أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ركاطة حميد - لقصة القصيرة جدا انتصار للكتابة وللإنسان















المزيد.....



لقصة القصيرة جدا انتصار للكتابة وللإنسان


ركاطة حميد

الحوار المتمدن-العدد: 2822 - 2009 / 11 / 7 - 11:44
المحور: الادب والفن
    



قراءة في مظلة في قبر* وتسونامي** للقاص المغربي مصطفى لغتيري

ركاطة حميد ناقد أدبي من المغرب

تعتبر القصة القصيرة جدا مدخلا لفهم العالم المتسارع والمعقد ، ووسيلة لاستقراء هموم الإنسان وابرازها طازجة من خلال قدرتها الرهيبة على تعرية ما يلف إحساسه من قهر ونبذ وما يخالجه من تطلعات وأماني كذلك ، ولعل انتشارها السريع يؤكد لامحالة نزوع القارئ المعاصر نحو تلبية رغباته استجابة لنداء داخلي جامح، خصوصا بعد غزو الصورة من خلال الإعلام المرئي الجارف والمسبب للاستلاب وإفراغ إنسانية الإنسان من روحها وقيمها ، وبالتالي كل قدراته على التركيز والفهم والاستيعاب والصبرلمدد طويلة لقراءة رواية أو قصة أو مسرحية ، بالقدر الذي يقضيه أمام شاشة التلفاز لمشاهدة فلم معين ، وبالتالي فإن عامل الملل يبقى حاضرا وموازيا لفعل القراءة تحدوه رغبة كبيرة لتحقيق أكبر متعة في أقل زمن ممكن ـ
من هنا يمكن اعتبار حضور القصة قصيرة جدا ضرورة ملحة فرضتها متغيرات المرحلة، التي اتسمت بالقلق و السرعة في كل شيء ، و يشير القاص والناقد محمد اشويكة -في هذا الصدد- أن القصة القصيرة جدا " إنصات متأن لسرعة العالم وتبطيء للسريع و المتسارع من أجل القبض عنه أو محاولة فهمه بعمق (و) سقف القصة القصيرة جدا بكل ما تمتلكه من جاذبية إبداعية في فهم العالم بطريقة متشظية : القاص يضغط العالم الشاسع ويحيله إلى الصغر "(1)
إن القص القصير ليس وليد اليوم ،لكن ما استجد فيه هو تقنياته ، وكثافته وغرابته وومضه السريع ، فالنصوص التراثية بقدر ما نزحت نحو القصر اعتمدت في كتابتها على لغة ممشوقة وأفكار موازية لبناء النص الأصلي، والذي غالبا ما كانت كتابته بهدف خلق نوع من الأثر أو العبرة كما هو الحال في كليلة ودمنة ، وألف ليلة وليلة ، ونزوح الكتاب القدامى نحو تزويق النص بالعبر ، والمجاز والسجع والطباق والجناس ، فجاء خطابهم متشبعا بالدعوة إلى العودة إلى القيم الفاضلة ، والإصلاح من خلال تمرير نقد لادع إما على لسان الحيوانات بأنسنتها أو على لسان سارد ساذج كجحا أو كاريزمي وداهية كشهرزاد ، تحكم في مجريات السرد وأحداثه وشخوصه فلو قمنا بضغط قصص كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة لحصلنا على قصص رائعة جاء في مقدمة الناشر الخاصة بمؤلف كليلة ودمنة ما يلي : " إنها (قصص) متشابكة تدعو إلى التمسك بالفضيلة والحلم والبعد عن الهوى ، والصدق في القول والعمل ، تجري وقائعه على ألسنة الحيوانات بأسلوب طريف جذاب من الفكاهة والمتعة ، والذوق ، واللقطات الفلسفية والمعاني الإنسانية ، والمثل الأخلاقية ، والفضائل العالية ما يجعل من الأثار الخالدة "(2)
فالقصة القصيرة جدا هي الأخرى لاتخرج عن باب الدعوة إلى إعادة بناء ما تلاشى من قيم اجتماعية لكنها في نفس الوقت طورت تقنياتها مع استيعاب تقنيات العديد من الأجناس الأدبية الشفهية والمكتوبة ، والمرئية ، طوعتها وأعادت تشكيلها وفق خصوصية المرحلة للتحول إلى ظاهرة نصية " وثقافية جديدة بدأت تتخلل المشهد القصصي المغربي (والعربي) ًَـ ـ ولعل أهم ما يطبع هذا الجنس الأدبي هو التكثيف إذ تتحول القصة الى ومضة - تتوسل بما يكفي تسميته بمبدأ الحدف الحكائي ـ بحكم أنها قصة تدعو قارئها إلى المساهمة في إعادة تشكيل النص وملء الفراغات الحكائية التي يتركها الراوي في القصة " (3) فالقصة القصيرة جدا بهذا المفهوم أصبحت أكثر ارتباطا بذات الإنسان المبدع والقارئ والناقد على السواء من خلال رسائلها التي تدعو إلى المساهمة في القراءة وتحدي ثقوبها العديدة وبيضاتها المتمنعة ونقط حدفها الرهيبة من خلال خلق تفاعل إيجابي وتأمل عميق للمضامين لتحقيق نوع من التكامل " (ف) لكل قارئ طريقته في تحقيق هذا الفعل ، وله همومه وانشغالاته وبالموازاة مع ذلك كانت للنص عوالمه التي يختزلها ورسالة تسعى إلى إبلاغها عبر انفتاحية دلالية كبرى ، وهنا على المتلقي أن يفجر هذه الدلالات ويبحث عنها ويكيفها مع همومه حتى يتمكن من تحقيق الفهم ،مادام النص الأدبي يقوم على التوتر القائم بين التجلي والخفاء والوجود والعدم ، وبالتالي فإن الحقيقة التي يتضمنها العمل الفني ، حقيقة ليست تابثة " (4) فتمنع القصة وعصيانها وانفلاتها وانتقالها من المستوى الكمي إلى النوعي اعتمادا على تقنيات وآليات التشييد الجديدة فرضت متلقيا خاصا مقارنة مع الأجناس الأدبية الأخرى يقول الناقد د ـ حسن المودن "يرى البعض أن القصة القصيرة جدا كثيرا ما تشبه الحلم في أشياء كثيرة من أهمها رمزية وشعرية ، فهي تستخدم آليات التكثيف والتحويل والترميز والصوغ الدرامي السريع ، وتقول الذاتي والغريب واللامرئي ، واللاواقع ، و تنتهك الحدود بين الواقع والمتخيل "(5) وهذا ما أضفى على القص القصير جدا هالة خاصة بل ومنحه باستحقاق وسام الكونية كجنس أدبي في ظل التحولات الكبرى التي شهدها العالم ، وكأنها جاءت استجابة وتلبية لمطلب أساسي ، للتعبير عن خصوصيات مرحلة حرجة جدا "(ف)القصة القصيرة جدا تعبير عن كونية جنس أدبي جاء ليعبر عن مرحلة دقيقة في تاريخ الإنسانية ، مرحلة تمثلت في سقوط الأيديولوجيات التوليتارية الكبرى التي كنست إنسانية الإنسان وكرامته من سجلها التاريخي وسقوط الإيديولوجيات الكبرى " (6)
من هذا المنطلق نتساءل عن عوالم كل من "مظلة في قبر "و"تسونامي " للقاص المغربي مصطفى لغتيري ، وبالتالي عن أهم الأفكار التي طرحتها ، وكيف تمحورت حول نقد شمولي لظواهر تعتبر شاذة وغير طبيعية ؟


I القصة القصيرة جدا مدخل لنبذ العنف المادي والرمزي
إن انفتاح القاص مصطفى لغتيري على عوالم القص القصير جدا مكنه من تقديم فصوص مركزة ، ونصوص استلهمت مواضيعها من اليومي والمعاش ، ومن أحداث التاريخ الإنساني والفكري بشكل عام من خلال توظيف سلس اعتمد في فيه على بناء الحكاية المحبوكة الوازنة ، التي تفرض على قارئها اللجوء إلى ملء فراغات البياض بتأويلات وافتراضات متعددة ، فمواضيعه تطرق أبواب المقدس والمدنس والعجيب ، والمحظور، اعتمادا على تنويع قوالب السرد وتقنيات البناء وطرقها ، وتعدد ضمائر السراد وشخصوص القصص ، وأزمنة الحكي وأمكنته ، مما سمح بتشكيل فضاءات متباينة ، وهو ما أحال على مقدرة كبيرة في تطويع اللغة والقالب على الدوام ، فمعمار النصوص المتباين أحال على تشكيل وهندسة خاصة ، فرضت أحيانا تناولا خارج الحقل الأدبي كتقنية الالتقاط السينمائي ، وتسريع وثيرة السرد المتوازية مع الحدث اعتمادا على رصد يتم من الأعلى إلى الأسفل ، أو التصوير العميق لتأثيث مشهد ما مما يضفي على الحدث العام هالة كبرى لإظهار قوة أو إنسحاق شخوص محكياته ، وهو ما جعلها كتابة ارتدادية نحو الداخل، أبرزت قلقا وجوديا كبيرا وحسرة شخوص ينتهي بهم المطاف نحو الحتف أو الجنون مع اقتناع وإيمان مطلق بالفشل في مواجهة مشاكلهم أو نتيجة لعدم تحقق مرادهم ،إنها كتابة مستفزة تحتاج إلى أداة فرز دقيقة وقارئ لبيب يستنطق اللحظات البغيضة في حياة شخوص تنتهك حريتهم ، وتموت أحلامهم ، وتغتصب خصوصيتهم ، وحقوقهم البسيطة ،وأوطانهم ، من خلال ممارسة عنف مادي أو رمزي عليهم ـ يشير الكاتب سليم دولة " أن استعمال العنف المادي الجسدي والعنف الرمزي ـ ـ إنما هو الاتجاه الذي تسير نحوه الحضارة وفق إيقاع متسارع ، الحضارة الراهنة ، ويبدو أن الثقافة التي توسم عادة بالقضاء على العنف أصبحت مفاعلا يحث الإنسان على إنتاج العنف الحلو والعنف المر " (7) دون أن ننسى سرقة إنتاجاتهم الفكرية ، وعدم الإقرار أو الاعتراف بانتسابها إليهم في نهاية المطاف فيتحولون إلى موجة سهلة الركوب عليها من طرف لصوص الإبداع والفكر لبلوغ أهدافهم ، وقد استطاع القاص مصطفى الغتيري الإشارة إلى هذه المسالة من خلال العديد من النصوص كنص "تناص" ص 19 (تسونامي) الذي يقارن من خلالة بين ابو العلاء في تصوفه وزهده وتفكره "بتمعن شديد في الجنة والجحيم " وبين دانتي من خلال طرح نفس السؤال بعد ثلاثة قرون ، يقول السارد " ترى هل اطلع صاحب الكوميديا الإلهية على رسالة الغفران ؟" ص19
إنه تساؤل ينفي التناص ، ويفرض إجابة صريحة لسؤال ملغوم ، لندرك فضح القصة لسرقة أدبية على نطاق عالمي ، فالعنوان "تناص" كان القصد منه الاستفهام ، ثم التشكيك ، في حقائق تاريخ الفكر الغربي وتعرية لكثير من المزاعم وإبراز لسرقة موصوفة ، نفس الطرح نجده في نص "عقبان " حيث تطفح المعادلة بطرح مليء بالشك ، وكأنها تحيلنا على نص تناص في بنائه بين زرادشت ونيتشه مع مفارقة الإحياء والتطوير الفكري الذي اعتمده نيتشه مجازا انطلاقا من أفكار زرادشت وما أثرت به الفكر الفلسفي خلال عقود من الزمن بعدها "جاء نتشيه أيقظه ـ ـ أخرجه من قبره ـ ـ سلمه حصانا ـ ـ امتطاه فانطلق نحو به نحو البراري البعيدة ـ ـ "ص 47 إن حصان نيتشه هو في الأصل فكر زرادشت الجامح الذي انطلق في براري الفكر الحديث تحت اسم مستعار دون الإقرار بحق تاريخي ظل مسلوبا من صاحبه الأصلي.
لقد أطلق القاص مصطفى لغتيري ناقوس الخطر منبها إلى حقيقة يجب أن يعاد فيها النظر مشددا على ضرورة إرجاع الحق لأصحابه ، كما أن نهاية هذا النص تبرز بجلاء واقعا مأساويا يقول السار " هناك لمح زرادشت نهرا هادرا عب منه جرعات ، فحلقت فوق رأسه عقبان ، سرعان ما التهمت حمائمه الوديعة " ص 47
في نص نكاية " ص 23 يجسد القاص مصطفى لغتيري تناصا فلسفيا عميقا من خلال اللعب بشكل متواز على طرحين فلسفيين الأول لجون بول سارتر بإقرار أولوية الوجود " الوجود أولا" والثاني لسيمون دي بوفوار التي أقرنت فكرة الأولوية للجنس اللطيف ، من خلال اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي " المرأة أولا" وهو ما يبرز تطاحنا فكريا عميقا وإرهاصات خروج المرأة من قوقعة النسيان، نحو إقرار وجودها بالقوة وبالفعل، وهو ما تحقق ببروز تيارات فكرية وحقوقية نادت بالحقوق الكاملة والاعتراف لها وبها على جميع المستويات.
وهذه الفكرة سبق أن تم طرحها في نص آخر "خداع" ص16 من خلال اعتبار المرأة متساوية مع الرجل في الحقوق والاختيارات يقول السارد " في رحاب الجنة كان آدم وحواء متثاقلين ينقلان خطواتهما بانتشاء يتمليان روعة المكان من حوليهما " وهو إقرار بمساواة ضمنية وحضور للمرأة إلى جانب الرجل أمام الملأ في نزهة واقتراف لخطيئة مشتركة باتفاق وسبق إصرار دون الإحساس بالذنب " اطمأن أدم إلى حجته فالتهم هو وزوجته التفاحتين دون إحساس بالذنب " ص 16ـ
وإذا كانت فكرة النص المحورية كما تجلى ذلك من خلال العنوان " الخداع" فإن إيماءاته قادتنا إلى استكناه التواطؤ ودخول المرأة حلبة المشاركة في القرارات الحاسمة، انطلاقا من الاقتناع وليس الإملاء والفرض وبالتالي الإقدام الواعي على الفعل باطمئنان ـ إن الاقتراب من المدنس على حساب المقدس في هذا النص الذي اتخذ مكانا له الجنة ، يفجر ضمنيا شرايين الخطيئة المقصودة والمبررة إلى حد الإقناع والتخلص من عقدة الذنب ،وتكسير لطرح سابق "ديني " وإرث ثقافي تناقلته العديد من الشعوب انطلاقا من كتبها المقدسة ليضحى طرح القصة القصيرة جدا خارقا ومخالفا للعادة وعاصفا بانتظارات مأمولة ومرغوبة .

IIبين منطق القصة القصيرة جدا و منطق التاريخ.

لقد استفادت القصة القصيرة جدا بانفتاحها على المتن التاريخي وأحداثه من خلال إعادة تجسيدها للحظات منفلتة، وبالتالي إعادة كتابتها بشكل مخالف الهدف منه إبراز الحقيقة التاريخية لفترة أو حدث بشكل بارق ووامض مختزلة إياه في بضعة أسطر أو فكرة ساخرة، تبعث على التأمل والشك والتفكير العميق بغية انتقاد أو إعادة تشكيل أو دفع نحو الرفض بالمسلمات، من خلال إعادة الحفر وضغط الحدث ليس بقصد التبرير أو التباهي أو التزوير للحقيقة بقدر ماهي محاولة لضغط الحدث وتقديمه للقارئ ممزوجا بشكل رهيب و بتركيز بعيد عن الإطناب والتزييف لوقائعه الحقيقية في نص " حرية " ص 32 يقدم القاص مصطفى لغتيري حرب الريف واندحار الإسبان اعتمادا على تشكيل لغوي لعبت فيه السخرية والمفارقة دورهما الأساسي بلغة بليغة تقوم على أساس نبذ الانتماء العرقي واستصغار العدو واحتقاره اعتمادا على تحديد بليغ لمفهوم الحرية التي اعتبرها بكونها ليست " بالضرورة امرأة شقراء ذات عينين زرقاوين"ص 32 وهو ما ذهب إليه المفكر عبد الله العروي في تحديده لها يقول " يفند هيغل بشدة مفهوم الحرية الوجدانية ـ ـ فيقول في مستهل فلسفة القانون : أصل الصعوبة في هذا المضمار كون المرء يتأمل في ذاته ويبحث عن الحرية وعن قواعد الأخلاق ، وهذا حق له شريف ورباني ، إلا أنه ينقلب إلى الظلم إذا أنكر كل شيء سوى ذاته ولم يشعر بالحرية إلا عندما يبتعد عن قيم الجمهور ويتوهم أنه سيكتشف قيمة خاصة به" (8)
إن الدرس الذي استخلصه الإسبان في حرب الريف كان قاسيا جدا، وقد أظهر النص وجهة نظر تاريخية إنسانية ترقى إلى مستوى فكري كوني في تحديد مفهوم ، حاولت الإمبريالية بمستشرقيها ترويجه من أجل تحقيق أطماعها التوسعية في مختلف بقاع العالم ، وفي تحليله لهذا النص يرى الناقد إسماعيل البويحياوي أنه " نقد لقيم الظلم والاستعمار واحتقار الآخر كما مارسه الغرب الاستعماري على المغرب وإفريقيا وأسيا وأمريكا الجنوبية ، فإسبانيا غزت بلاد الريف معتقدة أن الحرية وقف عليها كهوية أوربية وسمة مميزة لصيقة بها دون غيرها من الأجناس البشرية واندحار(الإسبان) في الريف لقنهم درسا مفاده أن الحرية صفة إنسانية وليست قيمة يحتكرها الأوربي ويفتقر إليها غيره" (9) إن العبرة التي استخلصها الإسبان في حرب الريف تم ترويجها في نص آخر " كسوف " ص 62 من خلال طرح مشكل الإستعمار البريطاني في آسيا وكيف "بزغ في بلاد الهند الفقيرة قمر عار ـ ـ ببطء وثبات زحف في كبد السماء ، ثم ما لبث أن كشف شمسها " ص 62 في إشارة إلى المقاومة السلمية لغاندي، الرجل الأعزل الذي قاد شعبا نحو الحرية من براثن إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس.
إن مفهمو الحرية في مجموعة تسونامي يتجلى بقوة من خلال العديد من النصوص، التي أبت إلا أن تذكرها وتقدمها عبرا ودروسا بليغة لشعوب كسبت رهانا كبيرا اعتمادا على مقوماتها الذاتية في مواجهة زحف أعتى آلات الدمار آنئذ على الإطلاق ، وهي مواجهة جاءت من خلال إرادة وجرأة لم تكن متوفرة على قدم من الحظ أو المساواة بالنسبة لجميع الشعوب ، ففي نص "نبوءة" ص 63 يقدم القاص مصطفى لغتيري طرحا معكوسا ، يبين فيه كيف سقطت أعرق الحضارات الإنسانية " الهنود الحمر " الأنكا والأزتيك ، والمايا والطولطيك ، في خدعة الرجل الأبيض القادم من جوف المجهول كآلهة دام انتظارها ، يقول السارد "هكذا على حين غرة ، وقعت أبصار الهنود الحمر على رجال شاحبي الوجوه ، يمتطون صهوات دواب ، لم يروا مثلها من قبل ،حينذاك تحققت لديهم نبوءة قديمة ، فأيقنوا أن الآلهة قدمت لخلاصهم " ص63
ورغم الدمار والموت يبقى الأمل الذي تعيش عليه العديد من الفئات المنكوبة أو من قدر لهم البقاء على قيد الحياة، وكل من آمن بأن التاريخ لا يخلف مواعيده ، من هذا المنطلق يصر نص" أمل " ص 49 على تقديم طرح آخر يتجلى في الإيمان المطلق بالطبيعة وقوتها السحرية في عودة الحياة من جديد " فوحدها المياه الراكدة تظل في مكانها " يقول السارد " في حرب لبنان تعرضت بلدة صغيرة لقصف إسرائيلي وحشي لم يوفر أحدا .. لم يبق هناك لا طير ولا بشر، وحدها امرأة عجوز ، ظلت هناك تنتظر قدوم الربيع ، موقنة أنه أبدا لن يخلف موعده " ص49
IIIالقصة القصيرة بين سلطة السيف وسلطة القلم.
لقد استطاعت القصة القصيرة جدا التوغل عميقا بانفتاحها على كبوات المجتمع وهناته وجراحاته المثخنة بالمواجع والحروق البليغة من خلال رصدها للعديد من الإشكالات الخاصة كعلاقة المثقف بالسلطة ، أو سلطة الكتابة في مواجهة التسلط السياسي ، و عنف المبدع ، في مواجهة تحدي البياض ونضوب الإبداع كالاحتباس الثقافي ، لندرك هزائم شخوصها المتتالية ، وضعفهم إبان لحظات ظنوا قبلها أنهم أسياد كل المواقف.
في نص "قصة" ص 34 تبرز هزيمة المثقف واندحاره أمام إصراره على الكتابة في غياب القريحة والحب وملكة الإبداع الحقيقية، من خلال إقدامه على تطبيق افتراضات نظرية جافة وقوالب خارج منظومة الإبداع الحقيقية، لندرك في النهاية تفاهة منطقه وفشل كل إستراتيجياته المرسومة قبليا، وقد تضاربت بداخله أحاسيس مختلفة و" اكتسحه سيل من الأفكار المتناقضة " ص 34 ما دام الإبداع انسياب حر للأفكار واقتناص للحظات غير متكررة منفلتة من عقال الزمن ، يقول السارد " بعد محاولات عدة أحس بالفشل( جال في خاطره) جميع القصص تافهة لا تستحق كل هذا العناءـ ـ حينذاك وضع القلم وانسحب "
إن الإقرار بالهزيمة أمام الإصرار المصطنع، يفرغ الإبداع من كل أصالته وخصوصيته وجماليته ليضحى شيئا خاليا من كل ترابط منطقي وجمالي وفني ، وارتباطا بعلاقة المبدع بالكتابة وأثرها على الكاتب يطرح نص " مسرحية " ص 52 إشكالا جوهريا في علاقة المكتوب بصاحبه وكيف يتفاعل معه الآخر وبالتالي هو نفسه ، وقد أبرز النص مفارقة غريبة تجلت في استمرار المؤلفة بطلة النص في التصفيق وحيدة في القاعة ـ ـ "حين انتهت المسرحية لم تتوقف عن التصفيق إعجابا بالممثلة ، المرأة المصفقة هي كاتبة المسرحية ، وأحداثها مستوحاة من حياتها " ص 52
إن علاقة المبدع بانتاجاته تبقى علاقة لها خصوصية، سيما إذا كانت صادقة وحقيقية ومنطلقة من تجربة ذاتية ،والتي هي في نهاية المطاف تجربة إنسانية ، مما يجعل تفاعله معها شخصيا تفاعل متجدد باستمرار فالكاتب يعرض أحيانا تجاربه وأحيانا أخرى تجارب الآخرين لاستخلاص العبر والحكم ،خدمة للقارئ أولا وأخيرا وقد استحضر سلطة المتلقي المطلقة.
في حين تظل علاقة المثقف بالسلطة داخل مساحة من المد والجزر والإبداع ، لا يتحقق تحت معطفها ووصايتها ، والتاريخ الإنساني يشهد على كبوات المثقفين وسقوطهم وإبداعهم ضحية للإيديولوجيات الرسمية، التي بمجرد ما تنهار دعامتها ينهار معها كل شيء، نظرا لكون دور الفكر الحر كان ملغيا مفعوله ومكبلة حريته وقوته التي كانت تسخر لخدمة أغراض أخرى ، كما أن دوره كمحرك أساسي للمجتمع بانتقاداته وأفكاره وملاحظاته واقتراحاته، يضرب عليها سياج من الصمت والخوف والامتثال ، يشير فيصل دراج بقوله أن " علاقة الإمتثال (تقوم) بين حاكم وتابع ، وهي علاقة تستلزم إلغاء دور الفكر ووجود التابع لأن دوره وكل دوره هو أن يقول نعم ويصمت "( 9)غير أن هذا الطرح يفنده نص "البهلوان" 41 الذي له وجهة نظر أخرى نادرة ممزوجة بحكمة العارف والمتمكن ، من خلال الحوار الذي دار في النص بين أبي حيان التوحيدي ووزير ملك ساساني، إذ أبرز دهاء المثقف وقدرته على التنصل من مطالب غريبة، لا ترقى إلى قدره ومكانته وهيبته ، فيواجهها بدهاء ومكر وانتقاد في نفس الوقت ،مقدما عبرا كبيرة وملقنا درسا لصاحب الطلب ، لأن الحكماء لا يمزجون الجد بالهزل ، جاء على لسان السارد "حين اتنهى التوحيدي من ذكر ما لديه ، خاطبه الوزير كعادته قائلا:
ـ هات يا أبا حيان ، ملحة الوداع .
فكر التوحيدي لحظة ثم قال :
ـ في سالف العصر والأوان ، كان ملك من بني ساسان ، يستقدم حكيما يستنصحه ، وحين يقضي منه حاجته ، يأمره الإتيان بما يضحكه ..
كان يفعل ذلك ، ليذكره ، دوما ، بأنه مهما عظم شأنه ، فهو ليس سوى بهلوان .
ضحك الوزير ـ أضحك الله سنه ـ وغادر التوحيدي المكان .
إن علاقة المثقف بالسلطة كما سبق الإشارة إليه شابتها عبر التاريخ حركة مد وجزر ، واتساع مساحة الحرية أو ضيقها كانت حسب فترات الازدهار والقوة أو الضعف ، ولا يعلو شأن المثقف ولا تتحدد مكانته إلا بمعرفة نوعية ارتباطه وعلاقته بالسلطة ، أو الدولة ، وبالتالي فالنص أبرز التوحيدي كمثقف وازن في عصره ونموذجا يجب الإقتداء به ، لأن الدولة من المنظور الماركسي هي " آلة قمع وضعها من له وسائل الإنتاج والسلطة للحفاظ على مصالحهم الذاتية ـ ـ عبر الأجهزة الإيديولوجية والقمعية ـ ـ يسعى إليها صاحب الملك ، حسب ابن خلدون ، و السلطان هو الثقافة التي تديم في أنفاس ملكه فيسيطر ـ يسخر ـ ـ أهل السيف والقلم ـ ـ لغرض تحقيق ( بقائه). (11)
IV القصة القصيرة جدا بين السخرية والواقعية

تمتاز قوة القصة القصيرة جدا بوخزها السريع وقدرتها الرهيبة على الوصول إلى الهدف المنشود في لحظات معدودة ، فهي بقدر ما تعتمد الكثافة والإضمار والحذف، تنحى نحو العصف بانتظار التلقي وتكسير أفقه، من خلال اللعب على السخرية والمفارقة، بعد إحاطتها للحدث بهالة وتعتيم طفيفين يفرضان تأويلا، سرعان ما يتنكر لمطلقاته ،ساحبا وراءه القارئ نحو ولوج حلقة تأويل جديدة ، وكأنها تمارس سخريتها الخاصة ، من خلال لعبها بالمتلقي وتمردها عليه ، أو من خلال نصوصها الرهيبة التي ترصد ظواهر اجتماعية تعريها وتفضح سلبياتها ، واضعة المتلقي أمام حالات من الضحك الممزوج بالبكاء الواخز وهو وضع يفرض تأملا من نوع خاص . يقول الناقد سعيد بوعيطة إن " السخرية مفهوم مرادف لمفهوم الضحك ، سخرية وضحك باعتبارها موقف ورؤيا للحياة والكون …. إن كلمة سخرية تتضمن معنى التفاوت في المستوى …تتحقق السخرية على مستويين ، مستوى لغوي لفظي يعتمد المفارقة اللغوية ومستوى مضموني سياقي بناء على الوصف لوضعية مرجعية " ( 12)
في نص "الزوج" ص62 يقرن القاص العلة بالسبب وهو يبني نصا هادئا ، مؤثثا مشاهده الرومانسية ليزج بقارئه نحو حلقة افتراضات رهيبة، من خلال إقدامه على خيانة زوجته التي بعدما ودعها وهي مسافرة عبر القطار "لمح امرأة شاردة الذهن … تأملها برهة …بغتة داهمه إحساس بأن المرأة لا ريب ودعت زوجها … وأنه اللحظة قد يكون في نفس المقطورة ، حيث تجلس زوجته.." ص 62
إن سلوك الزوج يعتبر من خلال النص خيانة مبررة ابتدأت بافتراض ثم شك ، برر من خلاله نية إقدامه على خيانة، وإن كانت غير صريحة من خلال النص، رغم نفي الزوج المطلق بارتكابها ، ما دامت له مبرراته .
في حين يعرض نص "خيانة" ص 65 اعتراف زوج بالخيانة مع حدوث الفعل ، من خلال استباحة المحظور لنفسه بإقحام صورة زوجته وهو مع امرأة أخرى يقول السارد" أبدا لم أخن زوجتي / قال الرجل بلهجة واثقة ،/ فحين أختلي بامرأة ما / أغمض عيني / أستحضر زوجتي ، فأشعر بأنني في حضنها / إنني أتمتع بقوة خيال لا تضاهى" ص 65 فالنص يبرز انفصاما وتمزقا بين الواقع والخيال ، الحقيقة والوهم .
من نا تطرح القصة القصيرة جدا دوما إشارتها الخاصة، وتفرض نوعا من القراءة المنطقية لنصوصها ، للتمييز بين الكتابة الواقعية والافتراضية ، فهي بقدر ما توهم بواقعيتها، تسحب منا كل قدرة على القبض على مضامينها ، أو شخوصها المنفلتون على الدوام، وبالتالي تضيع منا كل الخيوط المنطقية لتحيلنا على عوالم الافتراض والتكهن، فاتحة أبوابا أخرى نحو الخيال والحلم والفنطاستيك .
IV بين الغرائبي والعجائبي يتشكل فنتاسايك القصة القصيرة جدا

لعل قوة القصة القصة القصيرة جدا تكمن في رهاناتها الكبيرة ، وفي قدرات كتابها على تطويع اللغات والقوالب ، وتنويع أساليب الحكي والرصد ، من خلال انفتاحهم على مختلف الأجناس الأدبية تجريبا وتطويرا ، وتوظيفا لتقنيات جديدة ، ونهلهم من التراث الفكري والثقافي الإنساني سواء المكتوب أو الشفوي ، مما منح القصة وهجا وبريقا وتجددا مستمرين ، إن لذة السرد في القصة القصيرة جدا يكمن في قصر أمد وجبته التي لا تشفي الغليل بقدر ما تترك الشهية مفتوحة على الدوام ، والقابلية لاستقبال أثرها المحمود والمرغوب ، فغزو روادها لمجال السرد العجائبي والغرائبي ، جاء استجابة للذوق ، ولطلب شريحة كبيرة من القراء، وللحظة تاريخية اتسمت بدخول العالم مرحلة العنف المكشوف والمقنع ،بتدميرها السريع لقيم إنسانية الإنسان وإصابة أخلاقه بالشلل .
لقد خلف التراث الإنساني الشفهي حكايات متوارثة عالميا تم تكيفها حسب خصوصيات كل منطقة ، وخدمة لقيمها وأخلاقها وتعاليمها الدينية أحيانا، مادام القص في الدرجة الأولى كان لخلق العبرة والأثر ، قبل أن يبطئ مسارها تيار العولمة الجارف بتقنياته وآلاته الفتاكة التي تسببت في حدوث استلاب وفتحت الباب على مصراعيه لغزو الصور أعماق الفرد ووجدانه بحركتها وجاذبيتها ومؤثراتها . إن النزوح نحو الكتابة الفنتاستيكية في نظري المتواضع عودة لزمن حكي الجدات، الذي كان ينمي الوجدان ويحرك الخيال ويخلق لذة التشويق والمتابعة من خلال دخول عوالم لذيذة يوجد فيها " حديدان ، وعنتر والغول ، والغولة" ,…. بحيث كان كل واحد منا يبني عوالمه ويشيد قصته ويشرك شخوصه المحببين إليه حسب قدرات تخيله وسرعة التقاطه، إلى أن يسلب النوم منه سلطة حكي الجدة، وقد دخل عوالم أحلامه وهو سيد نفسه وشخوصه ، لهذا "فالشعور بالغرابة يتأكد عندما يتعلق الأمر بمؤلفات قديمة نجدها عتبة زمنية ليس من الهين اجتيازها . وما أكثر القراء الذين لا يبصرون العتبة فيتجولون في الماضي كما يتجولون في الحاضر ، وما أكثر القراء الذين يقفون عند العتبة ولا يجرؤون على اجتيازها …إن تحديد المستقبل مرهون بتحديد الماضي وتحديد الغرابة " (13).
إن هذا التحديد هو ما يدفعنا بالإقرار بعدم أسبقية السرد العجائبي وإلصاق ريادته لحساب شعب دون آخر، بقدر ما نفترض أنه ظل على الدوام القاسم الثقافي المشترك بينها جميعا ، فمحكياته تظل متشابهة في طرق التناول مع تغيير طفيف في الشخوص والأمكنة والأزمنة والمرجعية الدينية .
من خلال نصوص" مظلة في قب"ر نلج عتبة الكتابة الفنتاستيكية بملاحظة تناص تجلى من خلال الإهداء لشيخ القصة المغربية القاص أحمد بوزفور في نص " برتقالة" ص 32 وهو تناص بنى من خلاله الكاتب نصه القصير على أسس نص سابق مع اختلاف في التفاصيل بتحويله وكاتب النص الأصلي إلى بطلين يشتركان في أحداث النص ويسرعان من وتيرتها . لقد تحولت البرتقالة إلى سيارة غريبة يقول السارد " انبثق منها الكاتب متأبطا أوراقه … مددت يدي نحوه … دون تردد سلمني إحداها … متلهفا قرأتها … إنها قصة سيارة أجرة تحولت إلى برتقالة " ص 32
لقد شكلت البرتقالة عتبة ومدخلا وموضوعا ومكانا مهيمنا على عملية السرد من خلال قدرتها على التحول والعودة إلى أصلها ، إنه سفر بين عالمين ، وتجوال لا يتكرر مرتين إلا في العوالم الفنتاستيكية أو الافتراضية .
ويستمر السرد العجائبي في نص "مخاتلة" ص33 بتحول عصا الحلاج إلى فرس جامحة بعدما " مرر عليها( أدونيس) راحته و(امتطاها) دون تردد …فحلقت به في الأجواء البعيدة " ، لندرك أن شخوص المحكيات في نصوص القصة القصيرة جدا بأوجهها القزحية ،تسعف كثيرا في بلوغ الهدف من الحكاية بقدرتها الرهيبة على التأثير في الأحداث وإضفاء مشروعية عليها ، ولصعوبة تحديد هويتها الحقيقية كذلك أحيانا أخرى ، فهي تستعين بالمجاز لإضفاء تعدد صورها لتفرض سلطتها وهيمنتها المطلقة .
في نص "اكتئاب" ص 37 تنتحل النجمة الصفات الإنسانية وتتقمص سلوكها النفسية والحركية وهو ما يضفي عليها هالة فانطاستيكية إنطلاقا من خلفية الفعل " أطلت نجمة / رأت / تفقدت النجمة / بحثت / وانطوت النجمة على ذاتها/ فأصابها إكتئاب مزمن "
إن هذا الانفلات والتمنع والقدرة على التقمص والانتحال هو ما يترك الانطباع لدى القارئ بالوصول إلى شيء مغاير ، ويتعامل مع صور زئبقية لشيء مألوف لكنه يحسه في أعماقه غير ذلك ، وهذا ما اصطلح عليه تودوروف بالفنطاستيك حيث يقول " يكمن الفنطاستيك في القارئ وليس في النص أي التأويل وليس الكتابة " (14)
V القصة القصيرة بين رصد حالات الانفصام والضعف الإنساني المطلق.

لقد استطاعت القصة القصيرة جدا رصد أعقد الظواهر النفسية المعقدة من خلال إخضاع شخوصها لتشريح نفسي عميق فأبرزت معاناتهم وعرت زيف ادعاءاتهم وتفاهة تصرفاتهم من خلال انتقادها اللاذع ووخزها غير المبرح ، في نص "الشيطان " ص39 يوجه الشيطان سؤالا وجيها لكاتب في محرابه بشكل مستفز، دون أن ينال جوابا شافيا عليه ، مما أحالنا على كون الشيطان في النص يحضر كمماثل للفكر والإبداع داخل تركيبة إنسانية، ليصبح متخيلا لا مرئيا ، لكنه يتخذ صورة المبدع المنشطرة إلى جزأين يقفان على قدر من الندية جسده حوار ، أبرز استهجانا بالفكر الإنساني وتفاهة فعل الكتابة غير المبني على أسس منطقية ووعي مسبق به .
إن دخول الشيطان حلبة الحوار شكل هلوسة ومناخا عجائبيا ، وتباينا في المواقف بين عالمي الحقيقة وعالم المجاز، لكنه في نفس الوقت عرى واقعا قاتما تجلى في رصد نوع من السلوك الاعتباطي غير الواعي بقداسة الكتابة ومسؤوليتها الحقيقة والخطيرة في نفس الوقت .
أما نص عولمة فيجسد مفارقة كبيرة أبرزت انفصاما بين القول والفعل ،ونقدا لاذعا لكل الزعماء السياسيين الذين يسوقون خطابات إيديولوجية وكلاما كاذبا في خطاباتهم ، والنص يكسر الصورة المقدسة للزعيم ، وبالتالي يحطم صنمه المزيف يقول السارد " صعدالزعيم إلى المنصة / لعن العولمة / والإمبريالية / واقتصاد السوق / أحس فجأة بغلة تكتسح جوفه/ أومأ إلى أحدهم / فأحضر له دون تباطؤ / زجاجة كوكا كولا " ص 56 (مظلة في قبر)
لقد جسدت زجاجة كوكا كولا تغلغل الآخر ( الغرب ) بترسانته الاقتصادية والفكرية والإيديولوجية داخل عقل المعارضين له ، فكل أطروحاتهم لا ترقى إلى طرح بديل منطقي لها ، ليستمر العبث والاستلاب والتبعية دون القدرة على التحرر من فكر مستورد صار فكر" النحن" نرفضه علانية لكنه يشكل عقيدة ثابتة وراسخة سارية بداخلنا نمارس طقوسها في حياتنا الميالة إلى البذخ والترف .
إن صورة الآخر المتغلغلة بداخلنا تكلست وصار من المستحيل تغيير معالمها، دون نسف للداخل بشكل مطلق ، لتفتيتها ، في حين نرصد تلك العلاقة مع الآخر من خلال نص " الأسير" 40 ( مظلة في قبر ) من خلال طرح موقف إشكالي بين أداء الواجب بشكل أعمى، امتثالا للأوامر دون مراعاة الجانب الإنساني ، وبين القناعة بتفاهة ما نفعله دون الجرأة على اتخاذ قرار لتغييره وبالتالي تغير مسار حياة ومصير شخوص ما ، من خلال رسم لصور تقابلية بين القوة /والضعف ، والذكاء / والبلادة ، القناعة والامتثال ، ببلاغة أبرزت الرغبة في الموت بدل الانسحاق والقهر بحثا عن نهاية منطقية ووضع حد لسلسة من العذابات المقيتة ، تجلى ذلك من خلال طلب الأسير ، في حين جسد تجاهل الجندي وعدم امتثاله لرغبة الأسير وضعا آخر ومنطقا يقصيه من الحصول على وسام ، تبين من خلال الحوار أنه لا يدرك أهميته، وكون ما يقوم به سلوكا ميكانيكيا، وتعود على تنفيذ الأوامر بشكل أعمى خال من كل شرط إنساني يقول السارد" قال الأسير : لم لا تقتلني ؟
ـ أسرك أفضل من قتلك … سأنال جزاء ذلك وساما .
ـ وفيم يفيدك ذاك الوسام ؟
(..) إنه المجد والشرف … سلالتي ستتوارث ذلك وتتفاخر به .
(..) وهل أنت متأكد من أنها ستفعل ذلك ؟
(…) الحقيقة لست متأكدا من شيء
نظر كل منهما إلى الآخر ، ثم تابعا سيرهما نحو المعسكر " ص 40
إن الكاتب يضع القارئ على سكة الافتراض والتأويل ،لاستنتاج عبرة بليغة بعد خلق كل شروط التعاطف مع الأسير الذي هو في موقف ضعف ، وبالتالي ظل سؤال الإخلاص في العمل بالنسبة للجندي محط انتقاد مضمر ، نظرا للشكل الذي أبرز به شخصيته الساذجة والخانعة والممتثلة لأوامر الرؤساء ، لكن نجاح الكاتب تجلي في جعل القارئ يلج رحم نص كطرف / حكم / محام وقد أجبره على اتخاذ موقف شخصي من الحادث واللحظة والموقف.
VI الموت في القصة القصيرة يتعارض مع مفهوم الخلود في الأسطورة.

في القصة القصيرة جدا يتحدد مفهوم الموت من زوايا متعددة وقد صورته العديد من القصص كحتمية في نهاية المطاف ، مع شخوص ينزعون نحوه بطواعية ، وبتحد سافر أحيانا وأخرى بنوع من الجموح أوالجنون فهو في نهاية المطاف دلالة على الحتف والفناء وتوقف لقطار في محطة مجهولة ، في حين حاولت الأسطورة محاربته بل وإقصاءه من مجالها، نظرا لنزوع أبطالها نحو تحقيق خلود وسرمدية مطلقة تشبها بالآلهة ، بل أن تأليه الشخوص بإحالة نسبهم إلى أرباب، جعل الأسطورة نفسها في مأزق التيه وتبطيء زمن الموت ، بل التحايل عليه بإطالة زمن الأحداث ، بتوليدها وتشعيبها حد الانفلات والملل بتعقيد كبير ، وبتعظيم شخوصها وتأليههم ذواتا وصفات .
إن رصد صورة العظمة والتي هي في نهاية المطاف تضخيم للأنا الفردية، تدفع شخوص القصة القصيرة جدا بجموح نحو تحقيقها ، بهستيرية كبيرة ، برزت من خلال الانتحار المتكرر تاريخيا ، وكأنه لعنة اتخذت مشروعيتها عبر الزمن مع عظماء "ك"هرقل / كيليوبترا / هنبعل . نيرون.." مما أفضى إلى نتيجة حتمية أفرزت فعل الانتحار بكل مبرراته وهو أمر تم رصده في نص" منطق" ص 35 يقول السارد "بعد قراءته المتكررة لسيرة العظماء لاحظ الرجل أن أكثرهم مات منتحرا .. هرقل … نيرون …كليوبتر..هنبعل ..نيرون .. وأخيرا استنتج الرجل مايلي ..لكي يكون المرء عظيما ، لزاما عليه أن يموت منتحرا "
في حين جسد نص "الموت" ص14 (تسونامي) زيف الخوف من الموت وفند ادعاءات البطل الذي كان يتحاور مع ملك الموت مما تسبب في إرباكه ورغبته وهروبه وبالتالي دهسه من طرف سيارة " يقول السارد " على هيئة رجل ، تقدم الموت نحو شاب ، يقتعد كرسيا على قارعة الطريق .. جلس بجانبه ، ثم ما لبث أن سأله :
ـ هل تخاف الموت ؟
واثقا من نفسه ، أجاب الشاب :
ـ لا، أبدا إن لم يمت المرء اليوم ، قطعا سيموت غدا .
بهدوء أردف الموت :
ـ أنا الموت .. جئت لآخذك ,
ارتعب الشاب .. انتفض هاربا .. لم ينتبه إلى سيارة قادمة بسرعة مجنونة ، فدهسته."
فإذا كان بطل نص "منطق " انتحر من أجل العظمة ، فإن بطل نص " الموت " هرب من قدره المحتوم ، لكنه لم يمهله لحظة أخرى ، مما يبرز تناصا كبيرا بل متطابقا مع النص القرآني كما جاء في الأية الكريمة"إن الله لا يؤجل نفسا إذا جاء أجلها إن أجل الله لا يؤخر " الآية"
VII الحرية والحلم والألم أو ثلاثية القصة القصيرة جدا

لقد نظرت القصة القصيرة جدا إلى هذه الثلاثية من زوايا مختلفة ، فالحرية بقدر ما شكلت مطلبا محوريا في بعض النصوص قوبلت في البعض الآخر برفض كبير جدا ، على غير المعتاد مما أبرز نظرة مغايرة للحرية كمفهوم نحو الخلاص الإنساني الكلي، إلى مفهوم مخالف ارتدادي ورجعي بتخليص الروح من الذات بنوع من الجنون المطلق ، في حين تحول الحلم من مفهومه العادي تغذية الروح الجريحة وكبتها وتلبية رغباتها، إلى حلم نشاز حيث العذاب المطلق والكوابيس المرعبة ، حيث يتحقق الألم ويزدهر ويطفح كالفطر في أعماق نفوس يائسة ، لندرك أن الحرية " في مفهومها تناقض وجدل ، وتوجد حيثما غابت ، وتغيب حيثما وجدت " (15)
من هنا ندرك أن القصة القصيرة جدا في نفاذها إلى أعماق شخوصها الحالمة والمتألمة أبرزت تمتلاثهم ، وفهمهم وتفسيرهم للعديد من المفاهيم الفكرية والفلسفية البليغة بشكل سطحي أبرز بساطة منظورهم الذي تجلى من خلال حيرتهم وغموض تصرفاتهم أحيانا و عبثيتهم أحيانا أخرى ، ورفضهم غير المعلل منطقيا وعلميا ، وهو ما يخلق عامل المفارقة والاستفهام حول أسباب ودواعي ذلك الرفض الغامض والتصرف الغريب . كما أن لجوء السراد للتعبير عن مواقفهم من خلال أنسنة الحيوانات والأشياء، أبرزت وقوعهم في ورطة التصريح والإيماء للتعبير عن مواقفهم الصريحة من مشاكل عصرهم ورجاله ،وهو موقف ليس بالجديد لكن ما استجد فيه هو طريقة البناء المختلفة، و هي من جهة أخرى موافقة لتطورات وخصوصيات المرحلة الراهنة، مما جعل خطابهم المنفلت يكتسي قوة ولغة الحكي تكتسي سلاسة وبساطة ،سواء في الخطاب أو بناء السياقات، مما سهل توريط القارئ والزج به في متاهات الحكي اعتمادا على تنويع القوالب والأساليب أثناء اجتراح النصوص، التي تظل تنزف بحكي لصيق وأقرب إلى الواقع المؤلم والقاتم . وهو أمر يدفعنا إلى التساؤل ، لماذا لا نكتب في قصصنا سوى القاتم ، والمؤلم ، والفاضح ؟ لماذا نعري كل تلك العورات ، ونستلذ بالنظر إلى شخوص حكاياتنا وهي تتألم وتعاني ، وإن رفضت الامتثال نقتلها أحيانا تلبية لنزوة القتل ، أو ندفع بها نحو الخيانة ، والجنون ،؟ لماذا لا ندع شخوص محكياتنا تضحك ، ونضحك معها ، ونضحك الآخرين ؟ لماذا كلما أردنا التميز ، لا نكتب سوى عن العنف ، والنبذ والإقصاء ، أتساءل عن رسالتنا أو رسائلنا ككتاب ، وأين يتجلى دور المبدع، هل في تصحيح الخلل باقتراح البدائل، أم تحوله فقط لعين ترصد سلبيات شخوص حالمة وغير حافلة بما يجري حولها، تتشفى وتغيظ مبغضة ومحتقرة صنيعنا ؟
لعل الإجابة على هذه الأسئلة هي ما حاولت مجموعتي القاص المغربي مصطفى لغتيري إثارته بقوة وجدية وومض سريع، عصف بكل توقعاتنا وزجت بنا في حيز ضيق مرغمة إيانا على التأمل، وبالتالي الافتراض ، وأخيرا اللجوء إلى التأويل ، وتأويلاتنا كانت تلقى مقاومة شديدة من طرف شخوص قصصه ، وبالتالي تساءلنا عن سبب ذلك الرفض والعصيان والتمرد ، وهم يبحثون عن خلاصهم .
في نص" قرار " ص 41 ( تسونامي) يسوق القاص مصطفى لغتيري صورة عاصفة لكلب معتز بنفسه أغرم على حين غرة بكلبة دون أن يتمكن من الوصول إلى قلبها ، بدخول منافس له لسباق الألف ميل ، فأصيب بحزن كبير وقرر التحول إلى ناسك .
إن قرار التحول من حالة العشق إلى حالة التنسك، يحيلنا على موقف متسرع وعلى ضعف الشخصية ظاهريا ، لكن باطنيا يبرز مدى عمق الجرح الغائر في نفسية البطل ، وعلى تحوله لرقيب أخلاقي بكل ما تحمله كلمة "ناسك " من دلالة قدحية وسخرية مضمرة لكن سوداء ، لأن القرار لم يكن إنطلاقا من قناعة ، بقدر ما كان بدافع الانتقام من الذات (الجسد والروح ) وتعذيبها لعدم قدرتها على تحقيق رغباتها ليضحى الجسد بهذا المعنى "وسيلة وغاية ،ومكان ومشروع بنية أحادية ومبنى نموذجي ، إنه ملتقى لكل المعارف ، وهو كذلك بتعدد الأشكال في مادة واحدة لإحساساته ومشاعره ، ولذته وألمه ، . .. تولد رسوما مختلفة الألوان ، والأشكال ، بتغيرات لا نهائية ، ..لبقى الهندسة المثالية التي لا تعادلها أي فسيفساء هندسية " (16) فالجسد بهذا المعنى هو المعير عن قناعة ، ومجال لكل الإضمارات الخطيرة الممزوجة برفض لكل ارتباط إنساني في إطار نوع من العلائق الاجتماعية والحميمية التي يسودها الحب والتفاهم ونكران الذات . وهي الصورة التي يسوقها سارد نص " الأب" كذلك ، وتعبيره عن السعادة المزيفة يقول سارد النص " قال الأبن :
ـ أنا سعيد ، لأن أبي يشتري لي كل ما أحتاجه .
قالت البنت :
ـ أنا سعيدة لأن أبي يسمح لي بالذهاب أينما شئت .
قالت الزوجة:
ـ أنا سعيدة لأن زوجي أبدا لا يرفض لي طلبا "
قال الزوج :
ـ يجب أن أكون سعيدا لأن كل من حولي سعداء" ص 56
لقد تم التركيز في كتابة النص على ضمير المتكلم الذي تكمن قوته " في الربط و التنسيق السردي ، إنه ـيشحذ الحبكةـ ويوطد العلاقات سيما بين فقرات وشخوص النص ، فضلا عن صلاحيته في الاختراق والتوسع النصي " (17) فخطاب النص المضمر يحيل على تعاسة الزوج المغلوب على أمره ، والمقهور بدء بما يتحمله من مصاريف إضافية ، وعقال الأسرة المنفلت زمامه من يده باعتباره رقيبا أخلاقيا غائب دوره في هذا النص، مرورا بتمرد ابنته وزوجته التي بدا من تصريحها أنها هي الأخرى غير خاضعة لسلطته بقدر ما هو خاضع لأوامرها وطلباتها اللامنتهية ّ.
إن بكاء الزوج الصامت هو رد فعل سلبي يبرز قهرا وضعفا كبيرا ، بدا من خلال إقراره بكونه سعيدا وهو تعبير لم يأت على لسان المتكلم بقوله أنا ـ، بقدر ما جاء كنتيجة على إنفاق مضمر لكل العائلة وجاء مصرحا به على لسان السارد " حتما يجب أن أكون سعيدا " ص 17
إننا إزاء صورة لأسرة متفككة تحت سلطة صورية لربها المهزوم والمعذب نفسيا ، فالتعبير عن الفرحة أو السعادة جاء كمزايدة ومسايرة للآخرين ، لكن في العمق رفض صارخ لحالة الخضوع والغلبة والقهر العلني ، تبرز تعذيبا نفسيا قاتلا .
لقد أبرز شخوص المجموعتين القصصيتين" تسونامي""و"مظلة في قب"ر ، نوعا من الانطوائية والرفض الضمني غير المصرح به ، تحولا أحيانا إلى تنديد ، وأخرى إلى خوف مزوج بإحساس بدونية تجلى بشكل صارخ في نص " غزو" ص 35 الذي يمكن اعتباره بالإضافة إلى نص قرار تعبيرا عن الانسحاق الإنساني في أقوى حالاته ، فكلمة الغزو تحيل على القوة في الفعل والاكتساح ن الخالي من الرحمة وعلى السيطرة المطلقة ، في حين نجد أن مسار النص يسير عكس إعلان العتبة الغادر يقول السارد " من أجل أن يغزو قلب امرأة ، كان يكفيه حذاء لامع وأظافر نظيفة جدا ، بعد مدة حاول المغادرة فاكتشف أن حذاءه فقد لمعانه ، وأظافره أضحت منفرة .. حينذاك قرر صاغرا أن يمكث هناك للأبد" ص 35
فكرة الغزو هي حلم كبير لبطل مهزوم ، خانه عتاده وعدته في مواجهة قلب امرأة عزلاء .. انتظر في ساحة وغى وحيدا ، بل استمات في البقاء في مكانه لكن ظل منبوذا إلى الأبد ، فقصة غزو بقدر ما تحيل على رغبة جامحة لتحقيق حلم كبير، بقدر ما تبرز موتا بطيئا ، وخطأ استراتيجيا لمحارب مبتدئ انتهى به المطاف بهزيمة قاتلة .

عموما تميزت كتابة القاص مصطفى لغتيري بحفرها العميق داخل وجدان شخوص، أعلنوا رفضا كبيرا للواقع كما هو ، فنزعوا نحو البحث عن عوالمهم الخاصة ، من خلال مواقف توزعت بين القبول والاستسلام والرفض / المواجهة والهروب ، داخل عوالم متسرعة منفلتة ومتحولة ،مما منح كتابته جاذبية إبداعية ممزوجة بطرح أسئلة قلقة ، مست الإبداع ، والمبدع ، والكتابة ،و الحب ، والجنون ،و الحرية … كما تم توظيف جماليات، شكلت أوراشا حقيقية للاشتغال النقدي ، ضدا على كل رؤية اختزالية ، وهو أمر شكل في نظري المتواضع انتصارا للقصة القصيرة جدا المغربية الجديدة، التي راهنت بقوة وعمق على الانتصار للكتابة والإنسان في نهاية المطاف .

ـ…………………………………………………………………………………………….


(1) محمد اشويكة المفارقة القصصية دار سعد الورزازي ط 1 ص/196 2007
(2) بيدبا الفيلسوف الهندي كليلة ودمنة ترجمة عبد الله بن المقفع مؤسسة المعارف بيروت لبنان الطبعة الأولى بدون تاريخ النشر
(3) محمد الدوهو حوار مع القاص عبد الله المتقي( ينبغي أن يتحول النقد إلى سلطة ثقافية ) المنعطف الثقافي عدد 238 / 2009
(4) امبرو إيكو حدود التأويل ترجمة وتقديم خالد سليكي روافد العدد (2) أبريل 2006
(5) دـ حسن المودن شعرية القصة القصيرة جدا نصوص سعيد منتسب وعبد الله المتقي نموذجا جريدة روافد العدد 6 / 2007
(6) محمد الدوهو شعرية التكثيف في مجموعة الكرسي الأزرق لعبد الله المتقي المنعطف عدد 142 / 2007
(7) سليم دولة ما الثقافة منشورات دار المستقبل ص 47 الدار البيضاء الطبعة الثانية 1990
(8) عبد الله العروي مفهوم الحرية ص63 الطبعة الأولى المركز الثقافي العربي 1984
(9) إسماعيل البويحياوي التخييل القصصي القصير جدا في تسونامي المنعطف الثقافي عدد 203 / 2009
(10) سليم دولة ما الثقافة ص 79 مرجع مذكور سابقا
(11) سليم دولة ما الثقافة ص 76 مرجع مذكور سابقا
(12) سعيد بوعيطة المفارقة والسخرية في النص القصصي المنعطف الثقافي عدد186 / 2008
(13) عبد الفتاح كليطو الأدب والغرابة دراسات بنيوية في الأدب العربي ص 12 دار توبقال للنشر الطبعة الرابعة 2007
(14) خوليو كورطاثار نظرية الفانطستيك ترجمة سعيد بنعبد الواحد ص 64 مجلة قاف صاد العدد 6/ 2008 منشورات مجموعة البحث القصصي بالمغرب
(15) عبدالله العروي مفهوم الحرية ص 86 مرجع مذكور سابقا
(16) مالك شبل (عن حضارة الجسد ) ترجمة السعيد الركراكي المنعطف الثقافي عدد 208 / 2008
(17) محمد شويكة المفارقة القصية ص 17 مرجع مذكور سابقا

* مصطفى لغتيري مظلة في قبر قصص قصيرة جدا دار القروين يناير 2006
**مصطفى لغتيري تسونامي قصص قصيرة جدا منشورات أجراس والصالون الأدبي 2008




#ركاطة_حميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجال وكلاب لمصطفى لغتيري بين رواسب الماضي و إشكالات الحاضر


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ركاطة حميد - لقصة القصيرة جدا انتصار للكتابة وللإنسان