أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فخري صالح - غونّار إيكيلوف على خطى ابن عربي















المزيد.....

غونّار إيكيلوف على خطى ابن عربي


فخري صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2799 - 2009 / 10 / 14 - 02:01
المحور: الادب والفن
    


الثلاثاء, 13 أكتوبر 2009
Nodes: «ترجمان الأشواق»يعتبر الشاعر السويدي غونار إيكيلوف (1907-1968) بصفته واحداً من أهم شعراء السويد المعاصرين، وأعمقهم تأثيراً في الأجيال التالية، فهو يمزج في شعره بين الرومانسية والسوريالية والصوفية الشرقية. كان عضواً في الأكاديمية السويدية منذ عام 1958 إلى يوم وفاته. وعلى رغم تأثره الواضح بالشعر العربي والأدب الصوفي وشعر محيي الدين بن عربي، فإنه يوصف بأنه أول شاعر سوريالي سويدي بعد ان أصدر ديوانه الأول «متأخراً على الأرض» عام 1932، لكنه تحول إلى الرومانسية بعد ذلك، ما جلب له الشهرة والمقروئية الواسعة في السويد وخارجها.

بغياب ترجماته عن العربية لسنوات طويلة خسر الشعر العربي المعاصر فرصة التفاعل مع واحد من أهم شعراء البلدان الاسكندنافية وربما، وباعتراف الشاعر البريطاني دبليو. اتش. أودن، خسر واحداً من أهم شعراء الغرب المعاصرين كذلك. فغونّار ايكيلوف، على رغم صعوبة عمله وغموضه وكثرة إحالاته على أساطير وآداب من الشرق والغرب، الا أنه استطاع خلال سنوات الستينات من القرن الماضي أن يحقق شهرة كبيرة خارج بلده السويد بحيث وصلت مبيعات مجموعاته الشعرية في أميركا إلى مئتي الف نسخة.

ومع أن غونّار شديد القرب من المصادر الشرقية والعربية، إلا أن الالتفات إليه في الثقافة العربية لم يتم إلا بصورة عرضية عبر ترجمات نادرة لبعض قصائده. لكن الشاعر الأردني، المقيم في السويد، موسى صرداوي تصدى خلال السنوات الأخيرة لنقل بعض أهم أعمال غونّار ايكيلوف الشعرية إلى العربية، ومن ضمنها ثلاثيته «ديوان» التي تضمنت ثلاثة أجزاء، هي: «ديوان أمير أمجيون»، و «حكاية فاطمة»، و «دليل العالم السفلي».

*

خلال إقامته في باريس اهتم إيكيلوف بالمدارس الحديثة في الفن والأدب: بالمستقبلية والدادائية والسوريالية. واستغرق في كتابة الشعر ما بين عامي 1927 و1931. وعندما عاد إلى ستوكهولم وجد حوله عدداً من الشعراء الشباب كان معظمهم ينشر في مجلة سبيكتروم. وفي تلك الفترة تأسست حركة تجديدية للفن والأدب على أيدي الشعراء والكتاب الشباب.

في عام 1931 أصدر إيكيلوف ديوانه الأول «متأخراً على الأرض» عن دار نشر سبيكتروم. لكن هذا الديوان، الذي كُتب تحت تأثير الشعراء السورياليين، لم يقيض له النجاح. لكنه أصدر عام 1934 ديوانه الثاني «التكريس». أحس النقاد هذه المرة أنهم أمام شاعر مبدع يخرج على التقليد المألوف ويؤسس لوناً جديداً من الشعر. وفي الديوان الأخير اعتنق الشاعر السويدي الرفض المطلق للدولة والقانون، والعائلة والكنيسة، وشن حرباً شعواء على الكذب والخداع والخوف. وقد كان في «التكريس» لا يزال متأثراً بالسورياليين وثورتهم على الواقع ورغبتهم في تغيير المجتمع من القاعدة إلى القمة.

في ديوانه الرابع «اشتر أغنية الأعمى» بدأ إيكيلوف خطاً جديداً مغايراً لدواوينه الثلاثة الأولى، فهجر السوريالية والرومانسية وأخذت شطحات من الشعر الصوفي تدخل قصائده. وفي هذا الديوان كانت أولى إشاراته عن أمير إمجيون الذي رسم له صورة نهائية في دواوينه الأخيرة. كان يشعر، كما يقول مترجمه إلى العربية موسى صرداوي، أن هذا الأعمى كراءٍ ومعذب هو نفسه غونار إيكيلوف.

تعد الثلاثية التي تضم «ديوان أمير إمجيون» (الذي صدر عام 1965)، و «حكاية فاطمة» (1966)، و «دليل العالم السفلي» (1967)، القمة الختامية لحياته الشعرية. ويستوحي إيكيلوف الحضارات الإنسانية جمعاء ملغياً الأبعاد والفواصل بين الأزمنة والأمكنة، مستخلصاً جوهراً شعرياً ورؤيوياً مطابقاً في بعض سماته وخصائصه للتأمل الرؤيوي الصوفي لدى شعراء المتصوفة، خصوصاً لدى ابن عربي. فكما استحدث ابن عربي لغة باطنية مشرقة ورمزية تحتاج الى التأويل والشرح والتفسير، استحدث غونار إيكيلوف لغة شعرية لا تقبل أحادية التفسير والتأويل. فلكي ندرك الكليات لا بد من الجزئيات، ولكي ندرك الجزئيات لا بد من الكليات.

يبدو إيكيلوف في «ديوانه الشرقي» وهو ينهل من مصادره الشرقية: جلجامش، و «ترجمان الأشواق» لابن عربي، وأشعار جلال الدين الرومي؛ كما يبدو وهو يجدل هذا كله بتأثيرات الشعراء الذين نقلهم الى اللغة السويدية: اليوت، ورامبو، وبودلير، ومالارميه، وأودن. ومع أنه لم يُتم دراسته العربية والفارسية، الا أنه ترجم بمساعدة المستشرق نيكيلسون إحدى قصائد «ترجمان الاشواق» إلى الإنكليزية.

في «حكاية فاطمة»، كما يقول الناقد السويدي رايدر إيكنر، نعثر على شعر فيه الكثير من البساطة، وقلما نعثر على مثيله في الشعر الغنائي السويدي أو في شعر شمال أوروبا بعامة. في التاسعة والخمسين من العمر وقف إيكيلوف على قمة نضجه الفني، في تعبيره وتشكيله لرؤياه بقدرة بلغت حداً حاسماً من التوحد القلق، لا راحة فيه. دليل ذلك خمس وثلاثون سنة من التجريب المتواصل، والخبرة المحكمة في كتابة الشعر وصياغته، ميزت جملته الشعرية، وخلقت عنده استقلالاً في تعبيراته، وإحكام سيطرة على أدواته.

يكتب في «حكاية فاطمة»:

مرات خمساً/ أبصرت الظل/ في لحظة عابرة حيّاً/ لكن سادس مرة/ رصدتني فجأة/ سدت دربي، بزقاق ضيق/ في حاضرة سفلى/ وبأقذع قول/ نبحت في وجهي/ وأخيراً سألت:/ - لم تهملني.../ - هل تنفر مني؟/ لم لم ترقد مع ظلك؟

قلت: هل للمرء أن يرقد مع ظله؟/ مألوف أن يتبعني خلفي ظلي،/ قيد خطوتين حتى غروب الشمس./ على وجهها أحكمت خمارها/ - وبعد غروب الشمس/ - للهائم الطريد/ يمسي ظلان،/ الأول من خلف المصباح،/ والثاني من مصباح آخر يدنو منه.

في «دليل العالم السفلي»، وهو الجزء الثالث من الثلاثية، نعثر على الرؤيا الصوفية ممزوجة برؤيا شيطانية جحيمية تذكر بعوالم دانتي ونبرة بودلير الجحيمية، إضافة إلى استقصاءات لمعاني الحقيقة والوجوه التي تتلبسها. ويستدعي إيكيلوف لتوضيح مفهومه للحقيقة شخصية راوية الشعر العربي خلف الأحمر مذكراً بقضية الانتحال في الشعر الجاهلي، معيداً تشكيل شخصية خلف الاحمر:

إسمي خلف الأحمر/ ولا مثيل لي/ في فن التذكر./ (...) قلدت كل شاعر موجود/ فأُصبت بضريبة سيف العرفان/ رتّلت القرآن/ صبحاً ومساء في سن الرشد/ أنا حلٌ مما قيل أمامي/ عن تقليدي للشعراء.

في هذا السياق، يعيد إيكيلوف توليف كل مصادره في قصيدة تؤمن بسيولة الزمن:

حدثتني ساعة الحائط/ المضربة عن دق إيقاع الزمن/ بكل هذا،/ فلا وجود لزمن أضبط قياسه/ فما وهبت هو كل الزمن/ زمنك ماء،/ وأنا ساعة مائك.

*أدين في هذا العرض لترجمة الشاعر الفلسطيني المقيم في السويد موسى صرداوي، والمقالة هي تحية لجهوده في نقل شاعر سويدي كبير إلى العربية.
عن الحياة اللندنية






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في جميع أدوار السينما المصرية .. فيلم الشاطر رسميًا يعرض في ...
- لمى الأمين.. المخرجة اللبنانية ترفع صوتها من في وجه العنصرية ...
- وصية المطرب أحمد عامر بحذف أغانيه تدفع فنانين لمحو أعمالهم ع ...
- قانون التوازن المفقود.. قراءة ثقافية في صعود وسقوط الحضارة ا ...
- وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة طارش بعد مسيرة فنية حافلة
- ماذا بعد سماح بن غفير للمستوطنين بالغناء والرقص في الأقصى؟
- فيديوهات وتسجيلات صوتية تكشف تفاصيل صادمة من العالم الخفي لم ...
- مونديال الأندية: هل يصنع بونو -مشاهد سينمائية- مجددا لانتزاع ...
- الشاعرة نداء يونس لـ-القدس-: أن تكون فلسطين ضيف شرف في حدث ث ...
- هكذا تفعل الحداثة.. بدو سيناء خارج الخيمة


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فخري صالح - غونّار إيكيلوف على خطى ابن عربي