أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جوده أحمد - نرجسية الأدباء بين الصفة الأخلاقية والأداء الأدبي














المزيد.....

نرجسية الأدباء بين الصفة الأخلاقية والأداء الأدبي


خالد جوده أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2804 - 2009 / 10 / 19 - 22:50
المحور: الادب والفن
    



ألتقيت في عدد من المحافل الأدبية ببعض الأدباء الذين يشيدوا بأنفسهم، ويذكروا غيرهم من الأدباء بأنهم أصحاب مواهب متواضعة لا ترقي أبدا إلي إبداعهم، ويظل الواحد منهم يصيح ويكررمرة بالتلميح، وفي كثير من الأوقات بالتصريح بأنه : أنا أنا المبدع الذي لا يباري، ذاك ملمح يدركه بوضوح الأدباء والمثقفين المتصلين بالمحافل والأندية الأدبية، ولعلك عزيزي القارئ إلتقيت بنموذج او أكثر من هؤلاء الأدباء أصحاب الذوات المسعلية علي غيرها في عالم الأدب، بما نحتاج معه للتوقف نحو مناقشة تلك الظاهرة وتفسير دوافعها ، وبما يؤثر علي الحركة الأدبية والنقدية بعامة .
بداية الأديب ينطلق من منطلق ذاتي، ويعايش أفكاره ، ويستغرق في تأملاته ، كما أن مشاعره الخاصة تستحوذ عليه فيؤدي عنها في أدبه ، فهو يري العالم من منظور وجدانه وأفكاره ، ويعايش داخله معايشة تامة ، وكثير من الأدباء اشتهروا بحالة التأمل والذي يفضي أحيانا إلي الشرود ، لذلك كان لابد للأديب من معايشة ذاته كثيرا ، وقد يؤدي الاستغراق في تلك الذاتية إلي مشكلات نفسية خطيرة ، صحيح أن الذاتية مطلوبة ( حتى لو انطلق الأديب لقضايا مجتمعه فهو يعمل حينها يعمل علي تعميم الخاص ) ولكن قد تؤدي لنتائج غير مرغوب فيها ، فالأمر يحتاج إذن إلي القدر المناسب من استغراق الأديب لنفسه ومعايشته لأفكاره ومشاعره الخاصة ، ومن يخالط الأدباء يلمس بوضوح أن طائفة من الأدباء تعاني من إعجابها الشديد بذاتها ونتاجها ، ونجد استعلائها علي الآخرين ، ولا نقصد من ذلك ( كما أشرنا ) التعميم أو وسم أغلبية الأدباء بهذه الصفة الشائنة ، فالتعميم خطيئة لا تغتفر في حق الفكر العلمي ، ولكن لا يمنع هذا من القول بأنها ظاهرة موجودة فعلا ، فلا تدخل بعض التجمعات الأدبية حتى تلتقي بواحد أو اثنان أو أكثر من هذه النوعية ، لدرجة أن أحد الكتاب كتب يقول : " لا تقابل أديبا تحبه " لأن الأدباء قد يحيون حالة من الانقسام علي ذواتهم بين ما يقدمونه من قيم في أدبهم وبين أدائهم الأخلاقي ، فيعيشون حالة من التناقض الكبير .
وهناك البعض تأمل فرأي أن الشعراء أكثر غرورا من الأدباء الآخرين الذين يكتبون القصة أو المسرح ودللوا بذلك بافتخار الشعراء الكبار، فمثلا قال المتنبي أنه الذي نظر الأعمى إلى شعره ، وأسمعت كلماته من به صمم ، وأنه ينام ملء جفونه عن شواردها ، ويسهر الخلق جراها ويختصم ، وهذا شاعر كبير يعترف صراحة بهذا الأمر ويقوم بتشريحه وهو الناثر الكبير : " الشاعر والديك، مصابان بجنون العظمة ، فهما مقتنعان ، أن شمس الصباح تطلع من حنجرتيهما " ، وقيل أن الشعر ينطلق من الذاتية ويعبر أكثر عن ذاتية صاحبه ، والحقيقة أن الغرور يطول الشعراء وغيرهم ، ومن منا لم يلتق بأحد القصاصين وهو يأبي النقد ، وينظر إلي ما كتبه بأنه فتح مبين في عالم القصة ، وأن نقاده هم أصحاب الضحالة الأدبية ، وبالطبع يتوارد علي أذهانكم الآن نماذج من هؤلاء ، يحكي لي الشاعر الصديق إبراهيم جاد أنه في ناديهم الأدبي استقبلوا شاعرا مشهورا ، فعقب علي قصائدهم بأقذع النقد وأشرسه ، فلما قال له : نحن نتعلم منكم أستاذنا ، ووجودك الدائم بيننا يرقي بادئنا الأدبي ، فما كان منه إلا أن ثار ثورة عارمة بأنه لن يقرب تلك المدينة التي بها بها أصلا ، وليس فقط ناديهم الأدبي .
ولا شك أن الأدب الحقيقي هو حالة من العطاء ، وأجمل الأدب هو ما اكتسي مبدأ الصدق الفني ، والأديب الموهوب هو الذي يتحلى بالتواضع وجمال الأخلاق ، فإذا ارتقي منابر ثقافية وأدبية نشأت لديه إرادة معاونة الناشئين من الأدباء ، وقد التقيت بنماذج من هؤلاء الأدباء العظام .
ومن أسباب تلك الظاهرة أيضا في معرض تتبعنا لها والتأمل حولها ، أنه قد ينشأ هذا الأمر لما يعانيه الأديب في نفسه من غربة واللجوء إلي هذا الأسلوب تعبيرا عن ما وجده هذا الأديب من جحود ونكران ، وتحصينا لنفسه من عدوان النقاد والأدباء الآخرين ، فوجود الصراع في جميع طوائف الأعمال حقيقة لا مراء فيها لكنه بين الأدباء أشد ، وتلك قضية معروفة وتؤثر أبلغ الأثر بحياتنا الثقافية والأدبية .
وعاون أيضا علي نشأة تلك الظاهرة أيضا وجود النقد المتحامل بعنف ، او المجامل إلي حدود التملق، والنوعين علي حد سواء في غحداث الأثر الفاسد، بما يعكس إساءة استخدام هذا النقد علي نحو مرضي ، ونشأة الشللية ، مما يعظم من ظاهرة نرجسية الأدباء ويرسخها بقوة ، فكثيرين من هؤلاء الأدباء يتخذون من النقد ستارا للطعن ونفث ما يعتمل في صدورهم من إحساس مبالغ فيه بالذات ، وفي المقابل نجد منهم رفضا شديدا للتوجيه النقدي من الآخرين ويجدون أعمالهم فوق مستوي التناول النقدي ، يقول الأستاذ الأديب : يوسف الشاروني : " لهذا فالحركة النقدية لا تؤثر في الحركة الأدبية فقط لكنها أيضا تتأثر بها ، ولا تزدهر حركة النقد الأدبي إلا إلي جانب وجود حركة أدبية مزدهرة ، والأدباء الذين يرفضون أن يستمعوا إلا إلي كل متملق مادح لكل حرف كتبوه ليسوا إلا أدباء نرجسيين قد حكموا علي أنفسهم بالعقم والدوران في حركة مفرغة "
والأديب الذي يعاني من النرجسية عادة ما يتحلى ببضاعة قليلة ، يرجو تسويقها وليس لديه رصيدا من الأصالة تقوده إلي التواضع الجميل .
وفي ختام مقالي حول هذا الموضوع الهام أري أن الحل هو ضرورة تحقيق التوازن بين الثقة بالنفس ومعايشة الأديب لذاته ( كمنحي هام لأدائه الأدبي ) وبين عطاء الأدب بما يضمه من قيم ومثل كريمة وتناول لقضايا موضوعية هامة ، أي أن يتحلى الأديب بتلك الثقة المعتدلة كوقاية لروحه الحساسة دون أن ينحرف إلي الغرور الهالك .
وهنا نجد ضرورة مقاومة تلك الظاهرة بفاعلية وبقوة بمزيد من العطاء الأدبي والعلمي والنفسي ، ولابد أن يجد الأديب من يشاركونه هذا المنحي ويتفاعل معه عبر أفاق المنتديات والصالونات



#خالد_جوده_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جوده أحمد - نرجسية الأدباء بين الصفة الأخلاقية والأداء الأدبي