أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد نبيل - لماذا الختان ليس تقليدا إسلاميا ؟















المزيد.....

لماذا الختان ليس تقليدا إسلاميا ؟


محمد نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 2806 - 2009 / 10 / 21 - 16:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل يعد الختان فرضا أو تقليدا إسلاميا كما يعتقد البعض؟ ما الذي يدفع معظم العرب والمسلمين إلى ممارسة عملية الختان ؟ سؤال الضرورة و الاختيار في ما يخص الختان في المجتمعات العربية و الإسلامية، يجيبنا عنه التاريخ و العلوم الإنسانية، التي تقر بأن الختان ليس تقليدا إسلاميا، ولا حتى دينيا. ترى لماذا و كيف تبنى المسلمون الختان ؟

يبين الانتربولوجي "مالك شبل"، في كتاب له عن الختان، كيف مارس المسلمون هذا التقليد خلال مراحل تاريخية مختلفة . فباستثناء سكان المنطقة الشرقية من البحر الأسود و المصريين و الأثيوبيين الذين مارسوا دوما الختان خلال الماضي البعيد، لا يمكن أن نقول إن الختان يعد تقليدا دينيا (أقصد هنا الديانات السماوية الثلاث). ويعترف الفينيقيون و السوريون و الفلسطينيون ، بأن هذا التقليد نقلوه عن المصريين، الذين يقول عنهم الفيلسوف الفرنسي فولتير، بأنهم "أصل انتقال الختان إلى اليهود" .

و تؤكد المصادر التاريخية و العلمية، أن الختان و إن مارسه المصريون و الأثيوبيون و العبرانيون، فإن من يمارسه له مبرراته الخاصة، والتي تتنوع حسب اختلاف الثقافات و المجتمعات، وهي تختزل في الدواعي الجمالية و الصحية والوقائية والاجتماعية والثقافية، و كذلك الدينية. الختان أضحى أسلوبا لتأكيد الفحولة، أو إبراز الاكتمال الرجولي أو حتى الاندماج في مجتمعات تطالب به بشكل ملح، كضرورة ثقافية أو دينية.

ويستحضر الختان العديد من القضايا و الإشكالات التي تخص الجمال و الخصوبة و البراءة و قانون الأب و رمزية الصراع بين المختون و غير المختون، كما يعكس العديد من المفارقات التي تطرح أكثر من تساؤل، و على سبيل المثال لا الحصر، نجد الصينيين أنهم لم يتبنوا هذا التقليد، بالرغم من عراقة الحضارة الصينية.

ومر الختان بمراحل عدة حسب اختلاف الثقافات و الحقب التاريخية. ويقدر البعض بداية إجراء الختان بفترة 4000 سنة قبل الميلاد، بينما يردها البعض إلى النبي إبراهيم (2000 عام قبل الميلاد)، فإبراهيم ختن نفسه كما تشير المصادر التاريخية، وهناك عدة أحاديث بهذا الشأن، لكن الروايات متضاربة بصدد عمره إبان ختانه لنفسه. كما مارس إبراهيم نفس العملية على ابنه إسماعيل الذي لم يكن يتجاوز عمره 13 سنة، و كانت المناسبة حسب بعض الروايات، هي ذهابه إلى مكة لأداء الحج. أما الختان عند الأفارقة فيخضع إلى استعداد و تكوين نفسي و طقوس يمارسها الطفل قبل أن يتم ختانه، و هذا ما يؤكد عليه الأثنوغرافيون و الأطباء . فالختان ليس فرضا، لكن العديد من الشعوب أصبحت تراه كوسيلة و كتقليد لكمال الإنسان. فإسحاق ابن إبراهيم ختن في أسبوعه الأول من ولادته، و هذا ما يفسر إتباع اليهود لهذا التقليد لحد الساعة. وتوجد أسطورة مصرية قديمة فحواها، أن الله ختن نفسه والدم الذي‮ ‬سال من عضوه خلق الورى‮. ‬ويزعم بعض الأنثربولوجيين أن نوبيي‮ ‬مصر العليا كانوا من أوائل المختونين في‮ ‬العالم،‮ ‬قبل النبي‮ ‬موسى بعهود، وحتى قبل كهنة المصريين القدماء.

مصادر و قراءات أخرى تشير إلى أن الختان يعود إلى عصور الإقطاع، حين كان الإقطاعي يمتلك الآلاف من البهائم والغنم إلى جانب المئات من العبدات والعبيد، وكان يعامل البهائم والبشر على السواء على أنهم ملك له، فكان يخصي الذكور من البهائم حتى لا تحمل الإناث، وهن في مرحلة إدرار اللبن، ويخصى الذكور من العبيد حتى لا يقتربوا من نسائه. أما الإناث من البهائم، فكانوا يضعون في أرحامهن قطعة من النوى، حتى لا تحمل في وقت غير مناسب، أما العبدات فكان يعتبرهن ملك له فقط دون غيره رغم أن أعدادهن بالمئات، فكان يختنهن لقتل شعورهن الجنسي حتى لا يستمتعن بالجنس، لأنه لا يستطيع إشباعهن جميعا. إن الأمر حسب المدافعين عن هذا التصور، ليس مسألة مكان بعينه أو دين بذاته هو الذي صنع الختان، ولكنها مسألة إحساس بالعبودية الذي لو تغلب عليه انتفى سبب الختان ،وأصبح مرفوضا اجتماعيا .

الختان له طقوس احتفالية، و هو الذي أدى بمالك شبل إلى تحديد أحد أنواع الختان، بما أسماه بالختان العلماني . الختان له وجوه و أشكال عدة تظهر من خلال عمر المختون، و مخاطر العملية و سيكولوجية من تقع عليه هذه العملية . وتقول بعض المصادر الطبية، إن عدد الذكور الذين‮ ‬يختنون سنويا يُقدّر بحوالي‮ ‬أربعة عشر مليونا، في‮ ‬حين أن عدد المختونات سنويا‮ ‬يصل إلى المليونين‮. ‬وهناك أكثر من ‮31 ‬مليون امرأة مختونة تعيش في‮ ‬ثلاثين دولة‮.‬

وإذا كانت العديد من المجتمعات البشرية تمارس الختان، فان مخاطره تسجل ارتفاعا مخيفا. فالأرقام التي يردها "مالك شبل" عن أخطاء الختان، تصل إلى 80 ألف خطأ في عملية الختان كل عام من بين 500 ألف عملية. ومن بين الأخطاء الكبرى لهذه العملية نجد النزيف الدموي، و الخوف الذي يظل يرافق الطفل مدى الحياة ، و يؤثر على نفسيته و حياته الجنسية كالقذف السريع، و العجز و مشاكل زوجية عدة . في وقت أقرت فيه منظمة الصحة العالمية في مارس 2007 الختان رسميا، كوسيلة للوقاية من داء فقدان المناعة" الايدز"، كما طالب خبراء صحة من جنوب إفريقيا في شهر حزيران 2007 بإعداد برنامج للختان الجماعي، بعد أن أظهرت الدراسات أن الختان يقلص من معدل الإصابة بالفيروس المتسبب في الإيدز بنسبة 60 في المئة، حيث أن الدعوة ركزت على المواليد الذكور الجدد في المستشفيات العامة في جنوب أفريقيا.

الختان له طرق و تقاليد تختلف حسب الثقافات و الأديان، فهناك الختان المصري، اليهودي، العربي، و الختان في المجتمعات الإسلامية، و ختان المسيحيين المعتنقين للإسلام. أما طقوس وممارسات الختان فلا تظل حبيسة لحظة العملية فقط، بل تتعداها إلى ما بعد ذلك، فمثلا تستعمل العديد من المختبرات "القُلفة" في تجاربها العلمية، وتوظفها في مشاريعها الطبية.

عموما، الختان يمثل أحد المواضيع التي تتضارب حولها الآراء و التصورات الطبية و العلمية، لكن الشيء الوحيد الذي تذهب إليه مصادر علمية عدة، هو أن الختان ليس تقليدا دينيا، بل هو ممارسة ثقافية قديمة تستند على العديد من الشروط و العوامل التي أنتجتها، لكن انتقال أو توارث هذا التقليد من ثقافة لأخرى، هو الذي يحث على البحث و التساؤل، عن كيفية إنتاج هذا النوع من التبني الثقافي.






#محمد_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت بحر البلطيق
- دانسك مدينة بولندية بروح ألمانية
- -العين- المخيفة
- قراءة في أحوال المجتمع المغربي
- حكاية يوسف
- بعد عرض فيلمه - غرب عدن- ، كوستا غافراس ينتقد تعامل أوروبا م ...
- صباحات برلين السينمائية
- في حوار مع المخرجة المغربية -سيمون بيتون- : أنا لست متفائلة ...
- قراءة فرحة لحوار الأديان في فيلم -نهر لندن- و المخرج لم يقنع ...
- في حوار مع السينمائية المغربية -سيمون بيتون-
- مخرجة مغربية تتناول قضية -راشيل كوري- التي سحقتها جرافة إسرا ...
- انطلاق مهرجان برلين السينمائي الدولي
- حسب هيئة أممية ، ألمانيا لا تحترم حقوق المهاجرين و اللاجئين
- حول فيلم -السلاحف يمكنها أن تطير- : الموت كلغة للتعبير عن ال ...
- كتاب : لماذا تقتل يا زيد ؟ أو الحقيقة الغائبة في العراق
- لماذا توجه سهام النقد إلى مجلس الجالية المغربية بالخارج؟
- تحقيق: كيف تتعامل أوروبا مع الهجرة السرية ؟
- مقدمات أولية لفهم -ثقافة الإشاعة-
- لماذا ينتحر الصينيون ؟
- لماذا تحاكم فرنسا فلاسفة بسبب مهاجرين أفريقيين؟


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: إسرائيل لم تقبل مقترح مصر بشأن صفقة ال ...
- رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -المعتقل الأم ...
- وزير الخارجية الأردني: لو كان إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائي ...
- بلينكن يزور السعودية وحماس تبث فيديو لرهينتين
- بعد بن غفير.. تحطم سيارة وزير إسرائيلي في حادث سير بالقدس (ف ...
- روبرت كينيدي يدعو ترامب للمناظرة
- لماذا يخشى الغرب تمدد احتجاجات الجامعات الأمريكية لأوروبا؟
- كمبوديا تعلن مقتل 20 جنديا وجرح آخرين في انفجار بقاعدة عسكري ...
- إلقاء القبض على شخصين كانا يخططان لشن هجمات إرهابية في مدينة ...
- شرطي تركي يطلق النار على رئيس مركز الشرطة ورئيس مديرية الأمن ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد نبيل - لماذا الختان ليس تقليدا إسلاميا ؟