أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الشويلي - اقراط سوسن ..... قصة قصيرة















المزيد.....

اقراط سوسن ..... قصة قصيرة


كاظم الشويلي

الحوار المتمدن-العدد: 2812 - 2009 / 10 / 27 - 14:28
المحور: الادب والفن
    



:- أنت مفصول من الدائرة ....
هكذا قالها السيد مدير الدائرة بعنف وهو يضرب على المائدة المنتشر على سطحها أقداح ملونة و أوراق مكدسة وقنان ذات أعناق طويلة ....
قالها قبل ثلاثة أشهر ومنذ ذلك الوقت وأنا أتسول في الشوارع ابحث عن عمل ، راسلت كل أصدقائي لكن دون جواب ، لم يكن المدير يجلس وحده في مكتبه ، بل كانت تحيط به الحاشية....
قلت له :- لماذا تطردني من عملي ؟؟ ألا تعلم أني أب لخمسة أطفال ؟؟ وكيف أسدد الإيجار المتراكم على عنقي؟
قال المتملق الأول وهو يقضم تفاحة كبيرة بعضتين :- لما تزوجت و لماذا أنجبت؟ ألم نحدد النسل؟
وافقه مدير الدائرة بهزة من رأسه ...
يا ذئاب هذه الأرض كفاكم تملقا فان طاحونة الجياع ستدق أعناقكم ، راتبي يا أيها المدير المقدس ضعف واحد وراتبك خمسة أضعاف لا اعلم ألا انك تملك بيتين ألا انك تملك سيارتين ألا انك تملك وجهين وجه اسود تتصدى به لله ووجه اصفر تتملق به للشيطان أما أنا .... أنا ضعف واحد وخمسة أطفال وإيجار لم يدفع منذ شهور قلت لنفسي سأصرخ بوجه مدير الدائرة لعل الموتى يسمعون هذه حقوقنا تشهد على زيف أهدافكم فان كنتم قد اتبعتم قانونا وضعيا فهذه الأمم تحترم إنسانها وان كنتم قد اتبعتم قانون(علي) فذاك(علي) يوزع الدراهم على العربي والأعجمي بالتساوي لكن هل يعرف هؤلاء القوم (عليا ).. سوف اشتمهم واحدا واحدا من مديرهم إلى ماسح أحذيتهم وأقول لهم في سري (يا عصابات غابات ألامزون جعلتموني الهث خلف ركام الدنيا من بلد لبلد ككلب فقد مأواه وهل للكلب مأوى ؟ ...
لكن لا لن أقول لهم فان بمقدوره أن يزجني في زنزانة مظلمة بإشارة من إصبعه الصغيرة أنهم ظلمة لقد طردوني من عملي وشردوني من مدينتي على اثر قولي للمدير :- يا سيدي أنا موظف قديم وقد اصبح عمري في الخمسين ، و في هذه الدائرة تعبت كثيرا و أرهقتني الأيام وترهقني مأساة كل مستضعف على هذه الأرض الحبلى بجثث البؤساء لا ارتضي الذل أدافع عن الأرض عن القضية وآي قضية ها انتم أنسيتمونا قضايانا ...
وبقينا نفكر في الإيجار ونسخة الطبيب ..... لاذ المدير بالصمت نطق المتملق الثاني وهو يضرب على كرشه ضربات خفيفة :- عليك أن تنفذ ثم تناقش ....
وأردف مالك الخزانة وقد مد رقبته الطويلة :- بل حزبنا المقدام يرفض مناقشة أمثالك من الصعاليك...
وأضاف منظر الدائرة :- سواء رضيت أو لم ترض أنت عدم لا وجود لك في قواميسنا....
وأيدهم مدير الدائرة بهزة من رأسه....
قلت لهم :- أنا لا أناقش يا سادة ارحموني وارحموا أطفالي.....
سألني المتملق الأول بسخرية :-لماذا لم تدرس ويزداد راتبك ؟
وصرخ المتملق الثاني متهكما:- هل تحسدنا على دنانيرنا ؟
ونبح المتملق العاشر بصوته الآلي :- نحن حراس القضية هل نسيت ؟
واكتفى مدير الدائرة بهزة من رأسه:- وقد أخذه النعاس وهو يتثاءب فلم يتمالك نفسه حتى غفا على المنضدة وتفرقنا نحن على صوت الشخير ...
عدت إلى البيت في ذلك اليوم وأنا احمل أطنان من الأحزان، قالت زوجتي وعلى وجهها كابة :- جاء صاحب الدار يطالب بالإيجار ومرتضى طرده مدير المدرسة لأنه لم يحضر اجتماعات الحزب...... ومصطفى يبكي يريد حذاء جديدا فان رفاقه بالمدرسة يسخرون من حذائه الممزق ....
قلت لها :- كفى ....
قالت :- صبرا فان بتول مريضة ومريم تريد عباءة فان عباءتها أصبحت كالحة ومرقعة ...
أشرت لها بالسكوت نظرت إلى ابنتي الصغيرة (سوسن) ابتسمت في وجهي وجاءتني مهرولة
تقبلني قالت :- بابا أنت مهموم ؟
ما أدراها هذه الطفلة وأخذت تداعبني وكان مرامها تسليني ،،، تقفز فوق ظهري ،،، تسحب شعري تأخذ أقلامي تنثر أوراقي ترسم على الجدران زهورا وأشكالا هندسية ترسم حميرا وحشية قالت :- هل هذه الرسوم جميلة ؟
وقبل أن أجيبها صفعتها أمها على خدها ونهرتها قائلة :- كم مرة قلت لك اتركي الجدران نظيفة ؟
هربت سوسن والتجأت إلى حضني خائفة من أمها وهي تبكي ، جذبتني الأقراط المعلقة بأذنيها ، قلت لها :- أعطيني هذه الأقراط يا سوسن واشتري لك قطعة حلوى .....
ضحكت وهي تغص بدموعها قالت :- بابا أنت تريد أن تخدعني ؟؟؟!!!!!!
وقفزت فوق ظهري وهي تأمرني بصوت ناعم :- سرررررر بي مثل الحمار هيا سرررررر ..... سر بسرعة ........
وانشات اذرع الغرفة وازحف على ركبتي وسوسن مسرورة فرحة......... آه يا ابنتي أنا لست مدير الدائرة حتى أخدعك.... وإنما.......... إنما هذه الأزمة التي تطوق رقبتي ....... لقد جمعت سوسن مبلغ الأقراط من خالاتها ليلة العيد فكرت في نفسي ( سوف أبيع السجادة وادفع الإيجار )....... آه أي سجادة الم أبعها قبل أشهر و ها نحن نفترش الأرض ونلتحف السماء ..... وفتشت في زوايا البيت عن شيء ثمين لكي اعرضه للبيع لا شيء سوى سراويل مرقعة وقمصان ممزقة وأحذية عتيقة وأقراط سوسن............ نظرت إلى اقراطها مرة أخرى تأملتها وبكيت وانحدرت دمعة جاءت سوسن ورفعت ذقني بأناملها الرقيقة ،
قالت :- بابا الكبار لا يبكون ...
نعم الكبار لا يبكون .... وأما نحن الصغار المستضعفون فان دموعنا تصير انهارا وتطوف في كل أرجاء المعمورة ...آه يا سوسنتي انك تنسيني الدنيا ووحوشها ومدير الدائرة ولقد تذكرت عندما سألني المدير قائلا :- ومن قال لك أن لا تدرس وتصبح موظفا كبيرا أو مهندسا قديرا ؟ ....آه أيها المخمور أنت درست لأنك ابن طبقة فوقية أما أنا المعدوم المتسكع على أبواب الفقراء لو كنت املك لقمة يومي لما أتيت قبالة دائرتك ....
سحبت ( سوسن ) شعري بعنف صرخت بشدة انقطعت سلسلة خيالي ، آه من هذه السوسنة ، وتعيد الكرة اصرخ أنا وتضحك هي والأقراط تتراقص تحت ضوء الخافت رن جرس الدار قالت سوسن:- ربما جاء عمي ....
كفى يا سوسن وهل لك عم في هذه الدنيا لقد شردوه وأبعدوه عن هذه البلدة فتحت الباب فإذا بكتلة من صراخ والسباب تقف قبالتي انه صاحب الدار وفهمت ثلاث جمل من كل مائة جملة ، تجول في أرجاء الدار يوبخني ساعة وينهرني أخرى سألني ( لماذا تتركني أدق جرس الدار عشر مرات ؟ من دق هذا المسمار في هذا الجدار ؟ ما هذه الرسوم على الجدران ؟ أين أجرة الأشهر السابقة ؟ إذا لم تستطع دفع الإيجار لماذا أنت حي ........... وووو؟؟؟؟؟ ) ... وأصابني الصداع من حديث هذا الرجل وكأنه مواء هر مريض وتعدت أربع ساعات متتالية كأنها أربعين سنة ، وأخيرا غادرنا بعد أن شتمنا بمقدار أربع أطنان من السب المتواصل......
سألتني سوسن:- لماذا يصرخ هذا الفيل ؟
قلت :- يريد هذه الأقراط ... فكرت سوسن لحظات وقد وضعت أصبعها في فمها ثم سألت :- وإذا أعطيته الأقراط لا يصرخ عليك مرة أخرى ؟ لا ليس من حقه الصراخ مرة أخرى خلعت سوسن أقراطها ووضعتها في يدي..... أخذتها خجلا ... خيل ألي إن مدير الدائرة ينظر إلينا من ثقب الباب وقد غص بقهقهة هستيرية ثم..... وافقني بهزة من رأسه .



#كاظم_الشويلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين أنت ...... يا نجمة الصباح


المزيد.....




- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الشويلي - اقراط سوسن ..... قصة قصيرة