أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي علي ازبين - حين يبتسم الضفدع














المزيد.....

حين يبتسم الضفدع


مهدي علي ازبين

الحوار المتمدن-العدد: 2824 - 2009 / 11 / 9 - 20:07
المحور: الادب والفن
    


دوار يلف رأسي، خدر في جسمي، ممددٌ على السرير، أعضائي مشلولة، غثيان يجتاحني. عيناي زائغتان أجاهد لأفتحهما، يتسلل الضوء اليهما، اغمضهما فوراً، رائحة التعقيم تغلفني وتزكم أنفي، انها العملية الجراحية، ألمٌ في أعلى بطني، يدي تبحث عن مصدره، ضمادات طولية صغيرة واخرى عرضية حول بطني، أحد ما يرفع يدي، يمدها الى جانبي.
من خلال ومضات الصداع أفتح عيني، صورٌ مشوشة، جدران باردة وامرأة بملابس التمريض لا أميز ملامحها، صوت انثوي يتناهى الى مسمعي.
- حمداً على سلامتك، نبشرك بنجاح العملية.
يتحشرج صوتي، عيناي لاتألفان الضوء، أشعر باغماء وانقطاع عمّا يدور حولي، وقت طويل منذ استقرار ذلك الضفدع في جوفي، لا أحد يصدقني حتى أهلي.. حنين يشدني الى تلاميذي ومدرستي، أتذكر تلك السفرة الى ريف المدينة، عطش يلم بي وماء الجدول رقراق لاأشرب منه انه غير معقم، عطشي يزداد.. كفي تمتد الى الماء تغرف منه قليلاً، أبل شفتي، أتذوقه يبدو عذباً، كفي تمتد ثانية، الماء في جوفي، مرة أخرى لأرتوي يقفز من بين اصابعي دعموص صغير، أحس أني أزدرد دعموصاً آخر، يكبر مع الأيام، يتحول في أحشائي الى ضفدع كبير وصحتي تتدهور، ثقل متزايد في أمعائي، أجافي الطعام، أول طبيب يقول:
- "لايوجد شيء غريب لديك".
طبيب آخر:
- "بعد الفحوصات انك تتوهم حالة لاوجود لها".
وآخر:
- "ان الانزيمات والاحماض المعدية والمعوية قادرة على قتل..".
وحالتي تزداد سوءاً. المدرسة لاأذهب اليها وبطني تنتفخ، الياس يطوقني كالعنكبوت ويمتص حياتي، لاعلاج، اعلان في التلفاز يشير الى وصول الطبيب الجراح الاسم ينغرز في ذاكرتي كالسهم، أبي وأمي غير مقتنعين يرجوان شفائي.
لم يصدق الطبيب، وهو يتفحصني بسماعته ويديه مدققاً في الاوراق والتقارير واخيراً.
- "يجب اجراء العملية الجراحية".
الدهشة تعقد لسان أبي يضيف ، الطبيب:
- "ولدك في بطنه ضفدع".
لساني ينفلت:
- "لم يقتنع في كلامي أحد، شكراً لك أيها الطبيب".
- "العملية تجرى بعد استكمال الفحوصات في موعد لاحق".
السرير يحتضنني، غرفة جدرانها عارية، خزانة صغيرة تعلوها زهرية لا ورد فيها، أبي يحدثني:
- "ان العملية بسيطة ياولدي ستكون بخير قلوبنا معك".
يضعون آخذة الدواء في معصمي ويفرغون أنبوبة فيها ، أبي يجلس بجانبي يطمئنني وأنا مستلق أحاول اخفاء ارتباكي ونظري يزوغ ولاأتذكر شيئاً، ها أنا على السرير والألم والضمادات تحزمني.
- "حمداً على سلامتك".
يأتيني صوت أبي وهو يمسح حبيبات العرق عن جبهتي، ألم بسيط في بطني، أفتح عيني ببطء متحاشياً الضوء عينان دامعتان تبحران في عيني.
- "كيف حالك الآن بماذا تشعر؟"
- "بخير ياابي.. أني أتحسن".
أخي يربت على كتفي:
- "تبدو بحال جيد".
- "أشكرك ياأخي".
أميل برأسي، على الخزانة، الزهرية مملوءة بالورد وتقربها قارورة فيها سائل حتى المنتصف، يتوسطه ضفدع بحجم القبضة، على سطح السائل صبغة حمراء تمتد منها خيوط الى قعر القارورة كأنه دم أو يود أو أية صبغة حمراء، الضفدع منتفخ الاوداج، عيناه مصباحان جاحظان على طرفي الرأس وابتسامة تشق فمه:
- "ياأبي ان حجمها كبير، وجرح العملية صغير".
- "هذه التي وجدناها".
ردت الممرضة الموجودة في الغرفة.
يدي تزحف نحو القارورة تهزها، الضفدع يجفل ويغوص في الماء، يصطبغ باللون الأحمر، يستقر الماء، يرتفع الضفدع متحولاً الى اللون الأحمر، ينظر إلي، يبتسم ابتسامة كبيرة ملء وجهه، هل هو يحييني؟ أم يسخر مني؟ أم فرحته بالحياة خارج السجن؟ أم من الماء الموجود فيه؟
- "ياأبي لِمَ يبتسم الضفدع؟"
- "ألا تعرف؟!"
يأتيني صوت الممرضة.
أنظر اليها.. تعلو محياها ابتسامة الضفدع.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكوين


المزيد.....




- مهرجان الناظور لسينما الذاكرة المشتركة في دورة جديدة تحت شعا ...
- جولات في الأنفاق المحيطة بالأقصى لدعم الرواية التوراتية
- الثقافة والتراث غير المادي ذاكرة مقاومة في زمن العولمة
- الروائي الفلسطيني صبحي فحماوي يحكى مأساة النكبة ويمزج الأسطو ...
- بعد تشوّهه الجسدي الكبير.. وحش -فرانكشتاين- يعود جذّابا في ا ...
- التشكيلي سلمان الأمير: كيف تتجلى العمارة في لوحات نابضة بالف ...
- سرديات العنف والذاكرة في التاريخ المفروض
- سينما الجرأة.. أفلام غيّرت التاريخ قبل أن يكتبه السياسيون
- الذائقة الفنية للجيل -زد-: الصداقة تتفوق على الرومانسية.. ور ...
- الشاغور في دمشق.. استرخاء التاريخ وسحر الأزقّة


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي علي ازبين - حين يبتسم الضفدع