أي فوضى تتلبس هذا العالم

عبدالاله الشميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2764 - 2009 / 9 / 9 - 08:32
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

العالم اليوم يمر بحالة من الفوضى الشاملة, في السياسة فوضى , في الاقتصاد فوضى , في الصحة فوضى , في الأمن فوضى وكأننا أمام لوحة سيريالية لا نعرف كيف نقرأها أو نحللها , بالأمس القريب فوجئت بأن الحكومة البريطانية العتيدة التي أقيمت على أرضها أقدم الديمقراطيات في أوروبا واعرق الدول احتراما لحكم القانون تضرب بعرض الحائط جميع هذه القيم وتقبل رشوة من العقيد القذافي مقابل إطلاق سراح مواطنه المقرحي الذي تمت إدانته بالسجن المؤبد على خلفية حادثة لوكربي الشهيرة , هذه الحادثة تعني أن رجال الدولة في أشهر ديمقراطيات العالم خلعوا أخلاقيات ومبادئ رجال الدولة العريقة ليلبسوا أخلاقيات رجال عصابات المافيا الإجرامية , هذا مثال واحد على الفوضى والفضائح التي تهز عالم السياسة وفي قلب العالم المتقدم , فما بالك بدول الشرق الأوسط التي لازالت رياح الفوضى تعصف بها مرورا بشبه القارة الهندية وانتهاء بمشكلة كوريا الشمالية أما في الاقتصاد فلا زالت أزمة الاقتصاد العالمي تلقي بظلالها على اقتصاديات العالم والحذر والترقب يكاد يشل معظم الاستثمارات المالية ولا يخفى على أحد مسئولية المؤسسات والبنوك المالية وجشعها وتلاعبها بمقدرات وثروات الناس ومسئوليتها المباشرة عن هذه الأزمة , وفي مجال الصحة ورغم تطمينات خبراء منظمة الصحة العالمية من آثار وباء أنفلونزا الخنازير إلا أن أرقام الضحايا من مصابين وأموات اصدق إنباء منهم وأكثر تحريضا ومدعاة للقلق في نفوس المواطنين بدول العالم اجمع , وليس بخافي على أحد ما تردد من اتهامات لبعض شركات الأدوية وتحميلها مسئولية تصنيع هذه الفيروسات واختراع مضادات أو لقاحات لها لتحقيق أرباح بمليارات الدولارات , أما في مجال الفوضى الأمنية فحدث ولا حرج حتى انك لتشك وأنت تطالع وسائل الإعلام المختلفة بأن عدد المجرمين يضارع عدد المسالمين أن لم يتفوق عليهم بسبب ما تبثه هذه الوسائل من جرائم يومية مروعة وبارتفاع غير مسبوق في معدلات الجريمة , وعلى مستوى الأفراد يلحظ الكثير منا ازدياد معدلات الأمراض النفسية وما يصاحبها من أعراض مثل الاكتئاب والقلق والأرق دع عنك الأمراض العصابية الأخرى التي انتشرت في مجتمعاتنا انتشار الهشيم في النار , وإذا نظرنا لقضايا التلوث البيئي فسنعرف مقدار الإجرام الذي ارتكبه الإنسان في حق الحياة على كوكب الأرض وأي جريمة شنعاء ارتكبها بحق هذا الكوكب الجميل .

بعد هذا كله هل يصح لي أن استنتج بأن هذه الفوضى أو هذا العبث توطئة لمرحلة إنسانية جديدة تشهد فيها الإنسانية نوعا من التغيير الكلي في قيم العلاقات البشرية وقوانينها وأخلاقياتها بما يشبه المرحلة التي تغير بها الأفعى جلدها القديم بآخر جديد هل نعيش هذه المرحلة حقا بعد أن أوشك البشر أن يفقدوا البوصلة الأخلاقية التي تحفظ بقاءهم !

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل