أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيّوسي - همسات مع (تشوّقات)















المزيد.....

همسات مع (تشوّقات)


زياد جيّوسي

الحوار المتمدن-العدد: 2789 - 2009 / 10 / 4 - 14:23
المحور: الادب والفن
    



حين أتيح لي أن أجول في ديوان شِعرٍ يحمل اسم (تشوّقات) للدّكتور حسن محمّد ربابعة، لفت نظري ومنذ البدء الصّفحة الأولى. فقد حملت ثلاث صور ذات مغزى؛ صورة السيّف ذي الفقار على اليمنى، الكرة الأرضيّة ويظهر فيها العالم العربيّ وأجزاء من العالم الإسلاميّ في الوسطى، وصورة القرآن الكريم على اليسرى- وتحت الصّورة حديث للرّسول عليه الصّلاة والسّلام. في هذه الصّور الثّلاث- وترتيبها من اليمين إلى اليسار- رمز يحمل معنى لا يخفى على المتأمّل ومن يتناول الدّيوان بين يديه.

وحين انتقلت إلى الإهداء الّذي أتفحّصه دومًا، لأنّني أجد فيه انعكاسًا ما من شخصيّة الكاتب وما يجول بداخله ويسكبه من خلال نزف روحه، وجدت الإهداء قصيدة قائمة على شعر التّفعيلة تحمل عنوان: إلى أرواح أربعة، فكان الإهداء لأرواح أربعة من الضّبّاط الّذين خدموا في الجيش العربيّ في أجنحة مختلفة من جيش الأردن، ويذكر من خلال الشّعر مناقبهم وصفاتهم، يترحّم عليهم ويتحدّث بروح شفّافة وحسّاسة عنهم. وواضح من خلال مقدّمة الإهداء أنّ المرحومين هم من أبناء العشيرة الّتي ينتسب لها الشّاعر. فتدلّ المقدّمة على روح وفاء لأبناء العشيرة والوطن، وفي الوقت نفسه ومن خلال الإهداء يظهر بوضوح أنّ الشّاعر حدّد من هم أعداء الوطن، فأشار من خلال المصطلح إلى كلمتين (أحاديث الخواجات، وأنباء الـ "شلومات")، وفي مقطع آخر يقول: (يدبّرها "شلومهم" ليأخذ بعض ثارات).

حين التّجوال في (تشوّقات) نجد أنّ هناك نسبة من القصائد تمازج ما بين المناسبة والمكان. ففي قصيدة "عجلون" والّتي قدّمها بمناسبة احتفالات الأردن باستقلاله، سبقها تقديم محاضرة عن مدينة عجلون وتاريخها وتأثيرها، ثمّ انتقل للشّعر العاموديّ ليقدّم القصيدة كإهداء، فكانت مزيجًا بين شعر المناسبة وشعر المكان. فوصف القلعة وتاريخها والمدينة، لكنّني أعتقد بأنّ المحاضرة الّتي كانت عن تاريخ عجلون المدينة وأهمّيّها ودورها، رغم قيمتها العلميّة كبحث في تاريخ المكان، إلاّ أنّ وجودها في بداية ديوان شِعر وعلى مساحة ممتدّة على عدة صفحات كانت مسألة غير متناسبة مع سياق الدّيوان. وكان يمكن أن يتمّ الاكتفاء بالإشارة لمناسبة القصيدة، وأن تكون هذه المحاضرة جزءًا من كتاب آخر متخصّص يتحدّث عن تاريخ المكان وأهمّيّته.

بينما نجد في قصيدة طويلة قائمة على التّفعيلة مهداة إلى مدن السّلط وإربد والكرك، بمناسبة اختيار كلّ واحدة منها عاصمة للثّقافة الأردنيّة، تناولت القصيدة المكان ووصفته جغرافيًّا وتاريخيًّا وحاضرًا وأملاً مستقبلاً، فيكون الانشداد للشِّعر وهو يجول في ثرى هذه المدن الجميلة، بدون أن يتشتّت الذّهن في محاضرة طويلة رغم قيمتها العلميّة وأهمّيّتها. ويلاحظ في قصيدته هذه بشكل خاصٍّ كيف تمّ استحضار التّاريخ ومزجه بالمكان، فالمكان كان ولم يزل مسرح الجغرافيا الّذي يلعب عليه الإنسان أحداثه التّاريخيّة. وهنا تمّ استحضار التّاريخ الإسلاميّ والدّينيّ، فتمّ ذكر أسماء الأنبياء عليهم السّلام، والصّحابة والشّهداء في بداية الفتوحات الإسلاميةّ. فكانت القصيدة تأخذ المنحى الصّوفيّ والعقائديّ، مستلهمًا المكان وتاريخه، مقارنًا أمجاد الماضي على واقع الحاضر، متأمّلاً بمستقبل يعيد الأمجاد الّتي مضت ومرّت على هذه الدّيار.

يرتبط المكان بقوّة في وجدان الشّاعر، فهو لا يكتفي بشعره للمدائن الّتي مرّت بمناسبات دفعته لقرض الشّعر، بل يجول في أنحاء الأردن- فيمرّ على ذكر البتراء ويحلّق في أفق الشّوبك والكرك والحِصن وإربد، ومدن وبلدات عديدة على مساحة الأردن بشماله وجنوبه، وفي كلّ ذكر للمدن والبلدات لا يتوقّف عن ربط المكان بأمجاد التّاريخ ووصف الواقع، فنجد في شعره وصف المكان والحديث عن التاريخ ، ذِكر الأشخاص الّذين ارتبط اسمهم بالحدث والمكان.

لا يغفل الشّاعر في قصائده عن ذكر الأشخاص، وخاصّة الّذين تميّزوا بمواقف لهم- وقفوا في وجه الصّهيونيّة وأعداء العرب. ففي قصيدة متميّزة، نجد مديحًا للسّيّد رجب أردوغان رئيس الوزارء التّركيّ، يمدح فيها وقفته الشّجاعة في مواجهة العنجهيّة الصّهيونيّة. وفي قصيدة أخرى يمدح الصّحفيّ منتظري الزّيدي على موقفه المعروف بقذف الحذاء في وجه بوش ويصفه بالمجاهد الكبير، كما يمرّ في قصائد مدحه عبر التّاريخ- فيمدح القعقاع بن عمرو التّميمي ويتحدّث عن جهاده في الفتوحات الإسلاميّة، ليقفز من التّاريخ القديم إلى التّاريخ المجيد، فيكتب شعرًا في ملحمة تموّز وصمود المقاومة اللبنانيّة في وجه الهجمة الصّهيونيّة وهزيمتها، مخاطبًا الصّهاينة ومستهزءًا بهم.

والخلاصة.. أنّ الشّاعر يتمكّن من شدّ القارئ لشِعره بأسلوبه في التّنقل بين الشّعر العاموديّ وشعر التّفعيلة، وقد لجأ في بعض القصائد إلى محاكاة الرّجز في الشّعر، وهو أسلوب يجذب الرّوح كونه ملامسًا للحِسّ الشّعبيّ، يهتمّ بالمكان والزّمان بشكل واضح، ينتمي للأردن بشكل كبير ويظهر ذلك جليًّا من خلال الحديث عن المدن والبلدات، لكنّه واضح في القصائد والحديث أنّه انتماء غير إقليميّ، بل انتماء مرتبط بالعروبة والإسلام وتاريخ الأردن كموقع كان له أثره في التّاريخ القديم منذ عهد النّبط وما قبله، مرورًا بمرحلة الفتوحات الإسلاميّة. وفي ثنايا شِعره لا يخجل من وضوح موقفه ولا يواريه خلف أبيات شِعر تحتمل التّأويل، فهو يقف موقفًا واضحًا من الصّهيونيّة وأمريكا وعداوة اليهود ضدّ كلّ عربيّ ومسلم.

ما أكتبه ليس أكثر من همسات في أرجاء (تشوّقات) الّتي شدّتني بقوّة وجمال، فتنسّمت عبق التّاريخ وجلال مجده، نظرت للأفق البعيد أحلم بالغد، جلت في مدائن الأردن الّذي أكنّ له حبًّا لا يوصف، ولكنّني وفي هذه الجولة الّتي أشكر الشّاعر عليها، كنت أضطرّ إلى وقفات تخرجني قليلاً من التّحليق من خلال استخدام الشّاعر المصطلحات الأجنبية وبعض العبارات المكتوبة بالإنجليزيّة، وإن اعتبر الشّاعر فيها استكمالاً للشِّعر والقصيد، إلاّ أنّني رأيت فيها ما يخرجني عن مسار رحلة تميّزت بجمال اللغة العربيّة ومجد التّاريخ.

(عمّان في 15/5/2009)




http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com

http://www.arab-ewriters.com/jayosi






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذيان مع (خزفيّة نَصّيّة)*
- فضاءات قزح في الصحافة الأردنية
- صباحكم أجمل/ همسات بغداد 2
- المرأة في الرّواية العربيّة
- عيد ميلاد ليلى
- اسطنبول
- بين هذا ليل وآدم
- الأفلام الفلسطينيّة المشاركة في كارَفان السّينما العربيّة ال ...
- مع نصّ: مع إنّكَ غيرُ عاديّ للكاتبة: نوريّة العبيديّ
- أطياف متمردة 2 - أفق عينيك
- أفق عينيك


المزيد.....




- “ثبت الآن بأعلى جودة” تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لمسل ...
- الإعلان عن قائمة الـ18 -القائمة الطويلة- لجائزة كتارا للرواي ...
- حارس ذاكرة عمّان منذ عقود..من هو الثمانيني الذي فتح بيوته لل ...
- الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة
- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة
- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس
- “قصة الانتقام والشجاعة” رسمياً موعد عرض فيلم قاتل الشياطين D ...
- فنان يعيش في عالم الرسوم حتى الجنون ويجني الملايين
- -فتى الكاراتيه: الأساطير-.. مزيج من الفنون القتالية وتألُق ج ...
- مسرحية -أشلاء- صرخة من بشاعة الحرب وتأثيرها النفسي


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيّوسي - همسات مع (تشوّقات)