُّهَاب , ,
وتسامت الأذناب 0
أيها " السامرُ " يا سمير , يا قيماً على الأعراف كالأمير ,
يا واهباً دمه, , يا هادياً أشلاءهُ رحمة بالكل 0
ومَا َرضِيتَ لها سوى , روائح الوطن المَطـِـير ,
يا سفيرنا إلى الرحمة والريحان ,
ياعالياً فوق أمْنـِنَا وواهب الحنان ِ ,
يا سمير ُ يا كرامة الإنسان 00
طفلُ الجنوب والشمال هدْهَدْهُ وقال :
نام نام 00 مثل فرخ قطا أو حمام
فَر ِحاً بمراجيح السماء ,
يلعب مع الفراش و الغيوم , و يبني أعشاش اليمام ,
ألفّتْهُ حتّى الذئاب ,
فهو وادع في النوم , وجليل يَتَشَهّاهُ الأنام 0
سمير يا سمير 0000
تَهمي لروحك كلَّ العصافير
كأنهن بتـْن بلا مصير,
وعلى غابتها , يُرِدْنَ الهجوع ,
وبصمت ٍ يَنُحْنَ بلا دموع 0
إذا ً من أيقظ الغاباتِ من سباتها ؟
ومن دَلّها على الطريق ؟
لتزحف بتؤدةٍ إليك حيث تنام !
وبسكون ٍ تهبط ُ في الظلام ,
وتلامس روحك والمكان
فالكون جهة واحدة لأجمل الغابات ,
روحك التي هي منبع الحياة 0
ولملم الفقراء ذواتهم وجاؤوك , عراة ً حفاة , يلهجون بكل اللغات
ينشدون نشيدك الأبدي ,
المجد لصُـنّاع الحياة ْ 0
المجد لصُنّاع الحياة ْ0
والجليلاتُ أمهاتُ العـُرْف ِ والمعروف , يأتين حاملات جرارهنّ معتقات بالحنان, جئن إليك بلا نحيب ْ , مشْرِِعات ٍ صدورهن ّ , وتفوح من أثوابهن نذر الوفاء , يُصَليّن لقداسة الدم المسفوح , كأنهن جميعاً أصبحن سيدة القيامة البتول , وقد صَبَغْنَ الجدائل بالحناء وتَجَمّلْنَ كأجمل ما يكن ّ من النساء 0000 ليحضرن عرسك في يوم زفّتـِكَ الأخيرة 0
و الأصدقاء يصنعون من تراب قبرك قلائد الجمان ,
وهم يـُقـْسمون بالحبر المكنون ,
والقلم وما يسطرون,
ليجعلوا من دمك فاتحة ً لهم في الصبح والمساء ,
ويطردون الشر من بلادك كما تشاء
يا أنت يا سمير
يا من أنرت في بلادنا الضمير
وأوقدت نارا ً في الظلام
وأضأتَ بلاد الأرْز , من أول الخليقة لآخر الكلام 0
• سوريا – الرقة – 14/6/2008 م
• عايد سعيد السِراج – شاعر وناقد سوري – له من المنشور– قدمان مائيتان –شعر – الدائرة – شعر- أشق عصا الطاعة وأعشق – شعر0 الخ 00
alseragsham@yahoo .com البريد الالكتروني0






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مواقع للتراث بالشرق الأوسط مهددة ويونسكو تنظر فيها
- “برقم الجلوس فقط” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ا ...
- مستشفى المجانين في نهاية الأرض.. تاريخ الجنون المظلم في القا ...
- بعد الرسامة الدنماركية.. فنان يتهم مها الصغير بسرقة لوحاته
-  إعلان نتيجة الدبلومات الفنية بجميع التخصصات 2025 في هذا الم ...
- now رابط نتائج الدبلومات الفنية جميع المحافظات 2025 بالإسم ف ...
- “نتيجة سريعة” رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 جميع التخصصات ...
- مايكل دوغلاس يعلن أنه لا يخطط للعودة إلى التمثيل
- “النتيجة بالدرجات”.. رابط نتيجة الدبومات الفنية 2025 الدور ا ...
- كيف لرجل حلم بالمساواة أن يُعدم بتهمة الخيانة؟ -يوتوبيا- قصة ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السِراج - اليوم الأخير لسمير القصير