كامل عبد الحيم السعداوي
الحوار المتمدن-العدد: 2776 - 2009 / 9 / 21 - 12:02
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
لا نعلم إذا ما كانت رواية (الحلم العظيم) هي جزء من سيرة ذاتيه للكاتب أم أنها تتحدث عن أبطال آخرين فإذا ما كانت سيرة ذاتيه فان الكاتب يدهشنا بقدرة عالية على الاعتراف يفتقدها اغلب المبدعين حيث ان الرواية تنمو وتنضج مع إيقاع حياة البطل (المؤلف) وتعلو نبرتها الفكرية الراقية كلما أوغل (المؤلف) باقتراف آثمه وهنا فالكاتب لا يترك بطله وحيدا واعزلا لكننا نراه أي الكاتب يحنو بعطف على البطل(المؤلف) ويجد له المبررات ما يجعلنا نتذكر (راسكولينيكوف) بطل الجريمة والعقاب ومحاولات (ديستوفسكى) لتبرير جريمته.
تدور أحداث الرواية الرئيسية فى بغداد وبالذات فى واحدة من ضواحيها العشوائية هي مدينة الحرية او مدينة الهادي (التسمية القديمة) وفى منتصف الستينات وهو اذ يصور بدقه تلك المنطقة بأزقتها الآسنة وغبار التخلف يغطى دورها وناسها (ابطال الرواية) اضافة الى (المؤلف) جواد الحمراني ومحمود عبد العال و(الولد الفلسطيني) وجلال كريم هم في عمر الشباب حيث ان الصراع الفكري الذي ساد فترة الستينات (ليس في العراق فحسب وإنما فى العالم) ألقى بظلاله على يفاعتهم فنراهم منشغلين في هذا الصراع ولقد اختار الكاتب بذكاء تجربه الكفاح المسلح في الاهوار الحدث الرئيسي الذي تتقاطع عنده مصائر وأهواء هؤلاء الأبطال ان مجرد اختيار هذه التجربة كبؤرة لتفعيل أحداث الرواية يعد جرأة يحسد عليها حقا وكم كان احمد خلف أمينا ودقيقا لكي لا نقول منحازا حيث ان حدثا سياسيا مثل هذا وان كان قد أمسى في ذمة التاريخ الآن من الصعب الكتابة عنه وتقييمه ولكن الكاتب وببراعة أنصفه تاريخيا دون انحياز او تشهير او تسقيط وهنا نرى كيف ان مرآة الأدب ممكن ان تكون أكثر دقه وحيوية فى تناول مثل هذه الوقائع من النقد والتحليل السياسيين فالبطل(المؤلف) نراه منغمسا في ثلاث علاقات عاطفيه (محرمه)وفى آن واحد مثقله بالخيانة والجريمة وخرق الأعراف الاجتماعية والقيم السائدة فعلاقته مع عفيفة زوجة اب جلال كريم او شيماء شقيقته لا تتعارض مع قلق (المؤلف)وتضامنه مع جلال كريم الذي تعمد الكاتب ان يجعله (بطلا)فقط بالاسم حيث غيبته الاهوار أو سراديب المعتقلات وإذا ما استخدمنا الإسقاطات السياسية فربما كان جلال كريم يرمز الى دور الطبقة المتوسطة فى الأحداث الثورية وهو دور مركب وليس هذا المكان الملائم لمناقشة ذلك
كما ان تورط (المؤلف)في علاقة مشبوبة مع جارتهم (الزوجة الخائنة) لا تمنعه من نجدة جواد الحمراني عندما أخفى في بيته الحقيبة السوداء والتي تخفي اسلحة سيستخدمها الحمرانى في الاهوار و برأيي فان شخصية جواد الحمراني هي ألقفله المهمة في البناء الملحمي للرواية فهذا الثوري صاحب الكاريزما المؤثرة و القدرة على الإقناع وتجنيد الانصار هو في صميم اهواء العصر وتياراته وانتماؤه الثورى لا يمنعه من ان يقول(الشعر لا يصنف طبقيا وان فعلنا ذلك سوف نقتله) ورغم ركوبه مركب الثورة مفتونا بها فان مصيره ونهايته في (سجن الحلة) حيث يشير اليه(صاحب الريل وحمد) بضجر وهو مثخن الجراح ومثقوب الروح بسبب اعترافه ووشايته بأسماء رفاقه تحت التعذيب كل ذلك لا ينال من قامة الحمراني سيما مع أجواء الرواية الضاجة بالخيانة والتدليس ولكن لا تثريب ولا تأنيب فهذه هي الحياة حيث الخير يولد من رحم الشر وتنبثق الرذيلة من بياض الفضيلة كما ان محمود عبد العال لا يعرضه الكاتب وكأنه (الضد النوعى)لجواد الحمراني رغم انتمائه للتيار السياسي الند والنقيض من ذلك الذي تبنى تجربه الكفاح المسلح وكم كان رائعا ولعه بالشعر الكلاسيكي (العمودي) وفى هذا بناء ومحاكاة للصراع السياسي والفكري بين تيارين قديم وجديد ورغم ((ارتفاع المصدات والحواجز)) التي يعترف (المؤلف) بارتفاعها والتي ((تمنع وصول الحمراني او محمود وعبد العال الى صميم قلبه)) فان الكاتب أبدع في رسم ورصد المسافات والمصائر في شخصيتي جواد الحمراني ومحمود عبد العال ممثلي التيارين الشيوعيين اللدودين في الستينات والسبعينيات من القرن الماضي....
0
تجربة الكفاح المسلح في الاهوار في رواية الكاتب المبدع احمد خلف ( الحلم العظيم) كامل عبد الرحيم السعداوي
لا نعلم إذا ما كانت رواية (الحلم العظيم) هي جزء من سيرة ذاتيه للكاتب أم أنها تتحدث عن أبطال آخرين فإذا ما كانت سيرة ذاتيه فان الكاتب يدهشنا بقدرة عالية على الاعتراف يفتقدها اغلب المبدعين حيث ان الرواية تنمو وتنضج مع إيقاع حياة البطل (المؤلف) وتعلو نبرتها الفكرية الراقية كلما أوغل (المؤلف) باقتراف آثمه وهنا فالكاتب لا يترك بطله وحيدا واعزلا لكننا نراه أي الكاتب يحنو بعطف على البطل(المؤلف) ويجد له المبررات ما يجعلنا نتذكر (راسكولينيكوف) بطل الجريمة والعقاب ومحاولات (ديستوفسكى) لتبرير جريمته.
تدور أحداث الرواية الرئيسية فى بغداد وبالذات فى واحدة من ضواحيها العشوائية هي مدينة الحرية او مدينة الهادي (التسمية القديمة) وفى منتصف الستينات وهو اذ يصور بدقه تلك المنطقة بأزقتها الآسنة وغبار التخلف يغطى دورها وناسها (ابطال الرواية) اضافة الى (المؤلف) جواد الحمراني ومحمود عبد العال و(الولد الفلسطيني) وجلال كريم هم في عمر الشباب حيث ان الصراع الفكري الذي ساد فترة الستينات (ليس في العراق فحسب وإنما فى العالم) ألقى بظلاله على يفاعتهم فنراهم منشغلين في هذا الصراع ولقد اختار الكاتب بذكاء تجربه الكفاح المسلح في الاهوار الحدث الرئيسي الذي تتقاطع عنده مصائر وأهواء هؤلاء الأبطال ان مجرد اختيار هذه التجربة كبؤرة لتفعيل أحداث الرواية يعد جرأة يحسد عليها حقا وكم كان احمد خلف أمينا ودقيقا لكي لا نقول منحازا حيث ان حدثا سياسيا مثل هذا وان كان قد أمسى في ذمة التاريخ الآن من الصعب الكتابة عنه وتقييمه ولكن الكاتب وببراعة أنصفه تاريخيا دون انحياز او تشهير او تسقيط وهنا نرى كيف ان مرآة الأدب ممكن ان تكون أكثر دقه وحيوية فى تناول مثل هذه الوقائع من النقد والتحليل السياسيين فالبطل(المؤلف) نراه منغمسا في ثلاث علاقات عاطفيه (محرمه)وفى آن واحد مثقله بالخيانة والجريمة وخرق الأعراف الاجتماعية والقيم السائدة فعلاقته مع عفيفة زوجة اب جلال كريم او شيماء شقيقته لا تتعارض مع قلق (المؤلف)وتضامنه مع جلال كريم الذي تعمد الكاتب ان يجعله (بطلا)فقط بالاسم حيث غيبته الاهوار أو سراديب المعتقلات وإذا ما استخدمنا الإسقاطات السياسية فربما كان جلال كريم يرمز الى دور الطبقة المتوسطة فى الأحداث الثورية وهو دور مركب وليس هذا المكان الملائم لمناقشة ذلك
كما ان تورط (المؤلف)في علاقة مشبوبة مع جارتهم (الزوجة الخائنة) لا تمنعه من نجدة جواد الحمراني عندما أخفى في بيته الحقيبة السوداء والتي تخفي اسلحة سيستخدمها الحمرانى في الاهوار و برأيي فان شخصية جواد الحمراني هي ألقفله المهمة في البناء الملحمي للرواية فهذا الثوري صاحب الكاريزما المؤثرة و القدرة على الإقناع وتجنيد الانصار هو في صميم اهواء العصر وتياراته وانتماؤه الثورى لا يمنعه من ان يقول(الشعر لا يصنف طبقيا وان فعلنا ذلك سوف نقتله) ورغم ركوبه مركب الثورة مفتونا بها فان مصيره ونهايته في (سجن الحلة) حيث يشير اليه(صاحب الريل وحمد) بضجر وهو مثخن الجراح ومثقوب الروح بسبب اعترافه ووشايته بأسماء رفاقه تحت التعذيب كل ذلك لا ينال من قامة الحمراني سيما مع أجواء الرواية الضاجة بالخيانة والتدليس ولكن لا تثريب ولا تأنيب فهذه هي الحياة حيث الخير يولد من رحم الشر وتنبثق الرذيلة من بياض الفضيلة كما ان محمود عبد العال لا يعرضه الكاتب وكأنه (الضد النوعى)لجواد الحمراني رغم انتمائه للتيار السياسي الند والنقيض من ذلك الذي تبنى تجربه الكفاح المسلح وكم كان رائعا ولعه بالشعر الكلاسيكي (العمودي) وفى هذا بناء ومحاكاة للصراع السياسي والفكري بين تيارين قديم وجديد ورغم ((ارتفاع المصدات والحواجز)) التي يعترف (المؤلف) بارتفاعها والتي ((تمنع وصول الحمراني او محمود وعبد العال الى صميم قلبه)) فان الكاتب أبدع في رسم ورصد المسافات والمصائر في شخصيتي جواد الحمراني ومحمود عبد العال ممثلي التيارين الشيوعيين اللدودين في الستينات والسبعينيات من القرن الماضي....
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟