أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرحات فرحات - نظره على العنف















المزيد.....

نظره على العنف


فرحات فرحات

الحوار المتمدن-العدد: 2819 - 2009 / 11 / 4 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فرحات فرحات
نظره على العنف
بداية ً ، ومنذ بدء الخليقة ، سواء ً أكل آدم التفاحة وطرد على أثرها من الجنه ، أم لم يأكلها ، فقد وجد نفسه في عالم ٍ تسوده الفوضى وقلـّـة الموارد وتحكمه شريعة الغاب. لذلك كان لزاما عليه في معركة صراع البقاء أن يحصل بالقوّة على قوته وموارد عيشه ، فتصارع مع الحيوان كما تصارع مع أخيه الإنسان.
إحدى النظريات الفلسفيـّـة الشائعة تقول: إنّ الإنسان وُلـِـد حرّا ً وأن لا فرق بين إنسان ٍ وآخر من حيثُ مراحل الولادة والتكوين . وبما أنـّـه ولد حرّا ً ، فإنـّـه يطمح بموجب هذه الحرية في التوسـّـع والانتشار والحصول على المزيد. هذا التوسـّـع لن يأتي غالبا إلاّ على حساب إنسان ٍ أو مخلوق ٍ آخر ، يتواجد هو أيضا في هذا الحيـّـز. لذا ، فإنّ التصادم والاقتتال سيكونان نتيجة حتميـّـة تفرضها الظروف والمعطيات الموضوعيه.
إذا نظرنا في تاريخ المجتمعات الإنسانية الحديث’ ، واكتفينا في الرجوع للدلالة فقط، مئة سنة إلى الوراء ، لرأينا انّ الصراعات العنيفة التي دارت بين القبائل والشعوب والدول ، تعود في أساسها وتكوينها إلى نفس المسببات البدائيّـة التي راجت مع بدء الخليقة ، أي حب السيطرة والنفوذ والاستيلاء على مصادر الحياة من غذاء وماء ونفط.
إنّ حبّ الاستيلاء من جهة ، وإلغاء الآخر من جهة أخرى ، تـُـعدّ من أهم مسببّـات العنف في العصر الحديث. وعلى ذ ِكــر إلغاء الآخر ، فإنّ هذا المفهوم قد لبس أشكالا كثيرة في القرنين، الماضي والحالي، ويمكننا إيجازه بأنـّـه يتبنـّـى مواقف عنصريه وعدائيه تجاه الطرف الآخر. إنّ الاستعلاء والنظرة الفوقية لمجتمعات معيـّـنه أو لأفراد ، يشكلان عنصرا هاما في تفاقم العنف كوسيلة لتخطي المفهوم الفوقي والعنصري لفئة ٍ على أخرى. وعادة ً ما يتفاقم العنف حين يكون الاختلاف واضحا وظاهرا للعيان كأنْ يختلف الشكل أو المعتقد الديني والأييولوجي . فحين تغيب لغة الحوار كوسيلة لتقليص الفجوات الإنسانية ، تبقى لغة العنف هي الوسيلة السائده . ومع أنّ المجتمع الإنساني يعلم تماما ما هو الثمن الذي سيدفعه ، إلاّ أنـّـه يبقى على غطرسته وعناده في تبنـّـي العنف كوسيلة لتحقيق أهدافه.إذا لم يكن الأمر كذلك ، فكيف يمكن لنا تفسير الحروب المستمرّه والويلات التي خلـّـفتها الحربان العالميه ، بالإضافة إلى حروب الشرق الأوسط والحروب العرقية في البوسنه والهرسك، رواندا ، دارفور وما إلى ما هنالك من فضائع الحروب والاقتتال في أرجاء المعموره ؟
الفيلسوف ( توماس هوبس) هو أول من تحدّث عن العنف السياسي. وهو يعتبر أن العنف السياسي جزء من تركيبة الإنسان. أي أنّ العنف يكبر ويتطوّر مع الإنسان بموجب التطورات الاجتماعية والنفسية التي يمرّ بها .إنّ التصرف العدواني للإنسان رهنٌ لتطورات سلوكية أخرى أو لمحفـّـزات ، ولذلك ، فإنّ حجم العنف منوط بالتطورات الاجتماعية ، سلبا كانت أم إيجابا ً .
العالـِم الاجتماعي ( دوركهايم) وهو من أشهر علماء الاجتماع يعتقد أنّ للمجتمع إفرازات سلبية على الفرد إذ أنـّـه يقع تحت وطأة الضغوطات الاجتماعية المتتالية .ودوركهايم يصل إلى نتيجة مفادها أنّ تطور المجتمعات الإنسانية كالهجرة والإعمار ، وتطور المدن والتصنيع ، كلّ ذلك كفيل بتمزيق شخصيـّـة الفرد وإذابته في بوتقة المجتمع الكبير ، هذا ، زيادة على قمع جذوره وأطره الأساسيه .فإذا نظرنا إلى واقع المهجرين في جميع انحاء المعموره , لوجدنا انهم يعانون من العنف والعدوانيه اكثر من السكان الاصليين الذين يشكلون النسيج العام للمجتمع . وكرده فعل نرى إرتفاعا ً ملحوظا ً لهؤلاء المهجرين في ممارسه الجريمه على المستوى الفردي وعلى مستوى الجماعات بما فيه تنظيم العصابات وتركيبات المافيا إنّ حالات القتل داخل الأسره في أوساط المجموعات المهجره لا تـُـصدق وهي وليدة هذه الهجرة التي سببت في التمزّق والضياع في مجتمع لايتبنّى أي رمز من رموزهم السابقة في الإيمان والمعتقد والتصرّف .
إنّ ذوبان الفرد داخل المجموعة الكبيرة ، ليس طوعا ً ، بل عنوة ً ، يأتي بنتيجة حتميـّـة ، مفادها : اليأس والقهر ، وبالتالي العدوانية والعنف.
( ماكس ووبر) وهو أيضا عالم إجتماعي معروف ، يعتقد مثل دوركهايم أنّ المجتمع يحمل الدور الأكبر في إفراز العنف عند الأفراد ، إلاّ أنـّـه يؤكد أنّ العامل الأهم هو مـَـن يقف على رأس هذا المجتمع ؟
بعبارة أخرى ، فإنّ ماكس ووبر ، يقول إنّ العنف ينفجر في مجتمع يسوده نظام سياسي فاسد لا يشكـّـل رادعا أخلاقيـّـا أو أدبيا .
إنّ المجتمعات العربية بشكل عام ، تعيش أنظمة سياسية فاسدة ويأتي ترتيبها عاليا في مقياس الفساد عند المؤسسات الحقوقية الدولية وهيئات الأمم المتحده.وإذا نظرنا إلى ما يجري حولنا ، لرأينا نسبا عالية من العنف في الحياة اليومية كما هي في ممارسة اللعبة السياسية. إنّ ما يحصل في أرجاء عالمنا العربي ، لهو أكبر دليل على العلاقة القائمة بين نظام فاسد ، من جهه، وشرعية استعمال العنف من جهة أخرى.إنّ النظام الديموقراطي المبني على شرعنة العلاقة بين المواطن والسلطه ، يوفـّـر غالبا ، نظما واضحة وعادلة لأصول اللعبة السياسية تحت سقف واحد لجميع أبناء المجتمع بحيث يسود العدل والمساواة بين جميع الأعضاء. ولذا ، فإنّ هذا النظام يكون مثالا صحيحا ليس فقط للعلاقة بين المواطن والسلطة ، وإنـّـما ، بين المواطن وأخيه المواطن. أمـّـا في حال تفشي الفساد وانعدام العدالة والمساواه ، فإنّ هذا النظام يفقد شرعيـّـته أمام الرعاع ، والأهمّ من هذا أنـّـه يفقد هيبته ويخسر احترام المواطن له.وفي هذه الحالة ، فإنّ الطريق إلى استعمال العنف لنيل أيّ غرض ستكون قصيرة جدا .
ورغم أنـّـنا نـُـقر، من كبيرنا إلى صغيرنا ، كأفراد ومجتمعات ، أنّ العنف ضار ، إلاّ أنـّـنا لا نزال كمجتمعات إنسانيه نستعمله بين الفينة والأخرى ، لنيل أغراضنا. والسؤال هو: لماذا ؟؟
لماذا لا نستطيع التخلـّـي عن العنف كمنهج حياتيّ ؟
إنّ العنف في المدارس وفي الشوارع ، حيث يقتـَـل الآلاف كلّ سنة في حوادث الطرق ، وفي ملاعب كرة القدم ، بالإضافة إلى الحروب والنزاعات الدمويـّـه ، تؤكـّـد أنّ هذا المسلسل لا يتوقف أبدا ، فقد يبدّل منطقة ولونا وشكلا ، لكنه لن يختفي يوما من المجتمعات الإنسانيه.
ولكي لا يكتنف القارىء جوّ من التشاؤم ، لا بدّ من القول إنّ الإنسان قادر على كبح جماح العنف بشكل فردي، فهو أوّلا وآخرا ، مسؤول عن نفسه.
إن مجموع الأفراد هو ما يشكّـل المجتمع ، ولذلك ، أستطيع أن أؤكد أنّ الإنسان إذا كان متعايشا مع نفسه بسلام ، واثقا بها ، قادرا على التعبير عن رغباته وآرائه ، راضيا عن عيشته وحاله ، فإنـّـه لن يستعمل العنف كوسيلة بأيّ حال من الأحوال. وكلـّـما كثر هؤلاء الأفراد ، كلـّـما قاـّـت نسبة العنف في جميع مرافق الحياه ..





#فرحات_فرحات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيد عربي
- قصيده : وجه الثلج
- أن نشرب َ السراب


المزيد.....




- حرب غزة: لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنساني ...
- -ما قمنا به في إيران كان رائعًا-.. ترامب: إذا نجحت سوريا في ...
- الاتحاد الدولي للسلة: إعلان هزيمة منتخب الأردن تحت 19 سنة أم ...
- ألمانيا... داء البيروقراطية حاجز بوجه العمالة من أفريقيا
- طهران تبدي -شكوكا جدية- بشأن احترام إسرائيل لوقف إطلاق النار ...
- الحكومة الفرنسية أمام اختبار سحب الثقة
- الموفد الأمريكي إلى سوريا: اتفاقات سلام مع إسرائيل أصبحت ضرو ...
- خبير عسكري: فقدان جيش الاحتلال قوات اختصاصية خسارة لا تعوض
- 40 عاما من الحكم.. الرئيس الأوغندي يترشح مجدّدا للرئاسة
- 47 شهيدا بغزة وعمليات نزوح كبيرة شمال القطاع


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرحات فرحات - نظره على العنف