أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - بدر عبدالملك - الإعــــــلام المعاصــــــر وخطاباتــــــــه الغريبـــــــــة















المزيد.....

الإعــــــلام المعاصــــــر وخطاباتــــــــه الغريبـــــــــة


بدر عبدالملك

الحوار المتمدن-العدد: 168 - 2002 / 6 / 22 - 08:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    



 
زمن عولمة الإعلام. المشهد اليومي الذي نعايشه بألم دبابات تداهم ودماء تسيل ومباريات كروية تستقطب كل المشاهدين بهوس إلى درجة نسى فيها الطلاب مذاكرتهم وصور إعلانية من كل صوب وحدب ومجلات تهتم بعالم الأزياء والعطور اكثر من اهتمامها بالبيئة التي مخاطرها تهدد حياتنا وكوننا. ومع رؤيتنا الإعلان المباشر بعد مشاهدات حمامات الدم في المخيمات الفلسطينية، مخيمات من نماذج طولكرم والدهيشة وجنين وبلاطا وغيرها من صور المعاناة نكتشف عبارة غريبة في تليفزيون قناة الجزيرة تقول: هل باستطاعتنا أن نعيش بلا كابريس؟ يومها ابتسمت من مرارة الحياة ولعبة المراوغة والغواية الكبرى للشيطان والذي ليس بإمكان أحد أن يهزمه، انه شيطان الرأسمال العالمي حيث كان الناس البسطاء يندفعون لحرب خفية اسمها المقاطعة للبضائع الأمريكية ومحاصرة عدم تسرب البضائع الإسرائيلية. وسألت نفسي كيف بالإمكان أن نمنع أنفسنا من التنفس إذا ما وجدنا أن البضائع اليوم تتغلغل إلى بيوتنا بطرق مختلفة ومن زوايا متعددة فالبضاعة التايلندية أو الآسيوية أو الأوروبية أو حتى البضائع المصنفة وطنيا لا يمكن أن نطمئن إلى خداعها فهي تستثمر لحظة الحدث فترفع شعارات وطنية من اجل أرباح سريعة وعاجلة. ولاحظوا الخدعة الذكية التي كتبتها بعض الأمكنة في إعلانها دون تحديد المسألة وتقول الجملة (نمنح نسبة من الأرباح للقضية الفلسطينية) فلم نمسك بخيوط اللعبة الإعلانية فغياب تحديد النسبة ومراقبة الأرباح يجعل من الحالة أشبه بحكايتنا الشعبية التي تقول (الطاسه ضايعه). المهم استدرار العاطفة الشعبية وهي في اوجها وانفعالاتها في مشروع إعلاني مبطن ومتحايل وخبيث مثلما فعلت بعض الشركات المصرية بصناعتها بطاطس کالجبس حيث تحول فيها أبو عمار وعملية حصار جنين إلى مشروع إعلاني جذاب مما دفع بالجمهور العريض من الشعب حرمان نفسه من بضاعة إمبريالية وشراء بضاعة وطنية ولا تستغربوا ان الإعلان سينسحب بعد ذلك على سلع عديدة بعضها يدخل في نطاق الممنوعات والمكافحة كالتدخين بينما وجد الاخوة التجار في السجائر الإيرانية وأسماء من السلع التي تقلد ماركة (الكولا) المهم تنغيم الأسماء وتشابهها وإدخالها في وعي اللحظة وتوترها السياسي فالشعب وخاصة شرائح البسطاء سريعي التأثر والتصديق وابتلاع الطعم. والتاريخ يكرر نفسه والمأساة والكوميديا يستعيدان مكانتهما حتى في ظروف مغايرة فهما يظلان حاضرين في ذاكرة الحياة. استحضر حكاية قديمة مرتبطة بالمقاطعة العربية وهي أيضا مرتبطة أيضا بالقضية الفلسطينية ومسألة الهزيمة والانكسار والذبح، المهم أن نستعيض بانكسارنا وخطاباتنا وبطولاتنا المزيفة بشعارات دونكشيوتية ليس لأنها ستحقق الانتصار وإنما تهدف إلى إقناع أنفسنا بأننا نمارس فعلا أخلاقيا وإنسانيا كتعويض عن غياب دور سياسي ناقص ولا يمكن استبداله. السياسات الفاشلة تقود لنتائج فاشلة وهي مقولة لا يمكن أن يعتريها الغبار هكذا وجدنا أنفسنا بعد هزيمة حزيران 67 نقاطع ( - والحمد لله فأنا مقاطع الكوكا كولا والمياه الغازية منذ وقت طويل ولا اشرب إلا السفن آب وفي حالة عسر الهضم أو حالات الإسهال بل والحمد لله بأنني لست مصابا بإسهال سياسي سريع وبحاجة إلى دواء أمريكي إذ لن يمنحنا الموقف القدرة على التفكير المتأني بفعل ردود فعل الإسهال -) السجائر بكل أنواعها ولحسن الحظ لم تكن لدينا يوم ذاك علاقات مع المعسكر الشرقي لدخنا سجائر تقدمية واشتراكية ومناهضة للسجائر الإمبريالية ولمارسنا قول بيت الشعر الذي لا ينسى(وداوني بالتي كانت هي الداء)، وطبعا بعض الاخوة يحبون البقاء بالداء ويمتنعون عن الدواء مهما كانت فاعليته في الشفاء خاصة وان الدواء الأمريكي أيضا في المقاطعة!! ولا نعرف ما الذي سيفعله الطبيب والمريض في تلك الأزمة العلاجية. في حزيران 67 كان الشعب البحريني والوطني الغيور في جزيرة دلمون غاضبا اشد الغضب ولو منحته سلاحا ورشاشا تلك اللحظة لذهب ركضا إلى الخطوط الأمامية ولكن لحسن حظنا يومها أننا كنا تحت سطوة الاستعمار الذي فتح مراكز الشرطة لعملية التطوع فذهب دعاة الحماسة والطيبون والمغفلون أيضا لتسجيل أسمائهم، فوجدوا أنفسهم يتعرضون للتحقيق لدى أجهزة الشرطة. يومها تحولت تلك الحكاية إلى نكتة شعبية يتداولها الناس وقال يومها سنتول الكوميدي الساخر في الحورة اجمل النكات، بل ووجد المتطوعون أنفسهم مصابين بخيبة الأمل من فضاء الحماس الواسع والذي انتفخ كالبالون إلى درجة الانفجار فضاع البالون وصوته في الفضاء فلم نعثر على الأرض حتى قطعة صغيرة من المطاط للاحتفاظ بها للذكرى!!. في مثل هذه الأجواء قامت عقلية تجارية وليسامحها الله باستغلال تلك الحالة الحماسية وظروف المقاطعة فوجد الشعب البحريني نفسه يدخن بشراهة (تدخين وطني وثوري!!( سجائر من ارض مصر ووطن عبد الناصر فكانت سجائر كليوباترا ورمسيس وفيلادلفيا الأردنية تغمر أسواقنا وقد كتب عنها للشعب في سوق الإعلان العبارة التاريخية التي لا تنسى (دخنوا سجائر كيلوباترا سجائر صنعت في ارض الأحرار وبيد الثوار!!) فتحولت رئة المدخنين إلى أفران سوداء ومداخن شتائية كمداخن الريف الإنكليزي!! المهم أن يكون الموقف وطنيا والتعبير القومي للمقاطعة مارس دورا تاريخيا عظيما!! ما حدث هو أن خزائن دعاة التسويق والإعلان ارتفعت وحققت مبيعاتها بطرق أخرى أرباحاً عالية فكان الشارع السياسي كثور الساقية الذي يتحرك وفوق عينيه عصابة سوداء وداكنة فلا يرى أين يذهب الماء بينما كان الثور البائس هو المعبر عن إنتاجية الحقل الفعلي في عمله الكبير. وبين حكاية قديمة وحديثة للمقاطعة العربية كانت إسرائيل طوال هذه العقود تتطور وتتقدم سياسيا وتنمويا واجتماعيا وتعمل على ترسيخ مؤسساتها المدنية وتخلق تنمية متطورة وأوضاعاً معيشية مزدهرة لمواطنيها - طبعا هناك وهم بأن الاقتصاد الإسرائيلي يعيش على الدعم الخارجي وحده، وننسى أن هناك دول كثيرة تتلقى دعما دوليا من شتى المنظمات والصناديق والدول، ولكن ما جعل خراج تلك الدول مثقوبا هو السرقات والفساد فكانت تدور وتضيع الدول النامية في حلقة التخلف، بينما كانت إسرائيل من الدول القليلة التي حدثت فيها تجاوزات مالية وفساد مالي هزت مؤسساتها وأجهزتها الأمنية والمدنية غير أن المؤسسات القضائية والسلطة التشريعية ظلت حاضرة كسلطة مجتمعية هامة للرقابة والمحاسبة - وبغض النظر عن حالة الغضب والكراهية لإسرائيل لدى الشارع السياسي العربي فإن قراءة الواقع العربي خلال نصف قرن تمثل مثالا حيا لتنميتنا وسياساتنا وأجهزتنا التي قدمت نموذجا حيا لموت الإنسان العربي داخل السجن الكبير حيث الذين ماتوا في دهاليز الظلام يفوق عددهم الآلاف وغابوا للابد بين الأقبية والتيزاب (أحواض الاسيد الشهيرة) بينما لم يمت مواطن إسرائيلي في سجن بلاده لأسباب سياسية وبقدر ما كنا نموذجا للقهر الداخلي العربي قدمنا لإسرائيل ذريعة الحق في أن تقتل الفلسطيني وتردد جملا تتهكم فيها علينا فقد كان الفلسطيني اكثر بؤسا وحصارا في البيت العربي. لماذا كنا سخرية للآخرين؟! ذلك السؤال ليس من الصعب الإجابة عنه فهو نتاج طبيعي لغياب حالة الإنسان الحر في وطنه وغياب مجتمعات حرة وديمقراطية ومن لم يكن حرا هنا فلن يكون حرا هناك إذ ليس بالإمكان التحليق بجناح واحد.


 



#بدر_عبدالملك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في سبيل ائتلاف واسع للديمقراطيين


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - بدر عبدالملك - الإعــــــلام المعاصــــــر وخطاباتــــــــه الغريبـــــــــة