بهاء سلطان
الحوار المتمدن-العدد: 2827 - 2009 / 11 / 12 - 17:28
المحور:
القضية الفلسطينية
فرصة الحل في الحل
بقلم : بهاء السلطان
12-11-2009
ماذا كنا نفعل؟؟
بما لا يدع مجالا للشك بان اتفاقية أوسلو وصلت إلى نهاية مغلقة, وهذا ما استدل عليه الشعب ضمنيا من خلال خطاب مهندس أوسلو الرئيس عباس, وهذا لا يعني بالضرورة أن المفاوضات بحد ذاتها طريق غير مجدي بل يعني إن المفاوضات بنيت على أساس خاطئ كما أنها لم تجد الدعم المطلوب وافتقدت أهم مقوماتها والتي من أهمها البرنامج الوطني الموحد, وكما أوسلو والمفاوضات لم تحقق نتائج ملموسة أيضا المقاومة لم تفعل ذلك رغم أنها أقدم من المفاوضات وحظيت بتأييد اكبر من قبل الأحزاب الفلسطينية, ورغم ذلك لا نستطيع وسم المقاومة بحد ذاتها بأنها لا تجدي نفعا بل أيضا بنيت على أساس خاطئ وتحولت عن دون قصد ولربما بقصد إلى ممارسة أو عادة أو أسلوب لاستقطاب الجماهير أو لشعارات رنانة أو للمزايدات أو لإيقاع خسائر بالعدو أو لدخول الجنة …. أما تحرير فلسطين أو تحقيق أي من الحقوق الفلسطينية فعلاقة المقاومة بها أصبحت في مواقع متدنية جدا قد نرى هذه العلاقة في وسائل الإعلام لا على ارض الواقع.
كما أن عدم الاتفاق الفلسطيني الداخلي على برنامج وطني واضح ساهم بشكل كبير في فشل كل من المفاوضات والمقاومة إذا ما افترضنا بان كلا منهما مرتبط بالآخر ومكمل له, ولكن لم يكن هناك وعي ولا إدراك لهذه العلاقة بل كان كل من مؤيدي المقاومة ومؤيدي المفاوضات ينفي بشكل مطلق دور الآخر.
أين نحن؟؟
بعد الخطاب الجريء الذي قدمه الرئيس عباس أمام الجماهير وتناقلته وسائل الإعلام بشكل واسع, وبعد اطلاعي على ما كتب من قبل المحللين والأحزاب السياسية المؤيدة والمعارضة, كان غالبية ما كتب يتراوح ما بين شرح وتفسر لدوافع الرئيس أو تأييد له على موقفه الجريء, كما كان هناك من يتوسل له بالعدول عن القرار على أساس أن الشعب الفلسطيني ليس له خيار غير عباس, وهناك أيضا من أراد تذكيرنا بصدق موقفه عندما قال بان مشروع أسلو وما يتبعه من تحقيق للحقوق من خلال المفاوضات هو مسار خاطئ لن يحقق شيء, ولا بد من الرجوع للكفاح المسلح … الخ, وكالعادة نبقى ندور في نفس الدائرة دون طرح أي من البرامج أو الأفكار التي تقد تكون مفيدة في هذه اللحظة التاريخية وآنا أصر بأنها تاريخية لأنها تحوى في مضمونها دلالات كثيرة وقد تودي بقضيتنا إلى المجهول ولربما إذا ما أدركنا أهميتها أن تخرجنا من أزمات ظن الكثير منا أنها عصية على الحل.
هل المصالحة ممكنة…
أنا أرى أن المصالحة درب من دروب الخيال لن تتحقق أبدا في ظل الظروف الموضوعية القائمة وفي ظل المعطيات الموجودة وذلك لأسباب عدة وأهمها أننا لا نستطيع الرهان على الديمقراطية وذلك لأننا أثبتنا بما لا يدع مجال للشك أننا لا نستطيع ممارستها…. وجهلنا بممارستها سبب رئيسي في ما وصلنا إليه من انقسام, وإذا كنا نراهن على المصالح العليا فجميعنا يعلم بأنها لم تعد أولوية لكل من الطرفين ولا اعتقد أن يفاجئنا الطرفين المتنازعين بالاهتمام المفاجئ بالمصالح العليا بعدما وضعوها على الرف لقرابة الأربعة أعوام, أما إذا كنا نراهن على اتفاق منصف للطرفين فجميعنا يعلم بان السلطة مشاركة وليس مناصفة والمناصفة هو ما نعيشه الآن غزة بيد حماس والضفة بيد فتح, أما بالنسبة للمشاركة فمن المستحيل أن توجد مشاركة بين نقيضين يبحثان عن التفرد بسلطة وهمية, وبالأحرى يمكننا القول دون أدنى شك بان الصراع هو على السلطة وتحول إلى صراع بقاء فكلا الطرفين يعلم جيدا ماذا يريد أن يحل بالآخر وربما نحن نستطيع أن نخمن ما يجول بالنوايا.
ما هي الفرصة ؟؟
الفرصة التاريخية التي قد تعيد إلى فتح مجدها وتاريخها, وتصوب حماس عن حيودها عن أهدافها التي وجدت من اجلها وهي بالتأكيد ليس السلطة والوزارات, وتعيد للقضية الفلسطينية هيبتها, وللشعب الفلسطيني احترامه أمام العالم, ويعد طبيعة الصراع مع الإسرائيليين إلى نصابة الحقيقي, ويعيد الفصائل الفلسطينية إلى أهدافها التي وجدت من اجلها, ويضع الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول العربية والدول العظمى أمام مسؤولياتها وكذلك الاحتلال, ويعيد للشعب وحدته الذي أفسدته حب السلطة والتصارع من اجلها, وذلك بان يعلن الرئيس حل السلطة الفلسطينية وبالمقابل تقوم حماس بنفس الدور في قطاع غزة تماشيا مع إعلان الرئيس,, فلا بد من استثمار هذه اللحظة التي تجرأ فيها رئيس السلطة بالاعتراف بعدم جدية إسرائيل وانحياز أو تخلي ومماطلة أمريكا عن تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني وبهذا ينتهي دور السلطة الأساسي وهو إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 وبالتالي لا يفترض على السلطة الاستمرار بالدور الآخر وهو حماية امن إسرائيل على أساس مبدأ (الأرض مقابل الأمن)...
فسوف تكون هذه النقطة هي بداية المصالحة وخصوصا أن الشيء المتنازع علية أصبح في خبر كان أي غير موجود وتعود المياه إلى مجاريها..
أما بالنسبة للقضية الأهم وهي إدارة الصراع فهذا ليس بالشيء الصعب وخصوصا على الشعب الفلسطيني الذي اعتاد عليها ومارسها بنجاحات تارة وبإخفاقات تارة أخرى, ولكن لدية تجربة عريقة في هذا المجال وقد ندير الصراع بشكل أفضل في المستقبل نظرا لتجاربنا وما يجب أن نكون قد تعلمناه من أخطائنا السابقة, كما أن منظمة التحرير رغم هشاشتها لا تزال قائمة وإصلاحها وتقويتها ليس بالشيء المستحيل بل ليس بالأمر الصعب.
اعلم جيدا انه سيكون هناك أعراض سلبية كثيرة واعرف أن مصالح كثيرة سوف تتضرر من هذه النقلة التي قد تكون غير متوقعه من قبل الكثيرين ولكن من الطبيعي أن نتحمل كل النتائج السلبية في سبيل تحقيق نجاحات على المستوى الوطني ومن اجل مصالحنا العليا, فمن يريد وطن يجب أن يضحي بالغالي والرخيص.
كيف يمكن أن نغتنم هذه الفرصة..
ليس من السهل اغتنام مثل هذه الفرصة فقد تضيع كما ضاع غيرها, وكذلك ليس من الصعب استثمارها, ولكنها تحتاج إلى مجهودات كبيرة… على الشعب أن يقول كلمته بوضوح ويبدي استعداده الكامل على تحمل النتائج والتخلي عن المصالح الشخصية, وكما أسلفنا الوطن يحتاج إلى تضحية, وعلى الأحزاب السياسية صغيرة كانت أو كبيرة الضغط باتجاه هذا الخيار والاستعداد الكامل لتحمل تبعاته, وعلى مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة دعم هذه الفكرة رغم أنها المتضرر الأكبر ولكن على المدى البعيد ستكون المستفيد الأكبر والوطن يحتاج إلى تضحيات, وعلى فتح وحماس التفكير في الأمر بجدية واعتقد أن الخوض في هذه الطرق أصبح أسهل عليهم مما قبل بكثير وهي فرصة للعدول عن طريق رسم لهم بأيدٍ غير أيديهم… ولهذا فهي بما تعنيه الكلمة من معني فرصة….
#بهاء_سلطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟