أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام الطيب قنَّات - صَاحِبَةْ الظِلْ الجَمِيلْ ! قِصَة ..














المزيد.....

صَاحِبَةْ الظِلْ الجَمِيلْ ! قِصَة ..


هشام الطيب قنَّات

الحوار المتمدن-العدد: 2825 - 2009 / 11 / 10 - 22:57
المحور: الادب والفن
    


قلبي يجرُّ أحلاماً أعرفها وتَعرفني ، ونهاراً أسود يَمضغ أُمنياتي في كُل يـوم وما زال يتخبط ، أقفُ الآن خلف نافذتي وعند كُل مساء ، بجـواري بعضُ أمنياتٍ مُنتشرة على سَاحة القَلب وكماً من الآلام تمددت على أرصفة الروح تُغَني .
-حسناً إنه وقتُ الدواء ..
أنظرُ لساعتي أجدُ أن وقتها قد حـان ، لابُد أن تأتي الآن ، أنظرُ صوب نافذتها أجدها مازالت غارقةً في الظلام الدامِس ، يُدب القلق بداخلي كثيراً ، آه تذكرت ساعتي لازال وقتها مُتَقدماً بدقيقتين أو ثلاث ، ستأتين إذاً يا صاحبة الظِل الليلي الجميل وتَحملين الضوء في عينيك ، سيأتي ظِلك وستدهشين ضوء القمر الحـزين.
كما الشمس في الصباحات الشتوية تغمرُ الأرض بالدفء يأتي ظِلها تغمره النشوة ليلاً ، يأتي في موعده دائماً ، التاسعة مساءً ، كانت تفتحُ النافذة قبل أن تفتح أضواء غرفتها ، كأنها تعلم بوجودنا ، أنـا و أمنياتي تقفُ بجواري والقمر الحزين الذي لم يكُن في حضرة ظِلها سوى قطعة رمزية تزيِّن اللوحة خارج إطار النافذة ، تتلصص عيناي حركاتها ، أراقب ظِلها المنعكس على ستارةِ النافذة ناصعة البياض ، الآن يَرتمي ظِلها مستقيماً يهمسُ للأشياء من حوله ، الطاولة ، أوراق الدراسة ، الكُرسِّي ، وأصيص الورد على حافة العين حيثُ تكتمل تفاصيل لـوحَتي الظلِّية . يَتعرجُ ظِلها عند وصوله لستار النافذة يَبدوا جميلاً مشهده وهو يقاوم حِدة الأضواء المُنبعثة بقوة ، كانت عند كل مساء تفتح نافذة النشوة في غرفتها ، لكنها لا تسدل ستارها الأبيض أبدا ؛ هذا الستار لم يُسدل إلا في فصل الصيف مرةً وفي أحلامي السعيدة قديماً مرةً أو مرتين تقريباً .
تكون الساعة التاسعة وسبع دقائق على حسب توقيت ساعتي حين يبدأ مُقدم برنامج
(العُشَاقْ هـذا المَسـاء) في النعيق على مذياع حُجرتها ، يأتيني نعيقه عبر نافذتها صاخباً ليبدد نشوتي وتأملي .. فأتذمر ..
- تباً ؛ هذا الصوت يُفسد "لوحتي" دائماً !
تبدأ اللوحة في النعاس أمـام عينيَّ كلَّما ظَل ذلك الوغد يُثرثر بصوته الكئيب على سماعة المذياع ، يَكون ظِلها قد ملّ حديث العشق بسبب الصوت النشاز . يَتحرك ظلها يَجول حـول غرفتها ، يفصحُ عن كآبة عشاق المذياع في هذا المساء ، أراها تُحركُ يَدها ، يَدها تحدِثُ فمها الآن ، يدُور بينهما حديث قصير ، يبدوا أنها تتثاءب ، لا لم يحن وقت النوم بعـد ، يذبل أكليل الورد بجوارها إذ لم يزل ذلك الوغد على المذياع يثرثر ، تَجلس هَي على الكرسيِّ ، تتأرجح ، يتدلى شعرهـا ، ينساب خطوطاً سوداء على سطح ستارتها البيضاء ، ثم ظلها يتحرك .. ببطء .. ببطء جميل ..
أكون أنـا مشدوهاً لبُرهة .. أرشف قهوتي التي ماعادت تجدي مفعولاً ..
الآن هـاهي صاحبة الظل الجميل تستعيد حيويتها لمُجَرد أن يختم ذلك المذيع نَعيقه بـجملته الفضلى في البرنامج:
- نستمع الآن إلى أغنية المساء ثم نستقبل اتصالاتكم ..
أبتسم أنا على نافذتي .. وأرى أبتسامتها تزينُ لوحتي .. لتعادوني نشوتي ..
هاهي لوحتي تعاود الشروق إذاً..
أراها الآن في أبهى حُللها ..
أرى ظلها بوضوح ، تنهض ، تُحرك الكُرسي ، تَبحثُ عن مساحة ، تطوّحُ رأسها بحركةٍ شبه دائرية ، تنشرُ شعرها خطوطاً سوداء على أطراف اللوحة ، أراها وقد طوَّت باقة معطفها ببطء وأهدته للكُرسي ثم زادت من مستوى صوت المذياع درجة ؛ الموسيقى في هذا الشتاء دافئة تخفف عبء النار ، والأوتار مضبوطة ومُحكمة على درجة الدفء الذي نحتاجه ذات شتاء وذات عواصف قلبية ، أرى ظِلها بوضوح ، وصوت موسيقى المذياع يأتيني عالياً ، يا للهول إنها ترقص ؛ إكليل الورد بجانبها ينضح ، تتفتح الأزهار عند غرفتها في المساء ، والرقص في هذا المساء يقيكِ شر الحُزن ، الحُزن لابُد أنه كائن ضخم كان بارعاً في تحطيم الدواخل لكنه يوشك اليوم على الانقراض .
مشدوهٌ أنا أراقب في صمت . مملوء بالنشوة ..
وظِلها يرقُص على أنغام موسيقى المساء خلف ستارة بيضاء ناصعة لم تُسدل إلا في أيـام الصيف وفي احلامي السعيدة قديماً مرةً أو مرتين ..
يا إلهي .. يا إلهي .. "لوحتي" تتجلى معانيها .. والالوان الوان الظلال ، كُلٌ بلونٍ واحد ، والإضاءة خافتة ، اليوم يوم الجمعة ، أقفُ أنا خلف نافذتي وبجواري أمنياتي المبعثرة على أرصفة القلب وبيدي كأساً يزيد من ضغط سريان العشق في دمي !
قلم الرصاص تَحت طاولتي ، أتناوله مسرعاً لأكتب على جدران "الغرفة" الذي تصدع وأمتلأ من كثرة ملاحظاتي المسائية عن اللوحة ..
-" مساء الجُمعَة الساعة التاسعة والنِصف كانت لوحتي ترقُص !".
ثُم أضحكُ بصوت عـالٍ ، أسخرُ من نفسي ، أنا الشخص الذي يؤرخ ايامه بحركات ظِلها عند المساء .
الآن أتمنى ان تُصبح كُل الأيام يوم الجمعة .. لكن قلبي يَجرُّ كماً من الأُمنيات تَعرفني وأعرفهـا ، وليلُ أعمى يَبتلعُ أحلامي في كُل يـوم ومَازال يَتخبط حتى بزوغ الفجر ..!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- -حين قررت النجاة-.. زلزال روائي يضرب الذاكرة والروح
- لا خسائر رغم القصف.. حماية التراث الثقافي وسط الحرب في طهران ...
- “فعال” رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 دور اول ...
- مهرجان أفينيون المسرحي الفرنسي يحتفي بالعربية ويتضامن مع فلس ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية ...
- بعد أغنيته عن أطفال غزة.. الممثل البريطاني المصري خالد عبدال ...
- ريتا حايك تفند -مزاعم- مخرج مسرحية -فينوس- بعد جدل استبدالها ...
- الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية بالجزائر.. آفاق واعدة ...
- احتفاء بالثقافة العربية و-تضامن مع الشعب الفلسطيني-... انطلا ...
- طلبة -التوجيهي- يؤدون امتحانات -الرياضيات- 2- و-الثقافة العل ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام الطيب قنَّات - صَاحِبَةْ الظِلْ الجَمِيلْ ! قِصَة ..