وجيهة الحويدر
الحوار المتمدن-العدد: 840 - 2004 / 5 / 21 - 18:40
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
الجميع يعلم ان الولايات المتحدة بدأت بحزم ومثابرة حملة الإصلاح في الشرق الأوسط، والذي أُلحق به مسمى الكبير، واُدرجت معه دولا اخرى لم تُـعد قط بلدان شرق أوسطية إلا مؤخرا كافغانستان وباكستان. هاهي القوة العظمى المنهكة في محاربة الإرهاب، تلوح برايتها معلنة ساعة الإبحار، ومن لن يلتحق بمراكبها ستلتهمه حيتان التغيير، وسيداهمه طوفان العولمة، وستعصف به أعاصير المدنية من حيث لا يحتسب. تلك هي الاشارة الواضحة التي أطلقتها صقور واشنطن الجارحة، وأصدرتها بصوت مدوي كأزيز مقاتلاتهم في وجوه فراخنا المعششة في السلطة، والملتصقة ببراثينها إلى حد جنون البقر، فذاك الانذار موجها للدكتاتوريين الصغار قبل الكبار، ولكل الرازحين على صدر الأمة و الخانقين لأنفاس شعوبها، الذي يقتاتون على مبدأ نحن ومن يعز علينا سنظل متربعين على العروش حتى نحمّـل بالنعوش! إن تيارات مشروع الاصلاح الامريكي و نشر الديموقراطية في الوطن العربي قادمة لا محالة شاءوا القوم أم أبوا، فمن أضاع سترة النجاة التي تكمن في محبة شعبه له، ولا يُحسن العوم بخفة في تقلبات الامواج العاتية، ما عليه سوى ان يتشبث بتلابيب العم سام و جماعته عله ينجو حينها.
المثير فيما يحدث أن من أهم البنود في تلك المشاريع الأمريكية طويلة الأمد، هو تفعيل دور النساء في مجتمعاتهن. لا يخفى على أحد اليوم ممن لا يخادعون أنفسهم، إن تهميش دور النساء هو من أحد أهم أسباب تبوء البلدان العربية، منذ عقود طويلة، الدرك الأسفل من سلم التقدم و الحضارة الحديثة، و الذي مازال بعض تلك الدول لم يهتدِ لذاك السلم بعد من شدة تخبط قاداتها. لذلك فإن إعطاء النساء الأدوار الأخرى ذات الأهمية، سيساعد على تدوير عجلة المجتمع و دفعه الى الامام. بالطبع لا بد للنساء ان يحصلن على حقوقهن كاملة أولاً إسوة بالرجل، من أجل أن يقمن بواجباتهن على أتم وجه. وقد سعت دول عربية مختلفة و بتوجيه من امريكا الى فتح قضايا المرأة، واصدار قرارات وسن لوائح جديدة وتأسيس لجان من أجل تحسين أحوالها، مثل ما جرى في تونس و المغرب والاردن. لكن مازالت هناك دول اخرى، مثل دول مجلس التعاون والتي هي أكثر تحجراً و تحرجاً في شؤون النساء تسير بخطى مترنحة ومتباعدة.
الجدير بالتنويه هنا هو أن جميع الداعين للإصلاح سواء كانوا عرباً أو أمريكيين غفلوا عن أن استرداد النساء لحقوقهن، وتفعيل دورهن في المجتمع لا يكفي ولا يفي بالمطلوب. في البدء يجب ان تُعوض النساء العربيات مادياً و معنوياً عن كل السنين الطويلة التي كابدن فيها القهر و التغييب و التهميش و الإقصاء. النساء حُرمن من كل فرص الحياة خاصة في دول الخليج و على وجه التحديد في السعودية. سُلب من كثير من النساء العربيات حق القرار في العمل والتعليم والزواج والتملك والتصرف في ممتلكاتها والسفر وكل ما يخصها من قرارات. حُرمت المرأة من فرص العيش بكرامة. اُقصيت بكل اصناف الذل و الاستخفاف. و غُيبت عن كثير من مجالات الحياة وبأمر من الحكومات. لذلك لا بد ان تُعوض المرأة العربية مادياً، بحيث تُـفتح لها ابواب المنح الدراسية، ويكون لها الأولوية في تقلد الوظائف القيادية. يجب ان تُخصص لها مقاعد جامعية وأماكن في الدوائر الحكومية دون أن يزاحمها الرجال عليها، ويكون لها الأحقية في العمل. و تُعطى القروض و الأراضي التي تهبها الدول بالهبل منذ سنين لذكورها.المال والخبرة العلمية و المركز سلطة ولن يُسمع صوت النساء بدونها. أما النساء اللاتي عانين من نهب محارمهن لأموالهن وممتلكاتهن لا بد أن تُسترد بالقانون لهن ويعاقب السارقين على فعلتهم. والحكومات التي استباحت لنفسها ان تأخذ اموال التأمينات الاجتماعية من مواطناتها بعد وفاتهن، تُعاد حالاً لأهاليهن، لأنه مال للورثة ولا يحل إلا لأصحابه. و النساء المتزوجات من أجانب االلاتي حُرم بناتهن و ابنائهن من حق المواطنة، يُعوضن عن كل قرش صرفوه لكون افراد اسرتهن غير مواطنين. و نساء الأقليات اللاتي تضاعف الظلم عليهن والإضطهاد، و جرد منهن انتمائهن يعاد تحسين احوالهن وتوضع أسماؤهن على رأس القائمة و يعطون فرصهن العملية و العلمية بأسرع وقت. تتبقى القضية الشائكة التي يتلزم ان تـُشرع ملفاتها على مصراعيها في كل المجتمعات الشرقية وهي قضية العنف وجرائم الشرف. فالقتلة الذين يسرحون و يمرحون في طول الارض وعرضها، يجب اعادة محاكمتهم و ايداعهم في السجون، كي ينالون جزائهم على جرائمهم الشنيعة، ويكونوا عبرة لكل مشاريع القتلة المبيتين الى بعد حين في كل زاوية في هذا الشرق الذكوري السحنة. ولكي يعوا هؤلاء الفحول المجردين من الانسانية وأمثالهم، ان دماء النساء ليست رخيصة، تُهدر بوحشية وجنون دون يكون هناك حسيب أو رقيب.
كل تلك القضايا مهمة و ضرورية و تتطلب معالجة سريعة ويتوجب العمل عليها بنوايا صادقة، من أجل البدء في الإصلاح، وإحقاق العدالة و المساواة للجميع. لم يعفِ الله عما سلف، فالمرأة العربية سُرق منها الكثير؛ ذاتها وحقوقها ومالها وكرامتها وكيانها وفرصها في أن تكون فرداً مستقلاً اقتصادياً، فلا يكفي أبداً أن تحصل على حقوقها ويُغض الطرف عن الامور الأخرى. التعويضات المادية يجب أن تُـصرف من ميزانية الدول من خلال لجان حكومية تؤسس لذاك الغرض، لأن الأنظمة العربية هي التي اعطت الرجل الحق في أن يكون المتصرف الشرعي في شؤون المرأة وسلطّته عليها، لذلك هي ملزمة بالدفع. يتوجب على كل المؤسسات المدنية العربية التي تعنى بحقوق الانسان أن تبدأ عاجلاً و ليس آجلاً بالحملات القضائية من أجل محاسبة الحكومات العربية والزامها بتلك التعويضات، فلن تتم تلك المشاريع الاصلاحية بشكل حقيقي، ولن يجدي تفعيل دور النساء في المجتمعات سوى بإستردادهن لجميع حقوقهن أولاً، وبتسديد مستحقاتهن المالية كاملة.
كاتبة سعودية ممنوعة من الكتابة في الصحف السعودية
#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟