حمزة البديري
الحوار المتمدن-العدد: 2809 - 2009 / 10 / 24 - 21:18
المحور:
الادب والفن
عملت اليوم طويلا على الكمبيوتر. أحسست بآخر الدوام بخدر في أصابع يدي اليمنى وفي الروح، لم يذهب الخدر إلا عندما أدخلت أصابعي في قفص المروحة، ورأيت اللون الاحمر يطغى على رمادية المكتب.
في نهاية كل شهر يوزع المدير علينا أوراق تحتوي على الخصومات. يكره الموظفون هذه الأوراق. أنا لم اخذ واحدة في حياتي. لطالما تمنيت أن يعطني المدير ورقة من هذه الاوراق. أريد ورقة مغلفة مكتوب عليه إسمي. قررت أن أتاخر عمدا حتى أحصل على واحدة في نهاية الشهر. وهكذا حصلت عليها وأنا سعيد جدا اليوم. خصم يومين من الراتب. أشعر أني أحب المدير، فهو لطيف جدا ومتواضع. يومئ لي بعينيه في الصباح. وهو الوحيد في هذا العالم الذي يقدر وجودي.
في يومي الطويل في المكتب فتحت أحد المجلات الاعلانية المجانية. وجدت صورة إعلان بسكليت احمر. كان جميلا. كنت أظل أتخيل أثناء دوامي أني أجربه على المنحدر والهواء يحرك شعري. كنت سعيدا جدا به. تخيلت أني أركبه، أنظفه، ألعب معه. لكن مؤخرا بدأت خيالاتي تصير غريبة. تخيلت أني ألعقه، أمرر أصابعي ببطء على مسنناته، أضعه في مؤخرتي.
ما زالت شاشة الكمبيوتر تحدق في منذ الصباح.
وقف المكيف عن العمل فجأة. كان الجو حارا جدا. يبدو أن العبد الذي يحرك الهواء داخل المكيف قد مات اليوم.
مسحت الغبار من على مكتبها، جمعته في كومة صغيرة، قربتها من أنفي. تنفسته. سمعت على التلفزيون أن الغبار هو الجلد الميت للأحياء..
ألفا واط، مئتا فولت، خمسة امبيرات، قبلة واحدة، أي من هؤلاء تكفي لقتلي.
كنت دائما أتخيل أني آتي في الليل، أزرع المتفجرات في أنحاء المكتب في أماكن معينة، وأفجرها في الصباح بعد وصول اخر الموظفين. اليوم قام أحدهم بزرع القنابل في نفس الأماكن التي تخيلتها، وبنفس الطريقة، وقام بتفجيرها بعد وصول اخر الموظفين كما تخيلت تماما. غريب.. اخشى أن يظنوا أني أنا الذي فعلتها.
إذا جمعت رقم هاتفي على رقم هاتفك، وقسمتيه على رقم منزلي، وجمعت أول خانتين، وطرحت ثاني خانتين، وابقيت الخانة الرابعة، وأهملت بقيت الارقام، فينتج لديك رقمي السري للسحب الآلي من البنك. هذا دليل أن القدر اختارنا..
حملت المخططات الكهربائية، والرسومات الانشائية، والسكيتشات المعمارية، وكومتها في غرفة الإجتماعات واستلقيت عليها لأنام. حلمت أن الموظفين نسوني تماما وأغلقوا الشركة علي وأنها كانت مظلمة. عندما استيقظت كانت رائحة حمرتك تملأ المكان. تعجبت كثيرا لانك قلت لي أني أثير اشمئزازك وأن علي التوقف عن ملاحقتك. كنت هناك تضحكين، نمت على حضنك، وحلمت أن الموظفين جاءوا في الصباح وتحلقوا حولي وهم يضحكون علي، وعندها أيقظتني وكنت قد حضرت الإفطار وأعطيتن عصير برتقال وابتسمت في وجهي. بعد الفطور نمت وحلمت أن المدير طلبني إلى مكتبه وطردني من العمل، وعندها فتحت عيوني لأراك تجلسين بجانبي تمشطين شعري، وضممتني إلى صدرك وغلبني النعاس، فحلمت اني أخرج من باب الشركة وأنا حزين وهزيل وكانت هنالك سيارة مسرعة تتجه نحوي وهي تطلق زامورها وأنا واقف في وسط الشارع بدون حراك، واستيقظت وخصلات من شعرك تغطي وجهي، وقررت أن أخلص من احلامي المزعجة. سأبقي عيني مفتوحتين. لن أعود للنوم أبدا..
لاول مرة ابتسمت لي الموظفة الجميلة في قسم التسويق. سألتني عن رأيي في دوام الشركة الطويل وعن مدة عملي بها. ضحكت وهي تتحدث، ولمست يدي في إحدى المرات. كنت على طبيعتي، ومع ذلك احبتني. ارتكزت على طرف المكتب وفككت تكتيفة يدي. قلت لها أني لاحظتها عدة مرات وأني... ظهرت نافذة مكتوب عليها Error وكلام بالانجليزية لم أفهمه ضغضت Ok فاختفت الفتاة.
كان صاحب الشركة يأتي في الليل، يأخذ أدوات الموظفين، أقلامهم، مكابسهم، ماوساتهم، براويز أولادهم، ويمسحها على أعضاءه الخاصة. كان يقرف كثيرا في الصباح منهم عندما يراهم يستخدمونها.
أكره لينا. تضع صور لقطط بيضاء صغيرة، وأطفال ليسوا من أقرباءها جمعت صورهم من الأنترنت، وصور لليناردو ديكابريو، ومناظر طبيعية بلهاء. في الليل، انا هناك لأمزق جميع صورها وأخرب مكتبها. مفاجأة! خلف صورة القطة البيضاء يوجد بيان سري لمنظمة ثورية حمراء. خلف صور الطفل الصغير كتب بأحرف كبيرة عاشت الشيوعية الماوية. أسلحة في جواريرها و قنبلة موقوته تشير إلى الرقم 4، 3، 2، 1 ... وقع رأسي في الحمامات. وقع عضوي على مكتب السكرتيرة. أنا الآن ميت تماما.
كان أصدقاءه يتحدثون عن "الخنسحيبيات". كانت أمه تخوفه منهن إن لم يكن مؤدبا. كان يتساءل ماهي الخنسحيبيات هذه؟ ما هو شكلها؟ ماذا تفعل؟ في الليل رأى الخنسحيبيات أخيرا .. كانت طويلة..
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟