أحمد أبو علي
الحوار المتمدن-العدد: 2825 - 2009 / 11 / 10 - 23:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من المعروف في التاريخ الماضي و الحديث إن بعض الشركات تساند الفساد, وحتى في الدول التي يكون فيها حكم القانون واضحا و قويا تظهر بعض الفضائح من حين إلى حين و لكنها تعالج بحزم في تلك الدول. ولكن الذي يحدث في العراق الآن هو فساد "محمي" بالسلاح وبالعلاقات و خاصة فيما يتعلق بالشركات الأمنية الخاصة.
من الواجب أن نقول أن كل الجهود مطلوبة للحفاظ على أمن العراق و سلامة مواطنيه بالإضافة إلى توفير الجو المناسب للاستثمارات ومن حق المستثمر أن يطالب بالأمان و لكن ذلك يجب أن يكون ضمن الضوابط و الشروط العراقية و ليس على حساب اقتصاد العراق و أمنه و سلامة مواطنيه.
عندما تم اعتقال وكيل وزير النقل السابق في آب الماضي, تم اكتشاف أن الشركات الأمنية المسؤولة عن حماية مطار بغداد الدولي ,بالإضافة إلى بعض الشركات الأخرى, مرتبطة بفضيحة فساد. هناك مزاعم أن وكيل الوزير تم اعتقاله عندما كان كان ذاهبا للمطالبة بدفعة مالية تقدر بمئات الآلاف من الدولارات من شركة Sabre و التي تم التعاقد معها لحماية مطار بغداد الدولي. و تظهر المعلومات المتوفرة لدينا أنه خلال منافسة شركة Sabre على هذا العقد الثمين في عام 2008 ضد مجموعة الاستراتيجيات العالمية GLOBAL ,قامت شركة Sabre و شريكتها FIAFI بدفع مبالغ مالية لوكيل الوزير من أجل التلاعب بالمناقصة و تحويل العقد إلى شركة Sabre. هاتان الشركتان (Sabre و FIAFI ) يملكهما أخوان عراقيان و لكنهما لا يعينان سوى الأجانب في المناصب الإدارية. وتقول نفس المصادر أن أحد الأشخاص التابعين لشركة Sabre حصل على عروض المناقصة الخاصة بكلتا الشركتين و قام بتغيير العرض المقدم من قبل مجموعة GLOBAL بحيث جعله أعلى من العرض المقدم من شركة Sabre. وبعد الحصول على العقد, قامت شركة Sabre بدفع مبلغ خمسة و أربعين ألف دولار أمريكي إلى ضابط في وزارة الداخلية العراقية اسمه ليث من أجل منع مجموعة GLOBAL من الحصول على ترخيص عمل في العراق. يجب أن نذكر أن مجموعة GLOBAL (و التي يملكها شخص يدعى داميان بيرل) كانت تعمل في العراق فعليا لعدة سنوات بدون أي ترخيص!
منذ البداية ارتبطت شركة FIAFI بمجرم معروف و مطلوب للعدالة اسمه آلان والر وشركته الوهمية المدعوة TracerMed. والر هو مواطن بريطاني مطلوب للعدالة من قبل السلطات الأمنية في الدول الغربية منذ عام 2004 عندما كان متورطا بسرقة أموال من من عدد من شركات البناء التي كانت تعمل في جنوب العراق, وهو مطلوب أيضا من قبل السلطات الأمنية في الولايات المتحدة بسبب جرائم متعددة. و تقول مصادر مطلعة في محافظة البصرة أن والر كان متورطا في قتل عدد من المواطنين العراقيين الذين اكتشفوا مشاركته في الفساد المالي و حاولوا الوقوف ضده. كان والر يعمل في الأصل مديرا للعمليات في شركة MPRI الأمريكية و التي كانت تعمل مع منظمة RTI , و كانت لدى والر علاقة قوية مع عضو الجمعية الوطنية السابق عبد الكريم المحمداوي. ولقد قام والر بجلب عناصر إجرامية من العمارة للعمل معه في البصرة و أسس ميليشيا خاصة به و جهزها بالسلاح بعد أن سرق مبلغ سبعمائة ألف دولار من RTI مما مكنه من فتح شركته الخاصة. و لقد كانت هناك تقارير مؤكدة عن قيامه بقيادة السيارة و هو مخمور في الشوارع و ترويع المواطنين العراقيين مع أفراد ميليشياته.
أما بالنسبة إلى مجموعة GLOBAL (ورغم ما ذكرناه آنفا عن الرشوة التي دفعت) فإنهم بطريقة ما قد ظهروا من جديد و بترخيص من وزارة الداخلية رغم تاريخهم الطويل المليء بالعجرفة و التهجم على المواطنين العراقيين. و تقول مصادر مطلعة على عملية التسجيل أن "الحلفاء" العراقيين لمجموعة GLOBAL (و التي يديرها داميان بيرل و فريقه المتواجد في دبي) دفعوا مبلغ خمسة و ستين ألف دولار أمريكي الشهر الماضي من أجل الحصول على رخصة بعد أن كانوا يعملون بشكل غير قانوني. كما أنهم (و للغرابة) قد تحالفوا مع عدوهم القديم شركة FIAFI (الشركة التي حرمتهم من عقد المطار و المتهمة بتشغيل مجرمين معروفين) في عدة عقود في العراق. و يجب أن نذكر أن بيرل قد تم طرده مرة من العراق بسبب عجرفته و سوء تعامله مع العراقيين. و يذكر أيضا أن مجموعة GLOBAL كان لديها عقد الحماية الخاص بالسفارة اليابانية في العراق.
كل هذه الأمور الخافية على الشعب العراقي و المضرة بمصالحه تشكل تهديدا جديا لكل عمل في العراق و تساهم في دعم الفساد. إن أمن و أمان الشعب العراقي يجب أن لا يكون عملا مربحا لمجموعة من المجرمين الذين يتآمرون مع بعض المسؤولين للحصول على مبالغ طائلة فيما يموت الأبرياء بلا حساب.
إن مثل هذه الفضائح ستؤثر على كل فرص الإعمار في العراق و حتى على الوضع الأمني فيه. لقد ولى الزمن الذي كانت فيه الشركات الأمنية "مصانة و غير مسؤولة" و السؤال المطروح الآن هو متى ستقوم حكومة المالكي باتخاذ الاجراءات القانونية ضد الأشخاص و الشركات المتورطين في هذه الأعمال؟
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟