أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عدلي صادق - صخر حبش خالداً في الضمائر














المزيد.....

صخر حبش خالداً في الضمائر


عدلي صادق

الحوار المتمدن-العدد: 2820 - 2009 / 11 / 5 - 14:18
المحور: القضية الفلسطينية
    


ووري صخر حبش، ثرى الأرض التي اختارها مُقاماً أخيراً، حباً وطواعية، وترفعاً عن السياسة، بل تعالياً على إحباطات الواقع، أو عن مقتضيات المرور الجارح، من الوطن واليه. فقد تمسك أبو نزار بمقامه الأخير، بأشد مما يتمسك الآخرون بمنافيهم، وآثر أن يكون قبره في ثرى وطنه، بعد رحلة عمر، لم يتوقف فيها المناضل القيادي المُبدع، عن انهماره المحبب، كتابة وشعراً، وتجوالاً مُنهكاً، ومنافحة عن فلسطين، شقيقة روحه، ومعبدها وملاذها!
كثيرون هم الذين تأملوا ظاهرة صخر حبش، منذ الشهور الأولى من التغريبة الفلسطينية، أو بعد أن حطت القيادة، الرحال في تونس. فكلما تداعت السياسة، وذهبت بنا مقاربات التسوية، الى حواف الخطر والخديعة وانكشاف العورات؛ كان أبو نزار يبتعد ليسكن في هيكل الكلمة والرؤية المتأنية، حتى بات كمن يتفرد برسوليته، أو يُنزّه نفسه عن التُرهات، كالناسكين وخُدام فكرة الحق والإيمان. نأى الرجل عن كل إسفاف، واختار الاشتغال الدءوب، منحنياً على سندان الكلام، ممسكاً بمطرقته لكي ينبه الى أمر، كلما علا الضجيج. هناك، في صومعته، لم يكن الراحل يكترث، بالراهن أو بالحشرجات اليومية لنشرات الأخبار، قدر اهتمامه بالتوافر على آراء ذات أبعاد رؤيوية، وأشعار أو أقوال، ذات مضامين جمالية وإنسانية، تنسّل بها خيوط الواقع الفلسطيني، وجزيئات صور وسحنات وأسماء، علقت ـ للأسف ـ بهياكل العمل الوطني، فأثقلتها بشوائب المتسلقين والانتهازيين، والمؤلفة قلوبهم. غير أن صخر حبش المهذب المُترفق في العادة، بمن يأتي ذكرهم على لسانه، جواباً عن استفسار أو عرضاً لرؤية؛ لم يجد سوى الدعابة أسلوباً للنظم باللغة المحكية، لكي ينوّه مضطراً الى مخاطر متعهدي التسوية الكذوبة، والأرزقيين، وممتصي عافية الناس، في مدونته أو زجليته الشهيرة: لازم تزبط !
* * *
عاش صخر حبش، مشحوناً بطاقة عمل مذهلة، على طريق المقاومة واستنبات الأمل وتثمين الحياة. كان في موضع احترام المناضلين، طوال عقود كانت بالنسبة له، صراعاً مفتوحاً من أجل نمط من إنتاج الرؤى السياسية الحصيفة، ومن أجل نمط من البقاء الكفاحي، لا تغيب عنه سجايا النظافة، والزهد، والجدية، والتحرر من غريزة القطيع، والتمسك بالعقل النقدي، الذي يفرّق بين العام والخاص ويعرف كيف يفصل بينهما.
لقد غادر دنيانا رجل قيادي محترم، ترك ذكراه العطرة لكي تظل في موضع اقتداء الفتحاويين. التحق بالثورة مؤهلاً ذا مستوى رفيع، عندما كان الالتحاق بها مغرماً لا مغنماً. فهو الذي كان بمقدوره أن يرتاد آفاق تخصصه العلمي، ومنصبه المهم في الأردن، وأن يترقى على سُلم السلطة، وأن يحقق مجداً شخصياً. لكنه التحق بالثورة عن قناعة وباستعداد للتضحية. ظل مولعاً طوال حياته بالبزة الأقرب للسمات العسكرية، أو بسفاري قادة ثورات الأدغال. لم يره أحد ببدلة جوخ وربطة حرير، أو بتلك الهيئة التي يسهل على وضيع، أن يقتنص سماتها، لكي يتمثل هيئة الشخصية المهمة، الطبيعية والميسورة والمؤهلة.
يضطجع أبو نزار، الآن، في قبره، بعد أن قال كثيراً وصمت طويلاً واستعاض عن ركاكة السياسة بالكبرياء والشجن. ستتحول حنجرته الى رماد، لكن صوته سيظل يشغل الحيّز الذي يليق به، في الأسماع والضمائر، نقياً واضحاً، كأغنية محملّة بأجمل الأمنيات!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هنا وهناك- مع الرفيق -أبو النوف-


المزيد.....




- فر عبر سياج ليسقط بحفرة عميقة.. قصة إنقاذ حصان هارب من مزرعة ...
- أول تعليق من بوتين بعد قمة ألاسكا مع ترامب
- -حد يبلغ الصغار-.. علاء مبارك يعلق على فيديو لمسؤول فلسطيني ...
- الجزائر: عشرات القتلى والجرحى بحادث سقوط حافلة ركاب وتبون يع ...
- ما أبرز ما حدث في قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين؟
- فيضانات مفاجئة في باكستان تقتل المئات، والأمطار تعيق إنقاذ م ...
- -رفع العلم الإسرائيلي- خلال احتجاجات في السويداء، وممر بصرى ...
- -سنسعى لزيادة الضغط على إسرائيل-.. رئيسة وزراء الدنمارك: نتن ...
- سياسي ألماني بعد قمة ألاسكا: أوروبا مطالبة بتحمل مسؤولية أمن ...
- فرنسا تدين -بأشد العبارات- موافقة إسرائيل على مشروع استيطاني ...


المزيد.....

- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عدلي صادق - صخر حبش خالداً في الضمائر