أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقي يوسف - قراءة نفسية لقصيدة «العصفور»: بحّة أدونيس















المزيد.....

قراءة نفسية لقصيدة «العصفور»: بحّة أدونيس


شوقي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2821 - 2009 / 11 / 6 - 22:51
المحور: الادب والفن
    



عصفور أدونيس في قصيدته العصفور، نقول عنه انه غير طائر، فهو من الطيور شئنا أم أبينا.. وللطيور مكانة في الرؤية الإسلامية. وعلى الرغم من أن شبل في معجمه الذي اعتدنا الانطلاق منه للوقوف عند الرموز في تلك الرؤية، يذكر عددا من الطيور التي لها رمزيتها؛ مثل اللقلق والهدهد والبلبل والسنونو والترغلة والحمام البري. ولا يذكر شبل العصفور ضمن هذه الأنواع، لكن مع ذلك فهو يدخل ضمنها.. ويذكر شبل عددا من الرمزيات للطيور هي:
1ـ كونها إحدى معجزات المسيح.
2ـ كونها رمزا شاملا للهواء وللامداء الفسيحة.
3ـ وبالنسبة للمسلمين الذين يحترمون جميع القوى الشريفة والميزة المقدسة.
4ـ بعض الطير دليل فأل وبعضها الآخر دليل شؤم
5ـ يلعب رمز الطيور في الثقافة الإسلامية ودون ان يتمتع بالاعتبار نفسه كما في عبادات الطيور، دور المصاحبة وهو دور ذو أهمية كبيرة، أنه يصل، في ما يصل، بين نظام الأطعمة الممنوعة وذلك الأكثر تكتما، أي نظام التراتب الداخلي في فصيلة الطيور . ثم ينتقل هذا الباحث إلى الحديث عن الطيور الخرافية فيذكر ثلاثة يتحدث عنها المؤرخون هي: السيمورغ والرخ والعنقاء. نحن لن ننقل من شبل تفاصيل أنواع الطيور الخرافية لسبب بسيط هو ان عصفور ادونيس ليس طائرا خرافيا. لذلك سننطلق من الرمزيات التي ذكرها شبل في حديثه عن الطيور الواقعية لأن عصفور ادونيس طائر واقعي. يقول ادونيس في هذا النص:
أصغيتُ:
عصفور على صنّينْ
يضج كي تسيطر السكينة
(الآثار الكاملة، مجلد2، ص 555)
[[[
هذا هو المقطع الأول من النص. ومن حقنا أن نقول: أين كان ادونيس وأين كان العصفور؟ ذلك لأن ادونيس يتحدث عن عصفور وجبل!!. صنين جبل في لبنان أما العصفور فبلا هوية!!!!!. ولذلك فمن حقه ان يطير فوق هذا الجبل أو ذاك أو في هذا البلد أو ذاك. الا ان ادونيس لا يرى في العصفور هذه الصورة. انه يرى فيه بعدا من أبعاد خطابه أو رمزا له. انه مجرد مزعج.. موقظ.. صاحب ضجيج، من أجل ان تسود في مدينته... في سمائه.. السكينة. وما من شك، وفق ما نرى ان سكينة ادونيس أو بالأحرى سكينة عصفور ادونيس هي سكينة المعنى الذي تسوده فوضى وبلبلة.. كما يعتقد ادونيس طبعا.. إذاً ووفق ما نقرأ أنه أصغى إلى عصفور وهو على جبل فهو الآخر على جبل.. في الأعالي. بينه وبين فوضى المعنى وبلبلته حجب وحواجز.. بهذا المعنى يكون العصفور هو ادونيس نفسه. وسنرى في المقطع التالي إلى أي مدى تصح هذه الرؤية عن هذا العصفور. يقول ادونيس:
كي يصبح الغناء
كشفرة السكين
يجرح بالبحة والبكاء
برودة المدينة.
(المصدر السابق، ص 555)
[[[
إذاً، المدينة باردة.. ميتة.. معطلة.. مدينته ميتة بين مدن حية. لقد شاخت مدينة ادونيس ولم تعد صالحة للحياة. نحن انطلقنا من نهاية المقطع حتى نستطيع أن نربط بين المقطعين من خلال رؤية واضحة لا تصدم القارئ.. ادونيس هو ذلك العصفور الذي لا يطرب المدينة بزقزقاته الجميلة.. بل يزعجها بصوته المبحوح. ان البحة Buhha تعني الخشونة في الصوت. وهذا يعني أن مخارج الأصوات لا تكون واضحة. ومن ثم فإن المتلقي لن يفهم ما الذي يريد قوله صاحب الصوت. لكن بحة ادونيس لم تكن بسبب خلل في الأوتار الصوتية أو اضطراب في الحنجرة.. ان هذه البحة هي نتيجة الإفراط في الكلام والصراخ وبالتالي فإن صاحب البحة، عندما يقول ولا يسمَع، كأنما لا يسمع إلا صدى صوته من الداخل.. ومن هنا تنشأ الأزمة. نحن لا نقصد، بالتأكيد، البحة العضوية، بل البحة النفسية إذا صح مثل هذا التعبير. هناك في الطب النفسي ما يسمى بالخرس الهستيري Hysterical mutism. وقد تكون بحة ادونيس هي من هذا النمط. يعرف الحفني هذه الحالة على أنها «العجز عن الكلام أو رفض الكلام، الناتج عن الشلل الهستيري بسبب صراعات ليبيدية أو عدوانية. ويحدث الخرس في بعض أنماط الفصام، وخاصة التخشبي، نتيجة سحب الشحنة النفسية عن العالم الخارجي المتعلقة به، كأن المريض يقول إنه لا حاجة به إلى الاتصال بالعالم الخارجي. وقد يصاب مرضى الذهان أو العصاب الحاد بالخرس كدفاع Defense ضد إظهار العدوان الشديد، وكأنهم يُسقطون على الكلام قوة سحرية، بمجرد النطق به يمكنهم أن يلحقوا الأذى ويحطموا، وقد يكون الكلام عند هؤلاء المرضى نوعا من العدوان اللفظي، ويحميهم الخرس من العض والبلع والتمزيق بالأسنان، أي من العدوان عموما». وبلا شك فإن هذا هو منظور التحليل النفسي لهذا النمط من الخرس. لقد زقزق العصفور، ادونيس، غنى وأنشد. مل وتعب. وكنتيجة لذلك، كما قلنا، فإن صوته قد أصيب بالبحة. إلى هنا، قد لا تكون هناك علاقة بين بحة العصفور وهذا النمط من الخرس الذي نراه عند الذهانيين كوسيلة دفاعية. لكن نعتقد أن عصفور ادونيس لم يحزن لأنه أصيب بالبحة، بل إنه بكى لأنه لم يجد في غنائه وزقزقاته من مبرر للاستمرار. ادونيس وصف بلادة العالم الذي يعيش به، بعبارة جميلة هي برودة المدينة. ان من لا يتذوق الجمال الذي أمامه، فمن المؤكد أنه بارد.. بليد أو إذا استخدمنا مصطلحات الطب النفسي Apathy ويفيد هذا المصطلح بتبلد الوجدان وفتور الانفعال Blunting of emotion أو انعدام الانفعال كلية في المواقف التي تثير في السوي انفعالا. ويوصف صاحبه بأنه متبلد (apathetic وبالتالي فمن حق عصفور ادونيس.. أعني من حق ادونيس، ليس فقط ألا يتكلم ويدير ظهره للعالم ويظل منشغلا بصوته.. ببهاء صورته، بل ان يبصق بوجه العالم ويضحك ويعود بأدراجه إلى جبله الشاهق ويغني كما يشاء ولمن يشاء. فهنيئا لهذا العصفور بعودته إلى حيث كان...
يقول ادونيس في هذا المعنى في قصيدته «بعد السكوت»:
أصرخ بعد السكوت الذي لا يغامر فيه الكلام
أصرخ مَن منكــم يراني
يا بقايا بلا قامةٍ يا بقايا تموتْ
تحت هذا السكوت
أصرخ كي تتوالد في صوتيَ الرياح
كي يصير الصباح
لغة في دمي وأغاني
أصرخ: مَنْ منكم يراني
تحت هذا السكوت الذي لا ’يغامر فيه الكلامُ،
أصرخ كي أتيقـّن أنَيَ وحدي ـ أنا والظلامُ.
(الآثار الكاملة، مجلد 1، ص 417)
[[[
ذلك كان فحوى صراخ ادونيس وولولته وحيدا في ذلك الظلام الدامس. والسؤال هو هل سمع احد من بقايا ذلك الصراخ وهل تمكنوا من رؤيته في ذلك الظلام؟.
(كاتب عراقي)



#شوقي_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقي يوسف - قراءة نفسية لقصيدة «العصفور»: بحّة أدونيس