أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبده وازن - لماذا نجهل الأدب الأفغاني؟














المزيد.....

لماذا نجهل الأدب الأفغاني؟


عبده وازن

الحوار المتمدن-العدد: 2762 - 2009 / 9 / 7 - 20:41
المحور: الادب والفن
    


الإثنين, 07 سبتمبر 2009
عندما حاز الروائي الأفغاني عتيق رحيمي جائزة «غونكور» الفرنسية عن روايته «حجر الصبر» عام 2008 تذكّر القراء على اختلاف مواقعهم، أن أفغانستان لم تنجب فقط حركة «طالبان» وأبطالها الظلاميين، بل أنجبت أيضاً أدباء لا يزال معظمهم مجهولاً في الغرب كما في العالم العربي. لكنّ ما كان مؤلماً في فوز هذا الروائي الشاب أن الجائزة منحت لروايته الأولى المكتوبة بالفرنسية، وكان أصدر قبلها أعمالاً بلغته الأم، الأفغانية أي الفارسية، ولم تحظ هذه الأعمال بكثير من الاهتمام النقدي.

كانت اللغة الفرنسية إذاً طريق عتيق رحيمي الى الشهرة ونافذة أطل منها الأدب الأفغاني على العالم بعدما قبع في محلّيته أعواماً طوالاً. لكنّ ما لا يمكن تناسيه أن الفرنسية هذه كانت سبّاقة الى استقبال الأدب الأفغاني ممثلاً في صوتين آخرين، علاوة على عتيق رحيمي، هما الشاعر القتيل بهاء الدين مجروح والقاصة سبوجماي زرياب. وكان على قراء الفرنسية في فرنسا والعالم أن يكتشفوا هذا الأدب الفريد لا سيما عبر أعمال الشاعر الكبير مجروح الذي لم يذع إسمه عالمياً حتى الآن، لأسباب عدة أبرزها حال التقهقر الثقافي الذي تحياه أفغانستان.

كان الفرنسيون سبّاقين الى ترجمة هذا الشاعر والى تقديمه كما يستحق أن يُقدّم، وباتت أعماله البارزة متوافرة بالفرنسية في ترجمة أمينة أشرف هو على بعض صيغها، فهو كان يجيد الفرنسية مثله مثل عتيق رحيمي الذي يبلغ من العمر سبعة وأربعين عاماً. حتى الآن لم يترجم من نصوص بهاء الدين مجروح الى العربية (كما الى اللغات الأخرى) سوى شذرات لا تفي الشاعر حقه ولا تمنح القراء صورة وافية عن أدبه الرفيع. وكان ممكناً أن يُترجم الى العربية على غرار الشعراء الفارسيين أو الايرانيين، ما دامت الفارسية لغته الأم. لكنّ المترجمين (العرب والفرس) عن الفارسية لم يولوه كثير اهتمام. ولعله قدر هذا الشاعر الذي كتب ملحمة «المنفى» الأفغاني بدءاً من العام 1979 عندما وقعت افغانستان في هيمنة القبضة السوفياتية. لكنّ ما يدعو الى العجب أن الشاعر الذي فرّ الى باكستان هرباً من الشيوعية قُتل على يد الأصوليين الذين كانوا بدأوا ينشرون الرعب بذريعة مقاومة الشيوعية. لم ينجُ الشاعر من كراهية الشيوعيين ولا من حقد الأصوليين، فكان ضحيتهم جميعاً عندما سقط أمام منزله في مدينة بيشاور في منفاه الباكستاني عام 1988.

كلما حصلت مجزرة في أفغانستان أو اندلعت حرب يسأل القراء العرب أنفسهم: لماذا نجهل الأدب الأفغاني، بل لماذا لا نزال نجهل هذا الأدب؟

هذا السؤال الذي طرحته على نفسي أيضاً كقارئ، سيظل بلا جواب ما دامت أفغانستان غارقة في مآسيها اليومية وشجونها الداخلية والخارجية. وحملني هذا السؤال مرة الى البحث عن جمال الدين الأفغاني، الوجه النهضوي المعروف، ظناً مني أنني قد أجد لديه جواباً ولو غير شافٍ عن هذا السؤال. لكنني سرعان ما اكتشفت أن أفغانيته هي بالاسم فقط، مع أنه كما يشاع، كان أفغاني المولد والنشأة أو فارسياً مثلما يقال أيضاً. إلا أن أعماله تدل على عربيته العريقة وإسلامه المنفتح وعلى نزعته الاصلاحية والثورية التي جمعته برواد النهضة الفكرية من أمثال: رفاعة الطهطاوي، والكواكبي ومحمد عبده، صديقه. لكنّ قدره كان أفغانياً بامتياز، فهو قتل مسموماً على يد العثمانيين في الاستانة عام 1897.

قرأ الغربيون (وبعض العرب) عن أفغانستان بعيون الكتاب الغربيين أكثر مما قرأوا عنها بعيون أدبائها. كانت أفغانستان مادة «استشراقية» أقبل عليها كتّاب كبار في حجم كبلنغ وجوزف كيسل وروبرت بايرون وسواهم. شاهدها هؤلاء كما حلا لهم أن يشاهدوها، ووصفوها بالعين والمخيلة الغربيتين أو الغريبتين ورأوا ما أرادوا أن يروا منها. لكن أفغانستان تلك كانت أفغانستان «المستلبة» أو المغتربة. ومَن يرجع الى نصوص بهاء الدين مجروح يلمس للفور كيف أن الكتّاب الكبار أولئك عجزوا عن لمس روح هذه البلاد وعن التقاط جوهر وجودها أو كينونتها. وكان مجروح نجح أيما نجاح في نسج صورة لأفغانستان تفيض بالسحر والبهاء، وترتكز الى حكاياتها الشعبية والخرافية والى أساطيرها وحكمتها وتراثها الشعري العظيم.

الروائي عتيق رحيمي والقاصة سبوجماي زرياب كتبا عن أفغانستان المعاصرة، عن المآسي التي عاشاها قبل مغادرتهما الى المنفى، فإذا أفغانستان في نصوصهما أرض «الرماد» كما يعبّر عنوان رواية رحيمي الأولى التي كتبها بالأفغانية أو الفارسية وترجمت الى الفرنسية. إلا أن أرض «الرماد» هذه أو «سهل قايين» بحسب عنوان كتاب زرياب، استعادت في أعمال الروائي والقاصة أجزاء من ذاكرتها المحفوفة بالأحزان والمآسي الشخصية الصغيرة. وكم أصابت زرياب في اختيارها عنواناً توراتياً لكتابها القصصي، فبلادها كانت - وما زالت - بحق سهلاً يلوّنه دم هابيل الذي قتله شقيقه قايين. وما أكثر الذين يدعون قايين وهابيل اليوم في أفغانستان.

ولئن كان بهاء الدين مجروح أحد أكبر الشعراء الأفغان المعاصرين، وهو يستحق هذه الصفة من غير تردد، فإن عتيق رحيمي وسبوجماي زرياب يمثلان وجهين مشرقين من الأدب الأفغاني الجديد أو الحديث. لكنّ الكلام غالباً ما يجري عن أسماء كبيرة، سابقة وراهنة، لم يتسنّ لها الخروج من «الحصار» الأفغاني فظلّت مجهولة عالمياً ومنسية وضحية المأساة الطويلة.

ولعل رحيمي الذي بدأ الكتابة بالفرنسية متخلياً عن لغته الأم قد يجد الفرص متاحة أمامه للشهرة والعالمية، لكنّ الخوف، كل الخوف، أن يوقعه هذا الخيار في شباك التغريب أو «الاكـــزوتيكية» التي جرفت كتّاباً كثيرين. أما سبوجماي زرياب المقيمة أيضاً في فرنسا فلم تتـــخلّ حتى الآن عن لــغتها الأم، وهــذا خيار صائب أيضاً يردّ عن القاصة المنفية أصلاً تبعة منفى آخر هو منفى اللغة الفرنسية التي ليست باللغة الأم.

تُرى الى متى سيظل العرب يجهلون الأدب الأفغاني؟
عن الحياة اللندنية



#عبده_وازن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعر البدايات الدائمة
- سنة الجائعين
- الروائية المنسية منى جبّور كتبت -فتاة تافهة- في السادسة عشرة ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبده وازن - لماذا نجهل الأدب الأفغاني؟